في تعريف العملة يقول الاقتصاديون إنها «أي شئ مقبول بشكل عام للدفع بغرض الحصول على السلع والخدمات»، وتأتي العملة كتطور تاريخي لأساليب التبادل بين الناس، ففي حين كان أسلوب التبادل قديمًا يعتمد على عملية المقايضة «سلعة مقابل أخرى»، بات التبادل بين البشر قائمًا على أساس القيمة النقدية للأشياء.
ولأنها الأوسع انتشارًا من أي شئ آخر، حرص الملوك والحكام على نقش صورتهم على العملات تخليدًا لذكراهم وزهوًا بأنفسهم، ويقول المؤرخون إن الإسكندر الأكبر المقدوني هو أول من وضع صورته على العملات، وفي الدولة الإسلامية كان معاوية بن أبي سفيان حريصًا على وضع صورته على الدنانير وهو متقلد سيفه عام 41 من الهجرة.
وبمرور السنين ظهرت عملات حملت صور حكام، منهم حاكم عادل حظي بقبول رعيته، ومنهم طاغية لم يتحمل شعبه رؤيته، فضلًا عن وضع صورته على محرك حياتهم «النقود»، وفي العالم العربي تنتهي قصة الحاكم والعملة في أوقات كثيرة نهاية حزينة، ويرصد «المصري لايت» 4 حكام عرب وتعاملهم مع العملات.
الملك فاروق
أول حاكم مصري يضع صورته على الجنيه، وذلك عام 1946 أي قبل اندلاع ثورة 23 يوليو 1952 بـ6 سنوات. وبإصدار تلك العملة بدا الانهيار الحقيفي للجنيه المصري، وفي ذلك العام أصبحت مصر عضوًا في صندوق النقد الدولي والدخول تحت غطاء الذهب مثل باقي الدول الأعضاء في الصندوق، ما اضطرها إلى خفض قيمة الجنيه لتصبح أقل من الدولار شيئا قليلا، ثم بدأت رحلة الانحدار التي مر بها الجنيه المصري حتي وصل إلي حالته الحالية.
وعقب الثورة، وفي إطار التغييرات السابقة للتحول من الملكية إلي الجمهورية أزاح البنك المركزي المصري صورة الملك فاروق عن الجنيه، ليحل محلها صورة أصغر الملوك في مصر القديمة توت عنخ آمون.
معمر القذافي
بلغ الزهو من القائد الليبي الراحل معمر القذافي مبلغ عظيم، فكان يرى في نفسه «ملك ملوك أفريقيا»، وفي وجهه علامات عظام لتزيين العملة الليبية، وبالفعل طبع صورته على الدينار الليبي، وظل هذا الدينار متداولًا في تعاملات الليبيين اليومية، وبعد مرور عامين على ثورة 17 فبراير 2011 التي أطاحت بـ«القذافي» بعد 24 عامًا من حكم البلاد، أظهر المواطنون ضجرهم بالعملة وبصورة الزعيم.
ومع الاحتفالات بالذكرى الثانية للثورة الليبية، طرح مصرف ليبيا المركزي الدينار الليبي الجديد، ويحمل صورة رمزية لثوار ليبيا وطيلة هذه الفترة كانت هناك مسابقة لاختيار أفضل تصميم بأيد ليبية للشكل الجديد للدينار، وقال محافظ المصرف الليبي، الصديق عمر الكبير، إن «العملة لها خاصية تسمح للمكفوفين بالتعرف على قيمتها المالية، وكذلك سهولة التعرف على المزورة منها، وخاصية بعدم تغيير خصائص الورق نتيجة تعرضها للمياه، وإضافة العديد من العلامات الأمنية ضد التزوير واستخدام 4 ألوان».
وبمجرد اختيار التصميم الأفضل بدأت السلطات الليبية في طبعه حتى انتهت منه في وقت قياسي لم يتجاوز 10 أشهر، وفي فرحة شديدة انتشرت صورة الدينار الليبي في صورته الجديدة على مواقع التواصل الاجتماعي في انتظار بدء تداوله في احتفالات ذكرى الثورة.
بشار الأسد
منذ وفاة الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، في 10 يونيو 2000، نعمت العملة السورية باستقرار من حيث الإخراج، ليفاجئ بشار الأسد الجميع بوضع صورته على العملة السورية «فئة ألفي ليرة»، بعد مرور 12 عامًا على توليه الرئاسة، حيث لم يتطرق لإجراء أي تغيير على الصور الموجودة على عملات بلاده، قانعًا بصورة والده الراحل على كافة الفئات النقدية.
وتداول ناشطون الورقة النقدية الجديدة للعملة السورية، والتي كان من المقرر توزيعها في السوق بداية من فبراير 2013، وتحمل الورقة من فئة الألفي ليرة صورة رئيس النظام الحالي بشار الأسد إلى جانب قوات جيشه النظامي «حماة الديار».
وطبعت الورقة الجديدة في روسيا دون أي سند، لذا فهي لا تمتلك أي قيمة خارج البلاد، كما تظهر الوضع المتردي الذي بلغته الليرة على اعتبار أن آخر فئة للعملة كانت الألف، فيما قال آخرون إن العملة ستخرج بصورة رمزية فقط.
صدام حسين
في أعقاب حرب الخليج الثانية وغزو الكويت والحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق، لم تقو الحكومة العراقية على طباعة الدينار الذي كان يطبع في سويسرا، وهكذا اضطرت الحكومة إلى طبعه في المطابع العراقية التي لم تكن قدراتها تقدر على إصداره بأدنى مواصفات الجودة، ولهذا انتشرت عمليات التزوير الواسعة للدينار الجديد، ما تسبب في تضخم العملة بشكل مرعب، حيث أصبح الدولار الواحد يساوي ما يقرب من 3000 دينار عراقي.
لذا أصدر البنك المركزي العراقي فئات جديدة من العملة لم تكن معهودة من قبل؛ وفي 2002 صدرت عملة قيمتها10 آلاف دينار عراقي، وكانت جميع فئات العملة العراقية تحمل صورة الرئيس الراحل صدام حسين، وتتابعت أزمات الاقتصاد العراقي حتى جاء الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وسقط «صدام» وديناره الذي يحمل صورته، ليحل محله دينار جديد.
كاردينيا