واشنطن بوست: الحشد الشعبي أكثر فاعلية من الوجود الجوي الأميركي
واشنطن بوست: الجماعات الشيعية أكثر فاعلية من الوجود الجوي الأميركي
ترجمة: احمد علاء
تعمل الجماعات المسلحة الشيعية، التي تُسمى "الحشد الشعبي"، بشكل متزايد لصد هجمات تنظيم "داعش"، وقد وضع نشاط هذه الجماعات المسلحة، الستراتيجية الأميركية في حرج كبير.
الستراتيجية الأميركية في العراق وباختصار هي توجيه ضربات جوية على مواقع جهاديي التنظيم والإشراف على تدريب القوات الأمنية العراقية لغرض إشراكها في معركة استعادة الموصل في الربيع القادم.
ووفقاً لمسؤولين أميركان ومراقبين فأن أعداد وحدات "الحشد الشعبي" العسكرية قد بلغت 100 الى 120 الف مقاتل، فضلاً عن تمتعهم بالروح المعنوية العالية، ما يجعله في موضع افضل من الجيش العراقي الذي انسحب انسحابا مفاجئا من مدينة الموصل في الصيف الماضي، اذ يقدر المسؤولون العراقيون ان عدد الجنود في الموصل كان 48 الف جندي.
الهجوم الاخير ضد متشددي "داعش" الذي نفذه مقاتلون من منظمة بدر العسكرية في محافظة ديالى، لفت انتباه الرأي العام على اعتبار انها قوة عسكرية صغيرة تمكنت من تحرير محافظة ديالى بالكامل، وهذا يدفع لتساؤل عن كيفية انسحاب الجيش العراقي أمام داعش في حزيران؟
الجماعات المسلحة الشيعية تقوم اليوم بدور عسكري كبير وتكتيكات وخطط تجعل المواجهة مع "داعش" محسومة لصالحهم مع مراعاة المدنيين وتجنب التعرض لهم لاسيما مواطنو الطائفة السنية. كما أن الجماعات المسلحة الشيعية لا تخشى من تداعيات الدعم الإيراني لها، معتبرة ان طهران تساعدها في الحد من انتشار مخاطر تنظيم "داعش".
وكانت جماعات مسلحة شيعية لها تأثير في الحرب الحالية قد أعلنت تأييدها لإيران مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله التي تضم مقاتلين يمتلكون خبرات كبيرة في حرب المدن ولهم الدور الأبرز في إخراج القوات الأميركية من العراق في عام 2011. ويقول محللون وخبراء امنيون، ان تزايد نفوذ الجماعات المسلحة الشيعية في العراق يدعو الى التشكيك في دور التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد مسلحي "داعش"، فانهم يعتبرون وجود القوى المسلحة على الارض فعالة اكثر من الوجود الجوي الأميركي، وهذا قد يخلق صراعاً جديداً في حال دخلت القوات الأميركية بصيغة برية للبلد لأنها قد تصطدم بهذه المجاميع الشيعية.
مايكل نايتس، زميل بارز في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يقول "اذا استمر القتال على مساره الحالي، فهناك خطر حقيقي على الولايات المتحدة لأنها قد تصطدم مستقبلاً بقوات الحشد الشعبي بعد هزيمة مسلحي داعش".
وعلى الرغم من ترحيب رئيس الوزراء حيدر العبادي بالدورين الأميركي والإيراني في مساعدتهما للعراق بأزمته الحالية، إلا ان المخاوف الأميركية الان تشير الى احتمالية تعرض خطط أميركا الى تقويض حقيقي بسبب وجود هذه القوات القتالية، فضلاً عن مخاوفها من تحويل الحكومة الحالية الى حكومة هشة غير قادرة على التعامل مع تلك القوى المسلحة مستقبلا وقد يتحول العراق الى لبنان اخر في هذه الحالة.
وقال مقاتلو "الحشد الشعبي" في اكثر من مناسبة، انهم لا يريدون رؤية الأميركان وليسوا بحاجة الى خدماتهم. هذا التصريح ايضاً يُعد تقويضاً او ربما رداً على دعوات الرئيس الاميركي القاضية بإرسال قوة قتالية صغيرة في حال تم الهجوم على الموصل.
كريم النوري، المتحدث باسم القائد العسكري لمنظمة بدر، يقول "نحن غير محتاجين الى أميركا لا برياً ولا جوياً، فالقوات الشعبية يمكنها هزيمة تنظيم داعش وتحرير المناطق منها".
ويشير مسؤولون عراقيون الى ان الجماعات المسلحة قد شغلت فراغاً امنياً بعد انسحاب الجيش العراقي من مواقعه في المناطق الخاضعة اليوم لسيطرة "داعش"، مبينين أن مساعدتهم في صد هجمات "داعش" كانت اسرع من الاستجابة الأميركية للعاصمة بغداد.
ويُذكر ان الولايات المتحدة قامت بإرسال أول دفعة من المستشارين الاميركان الى العراق في أيلول الماضي لغرض تدريب وتسليح الجيش.
ويقول موفق الربيعي، عضو البرلمان الحالي، إن العراق في فترة انتقالية وفي حالة طوارئ، لأنه يواجه تهديداً وجودياً لذا عليه اللجوء الى الطرق الاستثنائية.
ويتكون التنظيم الهيكلي لقوات "الحشد الشعبي" من سلسلة من القياديين العسكريين العراقيين واحياناً الإيرانيين، ولكن الان يشرف على هذه القوات الشعبية القيادي البارز في حزب الدعوة العراقية ابو مهدي المهندس الذي تعتبره الولايات المتحدة احد ابرز قادة الحرس الثوري الإيراني.
وشوهد قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني مؤخرا، في ساحات القتال بشكل كبير وعلى الخطوط الأمامية بمواجهة تنظيم "داعش"، اذ يعد وجوده في العراق عاملاً روحياً ومعززاً لمعنويات المقاتلين فضلاً عن دوره في رسم الهجمات وتنفيذ الأهداف المخططة لها من قبله، حسب مؤيدين.
وكثر ظهور سليماني في الفترة الاخيرة في العراق الى جانب هادي العامري، القيادي والأمين العام لمنظمة بدر وهما يتجولان في مدينة سامراء وديالى.
وفي اجتماع حاشد، في وقت سابق في مدينة ديالى، احتفل مقاتلو "الحشد الشعبي" بهزيمة مسلحي"داعش" في المحافظة بشكل كامل، واخذ هادي العامري زمام المبادرة واعلن ان ديالى خالية من التنظيم المتطرف الآن. وقال في هذا الشأن "مهمتنا تحرير العراق من مسلحي داعش ولن نسمح للأجانب بتدنيس أرضنا بحجة دفاعهم عنا، اذ علينا اليوم وبعد هذا الانتصار القضاء على الطائفية وتحقيق المصالحة للحفاظ على وحدة العراق".
كينيث بولاك، من معهد بروكينز للأبحاث والدراسات الشرق أوسطية، يقول إن "زيادة نفوذ الجماعات المسلحة الشيعية في العراق لا يساعد على تحقيق المصالحة الوطنية، لانها ستشكل عائقا امام مساعي الولايات المتحدة تجاه العراق"، مضيفاً ان "الأهالي في المناطق السنية يعتبرون القوى الشيعية بمثابة احتلال شيعي لمناطقهم او ربما غزو جديد وبهذا النهج لن تنتهي الحرب بل سيشعلها اكثر".
وعلى الرغم من الإشادات بحق الوحدات العسكرية الشيعية المسماة بـ"الحشد الشعبي" بعد المكاسب التي حققوها في تحرير مدن شيعية وقرى سنية ايضاً من مسلحي "داعش"، الا انه من غير المعروف ما اذا كانت هذه الجماعات المسلحة لها ذات القدرة على اقتحام مدن مثل الموصل والانبار حيث يفرض مسلحو "داعش" هناك ثقلهم بحزم اكبر وأكثر.
فنجاحات الحشد الشعبي يمكن القول عنها انها مقتصرة على تحرير المناطق ذات الغالبية الشيعية المنتشرة في ديالى وسامراء ومناطق جنوبية من العاصمة بغداد.
ويتابع المتحدث باسم القائد العسكري لمنظمة بدر بالقول ان الحشد الشعبي لا حاجة له للمساعدات الأميركية حتى في وقت تنفيذ الهجوم على الموصل. موضحاً ليس هناك مشكلة في نشاط التحالف الدولي بضرب مسلحي "داعش" بالطائرات الحربية، لكنه حذر من ان الغارات قد تتحول لاستهداف مقاتلي الحشد الشعبي، لاسيما الشواهد والأدلة كافية على ذلك، حسب تعبيره
.المصدر من هنا