صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 23 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 29
الموضوع:

نازك الملائكة الشاعرة العراقية - الصفحة 2

الزوار من محركات البحث: 138 المشاهدات : 2138 الردود: 28
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #11
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    تاريخ التسجيل: October-2014
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,145 المواضيع: 361
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 2052
    آخر نشاط: 19/January/2018
    مقالات المدونة: 42
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صمت عاشق مشاهدة المشاركة
    شكرا ع الطرح الرائع
    اهلا بك انتظر مشاركاتكم

    وعطر حروفكم ليزدان المكان

  2. #12
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    على الجسر

    يا نهر لا تحفظ دموعي أو أسى قلبي المروع
    أكتم – حنانك – ما تساقط في مياهك من دموعي
    ذهب المساء بكلّ ما أبصرت من حزني العميق ومحا الدجى من عمر يأسي ليلة لن تستفيق
    إنس الذي أبصرته بالأمس من أحزانيه واكتم أساي وأدمعي تحت النجوم الحانية
    إنس الخطى المتعثّرات وصوتي المتهدّجا والدمع , يخنق كلّ ألفاظي بكف من شجا
    رحماك أنت الكاتم الحاني على المتأوّهين وحنان موجك كم طوى قلبا يعذّبه الحنين
    أنت الذي شهدت مياهك أدمعي وترّددي أنت الذي سمعت ضفافك آهتي وتنهّدي
    ومشيت فوق الجسر أبكي أمنياتي في سكون وأدير وجهي , نحو موجك , عن عيون العابرين
    أحزان حبّي كلّها , في شاطئيك , نفضتها أسرار روحي كلّها , تحت الظلام نثرتها
    لم أستطع , يا نهر , كتمان العواطف والشعور من يمنع السيل القويّ من التدّفق والمسير؟
    وإذا طغى الحزن العميق فمن يردّ هديره ؟ وإذا ذوى الأمل الجميل فمن يعيد عبيره ؟
    عبثا أقاوم نار أحزاني فلن يخبو اللهيب أبدا تذكّرني الحياة بروعة الماضي الحبيب
    حلم إلهيّ الجمال رسمته تحت النجوم وبنيته قصرا من الزهر المنضّر في الغيوم
    وصببت فيه ,من حياتي ,صفوها ونقاءها ونثرت فيه , من زهوري,عطرها ورواءها
    وهرعت ,كالطفل النقيّ ,إلى رجائي الأوحد فرأيت قصري الحلو أطلالا تثير تنهّدي
    لا شيء يمحو ذكريات الأمس من قلبي الكئيب لا نور ينفذ في ظلامي,لا انطفاء لّلهيب
    في عمق أعماقي أعاصير يجنّ جنونها وعلى جفوني رسم أحلام يضجّ حنينها
    إيّان أنجو من ظلال الأمس,أين ترى المفر, والليل يعكس ذكرياتي,والأغاني والشجر؟
    يا نهر فلتدفن شكاياتي ومرّ شجونها الآدميّة إن بكت فلضعفها وجنونها

  3. #13
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طائر النورس مشاهدة المشاركة
    جزيلُ الشكر والامتنان لكم على المجهود الطيب والموضوع الرائع ، فتقبلوا مروري وتقييمي المتواضعَين .
    اهلا بك نورت المتصفح وسيهلل فرحا بمشاركاتك معي في هذا الطرح

    مودتي

  4. #14
    من أهل الدار
    الحلفي
    تاريخ التسجيل: July-2013
    الدولة: البصرة/الزبير/منطقة الشعيبة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,928 المواضيع: 603
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 641
    مزاجي: هادئ
    المهنة: عصائب أهل الحق
    أكلتي المفضلة: السمك
    موبايلي: كالاكسي
    آخر نشاط: 11/November/2022
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أكرم
    مقالات المدونة: 14










