يوسف السباعي
حياة درامية عاشها بحق "يوسف السباعي"، بدأت باختياراته العسكرية ثم احتلاله المشهد الثقافي، يرافقه قلمه الأدبي وحسه الرومانسي الذي امتلأت به رواياته، حتى مأساوية اغتياله على أيدي قاتلين في الثامن عشر من فبراير عام 1977.ختمت حياة الأديب "يوسف السباعي" بمشهد درامي لم يقل عنفوانه عن مقاطع حياته المليئة بالأحداث، في ذلك اليوم كان "السباعي" يخطو في طريقه من الطابق الخامس بفندق هيلتون إلى مؤتمر الأفرو _ أسيوي بالطابق الأرضي، الذي يحضره بصفته أمينًا عام لمنظمة التضامن الأفريقي الأسيوي، توقف قليلًا عند رزمة من الكتب والمجلات بجوار القاعة إلى أن باغتته ثلاث طلقات في رأسه ملقية به أرضًا، ليسدل الستار على حياة عريضة لشريك أساسي في الحياة الثقافية بمصر ذلك الوقت، كوزير للثقافة، نقيب للصحفيين، رئيس تحرير الأهرام ودار الهلال سابقًا، ومساهم أساسي في إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، نادي القصة، جمعية الأدباء، ونادي القلم الدولي واتحاد الكتاب."فإما أن تحبه أو تحبه جدًا" ... هذا ما قاله الكاتب "أنيس منصور" في إحدى مقالاته بجريدة الأهرام عن "السباعي"، إنسان عاش حياته رغم العسكرية التي نشأ عليها يكتب عن الحب، ويصبح ملقبًا بين محبي قلمه الأدبي "فارس الرومانسية"، لقب جاء كتشريف له، خريج الكلية الحربية الذي درّس يومًا بالكلية بسلاح الفرسان."ماذا سيكون تأثير الموت عليّ، وعلى الآخرين ؟ لاشيء .. ستنشر الصحافة نبأ موتي كخبر مثير ليس لأني مت، بل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة" ... خطها "السباعي" بروايته طائر بين المحيطين" كأنه تنبأ بموته المثير للجدل، حيث كان اغتياله على خلفية تأييده لاتفاقية كامب ديفيد، وسفره مع الرئيس "أنور السادات" لإسرائيل، مهمة لقوات الصاعقة قاموا بها على إثر الاغتيال واختطاف القاتلين "زيد حسين علي" و"سمير محمد خضير"، اللذين قيلا أنهم يتبعا منظمة التحرير الفلسطينية لكن المنظمة نفت ذلك، حتى أعلنت منظمة "أبو نضال" مسئوليتها عن الحادث، للرهائن بالمؤتمر وكان من بينهم أربعة مصريين منهم الكاتب "إدوارد الخراط"، لكن المهمة لم تنجح وأسفرت عن وقوع ضحايا بين قوات الصاعقة، واشتعلت أزمة بين قبرص ومصر بعدها انتهت بقطع العلاقات، لكن القاتلين تم الحكم عليهما في التاسع من مارس 1978 بالسجن مدى الحياة.لم يكن ذلك الجدل الوحيد الذي أثير عقب الاغتيال، لكن البغض تسلل إلى أنفس البعض ناحية القضية الفلسطينية، حتى جاءت شهادة الكاتب "صلاح عيسى" أن أحدهم هتف أثناء جنازة "السباعي" "لا فلسطين بعد اليوم"، كذلك حرّم السادات الفلسطينيين من بعض الامتيازات التي منحها لهم "عبدالناصر"."نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض" ... إحدى ما سطره "السباعي" في روايته "أرض النفاق" التي كشف بها العوار عن المجتمع المصري بالأربعينيات في إحدى الفترات الحرجة، مؤكدًا لحكمته التي مازالت ملأ السمع والبصر أن الإنسان لا يُذكر إلا بعد موته، لكن السباعي كان حالة خاصة مستثناة حيث تقلد عدة مناصب مشرفة وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1973، وأعماله الأدبية مازالت شاهدة عن حسه الرومانسي والسنيما التي قُدر له كتابة بعض السيناريوهات لها منها "صلاح الدين الأيوبي"، "شارع الحب"، وروايات كتبها عن حرب أكتوبر تحولت لأفلام منها "العمر لحظة".