رغم أن وتر أكيلس يعتبر أكبر وأقوى وتر في الجسم، إلا أنه يعد كابوساً مزعجاً للكثير من الرياضيين، المحترفين والهواة على حد سواء، وتوجد إمكانيات كثيرة لعلاج حالات الالتهاب، أما إذا حدث تمزق أو قطع لوتر أكيلس، فإن التدخل الجراحي يكون هو الحل في معظم الحالات.
وتعتبر إصابات وتر أكيلس من المشكلات الأكثر شيوعاً بين الرياضيين سواء كانوا هواة أو محترفين، مثل العدائين ولاعبي كرة القدم ولاعبي التنس، وعادةً ما تكون هذه الشكاوى عبارة عن التهاب أو تهيج في وتر أكيلس، وقد يصل الأمر في أسوأ الحالات إلى تمزق أو قطع هذا الوتر، الذي يعرف باسم العرقوب، وبالتالي يضطر الرياضي إلى التوقف لفترة طويلة عن ممارسة الرياضة؛ إلا أن معظم الأشخاص يتمكنون من ممارسة الرياضة مرة أخرى بشكل طبيعي بعد علاج حالات تمزق وتر أكيلس.
وأوضح برنارد زيغيسير، إخصائي الطب الرياضي بمستشفى رينبان بمدينة موتينز السويسرية، قائلاً: "تمزق وتر أكيلس لا يعني التوقف تماماً عن احتراف الرياضة، لكن من المهم أن يتم علاج الوتر بصورة جيدة"، ومع أن وتر أكيلس يعتبر أكبر وأقوى وتر في الجسم، إلا أنه الأكثر عرضة للإجهاد، حيث إنه الوتر النهائي المشترك لعضلات باطن الساق ثلاثية الرؤوس، التي تتشكل من عضلة الساق ثنائية الرؤوس والعضلة النعلية.
وأضاف الطبيب السويسري أن معظم الأشخاص الذين يمارسون رياضة الجري والعدو يعانون من مشكلات في وتر أكيلس، وتبلغ نسبتهم من المرضى 45% تقريباً، في حين تبلغ نسبة لاعبي كرة القدم حوالي 36%، أما الأشخاص الذين يستخدمون المضرب أثناء ممارسة الرياضة، مثل لاعبي التنس وكرة الريشة، فإن نسبتهم تبلغ 10% من مرضى وتر أكيلس.
نوعان من الالتهابات
وغالباً ما تظهر هذه المشكلات على شكل تشققات أو التهابات، خاصة مع العدائين. ويميز الأطباء بين نوعين من الالتهابات، وأوضح إنجو توسك، إخصائي تقويم العظام بالجمعية الألمانية للطب الرياضي والوقاية، قائلاً: "يظهر النوع الأول من الالتهابات على هيئة انتفاخ بصلي الشكل في وتر أكيلس، الذي يمكن أن يشعر به الرياضي كتورم، ويتعلق النوع الثاني بمتاعب في وتر أكيلس، التي قد تنجم بسبب مهماز العقب الخلفي".
وأشار الخبير الألماني إلى أن ضعف عضلات القدم بصفة خاصة قد يؤدي إلى ظهور مثل هذه المتاعب، وأضاف كبير الأطباء بمستشفى الصليب الأحمر في فرانكفورت قائلاً: "يتم إهمال عضلات القدم تماماً هذه الأيام، ولذلك فإنني دائماً ما أنصح المرضى بضرورة تقوية هذه العضلات".
بالإضافة إلى أن ارتداء الحذاء غير المناسب أو الإجهاد الشديد أو القفزات غير الناجحة يمكن أن تؤدي إلى ظهور مشكلات في وتر أكيلس، علاوة على أن العضلات القصيرة بباطن الساق والوزن الزائد وأوضاع الوقوف الخاطئة بالقدمين يمكن أن تتسبب في ظهور هذه المتاعب.
وأضاف إنجو توسك أن أوضاع الوقوف الخاطئة يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على المدى الطويل بحيث تؤدي إلى حدوث ميل في عظام العقب وظهور وضع X بشكل مائل في وتر أكيلس، وأوضح الخبير الألماني أنه يمكن علاج مثل هذه المشكلات عن طريق الجبائر التقويمية للقدم، ويسري ذلك أيضاً عندما يتم تدوير القدمين للداخل بشكل مفرط ويتم التحميل على الوتر بشكل خاطئ.
