كارثة الجفاف وتلوث الانهارومشكلة التصحر في أرض النهرين!
ان ظاهرة التصحر هي عملية فقدان التربة لخصوبتها، وكذلك لغطائها النباتي الطبيعي حيث تتعرض للتعرية الهوائية وتحويل الأراضي الزراعية والمراعي وغيرها يوماً بعد آخر إلى مناطق صحراوية.
منذ سنوات يواجه العراق أكبر مشكلة بيئية في تاريخه تتمثل بالتصحر الشديد. وتتظافر العديد من العوامل الطبيعية والبشرية في صنعها. ولها نتائج بيئية واقتصادية واجتماعية وحضارية وخيمة أبرزها فقدان الأراضي المنتجة وتحرك الكثبان الرملية وهبوب العواصف الرملية والترابية الشديدة وما ينتج عنها من زيادة تلوث الهواء.
فمثلاً ان الرمال دفنت أكثر من سبعين قرية في جنوب غرب نينوى، وحولت 850 ألف دونم من المروج الخضر الى صحراء، وقضى الجفاف على 90% من الثروة الحيوانية، ودفع الآلاف من المواطنين الى الهجرة بحثاً عن الماء.
تقدر نسبة الأراضي المعرضة لها بأنها تتجاوز 92% من مجموع المساحة الاجمالية. ومنذ عام 1981 أرتفعت هذه النسبة خصوصا بسبب العمليات العسكرية، التي دمرت كلاً من التربة والنباتات وكانت لها عواقب سلبية ضارة أخرى على البيئة. ويمكن تصنيف التصحر طبقاَ لكثافته والأراضي المتأثرة به.
إن زحف الصحراء وتوسعها على حساب الأراضي الزراعية، وعدم كفاية برامج مكافحة التصحر، ينتج عنه تناقص مستمر لمساحة الأراضي الصالحة للزراعة والداخلة في الإنتاج الزراعي، وخاصة في المنطقة الوسطى والجنوبية، جراء تفشي الملوحة وانتشارها نتيجة عدم تكامل شبكة المبازل أو عدم توفرها وتغدق الأراضي بسبب ارتفاع المياه الجوفية (النزيز) فيها، وحتى في الأراضي التي تم استصلاحها فإنها تعاني من عودة تملح التربة فيها نتيجة سوء الصيانة. حيث يصرف المصب العام الذي أنجز نهاية عام 1992 فقط 30% من مياه البزل إلى الخليج العربي....
ومن عوامل التصحر الأخرى تراجع الغابات التي تغطي 1.8% من المساحة الكلية. وطبقا لمنظمة الفاو فإنها تحتل 789.000 هكتاراً وزراعة الغابات 10.000 هكتار. وهي تغطي المناطق الجبلية في الشمال والشمال الشرقي (كردستان). وكانت تغطي 1.851 مليون هكتار عام 1970 لكنها تراجعت إلى 1.5 مليون هكتارعام 1978. وتراجعت النسبة الأولى إلى 1.1% وتبلغ المساحة المزالة سنويا 12 كم² والمعدل السنوي للازالة 0.2% في الفترة 1990- 2005. نرى الآن غابات منفردة لأشجار البلوط في الأراضي الأكثر بعدا. وقد نتج تدهور الغابات من القطع الواسع والضغط الرعوي والحرق والعمليات العسكرية. وهذا يؤدي إلى زيادة التعرية المائية ويسبب اختفاء الطبقة الخصبة من التربة، ويؤثر سلبا على طاقة خزن السدود وكفاءة الري ويزيد من التكاليف. كذلك تراجعت أعداد النخيل من حوالي 30 مليوناً إلى حوالي 9.5 مليون بسبب الحروب وبالأخص الحرب العراقية – الإيرانية وقلة المياه وملوحتها والأمراض الزراعية والإهمال. لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملاً مهماً في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف.
م