النتائج 1 إلى 6 من 6
الموضوع:

شعوذات «المثقف الجديد»

الزوار من محركات البحث: 7 المشاهدات : 604 الردود: 5
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    بنت الزهراء
    تاريخ التسجيل: January-2014
    الدولة: في تراب الوطن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 8,268 المواضيع: 1,296
    التقييم: 2889
    مزاجي: هادئ؟؟احيانا

    شعوذات «المثقف الجديد»



    شعوذات «المثقف الجديد»


    كتب نذير الماجد ميدل ايست أونلاين :
    كن ما تشاء. بجرّة قلم وبنظرة حالمة ورومانسية ساذجة يحثنا «الطوباوي» بالوطنية الجاهزة والمرتهنة لخياراته ومصالحه والتي ليس لها مكان حقيقي إلاّ في دماغه. هذا العارف الضليع والواثق بذاته أكثر مما يجب، يحسب أنه يكتشف شيئاً جديداً باقتراحه هذا الحل السحري الذي تجود به عبقريته مع كل أزمة أو احتراب طائفي: كن ما تشاء ولكن كن وطنياً. ويطيب له أن يزيد ويتابع حلوله السحرية في مواجهة الأزمات ودائماً بهذه الصيغة الماورائية «كن ما تشاء»، ليتابع استدراكاته التي لا تنتهي: ولكن كن متسامحاً، كن سعيداً، كن مبتهجاً، كن فاعلاً ومشاركاً، وباختصار: كن ما تشاء ولكن كن ما تشاء!


    أمامك مائدة من الخيارات، وليس لك سوى أن تختار بكلمة. إنه لوغوس الكلمة يا عزيزي، شأنه أن يربط بين الحضور الأنطولوجي واللغة، بين الطوبى المشتهاة والواقع الوردي السخي بخياراته «كن ما تشاء ولكن كن ما تشاء».

    أعني بالطوباوي ما نراه من سذاجة تجتر المعجزات وتبيع الوهم وتثرثر في الصحافة والكتب والأروقة الضيقة لـ«تويتر» وتقدم ذاتها على أنها نموذج «المثقف الجديد» كامتداد طبيعي للإعلام الجديد والمقصود طبعا «تويتر» وأخواته.

    إنه يمتلك الوصفة والحلول الأسطورية لأزمات الواقع الذي يقوم بتأبيده لناحية افتراضه أنه ينفيه، خالطاً بجهل «أو بعمد ربما» بين وظيفة الكاهن التبشيرية المشوبة بسذاجة الحالم النصوح ووظيفة المثقف التي تتسم جوهرياً كما أراه – بطبيعة مشاكسة يسارية ورؤية مثالية لا تخون منطلقاتها العلمية والمعرفية وتنفر نفوراً أزلياً من الراهن الواقعي تستدعيه تلك الرؤية المثالية.

    إن «المثقف الجديد» هو الكاهن الجديد الذي «يطبطب» على رؤوسنا مبشراً بنعيمه الأرضي ووصاياه العشر الخلاصية، ضمن اللوغوس نفسه، لوغوس الكلمة الأسطوري، فإذا ما تعلق الأمر بأسئلة على هذا النحو: ما العمل مع هذا الغول الطائفي؟ كيف يمكننا النهوض من كبوتنا «التراثية»؟ كيف نقيم حياة تستحق أن تعاش؟ فبحوزة «المثقف الجديد» هذا الطوباوي الفذ «فارماكون» ضخم وثري ومتنوع ولكن من الكلمات والأدوية السحرية – حتى لا أقول الوهمية – فبكل بساطة يمكننا مواجهة معضلات من هذا النوع بالتثقيف والتوعية، بأن يكون المرء ديموقراطياً في سلوكه ومتسامحاً و»خوش آدمي»!

    يتكئ الطوباوي على شعوذات يحوكها ليل نهار لإمرار ترهاته السحرية، فإذا كانت ثمة علاقة أكيدة ثنائية وجدلية بين الوعي والواقع، فإن صاحبنا المعتد بوعيه يحوّلها إلى علاقة أحادية ميكانيكية تبدأ من الوعي بصفته علة وسبباً وتنتهي بالواقع بصفته معلولاً ونتيجة. لكي يتغير الواقع يقترح علينا هذا المثقف الألمعي تغيير الوعي، بالتثقيف، بالتوعية، ولكن أيضاً وهذا الأهم هنا، بنقد التراث وتشريحه.

