في اخبار العراق, اخبار مختارة, سياسية2 ساعتين مضت
الصدفة وحدها من قادت أجهزة الأمن العراقية، وليس الاميركية هذه المرة، للعثور على “كنز ثمين” كان الكل يبحث عنه منذ 10 حزيران الماضي، إنه الارشيف السري لزعيم تنظيم داعش ابراهيم عواد ابراهيم البدري السامرائي المعروف بـ”ابو بكر البغدادي”، والذي أعلن نفسه خليفة لـ”دولة اسلامية” انطلاقا من “ولاية نينوى”.
فبعد سقوط الموصل بيد داعش، بدت المعلومات شحيحة عن ماضي البغدادي سوى اسمه الثلاثي وأنه خلف ابو عمر البغدادي (حامد داوود محمد الزاوي)، على زعامة تنظيم الدولة الإسلامية.
استمر التكتم الذي اتبعه تنظيم “دولة العراق” على هوية زعيمه الجديد حتى نيسان 2011، عندما تأكدت أجهزة الأمن العراقية أن البغدادي هو (ابراهيم عواد ابراهيم) وليس شخصاً آخر كان يتولى مسؤولية مضافات التنظيم في انحاء البلاد يدعى الشيخ يونس المشهداني.
حتى هذا التاريخ لم تمتلك أجهزة الأمن العراقية والأميركية سوى بضعة صور قديمة لابراهيم عواد التقطت له اثناء اعتقاله في معتقل بوكا أواسط 2004. لكن ضابطاً كبيراً في وزارة الداخلية العراقية كان قد قطع شوطاً واسعاً في جمع ارشيف عواد ابراهيم البدري وبات “الشخص الغامض” أكثر وضوحاً لأجهزة الأمن العراقية، بحسب مصدر مطلع.
وقاد اعتقال شقيق البغدادي المدعو “شمسي عواد”، الذي يعمل برعي الاغنام في ضواحي سامراء، الاجهزة الامنية الى اكتشاف مقر اقامة زعيم داعش في بيجي ووضع يدها على “الكنز الثمين” الذي يتضمن مراسلاته مع شبكة ولاته الشرعيين والعسكريين ووثائق مهمة أخرى عن الهيكلية القيادية للتنظيم.
ويقول المصدر واسع الإطلاع أن الاجهزة الامنية ضبطت عدة دفاتر من المذكرات الشخصية التي كتبها البغدادي أثناء فترة اعتقاله في بوكا وما بعد اطلاق سراحه، وتتضمن المذكرات تنظيرات وتأصيلات فقهية لما يسمى بـ”السلفية الجهادية”. ويضيف المصدر أن الكنز الثمين يضم ايضا المكتبة الشخصية للبغدادي بضمنها تعليقات بخط يده على مراجع سلفية لابن تيمية وابن قيم الجوزية ومحمد بن عبدالوهاب وآخرين.
أدى الوصول الى مقر اقامة البغدادي، بحسب المصدر، الى اتضاح ملامح شخصية زعيم داعش، ودفع مديرية الجرائم الكبرى ومكافحة الارهاب، التابعة لوزارة الداخلية، الى سحب ارشيف البغدادي من دوائر الدولة الرسمية.
فتم سحب نسخ من أوراقه الثبويتة من دوائر الجنسية والجوازات ودفتر الخدمة العسكرية من وزارة الدفاع، بالاضافة الى مخاطبة وزارتي التربية والتعليم لتزويدها بوثائقه الدراسية للمرحلتين الثانوية والجامعية فضلاً عن اطروحته في مرحلة الدكتوراه التي نالها من الجامعة الاسلامية المعروفة سابقة باسم جامعة صدام للعلوم الاسلامية.
ويؤكد المصدر المطلع أن أرشيف البغدادي بقي تحت تصرف ضابط كبير في وزارة الداخلية العراقية، مشيراً الى أن الارشيف يعد كبيراً جداً وتم التحفظ عليه في عدة خزانات.
ويبدو أن “الكنز الثمين” أخذ طريقه الى الاهمال على خلفية حملة الاقالات التي طالت عدداً من كبار ضباط الامن في آيار 2011 اثر محاولة اقتحام معتقل الجرائم الكبرى وتهريب عدد من قيادات “الدولة” وبينهم والي بغداد حذيفة البطاوي الذي لقي حتفه في مواجهات استمرت لعدة ساعات
اقالة الضابط الكبير، الذي فضل المصدر المطلع وصفه بـ”الخبير بشؤون القاعدة”، أدى الى اهمال قاعدة بيانات مهمة عن زعيم أخطر تنظيم جهادي عرفته منطقة الشرق الاوسط بعد القاعدة.
ويعلق المصدر بالقول أن “قرارات ارتجالية افقدت الأجهزة الأمنية خبراء في التنظيمات الجهادية”، مؤكداً أن “نتائج هذه القرارات صبت في صالح داعش والقاعدة بشكل غير مباشر”.
ومع تصدر البغدادي وتنظيمه لنشرات الانباء العالمية، بعد سيطرته على الموصل في حزيران الماضي، باتت الحاجة ملحة للعثور على “الكنز الثمين” للاجابة على سيل الاسئلة التي تثار حول التنظيم وزعيمه وسر قوته التي سيطرت على ثلث الاراضي العراقية في غضون شهر.
ومنذ حزيران الماضي نفت الادارة الاميركية امتلاكها معلومات مؤكدة عن زعيم داعش، ولا عن الفترة التي قضاها في معتقل بوكا، معللة ذلك بتساهل مسؤولي السجن بتنظيم الملفات الشخصية للمعتقلين في بداية افتتاح أكبر السجون التي كان الجيش الاميركي يديرها جنوب مدينة البصرة.
وبعد ثمانية اشهر من الجدل الدائر حول البغدادي وتنظيمه الغامض، نشرت قناة CBSNEWS الاميركية، الاسبوع الماضي، جزءا من الارشيف العراقي الذي تضمن أوراقا ثبوتية ووثيقة تخرج تكشف تخطيه المرحلة الثانوية بقرار لكونه “أخاً لشهيد”، فضلاً عن مستواه الدراسي.
كما تضمن الارشيف صوراً لمراحل مختلفة من حياة البغدادي الذي بدأ صوفياً، كما يقول المصدر، ومن ثم تحول الى تبني فكر الاخوان المسلمين وبعدها صار عضواً في حزب التحرير، لينتهي سلفياً جهادياً في مسيرة تحول فكري صاخبة. وتظهر الصور البغدادي وهو يعتمر العمامة العراقية لكنه استبدلها، في وقت لاحق، بالعقال و”الغترة” في دلالة على تبنيه الفكر السلفي.
ويلفت المصدر الى أن الصدفة وحدها التي كشفت عن ارشيف زعيم داعش بعد أن تم اهماله خلال السنوات الماضية في خزانات مركونة في احدى الدوائر الامنية.