    تقييمي لك أختي العزيزة الغالية


  5. #15
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    نداء إلى السعادة

    يا ضبابا من الشذى الشفّاف
    يا جمالا بلا حدود
    يا رفيقا معطّرا في ضفاف
    ليس يدري بها الوجود
    أين تحيين في شغاف الغيوم
    حيث لا يبلغ الخيال ؟
    أم تجوبين في بحار النجوم
    زورقا يعبد الجمال ؟
    أسدلي شعرك الطويل الطريّا
    وخصلات من الحرير
    وأريقي اشقرارها الغيميّا
    يفرش الكون بالعبير
    وأزيحي أهدابك العبقات
    عن أساطير مقلتين
    ملء لونيهما اندفاع حياة
    وائتلافات كوكبين
    يا جبينا ملوّنا بالمعاني
    حجبت سحره الغيوم
    يا عبيرا نشوان بالألحان
    يا خدودا من النجوم
    من ضباب الرؤى إلينا إلينا
    قبل أن نزمع الرحيل
    وابسطي ظّلك الحنون علينا
    ظّلك الدافىء الجميل
    نحن في ميعة الصباح سنمضي
    قبل أن تفرغ الكؤوس
    وركاب الديدان في كلّ أرض
    لم تزل تحفر الرموس
    ووراء السياج ينعق بوم
    ملء عينيه أحجيات
    رنّ في صوته الصدى المشؤوم
    دون أن تعلم الحياة
    والسكون العميق ملء الوجود
    جامد يرصد الحياة
    يتغذى بكل لحن سعيد
    لمست عطره الشفاه
    وزهور الحقول تحمل سرّا
    بذرة الموت والذبول
    لحظة في الصباح تقطر عطرا
    ثم يمضي بها الأفول
    وكؤوس الهوى المعطر تسقي
    عسل الحب لحظتين
    يختفي بعدها الرحيق ويبقى
    في فم الكأس غصّتين
    وارتعاش الظلال فوق السواقي
    سوف يمضي به الشفق
    والجمال الذي يظلّ المآقي
    ربما غاله الأرق
    والأغاريد قد يرنّ صداها
    لحظات مع الصباح
    وزهور المروج عمر شذاها
    ليس أبقى من الرياح
    نحن نحيى في عالم من ظلال
    عابر نسج عنكبوت
    كالعصافير في ربيع الدوالي
    نتغنّى لكي نموت
    فامنحينا رؤياك قبل الرحيل
    يا ابنة الحبّ والخيال
    لحظة عند نبعك المعسولا
    نغسل اليأس بالجمال
    علّّّنا من رحيق عينيك نسقي
    عطش الروح والشفاه
    وعلى ملتقى سواقيك نلقي
    عبء ما شّجت الحياه
    علّّّنا بازرقاق عينيك نبني
    من جديد لنا سماء
    علّّّنا باشقرار شعرك نفني
    سطوة الليل والفناء
    آه مدّي يديك مدّي يديك
    كل شيء هنا يضيع
    وانبجاس النعيم من شفتيك
    كيف نبقيه للربيع ؟
    وهنا تغرب النجوم وتذوي
    في الدجى رقصة القمر
    وكؤوس الأزهار في الحقل تهوي
    هكذا يحكم القدر
    في شعاب الظلام نبقى نسير
    أي أوّاه تهربين ؟
    قصرك الزئبقيّ أين يغور ؟
    كلمّا كاد أن يبين
    فيم , كالماء في رمال الصحاري ,
    لحظات وتنضبين ؟
    كشروق الهلال , كالأزهار
    كخيالات حالمين ؟
    ولماذا , أن جئت بعد العذاب ,
    يقتفي خطوك القلق ؟
    فيحس الفؤاد ظلّ اكتآب
