بين إخوان مصر وعسكرها هل انتهى أسبوع العسل؟!
في التجربة الفريدة لتسلم الإخوان المسلمين في مصر مواقع ذات سيادة عليا تبدو كثير من عناصر التحدي لم يحسب لها حسابها.. كما ان النظام في مصر والذي حافظ على عناصر رئيسية منه في الحكم فوجئ باضطراره للتعامل مع الإخوان المسلمين والتسليم لهم بالتقدم نحو مفاصل الدولة المصرية التي حرموا منها عشرات السنين.
مما لا شك فيه ان الإخوان المسلمين في مصر هم أكبر القوى السياسية الرئيسية في البلاد وأكثرها تنظيما وتمثيلا للنخب الشابة والمتعلمة بشكل خاص.. ورغم التقييدات المتعددة والضغوط التي طالت كل عناصر الحياة لديها عبر عقود ثقيلة إلا ان الجماعة كانت اكبر من التهميش ومحاولة الاستثناء، واستطاعت في اللحظات الحاسمة ان تحمي مصر من الفوضى والارتباك.. وصحيح ما حاول البعض قوله بأن الشباب فجر الثورة والإخوان المسلمون نظموها والجيش حماها.
لقد كان التفاهم بين الإخوان والجيش ضرورة للطرفين في المرحلة السابقة، وكان تفاهمهما ضمانة لتفويت الفرصة على التدخلات الأجنبية في صفوف الجماهير، وحقق كل طرف من الطرفين مصالحه كاملة وإن كانت كل المصالح مشروعة وتصب في مسار المصالح العليا للبلد..
ولكننا بعد الانتخابات نمر بمرحلة جديدة، مرحلة حاسمة في طبيعة تشكل النظام السياسي وعلاقة مؤسسات الدولة فيما بينها، وكذا الدستور الذي سيؤسس لدولة بشكل معين لعشرات السنين.. وهنا تبدو الرغبات مختلفة وتبدو البرامج متناقضة حول النصوص وحول الأشخاص.. نحن إزاء استحقاقات مرحلة مختلفة تماما فكيف يدير الإخوان المرحلة القادمة؟؟
يأخذ البعض على الإخوان مؤخرا استئثارهم بلجان مجلس الشعب متسلحين بالتصويت الذي يكون لصالحهم بدون شك.. ويعرض البعض لطريقة الإخوان الآن في تشكيل المجلس التأسيسي حيث يعمل الإخوان على وجود كتلة كافية مريحة لتمرير رؤيتهم في صياغة الدستور، وذلك من خلال فرض طريقتهم في تشكيل المجلس عندما أصروا ان يكون نصفه من أعضاء مجلس الشعب ونصفه من خارجه، وأصر الإخوان على ان يقوموا هم بتسمية الأعضاء من الكتل البرلمانية وبالنسبة لخارج البرلمان، وضع الإخوان أسماء في القائمة السوداء مثل البرادعي وعلاء الأسواني وسواهما.. الأمر الذي يعمل على عزلتهم وفتح جبهات عديدة عليهم.. في هذه الأثناء يعلو الحديث عن احتمال قيام المجلس العسكري بحل مجلس الشعب.
أكد الإخوان أكثر من مرة ان ليس لهم مرشحا للرئاسة.. ومن الواضح ان هناك مرشحا أو أكثر للمجلس العسكري.. يبدو ان المجلس العسكري يلوح من قريب أو من بعيد بحل المجلس لكي لا يذهب الإخوان بالاستئثار بعيدا في تشكيل المجلس الدستوري والرؤية لطبيعة نظام الحكم التي ستنبثق عنه، وفي الحديث عن ترشيح محتمل من قبل الإخوان لرئيس الجمهورية.. واجه الإخوان مناورة المجلس الأعلى بأن سربوا أخبارا عن احتمال ترشيح الشاطر، وهو من أقوى الشخصيات الإخوانية إداريا لمنصب رئيس الجمهورية.
أسبوع العسل الأول انتهى بين الإخوان والعسكر، أما الأسابيع التالية فعلمها عند الله.. هل تظل المناورة تحت السيطرة؟؟ من غير المتوقع ان يغامر الجيش باصطدام مع الإخوان في مثل هذه الظروف الأمنية الصعبة.. ويبدو ان أهم شيء يريد العسكر تحقيقه عدم استفراد الإخوان بمفاصل الدولة المصرية.. كما أن الإخوان يدركون ان تصادما مع المجلس العسكري يعني بوضوح خسارة جسيمة يمنى بها مشروع الإخوان..
إذا سار الإخوان في طريقهم بتهميش الآخرين من شركائهم في المجلس او من القوى خارجه، فإن المجلس سيجد نفسه يتخذ بموجب حق يمنحه إياه الدستور قرارا بحل البرلمان.. وإذا سار المجلس العسكري على فرض رئيس فسيجد الإخوان أن ثورة الشعب المصري لم تنته، وقد يؤدي ذلك الى اشتباكات قد تتطور، وتحصل في مصر كارثة وطنية.
إنها لحظة تاريخية فارقة، فإما أن يعدل الإخوان من مسلماتهم السياسية وطريقة تعاملهم مع المكون السياسي في مصر، وإلا فإن لا أحد يمكنه توقع ماذا سيحصل بمصر.
إن الأمور تتجه الآن لفحص القوى في الساحة، فمن جهته يوجه المجلس العسكري تهديدا للجماعة، مذكرا بالتجارب المرة التي زجت بالجماعة إلى أعواد المشانق وغيابات السجون.. وفورا جاء رد الجماعة بأن أي تجاوز للشرعية سيواجه بثورة أشد واحتجاج أقوى.
إن الظروف لا تشابه تلك الظروف التي ابتليت بها الجماعة في الخمسينيات، ولأسباب عدة لا يستطيع المجلس العسكري الانقلاب على الشرعية، وستكون أية خطوة في هذا الاتجاه هي وصفة نموذجية لتفجير الأوضاع وتشتت المجتمع.. ومن المستبعد ان يغامر احد الأطراف في المكون السياسي المصري في اتجاه الإقصاء..
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/125397.html
المصدر