وتظهر مشكلات وتر أكيلس بشكل تقليدي لدى الأشخاص في منتصف العمر، الذين يمارسون رياضة الجري والركض منذ فترة طويلة، أو المبتدئين في ممارسة هذه الرياضة، لكنهم يعانون من الوزن الزائد، وغالباً ما يرجع سبب هذه المشكلات إلى ضعف تدفق الدم في وتر أكيلس، وعندما تتقادم هذه الأنسجة فإنها تصبح أكثر صلابة، ومع وجود إجهاد يزداد خطر حدوث التهابات بالوتر أو أنه قد يتمزق.
خفض شدة التدريب
وهناك طرق متنوعة لعلاج الالتهابات بوتر أكيلس، حيث أوضح الرياضي هربرت شتيفني قائلاً: "في حالات الالتهابات البسيطة يكفي خفض شدة التدريبات والجري بصورة أبطأ، مع الإحماء بلطف بالإضافة إلى التدريب على أرضية زلقة، مثل الطرق الممهدة بالأسفلت".
وتساعد حمامات القدم التبادلية وكمادات الثلج بعد التدريبات أو رفع القدم لأعلى على تخفيف الأعراض البسيطة لوتر أكيلس. أما في حالة المتاعب القوية فإنه يتعين على المريض التوجه إلى جراح عظام يتمتع بخبرة في الإصابات الرياضية.
وأضاف إنجو توسك أن الحقن بواسطة حمض الهيالورونيك يعتبر من الوسائل الممكنة لعلاج التهابات وتر أكيلس، وتعمل هذه المادة الفعالة أيضاً على إطالة وتقوية عضلات باطن الساق بصورة جيدة، وأشار برنارد زيجيسير إلى أن التدليك يعمل على تحفيز عملية نشر المواد المغذية في الوتر.
لا للراحة!
ويحذر الخبراء الألمان من إراحة وتر أكيلس، نظراً لأنها الراحة تؤدي إلى تقصير وتر أكيلس، وإلى فقدان مرونته، وأضاف هربرت شتيفني أنه يمكن للمرء التحويل مؤقتاً إلى ممارسة أنواع أخرى من الرياضات مثل ركوب الدراجات، حيث يتعين على المرء أن يستخدم وتر أكيلس، لكن دون إجهاده بشكل مفرط، وشدد برنارد زيجيسير على أنه ينبغي على المرء أن يتحلى بالصبر عند علاج متاعب وتر أكيلس.
ويزداد خطر تعرض وتر أكيلس للتمزق في مرحلة منتصف العمر، خاصة عند بلوغ 40 عاماً، وخاصة هواة كرة القدم الذين لم يعد يتمتعون بلياقة بدنية مثل مرحلة الشباب؛ ولا تقتصر حالات تمزق وتر أكيلس على الأشخاص الذين لم يعد الوتر لديهم في حالة مثالية، ولكن يمكن أن يحدث مع أي شخص. ورغم أن الوتر يكون في حالة طبيعية تماماً، فإنه قد يتمزق في عمليات الاندفاع والقفز غير المتماثل، وقد يحدث تمزق وتر أكيلس أيضاً مع الرياضيين، الذين تم تدريبهم بشكل جيد جداً.
ويتم اللجوء إلى التدخل الجراحي لعلاج ما يقرب من 85% من حالات تمزق وتر أكيلس، كي تتم استعادة قدرة التحمل السابقة. وأكد إخصائي الطب الرياضي برنارد زيجيسير ارتفاع فرص الشفاء عند علاج حالات التمزق الجديدة بشكل مبكر، لكن في حالة الإصابات القديمة فقد تستغرق عملية العلاج بما في ذلك مرحلة إعادة التأهيل الكاملة من 6 إلى 18 شهراً.
ويتم علاج 15% فقط من حالات تمزق وتر أكيلس بشكل "تحفظي" فقط، ودون أي تدخل جراحي. ولتجنب الإصابات بشكل عام، ينصح برنارد زيجيسير هواة الرياضة بإجراء فحص طبي للتأكد من سلامة العضلات ووتر أكيلس.