لم تستخدم النصوص القانونية والتشريعية في العصر الحديث فقط، بل بدأ استخدمها منذ عصور بعيدة، وبعض هذه النصوص كتب واستخدم في العصور الوسطى ومنها وثيقة دستورية رومانية عرفت باسم "غولدن بول"،
يُعتبر النص القانوني المسمى "غولدن بول" أي "الأمر الذهبي" الذي يعود لعام 1356، أهم وثيقة دستورية "للإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الألمانية"، فالمرسوم الذي يحويه هذا النص القانوني أُصدر من قبل الإمبراطور كارل الرابع لتنظيم واجبات وحقوق الناخبين وبقي معمولاً به لأكثر من 400 عام، حتى سقوط الإمبراطورية الرومانية عام 1806.
نظمت هذه الوثيقة شؤونا دستوريةً عديدة أهمها إجراءات الانتخاب والتتويج للملوك الرومان، وسميت الوثيقة بهذا الاسم (غولدن بول) بسبب ختمها المكون من صفيحة ذهبية. واللافت في الوثيقة أنها تشبه إلى حدٍ بعيد الدساتير الحالية المعمول بها في بلدان العالم، فهي لم تنظم شؤون الانتخاب والتتويج فقط، بل نظمت عملية الانتخاب بكاملها بتفصيلٍ شديد يشبه القوانين المعاصرة، إذ تحدثت عن مكان الانتخاب وزمانه. وقررت أن التتويج يجب أن يتم في مدينة آخن الألمانية، وأن على لجنة الانتخاب أن تحسم أمرها خلال 30 يوم، وإذا لم تفعل يُطعَم أعضاؤها الخبز والماء فقط إلى أن يتخذوا قرارهم.
وإلى جانب تنظيمها التفصيلي للعملية الانتخابية، حوت الوثيقة أيضاً مراسيم فرعية، فعلى سبيل المثال حددت الوثيقة تنظيم موكب الإمبراطور، بل حتى في حال مرافقة أو عدم مرافقة الرايات الإمبراطورية للموكب.
وتقديراً من منظمة اليونسكو أضيفت وثيقة "الأمر الذهبي" إلى لائحة التراث الثقافي العالمي الخاص بها في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وأبلغت اليونسكو معهد فرانكفورت للتاريخ الحضري، المكان الذي يحوي نسخة عن هذه الوثيقة، أبلغته عن إدراج الوثيقة رسمياً على لائحة التراث الثقافي العالمي.
وأطلقت اليونسكو في عام 1992 برنامج توثيق التراث العالمي لتخزين الوثائق التاريخية المهمة رقمياً، وبذلك تطمح اليونسكو إلى تمكين الأجيال القادمة من الإطلاع على هذه الوثائق التاريخية، بالإضافة إلى الكتب والمخطوطات النادرة. وحتى الآن ضم هذا البرنامج التوثيقي 300 وثيقة من مختلف أنحاء العالم، ويحوي 17 من الوثائق التاريخية الألمانية منها إنجيل غوتنبرغ، وسمفونية بيتهوفن التاسعة.