اعزائي الدرر
هذا عقد من الذهب اضعه وساماً على صدور الشعراء ومحبي و متذوقي الشعر العربي ...
انها سلسلة ( شعراء عراقيون ) ... ابدؤها اولاً بــــــــــــ
الجواهري
- ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.
- تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " .
- ‏أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .‏
- كان قوي الذاكرة ، سريع الحفظ ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة .‏
- وكان في أول حياته يرتدي العمامة لباس رجال الدين لأنه نشأ نشأةً دينيه محافظة ، واشترك بسب ذلك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية وهو لابس العمامة ، ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد ، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة ( الفرات ) وجريدة ( الانقلاب ) ثم جريدة ( الرأي العام ) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين .
- لم يبق من شعره الأول شيء يُذكر ، وأول قصيدة له كانت قد نشرت في شهر كانون الثاني عام 1921 ، وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية .
- نشر أول مجموعة له باسم " حلبة الأدب " عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين .
- سافر إلى إيران مرتين : المرة الأولى في عام 1924 ، والثانية في عام 1926 ، وكان قد أُخِذ بطبيعتها ، فنظم في ذلك عدة مقطوعات
- ترك النجف عام 1927 ليُعَيَّن مدرّساً في المدارس الثانوية ، ولكنه فوجيء بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية .
- أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره .
- استقال من البلاط سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات) ، وقد صدر منها عشرون عدداً ، ثم ألغت الحكومة امتيازها فآلمه ذلك كثيراً ، وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى ، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل لإلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير .
- في عام 1935 أصدر ديوانه الثاني بإسم " ديوان الجواهري " .
- في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي .وإذ أحس بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدأ يعارض سياسة الحكم فيما ينشر في هذه الجريدة ، فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .
- بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام) ، ولم يتح لها مواصلة الصدور ، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة .
- لما قامت حركة مارس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران ، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام) .
- في عام 1944 شارك في مهرجان أبي العلاء المعري في دمشق .
- أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات والتي برز فيها شاعراً كبيراً .
- شارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الاسكندرية .
- انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين .
- واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين . أقام في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في عام 1965 ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة " .
- عاد إلى العراق في عام 1968 وخصصت له حكومة الثورة راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر .
- في عام 1969 صدر له في بغداد ديوان "بريد العودة" .
- في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " أيها الأرق" .وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق . وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " خلجات " .
- في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس .
- بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها .
- كرمه «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد ، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» ذروة من الذرا الشعرية العالية .
- يتصف أسلوب الجواهري بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس الملتحم بالصور الهادرة كالتيار في النفس ، ولكنه يبدو من خلال أفكاره متشائماً حزيناً من الحياة تغلف شعره مسحة من الكآبة والإحساس القاتم الحزين مع نفسية معقدة تنظر إلى كل أمر نظر الفيلسوف الناقد الذي لايرضيه شيء.
- وتوفي الجواهري في السابع والعشرين من تموز 1997 ، ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها فكان بحق شاهد العصر الذي لم يجامل ولم يحاب أحداً .‏
- وقد ولد الجواهري وتوفي في نفس الشهر، وكان الفارق يوماً واحداً مابين عيد ميلاده ووفاته. فقد ولد في السادس والعشرين من تموز عام 1899 وتوفي في السابع والعشرين من تموز 1997 .‏
ترك لنا ذلك العملاق ارثاً شعرياً لا يضاهى .. حتى اصبح شاعر العرب الاكبر ( بعد ابي الطيب ) طبعاً ... ولعل قصيدة امنت بالحسين و يا دجلة الخير هما الاشهر من شعره ... اما اليوم سانقل لكم قصيدة امنت بالحسين
هي قصيدة طويلة ، أنقل لكم أول خمسة عشر بيت ، التي كتبت بماء الذهب على ضريح الإمام الحسين ،

فِـدَاءً لـمثواكَ من مَضْــجَعِ ***** تَـنَـوَّرَ بالأبـلَـجِ الأروَعِ
بأعـبقَ مـن نـَفحاتِ الجِنـانِ ***** رُوْحَاً ومـن مِسْكِها أَضْـوَعِ
وَرَعْـيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف" ***** وسَقْـيَاً لأرضِكَ مِن مَصْـرَعِ
وحُـزْناً عليكَ بِـحَبْسِ النفوس ***** على نَهْجِكَ النَّـيِّـرِ المَهْيَـعِ
وصَوْنَـاً لمـجدِكَ مِنْ أَنْ يـُذَال ***** بما أنتَ تأبـاهُ مِـنْ مُـبْـدَعِ
فـيا أيُّـها الوِتْـرُ في الـخالدِينَ ***** فَـذَّاً ، إلى الآنَ لم يُـشْـفَـعِ
ويـا عِظَـةَ الطامـحينَ العِـظامِ ***** للاهـينَ عـن غَـدِهِمْ قُنَّـعِ
تعاليتَ من مُـفْـزِعٍ للحُـتوفِ ***** وبُـورِكَ قبـرُكَ من مَـفْـزَعِ
تلـوذُ الدُّهـورُ فَـمِنْ سُـجَّـدٍ ***** على جانبـيـه ومـن رُكَّـعِ
شَمَمْتُ ثَـرَاكَ فَـهَبَّ الـنَّـسِيمُ ***** نَسِيـمُ الكَرَامَـةِ مِنْ بَلْقَـعِ
وعَـفَّـرْتُ خَدِّي بحيثُ اسـتراحَ ***** خَـدٌّ تَـفَـرَّى ولم يَـضْـرَعِ
وحيـثُ سـنـابِكُ خيلِ الطُّـغَاةِ ***** جالتْ عليـهِ ولم يَـخْـشَـعِ
وَخِـلْتُ وقـد طـارتِ الذكرياتُ ***** بِـروحي إلى عَـالَـمٍ أرْفَـعِ
وطُـفْتُ بقـبرِكَ طَـوْفَ الخَـيَالِ ***** بصومعـةِ المُـلْهَـمِ المُبْـدِعِ
كـأنَّ يَـدَاً مِـنْ وَرَاءِ الضَّـرِيحِ ***** حمراءَ " مَبْـتُـورَةَ الإصْـبَـعِ"

تقبلوا حبي واحترامي