السلام عليكم ...العنوان ليس الغرض التهجم من ورائه على
الاطباء ..بل هو مبالغة في التحذير ..القصد ﻻ تثق بأي كان مادام يدعوك للخطأ و احم نفسك بالتصرف الصحيح فقط .
سأروي لكم موقفا حصل لي قبل عامين تقريبا ...و قتها كنت اداوم في احد المراكز الصحية ..
احدى مهام الطبيب هناك ان يفحص الطلاب ممن يجلبون ورقة اجازة من المدرسة لعلاجهم و منحهم استراحة اذا تطلب الامر ...او ربما في حالات اشد احالة الطالب الى المستشفى للعلاج.
في يوم شتائي كنت في غرفتي ...و كان عدد المراجعين قد خف قبل اذان الظهر بقليل ...كان معروفا عني في المركز انني (ما اتساهل ) بمعنى ﻻ اخرق القوانين حتى لدواعي يصفها المرضى انها (انسانية )...كنت ادرك ان ذلك يحميني ..و في النهاية لا احد يحميك سوى تصرفك القانوني ...و هناك الكثير تعاملوا بحسن نية و دفعوا الثمن ...دخل يومها غرفتي شخص (مرتب )...سلم بتهذيب ..و عرف عن نفسه : انا الدكتور فلان ...اعمل في مستشفى (...) و هي احدى المستشفيات المعروفة في بغداد لعلاج الاطفال ..رحبت به و انقبض قلبي لأن (الحمى تجي من الرجلين ) كما يقال ...و بعد هكذا تعريف هناك ﻻبد ..طلب .
قدم لي ورقة الصحة المدرسية من احدى المدارس القريبة ..قال انها لتلميذ هو ابن اخته ..مصاب بذات الرئة و يرقد في المستشفى الذي يعمل هو به ..و لابد من اجازة له ...و عادة المركز الصحي هو من يمنح الاجازة .
قلت له : الطفل يرقد في المستشفى ؟ قال :نعم ...قلت له : دكتورنا العزيز ، انا اسفة ..انا لا امنح شيئا دون فحص الطالب ..ﻻبد ان يحضر مع ذويه ...لابد ان اقيم الحالة ..و اذا كان راقدا اصلا في مستشفى فالامر خارج صلاحياتنا ..الامر بين المدرسة و المستشفى ..هناك ورقة خاصة تمنح لكم غير هذي ..تذهب بها للمستشفى و يمنح اجازة لرقوده ..و تختم من هناك ..نحن خارج الحكاية اصلا ...
قال لي : افهم ..لكن المدرسة وجهتني لكم ..ارجوا ان تتعاوني معي ..و ( تسهلين امري ) كي لا اضطر للعودة الى المدرسة و تغيير الكتاب ..و ..و ..و .. امنحيه كم يوم (من يمج )..
كان جوابي بابتسامة : اسفة ..ﻻ استطيع .
قال : انا طبيب و زميل ...
هززت رأسي بتأسف .
في هذه اللحظة دخل الغرفة ثلاثة رجال( طوال عراض ) بدأ اولهم بالصراخ في وجهي و ضرب بشدة على مكتبي (كان الطبيب ﻻزال في الغرفة )...صرخ الرجل بوجهي : حضرة جنابك تنطين الطالب اجازة مو ؟ ما سألتيه هو وينه ؟ تنطون اجازات لطلاب ما موجودين ..هسة اطلبلكم الشرطة ...هسة اشتكي عليك...هذا خاطف ابني و انت متعاونة وياه .....و ظل يصرخ ...و خلفه الرجلان (بادي كاردز ) مكفهران ...قلت له : انت ليش دا تصيح ..منو انت ؟ ...قال : اني ابو الطالب ..و اليوم اوديكم ورا الشمس ..
صراخه و جلبة المراجعين وصل الى الادارة ..حضر المدير ..سألني بعدما استمع للأب الصارخ : دكتورة انت وقعت على اجازة ؟ ببساطة اجبت : ﻻ طبعا ...
التفت المدير نحو الاب (الطبيب لا زال في زاوية الغرفة منزويا بخوف )...قال للأب و للطبيب : اطلعوا برة ..لا تصيح هنا بالدائرة ..مشاكلكم حلوها يم الشرطة ...و نادى حماية المركز فخرجوا من غرفتي .
مضت الساعتان الباقيتان من الدوام في هرج و مرج حيث استكملوا فصول الحدث في الخارج ..قرب الباب و جاءت الشرطة ..و تبين ان الطبيب متزوج من طليقة الرجل و قد منعوه من رؤية ابنه منذ فترة و كانوا يخفونه عنه ..و الولد (لا مريض وﻻ بطيخ)بل كان مغيب عن الدراسة لغاية ما يدبرون له نقلة من المدرسة حتى لا يعرف الوالد له طريقا ..و حتى يصير الغياب بأجازة ..قام الطبيب بهذه التمثيلية ليحصل على توقيعي ..المهم جاءت الام و الطفل (اللذان كانا في السيارة خارج المركز ) و صعد الجميع برفقة الاب (في البوكس ) و اخذوهم الى مركز الشرطة ..
وقتها جاء طبيب زميلي يعمل في المركز الصحي نفسه و قال لي : و الله يا دكتورة هاي لو اني كان انطيته الاجازة ..وﻻ اشك بيه ..طبيب و زميل ..و هاي تاليها ..كان هسة اني وياهم بالحبس ...همزين اجوي عليج مو علية ..
........
الخلاصة : ﻻ تثق بأحد حين تكسر قانونا ....وﻻ حتى بطبيب ..
تحية لكم ..و لكل زميل رائع .