ثمة فارقا جوهريا بين تذوق الموسيقى الفطري والتذوق الاكاديمي المبني على معرفة بكينونة وبناء الموسيقى بأشكالها وقوالبها الالية والغنائية يكمن في نوعية مخرجات الاستجابة الجمالية والفكرية للمتذوق وفي آليات التعامل مع الظاهرة الموسيقية. ولعل تساؤلا مهما يبرز بمعرض تناول هذا الامرمرده هل ان العملية المعرفية في تذوق الموسيقى تسبق ام العملية الوجدانية ؟ واقع الحال يشير الى ان النهج الاكاديمي يتبنى اولويات مختلفة ترتكز الى اسبقية العملية المعرفية . يعد هذا الكتاب رافدا اساسيا لطلبة التربية الفنية يرتكز على تقديم مادة تعني بالتحديد ببعض الأسس والقواعد اللازمة لتطوير التذوق الموسيقي ونحن نعلم انه ليس من السهل تتبّع تعقيدات المقطوعات الموسيقيّة الحديثة مع أن كثيرا منها لها خطوط عريضة محددة أكثر مما يتم تصوّره عند الاستماع الأول، كما أن عملية تحليل المؤلفات ذات الخصائص التقليديّة لا يتحتّم أن تكون صعبةً، و ببساطة يجب أن نتذكّر مجموعة عوامل منها ( الإيقاع ،التكوين النغمي أي الميلودي ، الانسجام والتوافق الموسيقي أي الهارموني ، القالب أو الشكل الموسيقى، البناءوالنسيج ، الأسلوب ،الآلات الموسيقية ) و لكي نطوّر تذوّق الموسيقى لا مفرّ من إعادة الإستماع لعدّة مرات للنص الموسيقي ، وفي كل مرّة نركّز على واحدٍ من العوامل المذكورة ، إن متذوّق الموسيقى الاكاديمي لا يحتاج إلى تحصيل موسيقي عال أو دراسة معمّقة للعلوم الموسيقيّة ولا إلى إتقان العزف على آلة موسيقية بقدر ما يحتاج إلى إلمام بعمليّة الاستماع المتواصل إلى النص الموسيقي ذلك لان الاحساس بالموسيقى في أول الأمر يختلف كليا عما يؤول له الأمر بعد إستماع متواصل لفترة طويلة ،ويستطيع الطالب والمتلقي للموسيقى أن يستخدم مميزات الأجهزة الحديثة والبرامج المتطورة للإستماع إلى مختلف اشكال الموسيقى وبما يكفل تنمية وتطوير ذائقته الموسيقية ( مع وجود المعرفة من خلال التثقيف الذاتي ومطالعة بعض المصادر أو الخبرة المعرفية الاكاديمية باسس وقواعد الموسيقى ) وبما يساعده في نقل اثر خبرته وتجربته وما اكتسبه من علوم الى طلبته عند ممارسته مهنة التعليم للمساهمة في بناء مجتمع يتذوق الجمال ويعمل على نشره. الاستاذ الدكتور صالح الفهداوي