بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد
لا شك في أن الإنسـان هو مخلوق عجيب , مليء بالتناقضات , ينصح أو يتهكم أو ربما يؤنب على فعل ما من غير أن يتردد في الإتيان به عندما تسنح له أول فرصة , مبرراً إياه بما كان قد رفضه سابقاً , فهو عندما يكون تلميذاً يبدأ بوضع الخطة المثلى التي يجب على الأستاذ التعامل بموجبها مع تلامذته , و لكنه ما إن يصبح هو الأستاذ حتى تراه قد نسي أو تناسى أو أبطل ما كان يعتقد به سابقاً , و من عجائب هذا الكائن الأرضي كذلك هو ضعفه الشديد المترافق مع كبر مقيت , فهو إن شب عن الطوق ظن نفسه أنه قد وصل للقمر , و إن أصبح مديراً فالشمس قد دانت له , و إن أصبح عظيم أمته فزمام الكون أصبح بين يديه .
هذا التناقض العجيب الذي يعيشه الإنسـان يومياً يحتاج منه أن يتعامل معه بجدية كبيرة و حزم بالغ و ذلك لما فيه من الأهمية و الخطورة على المجتمع و الإنسـان نفسه , يحتاج منه إلى التفكر في أسبابه و مظاهره و طرق معالجته , و كذلك المثابرة على تطبيق العلاج الناجع حتى الشفاء منه و الوصول لبر الأمان , و الإسلام كان هو السباق في تبيان كل ذلك , موفراً على الإنسـان عذابات كثيرة و مشاق شديدة , و ما على الإنسـان إلا اكتشاف هذا المنهج العظيم و التمسك به , أما اكتشافه و التمسك به فهو يسير لمن صدق مع نفسه و ذلك لما يجد من عون رباني كبير , و أما من كان الكذب ديدنه فهو لن يراه و ذلك لما فيه من مخالفة لهواه و شهواته