    الشعوذة رقم واحد تكمن هنا: التراث مسؤول وهو السبب الأول والأخير وراء كل ما يعتور الواقع من أزمات ومآزق، تفكيك التراث سيحوّل الواقع المادي الموضوعي إلى جنة وكفى الله المؤمنين شر القتال. اتركوا كتبكم الصفراء أيها المتشبثون بأحلامكم الماضوية ليتغير واقعكم، وليس العكس.

    إذا كان الوعي مصباحاً سحرياً أو هو «الفارماكون» المكتظ بالأدوية الناجعة لمواجهة واقعنا المأزقي، فإن التغيير، كل تغيير، يبدأ بقرار فردي، وهذه هي الشعوذة «رقم 2»، التغيير يبدأ بجرة قلم، بجملة ثقافوية تزين جداريات «تويتر» أو تدس في قصيدة تبشيرية عصماء مثلما يفعل الشاعر الذي نسي هواجسه الجمالية قبل أن يدرك فجأة ضرورات التنوير والنقد الديني والتحليلات المعرفية المعمقة التي ترد «الخراب» إلى عامل أوحد هو العامل الثقافوي، متخطياً جذر المشكلة الماثل في الشروط المادية للواقع نحو أعراضها الماثلة في الوعي، ليس الوعي بصفته ثقافة، وإنما وعي الأفراد فحسب، بما أن المجتمع هو محصلة أفراد ليس إلا، المجموع العددي لفرديات مطالبة بتغيير الوعي ليتغير واقعها الاجتماعي، هكذا وببساطة تامة.

    يجب أن يتغير الفرد كي يتغير المجموع – الذي يساويه مثقفنا الطوباوي بالمجتمع من دون أن يرفق بعقولنا – هذه الشعوذة تنتج منها شعوذة أخرى، فلكي يفعل ذلك على الفرد أن يكنس كل أثر لهويته التراثية، أن يدشن قطيعته الخاصة فتليق به الهوية المشتهاة، الهوية الجامعة التي تندرج هي الأخرى ضمن «الفارماكون» السحري: أن تصبح وطنياً… كيف؟ بشطب الطائفة إرادياً، أي على مستوى النية الطيبة! أن ننوي ذلك، أن نجعله منطوقاً، خطاباً معلقاً في الهواء من دون أي اكتراث بالواقع والممارسة وشروطهما. يكفي أن نكتب تغريدات تنويرية مناهضة فحسب، ليس للطائفية وحدها، إنما للهوية ذاتها. يكفي أن نفعل ذلك وسيكون كل شيء على خير ما يرام!

    شعوذات وحلول كثيرة تضج بها صيدلية مثقفنا العتيد، تثبت كل شيء إلاّ السياق والحيثيات والمعطيات المادية. إنها ترطن بكل شيء وتتسم بكل شيء إلاّ أن تكون خطاباً معرفياً نقدياً، إنها سردية تائهة في أحلامها الطوباوية، مرصوفة بجمل مبهمة تفتقد السياق والمعنى وتؤكد أيضاً أن هذا «المثقف الجديد» نفسه، هذا التنويري الطوباوي هو أحوج الناس إلى التنوير والتثقيف.


  2. #2
    المشرفين القدامى
    إعلامي مشاكس
    تاريخ التسجيل: February-2015
    الدولة: Iraq, Baghdad
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 29,554 المواضيع: 8,839
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 6
    التقييم: 22065
    مزاجي: volatile
    المهنة: Media in the Ministry of Interior
    أكلتي المفضلة: Pamia
    موبايلي: على كد الحال
    آخر نشاط: 5/October/2024
    مقالات المدونة: 62

    دائما متميزة في الاختيار
    سلمني على روعه طرحك
    نترقب المزيد من حديدك الرائع
    دمتي ودام لنا روعه مواضيعك

  3. #3
    من أهل الدار
    بنت الزهراء
    اشكر تواجدك

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 75,466 المواضيع: 12,588
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 16970
    مزاجي: حسب الظروف
    المهنة: ضابط في الجيش
    أكلتي المفضلة: الدولمه
    موبايلي: Note 4
    آخر نشاط: 5/March/2016
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى النقيب
    مقالات المدونة: 366
    شكراااااااااااااا للموضوع الرائع سوريانا

  5. #5
    مساعد المدير
    الوردة البيضاء
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 258,334 المواضيع: 74,494
    صوتيات: 23 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 95957
    مزاجي: الحمدلله على كل حال
    المهنة: معلمة
    أكلتي المفضلة: دولمه - سمك
    موبايلي: SAMSUNG
    آخر نشاط: منذ 7 ساعات
    مقالات المدونة: 1
    شكرا ع الطرح

  6. #6
    من أهل الدار
    بنت الزهراء
    ولكم وارف الشكر

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال