تُمثل تركة الرعب التي خلفها "مجرم" أشرف على قطع رؤوس 200 مجاهد
مزاد علني في فرنسا لبيع 350 أداة لتعذيب وإعدام الجزائريين أثناء الاستعمار
إصرار على تمجيد الجرائم
أفراد من الجالية الجزائرية يقررون الاحتجاج ومنع البيع
منفذ الإعدامات فيرناند ميسونييه: "لم أفعل شيئا في حياتي أجمل من قطع رؤوس الجزائريين"!
حالة من الاحتقان والغضب تعيشها الجالية الجزائرية في فرنسا بعد ما قررت دار خاصة للمزاد العلني، وفي إطار تمجيد الاستعمار، عرض حوالي 350 أداة لتعذيب الجزائريين وإعدامهم إبّان الاحتلال للبيع، علما أنها تُمثل تركة الرعب التي خلّفها بارون الإعدامات والمنفذ الأول لأحكام القتل وقطع رؤوس المجاهدين الجزائريين، المسمى فيرناند ميسونييه.
وفي هذا الصدد، أشارت مصادر مطلعة ، أن دار المبيعات والمزاد العلني المسماة "كورنيت سان كير" المتواجدة في المقاطعة الثامنة للعاصمة الفرنسية باريس، قررت فتح مزاد علني يوم الثالث أفريل المقبل على الساعة السابعة مساء، من أجل بيع تلك الأدوات التي كان يستعملها هذا المجرم في قطع رؤوس الجزائريين وتنفيذ أحكام الإعدام، وذلك بعد اختيارها لتاريخ الـ31 مارس الجاري كيوم خاص لعرض ما مجموعه 350 منها أمام الرأي العام بغية تشجيع الأفراد والشركات وربما حتى سماسرة الدول، على الشراء.
هل نعيش في زمن الرعب والتفاخر بالقتل، وكذا التباهي بإعدام الشعوب المطالبة بالحرية؟ ما معنى عرض أدوات التنكيل بالجزائريين وتعذيبهم، وأيضا آله تنفيذ حكم الإعدام ضد الآلاف منهم، للبيع في مزاد علني خلال السنة التي تترافق مع الاحتفال بمرور خمسين عاما على نهاية آخر عصور الاستعباد والاستعمار والتقتيل من طرف أدعياء العدالة والحرية والديمقراطية؟
هذه الأسئلة وغيرها، حرّكت بعض أفراد الجالية الجزائرية في فرنسا من أجل الاحتجاج على قرار المعرض، وكذا البيع، حيث قال أحد الأفراد الفاعلين في الجالية، وهو صالح رحوي للشروق: "لقد دعونا الجميع للوقوف والاحتجاج يوم الـ31 مارس الجاري أمام فندق سالومو التابع لمجموعة روتشليد Salomon de Rothschild عند الساعة الثانية بعد الزوال، من أجل وقف بيع وعرض تركة الرعب والتقتيل".
فيرناند ميسونييه المولود في الجزائر يوم 14 جوان 1931، والذي توفي في أوت 2008، يعتبر واحدا من بين أبرز منفذي أحكام الإعدام ضد الجزائريين، حيث ورث مهنة القتل عن والده، وكان يتباهى بها، ويعتبرها مصدر دخل مهم لعائلته، حتى أنه غضب جدا لعدم تصويره عمليات القتل وقطع الرؤوس من أجل التفاخر بها، ناهيك على أنه بعد الاستقلال، قرر الزواج والتحول إلى مهن أخرى على غرار فتح مطاعم بأموال القتل، لكنه وفي جميع أحاديثه الصحفية، كان يتباهى بإعدامه للمجاهدين، حتى أن البعض نقل عنه تصريحه بأنه لم ينفذ شيئا جميلا في حياته مثل قطع رؤوس الجزائريين!!
فيرناند الذي تعرض دار كورنيت للمزاد العلني تركته للبيع، نفذّ خلال الفترة الاستعمارية، وتحديدا بين 1947 و1958 أزيد من 200 حكم إعدام ضد الثوار والمجاهدين الجزائريين، وقد كوفئ من طرف الإدارة الاستعمارية على "جرأته وشجاعته في قتل الجزائريين بدم بارد"، حيث كان لا يرف له جفن أثناء قطع رؤوس المجاهدين، وواصل تفاخره بذلك، حتى وفاته مع بداية شهر أوت من سنة 2008، ولا شك أن بيع أدواته للتعذيب والتنكيل وقطع الرؤوس في مزاد علني نهاية الشهر الجاري، تعدّ واحدة من أبرز وصاياه قبل الموت، وكأنه يريد التباهي بقتله وقطعه رؤوس المجاهدين بعد خمسين عاما من الاستقلال.
ويطرح البعض السؤال التالي: من سيشتري هذه الأدوات التي تؤرخ لمرحلة هامة من الهمجية الاستعمارية ضد الجزائريين؟ وما تفسير ذلك في ظل المعارك المستمرة بين فرنسا والجزائر من أجل استعادة الأرشيف الوطني؟ علما أن البعض تساءل كيف يتم بيع هذه الأدوات، وقد كان يمكن الاحتفاظ بها في متاحف الجزائريين من أجل إبراز الهمجية الاستعمارية والوسائل التي كان يتم استعمالها في سبيل إعدام وقطع رؤوس المجاهدين من أجل منعهم عن المطالبة بالحرية.
ماذا لو عاد شهداء المقصلة اليوم، وتحديدا في الفترة ما بين 1947 و1958، كيف سيكون موقفهم وهم يرون الأداة التي قطعت رؤوسهم فقط، لأنهم طالبوا بالحرية وناضلوا في سبيلها تحت راية "الله أكبر"، تباع أمام أعين الجزائريين والعالم الذي يدّعي التحضر والتخلص من كل براثن الاستعمار ومنكرات الاحتلال؟!
"لا يوجد تعبير مناسب وملائم لما سيحدث عند بيع هذه الأدوات الإجرامية التاريخية، سوى أننا نعيش في عصر الرعب والجنون، ولا يمكن تصنيف هذه العملية سوى في خانة السادية والإرهاب الجديد" مثلما يقول صالح رحوي، الجزائري الذي قرر رفقة عدد كبير من أفراد الجالية وأيضا فرنسيين مناهضين لتمجيد الاستعمار الاحتجاج يوم الـ31 مارس، لعل وعسى يتحرك "أحد الرسميين" لوقف هذه المهزلة التاريخية.