Saturday 24 March 2012
في الطريق إلى القمة: من "سرت 2010" إلى "بغداد 2012"
العراقيون يتأهبون ويترقبون انعقاد القمة المقبلة
لم يعر كثيرون اهتماما لما قاله العقيد القذافي في افتتاح قمة سرت التي انعقدت في ليبيا قبل عامين.
كانت "سرت ٢٠١٠" آخر قمة عربية تعقد قبل قمة هذا العام التي من المقرر عقدها في بغداد.
وكان مما قاله القذافي في كلمته الافتتاحية: "إن النظام الرسمي العربي يواجه تحديات شعبية متزايدة، ولن تتراجع هذه التحديات حتى تصل إلى هدفها النهائي".
ربما لا يوجد في هذا الكلام، حتى الآن، ما يسترعي الانتباه، لكن مهلا! ففي مقطع آخر قال القذافي في كلمته "إن المواطن العربي متمرد، ومتربص. .. لا نستطيع أن نحتمي بعد الآن خلف الصولجانات أو الحدود، فهي غير محترمة، وتداس تحت أقدام الجماهير الثائرة".
قمة الضحك!
قد تكون تلك الكلمات قد ضاعت وقتها، وسط الكلمات الأخري التي خطفت الأضوء. وكان أبرزها نقد القذافي، المباشر حينا والضمني أحيانا، لبعض الزعماء العرب، وتقديمه نفسه علي أنه "ملك ملوك إفريقيا وأمير المسلمين، وعميد الزعماء العرب".
كانت هذه الألقاب وقتها كفيلة ببلوغ الزعماء الحاضرين، ومتابعي القمة عبر التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة، "قمة الضحك"، وربما كان هذا أهم ما بقي في الذاكرة العادية من قمة سرت.
لكن بقي معه أيضاً أن القذافي كان محقا.
فقد "تمرد المواطن العربي"، ولم تستطع بعض الزعامات، كما قال، وهو أحدها وأسوأها مصيرا، أن تحتمي خلف صولجاناتها، بل "داستها أقدام الجماهير الثائرة".
قمة "ما بعد الربيع العربي"
تغير المشهد العربي كثيرا منذ قمة سرت. وربما خيل لكثيرين، في لحظات معينة، قبل عام من اليوم، أن القمة العربية التالية بعد سرت ستكون "قمة الربيع العربي"!
لكن أحداث الربيع العربي بعد ذلك جعلت كثيرين يشككون في جدارة تلك الأحداث بذاك اللقب.. فما بالك بجدارة قمة بغداد به.
لكن تبقي قمة بغداد أول قمة بعد الربيع العربي، وأول قمة يرأسها رئيس كردي، لا عربي. وأول قمة يغيب عنها تمثيل سوريا، وأول قمة يستضيفها العراق بعد نهاية حكم صدام وبعد الانسحاب الأمريكي.
لقد استضاف العراق قمتين عربيتين في السابق، عامي ١٩٧٨، و١٩٩٠. لكن خصوصية ظروف وتوقيت قمة هذا العام تفرض ملفات وتحديات بعضها لم تشهده أي قمة سابقة.
ويفرض الملف السوري نفسه كأبرز تلك التحديات.
ورغم انخفاض نبرة الخطاب في بعض الدول العربية إزاء ما يجري في سوريا، يبقي الالتزام بمبادرة الجامعة بشأن سوريا، وبدعم المهمة الحالية للمبعوث الأممي كوفي أنان، هو العنوان العريض للموقف العربي الجماعي.
لكن حتي تتبين نتائج مهمة أنان، لن يكون بإمكان العرب في قمة بغداد سوي ممارسة مزيد من الضغط علي دمشق، وتأكيد الدعم للمبعوث الدولي.
وستبقي المعارضة السورية بعيدة عن أروقة القمة، وإن التقى بعض ممثليها خارج هذه الأروقة، ببعض القيادات والوفود العربية الرسمية كما تتواتر الأنباء.
ملفات أخري
بعيدا عن الشأن السوري، ثمة تسعة بنود أخري علي مشروع جدول أعمال قمة بغداد، كما قال نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي.
وأهم تلك البنود، القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي، ومكافحة الإرهاب، والوضع في اليمن، وإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي، فضلا عن ملفات اقتصادية متنوعة، وملف تطوير هيكلة الجامعة العربية، وتطوير منظومة العمل العربي المشترك.
ويبقي ملف الأزمة السياسية في العراق هو الملف الحاضر الغائب. ويتوقع المراقبون أن يفرض هذا الملف نفسه بقوة رغم غيابه عن مشروع جدول الأعمال.
والمرجح هو أن يثار هذا الملف عند الحديث عن مكافحة الإرهاب.
ورغم غياب بعض الزعماء العرب عن قمة بغداد، فإنها فرصة يتطلع إليها العراق للعودة إلي بيت العرب، وهي "فرصة" كلفته حوالي نصف مليار دولار، هي نفقات استضافة وتأمين القمة!