    كغيوم على الأفق ؟
    وذراعاك فيم بالسمّ تهمي
    حينما تملأ الكؤوس ؟
    كلّ كأس وفيه قطرة همّ
    مازجت نشوة النفوس
    كلّ لون تعيش خلف صفائه
    ظلمة تأكل الجمال
    كلّ حبّ يضمّ خلف انتشائه
    بذرة الموت والزوال
    اهبطي يا أنشودة الحالمينا
    من فضاك المورّد
    وامسحي مرّة صدى الظامئينا
    في دجى ضائع الغد
    وسنبني هنا معابد بيضا
    فوق أرض من الرجاء
    غسلت صدرها الفسيح العريضا
    أدمع اليأس والشقاء
    علّّّنا مرّة نذوق شذاك
    بعد هذا الصدى الطويل
    والشفاه الظمآى لشهد نداك
    تلمس الكوثر الجميل
    ***
    في غبار الحياة, في مزلق الأيّ ام في كل معبر مسكون
    رنّ هذا النشيد مختلج التر ديد نشوان بالأسى والحنين
    وشدته القرون منذ رأى الفج ر بعيني حواء أول حزن
    منذ رنّت فؤوس آدم في الصخ ر ولم تبق فسحة للتمني
    منذ مرّت قوافل البشر الأو لى وعمر الوجود بضع سنين
    عبروا يبحثون عنها عن الجنّ ية الزئبقية التكوين
    باسمها يحرثون من أجل عيني ها أحبّوا حتى أكتآب الرحيل
    ثم ماتوا وأورثوها هواها وخفايا كيانها المستحيل
    حدّثونا عنها فقالوا فتاة غمست في الحرير شوق صباها
    ليس تقوى على الحياة إذا جا عت إلى رقّة القصور رؤاها
    فهي للأغنياء تبسط من اه دابها الناعمات ألف خميل
    وعلى شعرها العبيري يقضو ن لياليهمو كحلم جميل
    ثم قالوا جنية تتبع الره بان والزاهدين حيث أفاءوا
    مثلهم تعشق السكون ويرضي ها مكان النعيم خبز وماء
    من تراتيلهم تشيّد مأوى ظللته سكينة ديريه
    من بخور الكهّان جدرانه البي ض ومن خشعة الشموع النقيّة
    وسواهم يظنّها ربّة الري ف وبنت الذرى وأخت الوهاد
    ليس يروي إحساسها غير جوّ أثقلت عطره أغاني الحصاد
    من كؤوس الأزهار حمرة خدّي ها وتأوي إلى بيوت الفراش
    وتغني لها النواعير والشم س إذا قبّلت ذرى الأحراش
    وسواهم يروي الحكايات عنها كيف تحيى في عالم النغمات
    من بكاء الأوتار تنسج أرجو حتها الكوكبّية الرعشات
    ويقولون إنّ مسكنها الأع لى خيالات شاعر مسحور
    ظلّلت روحه جدائلها الشق ر واسرار طرفها البلوّري
    وقلوب تظنّها ربّة الحب تصب الرحيق للعشاق
    ويقولون إنهّم شهدوها تسكب الظلّ في هجير الفراق
    ورأوها تهشّ في مقلتي (قي س ) مع الدمع والضباب الثقيل
    وأحسّوا كيانها المرح الرا قص في حزن (توبة) و (جميل)
    ومئات تحسّها في شفاه ال كأس في غمرة من الهذيان
    في ضباب الجنون , في دولة الأج ساد في عالم من الأدران
    ومئات ترجو العثور عليها في زوايا النفوس خلف دجاها
    في دروب دكناء يجهد ضوء ال قمر الطفل أن يمسّ ثراها
    في خفايا مغمورة عنكبوت ال
    شر ألفى فيها سريرا مريحا
    وركاب (السيرين) آوت إليها والثعابين أثقلتها فحيحا

