عبارة دائماً نقولها للموضوعِ الذي فيه شكٌّ وسوءُ نية:
فمن أين جاءت هذه العبارةُ وكيف ورِثناها أباً عن جد؟!
كان في مدينةِ حلَب أميرٌ ذكيٌّ فطِنٌ شجاعٌ اسمه (علي بن مُنقِذ)، وكان الملكُ وقتها (محمود بن مرداس).
حدثَ خلافٌ بين الملكِ والأميرِ (علي بن منقذ)، ففطِن عليٌ إلى أنّ الملكَ سيقتله، فهرَبَ مِن حلَبَ وراح إلى بلدتِه دمشق.
فطلب الملكُ من الكاتبِ أن يكتبَ رسالةً إلى عليِّ بنِ مُنقذ، ويطمئنُهُ فيها ويستدعيه للرجوعِ إلى حلَب.
وكان الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي تُرسَلُ للملوك، بل وكان أحياناً يصيرُ الكاتبُ ملِكاً إذا مات الملك.
شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الشرَّ بـ (علي بن مُنقِذ)، فكتب له رسالةً عاديةً جداً، ولكنه كتبَ في نهايتها:
"إنَّ شاء اللهُ تعالى"، بتشديد النون!
فأدرك ابنُ مُنقِذٍ أن الكاتبَ يُحذِّرُه وهو يشدِّدُ النون، ويذكّره بقولِ الله تعالى:
(إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوك)
فردّ علي بنُ منقِذٍ برسالة عاديّةٍ يشكرُ الملكَ أفضالَه ويطمئنُه على ثقتِهِ الشديدةِ به، وختمها بعبارة:
"إنّا الخادمُ المُقِرُّ بالإنعام".
وفطِن الكاتبُ إلى أنّ ابنَ مُنقِذٍ يطلبُ منه التنبهَ إلى قولِ اللهِ تعالى:
(إنّا لن ندخلَها أبداً ما داموا فيها)
وعلِمَ أنّ ابنَ مُنقِذٍ لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ الملكِ (محمود بن مرداس).
من هذه الحادثةِ صارَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يقولونَ للموضوعِ إذا كان فيه شكٌّ أو سوءُ نية:
(الموضوع فيه إنَّ)