في ظل المعارك المحتدمة بين مقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية وتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في محافظة الحسكة السورية، يخشى ان يلقى السكان الاشوريون في المحافظة مصير الطائفة الايزيدية في جبل سنجار على الجانب العراقي من الحدود الصيف الماضي، إذ اقدم التنظيم المتطرف الاثنين على خطف 90 اشورياً من قريتين من قرى نهر الخابور من غير ان يعرف مصيرهم، بينما بدا ان الغارات الجوية للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لم تحل دون تقدم "داعش" في هذه المنطقة التي كانت تحميها "وحدات حماية الشعب". وهذه المرة الاولى يعتقل التنظيم المتطرف هذا العدد من المسيحيين في سوريا. وسبق له ان اقدم على ذبح 21 مصرياً قبطياً في ليبيا، بينما فر مئات الآلاف من المسيحيين من امامه في العراق. وصادر تنظيم "الدولة الاسلامية" في مناطق انتشاره في العراق وسوريا ممتلكات المسيحيين، او فرض عليهم ان يشهروا اسلامهم، ودمر عددا من الكنائس. وأفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان المخطوفين الـ90 هم من قريتي تل شاميرام وتل هرمز الأشوريتين الواقعتين في محيط بلدة تل تمر في الحسكة بعد اشتباكات عنيفة بين مقاتلي "وحدات حماية الشعب" والتنظيم إثر هجوم عنيف للأخير فجر الاثنين على المنطقة. وقال ان معارك عنيفة تلت الهجوم تمكن التنظيم الجهادي نتيجة لها من السيطرة على القريتين. ثم اقدم على خطف الاشوريين. ولم يكن في امكان المرصد تحديد مكان وجودهم، كما لم يعرف ما اذا كان هناك اطفال ونساء بين المخطوفين. وأصدرت "الهيئة العامة للثورة السورية" بياناً جاء فيه ان عددا من أفراد "داعش" و"وحدات حماية الشعب" قتلوا في المعارك، الى اشوريين كانوا يقاتلون الى جانب الاكراد. واشارت الى ان التنظيم "أحرق كنيسة قبر الشامية التي تبعد عن تل تمر عشرة كيلومترات. وإثر تمركزه فيها أقدم طيران الائتلاف ليل الاثنين على قصفها، ليدمر جزءاً منها". وأضافت ان الاشتباكات مستمرة بعنف في محيط تل تمر الواقعة في شمال غرب محافظة الحسكة، وتستخدم فيها الأسلحة الثقيلة. وصرح رئيس جماعة ناشطة تطلق على نفسها "ديماند فور أكشن" التي تركز على الاقليات الدينية في الشرق الاوسط نوري كينو بان ثلاثة الاف اشوري تمكنوا من الفرار ولجأوا الى مدينتي الحسكة والقامشلي. ويبلغ عدد الاشوريين في سوريا نحو 30 ألفاً ويتحدرون يف معظمهم من قرى الخابور الواقعة في محيط تل تمر. "سانا" وأوردت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان "ارهابيي داعش شنوا هجوما مسلحا على أهالي قرى تل هرمز وتل شاميرام وتل رمان وتل نصري والاغيبش وتوما يلدا والحاووز في ريف الحسكة الغربي وأحرقوا كنيسة تل هرمز التاريخية التي تعد من أقدم الكنائس في سوريا كما اختطفوا العشرات من أهالي قريتي تل شاميرام وتل هرمز الواقعتين في محيط بلدة تل تمر بريف الحسكة". ونقلت عن مطران الطائفة الآشورية افرام اثنيل "أن ما حدث ويحدث في ريف تل تمر على مرأى ومسمع العالم هدفه تهجير أبناء الوطن عبر ارتكاب الجرائم بحقهم وهذا لم ولن يحدث، فرجال القرى وشبابها يسطرون اليوم أروع ملاحم الصمود أمام مجرمي العصر الذين قتلوا الأبرياء ودمروا الرموز الدينية والمنازل". وحصلت عملية خطف المسيحيين بعد هجوم واسع يشنه المقاتلون الاكراد على "داعش" منذ اسابيع في محيط مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) في ريف حلب على الحدود مع تركيا حيث استعادوا السيطرة على مساحة واسعة من القرى والبلدات ووصلوا الى محافظة الرقة حيث انتزعوا السيطرة على 19 قرية من التنظيم الجهادي، الى 30 قرية اخرى في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة الحسكة في محيط بلدة تل حميس. ويتقاسم الاكراد وتنظيم "الدولة الاسلامية" السيطرة على محافظة الحسكة، بينما لا يزال هناك وجود للنظام في مدينة الحسكة. وقالت قوة المهام المشتركة إن قوات الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة شنت 21 غارة جوية على متشددي "داعش" في سوريا والعراق خلال 24 ساعة. وأضافت أن أحدث غارات شنت بين صباح الاثنين وصباح الثلثاء وشملت 16 غارة في سوريا بينها عشر تركزت قرب الحسكة وأصابت تسع وحدات تكتيكية، في حين استهدفت ست غارات وحدات تكتيكية أخرى ومواقع قتالية. وتشارك مقاتلات فرنسية من طراد "رافال" تنطلق من حاملة الطائرات "شارل ديغول" في قصف مواقع "داعش" في العراق. الراعي وفي لبنان ندّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بـ"أعمال القتل والأسر والعنف التي تعرضت لها القرى المسيحية في محافظة الحسكة السورية على يد تنظيم داعش وذهب ضحيتها العديد من الأبرياء من الطائفة الأشورية"، داعياً "الدول الداعمة للارهاب والتطرف الى التوقف عن مد مشروع الدمار والقتل والابادة بمختلف مقومات الاستمرار". وأبلغ نائب رئيس الكنيسة الأشورية في لبنان الأب يترون كوليانا "النهار" ان داعش خطف نحو 100 شاب وفتاة في منطقة خابور بمحافظة الحسكة، مقدراً عدد "أهلنا الذين ما زالوا في هذه المنطقة بما بين 7 و10 آلاف شخص وأقل ما يقال ان عائلاتنا تواجه أخطاراً كبيرة وهي مهددة بالقتل والخطف والتشرد". واستنكر "تفرّج العالم على مأساتنا"، معلناً عن تحضيرات لتنظيم سلسلة من الاعتصامات في بيروت، قائلاً: "لم يبق لنا إلا الرب ليحمينا". نواب فرنسيون في سوريا في غضون ذلك، بدأ اربعة نواب فرنسيين زيارة لسوريا هي الاولى منذ ايار 2012، حين اتخذت فرنسا وبريطانيا وايطاليا والمانيا واسبانيا قرارا مشتركا بقطع العلاقات الديبلوماسية مع هذا البلد. وافاد مصدر حكومي في دمشق ان النواب الاربعة التقوا نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على ان يجتمعوا اليوم بوزير الخارجية وليد المعلم. وتناولوا العشاء مع المفتي احمد حسون. وصرح النائب اليميني جاك ميار من سوريا: "لقد وصلنا. نقوم بمهمة مع جيرار بابت (النائب عن الغالبية الاشتراكية) وجان بيار فيال (عضو مجلس الشيوخ عن المعارضة اليمينية) وفرنسوا زوشيتو (عضو مجلس الشيوخ عن يمين الوسط)". واضاف: "انها مهمة شخصية للاطلاع على ما يحصل والاستماع. ثم سنخرج منها بمعلومات". ونأت وزارة الخارجية الفرنسية بنفسها عن هذه الزيارة. وصرح الناطق باسمها الكسندر جورجيني بان "البرلمانيين المعنيين لا يحملون اي رسالة رسمية. انها مبادرة لبرلمانيين لم يتخذ قرار في شأنها بالتشاور مع الوزارة عملا بمبدأ فصل السلطات". ووصل النواب الاربعة الاثنين الى لبنان وانتقلوا منه الثلثاء الى سوريا. وسئل ميار عن تمويل هذه الزيارة، فاجاب: "دفعت ثمن بطاقة السفر، دفعت كلفة اقامتي في الفندق الليلة الماضية في بيروت":
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/....REXaTpcs.dpuf