  6. #16
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: December-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,448 المواضيع: 34
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 1868
    آخر نشاط: 18/June/2015
    مقالات المدونة: 11
    موضوع روعة شكرا جزيلا للانتقاء تحياتي

  7. #17
    قويـه ك أإأبـْيے
    تاريخ التسجيل: November-2014
    الدولة: آلُعٍرٍآق آلُمثنﮯ
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 18,230 المواضيع: 491
    التقييم: 3422
    مزاجي: نص نص
    المهنة: لايوجد اي مهنه
    أكلتي المفضلة: ڱڵـه. نعمـه
    موبايلي: j7
    آخر نشاط: 27/May/2020
    مقالات المدونة: 14
    شكرا جزيلا لكي ع الطرا الراااائع

  8. #18
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    الباحثة عن الغد

    "غدا نلتقي" نبأ في الزمان
    روته الحياه
    تلاشى ولم تروه شفتان تلاشى وناه
    فأين"غدا نلتقي" يا حياة أعادت ترابا ؟
    "غدا نلتقي" ثم مات الزمان وضاع المكان
    وكان لنا موعد فانطوى صداه ومات
    وكم كوكب في الدياجي هوى وعاد رفات
    فأسفر آخرها عن قدر وذاب الرنين
    وكنّا نمرّ فتلانو الحياة وتومي إلينا
    ويطردنا الأمس من كلّ ما ملكناه يوما
    سوى حاضر مغرق في الدما ويقطر سمّا
    صدى لفظتين يجوس الفضاء "غدا نلتقي"
    ويأتي غد في أسى وشرود بصمت طويل
    "غدا نلتقي" ويسود السكون سكون الخريف
    وأسمع تحت المساء الحنون صراخا عنيف
    ترددها شفة حاقده وراء العصور
    "غدا نلتقي" وتمطّ النغم وتسخر مني
    ويأتي غد في أسى وشرود بصمت طويل
    بألف صدى ساخر في برود وراء النخيل
    "غدا نلتقي" ويسود السكون سكون الخريف
    وأسمع تحت المساء الحنون صراخا عنيف
    وقهقهة, فظة , بارده لجوّ القبور
    ترددها شفة حاقده وراء العصور
    "غدا نلتقي" وتمطّ النغم وتسخر مني
    ويبقى غدي في الظلم يفتّش عني


  9. #19
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    ماذا يقول النهر؟

    ماذا يقول النهر؟
    أقصوصة
    ينسجها من رقص ضوء القمر
    ينسجها من غزل ناعم
    يداعب النخل به المنحدر
    من نور مصباح يغذّي الدجى
    حرارة ويستثير الشجر
    من وقع مجداف خفيف الخطى
    يشقّ في الظلمة صدر النهر
    ماذا يقول النهر؟
    أغنية
    قديمة , بنت ليال طوال
    غنّى أساها مرّة عاشق
    والليل سكران بكأس الجمال
    مثقلة بالدفء , ما زال في
    ألحانها بعض حنين الجمال
    وخشعة الهودج تحت الدجى
    ووقع أقدام الداة الثقال
    ***
    تسبيحة
    من بابل النشوى بعطر البخور
    وموكب الكهّان في معبد
    دجلة يطوي سرّه والصخور
    وذكريات الليل والشمس عن
    (مدينة الشمس ) وراء العصور
    وعن (حمورابي ) وعن حبّه
    وما طوى سفر الزمان الغدور
    ***
    ماذا يقول النهر؟
    دعي غلاف السرّ كثّا عميق
    لو كشف الزّنبق ألغازه
    لم يبق معنى لشذاه الرقيق
    دعي غلاف السرّ كثّا عميق
    لو كشف الزّنبق ألغازه
    لم يبق معنى لشذاه الرقيق

  10. #20
    من أهل الدار
    انثى استثنائية
    شجرة القمر

    1
    على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
    وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
    وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
    وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
    هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
    إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
    ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
    ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ
    وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ
    وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ
    وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
    ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
    وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
    يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
    ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
    وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
    وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ
    على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ
    وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا
    أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى
    2
    وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ
    خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ
    وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ
    وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ
    وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ
    وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ
    وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ
    ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ
    وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما
    على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما
    ... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ
    وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ
    وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ
    بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ
    وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ
    أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?
    وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ
    وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ
    3
    وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ
    وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"
    "وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"
    "وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"
    ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"
    فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"
    "مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"
    "وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"
    "مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"
    "وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"
    "يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"
    "ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"
    "ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"
    "ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"
    ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ
    فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ
    وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ
    ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ
    وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ
    ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"
    وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ
    إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ
    وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ
    وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ
    وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ
    ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ
    وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"
    فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"
    4
    وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ
    ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"
    وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ
    فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ
    وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ
    ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ
    ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ
    وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ
    ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ
    ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور
    وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?
    ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?
    وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ
    وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?
    ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ
    تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ
    وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ
    ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?
    وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ
    بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ
    5
    وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ
    وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ
    تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ
    فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!
    فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ
    وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ
    جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ
    وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ
    ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ
    وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ
    وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?
    ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?
    وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ
    عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?
    أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ
    وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?
    أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?
    وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?
    أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها
    سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها
    لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ
    وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي
    6
    وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
    يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ
    يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
    يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ
    ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ
    ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ
    وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ
    يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ
    وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ
    فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
    هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ
    تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ
    هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ
    جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ
    رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ
    وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ
    وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ
    وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ
    وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ
    لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ
    وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ
    فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ
    فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ
    سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?
    وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ
    جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ
    7
    ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون
    حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون
    وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ
    وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ
    وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ
    وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
    يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ
    وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ
    وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ
    يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 23 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال