ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ.. ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﺸﺮﻗﺔ.. ﺗﺮﺳﻢ ﺻﻮﺭًﺍ ﺣﻴﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﺎﻩ، ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻤﻞ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺑﺬﻝ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺃﻏﻠﻰ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ.
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺁﻝ ﻫﺎﺷﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﺴﺐ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﻟﻨﺒﻞ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﻭﺀﺓ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ، ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ﻫﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎﻑ.. ﺃﻣﻪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﺃﺳﺪ ﺑﻦ ﻫﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎﻑ.. ﻭﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺗﺮﻋﺮﻉ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻭﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺻﺪﻗﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻣﻬﺪﻫﺎ.
ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﻯ.. ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻘﻮﻯ.. ﻳﻘﻮﻝ ﻓﺼﻼ ﻭﻳﺤﻜﻢ ﻋﺪﻟًﺎ.. ﻳﺘﻔﺠﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ﻭﺗﻨﻄﻖ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺣﻴﻪ.. ﻓﻜﺎﻥ ﻋﺰﻳﺰ ﺍﻟﺪﻣﻌﺔ، ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ، ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﻣﺎ ﺧﺸﻦ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﺎ ﺟﺸﺐ.. ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﻴﺄﺱ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﻟﻪ.
ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ.. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺭﻏﻢ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺒﻴّﺘﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﻧﻴﺔ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﻭﻋﺪﻡ ﻣﺒﺎﻻﺗﻪ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻤﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻪ ﻣﺜﺎﻟًﺎ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﺒﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺼﺮﻓﻪ ﻟﻬﻮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻜﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻧﻜﺒﺎﺑًﺎ ﺷﺪﻳﺪًﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻘﻬًﺎ ﻭﻋﻠﻤًﺎ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺧﻼﻝ ﺧﻼﻓﺘﻪ ﻣﺜﺎﻟًﺎ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ.. ﻻ ﻳﺤﻜﻢ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ.. ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺭﻣًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ.. ﺻﻠﺒًﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﻼﺑﺔ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻤﺮﺕ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺧﺸﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻛﺎﻥ ﺩﻋﺎﺅﻩ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ: (ﺭﺏ ﻻ ﺗﻜﻠﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ، ﻭﻻ ﺗﺤﻮﺟﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ، ﻭﺍﻏﻨﻨﻲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ، ﻳﺎ ﻣﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺪ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺼﻤﺪ.. ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻭﻟﺪ.. ﺧﺬ ﺑﻴﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺷﺪ، ﻭﻧﺠﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺿﻴﻖ ﻭﻧﻜﺪ).. ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺗﺄﻛﻴﺪًﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺄﻗﻮﻯ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ.
ﻭﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻋﻠﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺩﺭﺍﻫﻢ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﺘﺼﺪﻕ ﺑﺪﺭﻫﻢ ﻟﻴﻠًﺎ.. ﻭﺑﺪﺭﻫﻢ ﻧﻬﺎﺭًﺍ ﻭﺑﺪﺭﻫﻢ ﺳﺮًﺍ.. ﻭﺑﺪﺭﻫﻢ ﻋﻼﻧﻴﺔ.. ﻓﻨﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺳﺮًﺍ ﻭﻋﻼﻧﻴﺔ ﻓﻠﻬﻢ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ ﻭﻻ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ).
ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﻳﺪﻋﻮ ﺭﺑﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﺪﺓ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻴﻘﻮﻝ: (ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻠﻜﻪ ﺣﺴﻨﺎﺗﻲ ﻭﻻ ﺗﺸﻴﻨﻪ ﺳﻴﺌﺎﺗﻲ، ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ ﺧﺰﺍﺋﻨﻪ ﻏﻨﺎﻱ، ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﺮﻱ، ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺭﺟﺎﺀﻙ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﺍﻗﻄﻊ ﺭﺟﺎﺋﻲ ﻋﻤﻦ ﺳﻮﺍﻙ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺃﺭﺟﻮ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻙ ﻭﻻ ﺃﺧﺎﻑ ﺇﻻ ﻣﻨﻚ ﻭﻻ ﺃﺛﻖ ﺇﻻ ﺑﻚ ﻭﻻ ﺍﺗﻜﻞ ﺇﻻ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺃﺟﺮﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻤﺖ ﺑﻪ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺃﺷﻤﻠﻨﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ).
ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ: (ﻗﻮﻭﺍ ﺇﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﺑﺎﻟﺼﺪﻗﺔ ﻭﺣﺼﻨﻮﺍ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﺑﺎﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭﺍﺩﻓﻌﻮﺍ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ).
ﻭﺃﻳﻀًﺎ: (ﻣﻦ ﺃﺻﻠﺢ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﺃﺻﻠﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻼﻧﻴﺘﻪ.. ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻪ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﺍﺗﻜﺎﻟًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ).
ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ﻣﻊ ﺃﺻﺪﻕ ﻭﺃﻧﺒﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.. ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻋﻦ ﻣﻐﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﺧﻠﺺ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺪﻭﺓ ﻭﻣﺜﻞ.