الغد برس / بغداد: استقطب تنظيم "داعش" الإرهابي عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب في السنوات الماضية، بينهم آلاف جاءوا من دول غربية، لكن تنظيم "بوكو حرام" النيجيري الإرهابي يقل به أو ينعدم وجود مقاتلين أجانب. فما السبب وراء ذلك؟.
نشرت مؤخرا وكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس أن عشرين ألف مقاتل أجنبي، جاءوا من كل أنحاء العالم، انضموا إلى صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، وأن من بين هؤلاء 3400 مقاتل يعتقد أنهم جاؤوا من دول غربية، أما تنظيم "بوكو حرام" النيجيري، والذي ظهر قبل عشر سنوات تقريبا من ظهور "داعش" فاستقطب أجانب قليلين، إن وجدوا، مقارنة بنظيره داعش.
ويتفق عديد من الخبراء على أن الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد واستقطاب المقاتلين الأجانب من أسباب نجاح تنظيم "داعش" الإرهابي، فداعش أسس حضورا مستمرا ومقنعا في العديد من المواقع في شبكة الإنترنت من ضمنها موقع يوتيوب، وموقع تويتر، وشبكة فين (Vine) لمقاطع الفيديو.
أما جماعة "بوكو حرام" الإرهابية فليست بهذا الحضور القوي في وسائط التواصل الاجتماعي، مقارنة بداعش. وعوضا عن ذلك تسلك بوكو حرام طريقا تقليديا في مجال الدعاية لها، مثل تصوير الفيديوهات وتوزيعها عبر وسائل الإعلام.
"عند المقارنة بين بوكو حرام وداعش نجد أن أداء بوكو حرام سيء في مجال وسائط التواصل الاجتماعي، ونسبة المنضمين إلى هذه الجماعة النيجيرية من الأجانب قليلة جدا"، يقول ماكس أبراهامز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "نورث إيسرتن" في بوسطن بالولايات المتحدة.
من جانبها، توافق ميا بلوم، أستاذة الدراسات الأمنية بجامعة ماساتشوستس في لويل، على هذا الطرح وتقول ان "تنظيم داعش مبني على استقطاب محاربين أجانب، وأسس منظومة كاملة لوسائط التواصل الاجتماعي، أما بوكو حرام فهي حركة محلية جدا ولديها أهدافها المحلية، وهي قريبة الشبه بحركة "الشباب" في الصومال".
الموقع الجغرافي، كما ترى الأستاذة بلوم، عنصر من العناصر التي توضح الاختلاف بين الجماعتين الإرهابيتين فيما يتعلق باستقطاب محاربين أجانب، فتنظيم "داعش" امتد نفوذه لينتشر في منطقة بأكملها، والسيطرة على رقعة ومساحة كبيرة تعبر الحدود وتمتد عبر القارات وتضم دولا مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، وهذه المسألة تمثل عنصر جذب للجهاديين المحتملين، حسب ما ترى بلوم.
جماعة بوكو حرام النيجيرية تأثيرها محدود جغرافيا وسياسيا، مقارنة مع داعش، ويقل أو ينعدم وجود الأجانب بها.
"بوكو حرام لم تقدم مثل هذا العنصر الجذاب"، يقول باراك منلسون، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة هارفارد، فرقعة تأثير تنظيم "بوكو حرام" محدودة جدا جغرافيا وسياسيا، وهذه الجماعة متواجدة بقوة في شمال شرق نيجيريا، وبالرغم من أن "بوكو حرام"، قامت، في الأسابيع الماضية، بأعمال عنف عبر حدود نيجيريا وفي دول الجوار، إلا أن تركيزها منصب بشكل عام على نيجيريا، لذلك فـ"محلية" النزاع القائم بين "بوكو حرام" والدولة النيجيرية قد يكون أيضا سببا من أسباب قلة عدد المحاربين الأجانب، أو غيابهم كليا، في صفوف هذا التنظيم.
وعلى الجانب الآخر فإن "تنظيم داعش يسعى للسيطرة على أراضي الخلافة الإسلامية، استنادا إلى المنظور التاريخي، وهو أمر يمكن أن يستخدم كمبرر لهذا الصراع و يجذب المسلمين الأجانب"، توضح ماري بث التير، الأستاذة المساعدة الزائرة بمركز الشؤون الدولية في جامعة نيويورك.
وتضيف ماري بث التير "أما بوكو حرام فيعتمد على صراع محلي وأغلب أعضائه يتحدثون لغة الهاوسا، اللغة المحلية، وهي لغة لا يتحدثها أغلبية المسلمين خارج المنطقة، أما أعضاء داعش فيتحدثون العربية والإنكليزية، وهذا أيضا عنصر يجذب المسلمين في الغرب".