روتانا
قد يتصور البعض أن الطلاق له جين ينتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء ، لاسيما إذا تكررت حالات الطلاق داخل الأسرة الواحدة أو يتطور ليصيب العائلة كلها! .
ولا شك أن أصحاب هذه النظرة يتخوفون كثيراً من الارتباط بشخص لأبوين مطلقين وربما يصرفون النظر نهائياً عن تلك الزيجات ، الأمر الذي دعانا للتساؤل حول أسباب تكرار هذه الظاهرة السلبية داخل الأسرة الواحدة أو داخل العائلة؛ وهل هي نتيجة جينات أو هرمونات وراثية تنتقل من الآباء إلى الأبناء أم أنه لا يوجد طلاق جيني وإنما يتكرر بفعل النشأة والبيئة والظروف؟
*في البداية تقول إيناس توفيق " متزوجة "من القاهرة : لا يوجد ما يسمى بالطلاق الجيني، فعلاقة المحبوبين هي التي تؤثر في دوام العلاقة أو انفكاكها أو حتى إصابتها نوع من الترهل.
وأضافت، أن الطلاق قد يحدث بين عروسين ليلة الزفاف وربما بعد شهر من الزواج وهناك من يطلقون بعد زواج دام عشرين عاماً، ومن ثم لا يمكن أن نزعم بوجود جين وراثي ، فالمتحكم الأساسي والرئيسي في العلاقة مدى قوتها ورغبة الطرفين في استمرارها.
*أما سلوى محمود "مطلقة " من القاهرة فتقول : الطلاق ينتقل كعدوى بين الناس ولكن بدون جينات، فعندما تجد الابنة أن أمها فرَّطت في العلاقة الزوجية بسهولة، تحاول أن تقلّدها وتكون المفاجأة أنها تطلّق بعد ذلك.
وذكرت، أن البيئة بظروفها تهيئ الإنسان كي يأخذ مواقف بعينها، والزواج والطلاق موقف ثقافي يرتبط بالبيئة في الأساس ويتأثر الأبناء فيه بالوالدين.
*يعترف سامر محمود " موظف أعزب " من القاهرة قائلاً : الطلاق في عائلتي أكثر من الزواج، فيوماً بعد الآخر نسمع أن فلاناً طلّق وآخر تزوج، حتى أننا ما عدنا نعدّ الزواج مناسبة من كثرته داخل العائلة، وما عدنا نحزن لطلاق أحدنا لتكراره المستمر أيضاً.
ويضيف، كنا نسمع من أجدادنا أن الطلاق في العائلة مرتبط بالجين الوراثي، ولذلك كنا نجد مشكلة في الإرتباط وخاصة بالقريبين منا، لأنهم يدركون أن الزواج لن يستمر، فنضطر للزواج من خارج المدينة التي نسكن فيها.
وذكر، أن العائلة كبيرة بسبب تعدّد حالات الزواج فيها ولكنها غير متماسكة في ذات الوقت، فلا توجد روابط أصيلة بين أفرادها، ويكاد يعرف الناس بعضهم بالكاد.
طلاق وراثي أم اجتماعي
يقول خالد كمال خبير العلاقات الأسرية: وجود جين وراثي مسئول عن الطلاق كلام غير منطقي وغير علمي في الأساس، لأن هذا الأمر مصدره عقل الإنسان، وبالتالي هو المتحكم في اختياراته الإرادية، بتوجيهها حيثما أراد.
وأضاف : لم يثبت علمياً وجود جينات وراثية تنتقل بالوراثة خاصة في حالات الطلاق وإنما يمكن أن نقول إن هناك تأثير نفسي وعصبي واجتماعي ينتشر وقد يدفع إلى تكرار حالات الطلاق داخل الأسرة الواحدة، فيخيّل للبعض أن هناك عدوى طلاق متمثلة في جين ينتقل بين الأسرة الواحدة.
أما الدكتورة سامية خضر، رئيس قسم الاجتماع بجامعة عين شمس فتقول : الحديث عن وجود جينات طلاق تنتقل بالوراثة داخل الأسرة والواحدة أمر غير صحيح ولا ينتقل بالعدوى، فحدوث الطلاق له علاقة في الأساس بظروف البيئة الاجتماعية.
وشدّدت د. سامية على أن البيئة الاجتماعية هي التي تتحكم في انفعالات الناس التي ينتج عنها الزواج والطلاق وربما يتأثر البعض بسلوكيات البعض الآخر، فنجد الطلاق يزداد في بيئة ويقلّ في أخرى، حسب طبيعتها ليس أكثر ، كما الحال في جنوب مصر الذي تقل فيه حالات الطلاق لأنه يرى فيه جرماً ، في حين تزداد النسبة في الوجه البحري لأن الكثيرين منه لا يرون فيه مشكلة.
وتلخص الدكتورة "خضر" كلامها إلى أنَّ هناك أناس مؤهلون للطلاق وآخرون يرفضونه ويتمسكون بالعلاقة إلى أبعد حدود، بفعل البيئة الاجتماعية التي تعدّ المحرك الأساسي للظاهرة.