الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وبعد :
فإن الإنسان في هذا العالم غير مستقر ووجوده فيه مؤقت وسوف ينتقل منه إلى عالم أفضل وأحسن وهو عالم الملكوت .. عالم الآخرة . وقبل ذلك يمر الإنسان عند خروج روحه بسكرات الموت ولا ينجو منها إلا القليل من الناس .
يبدو أن سكرات الموت لا تكون للأنبياء والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام بل يهون عليهم وتخرج أرواحهم بألطف وأسهل ما يكون ، بل ربما يتراء من بعض الأخبار أن هذه الحالة تكون لكثير من المؤمنين أيضاً كما شرح الأئمة لنا حال الموت للمؤمن وللكافر والمنافق في أحاديث متعددة .
فبمقدار ما يتعلق الإنسان بالدنيا وزبرجها والعقائد الفاسدة يكون عليه ثقل في سكرات الموت ، وكل ما كان له الارتباط الوثيق بالآخرة والابتعاد عن الدنيا ويحمل العقائد الحقة خفت عليه سكرات الموت أو عدمت هذا بالنسبة إلى المؤمنين فكيف بالأنبياء والأئمة عليهم السلام الذين هم أولياء الله وأحباؤه وقد وردت بذلك الروايات المتعددة
سكرات الموت للمؤمن وللكافر
فعن أبي محمد العسكري عن آبائه قال : ( قيل للصادق صف لنا الموت قال عليه السلام :
*للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه و ينقطع التعب و الألم كله عنه .
*و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب أو أشد .
*قيل : فإن قوما يقولون إنه أشد من نشر بالمناشير و قرض بالمقاريض و رضخ بالأحجار و تدوير قطب الأرحية على الأحداق !
*قال : كذلك هو على بعض الكافرين و الفاجرين ، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذلكم الذي هو أشد من هذا لا من عذاب الآخرة فإنه أشد من عذاب الدنيا .
*قيل : فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفئ و هو يحدث و يضحك و يتكلم و في المؤمنين أيضا من يكون كذلك و في المؤمنين و الكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ .
*فقال : ما كان من راحة للمؤمنين هناك فهو عاجل ثوابه ، و ما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه .
و ما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة و ليس له إلا ما يوجب عليه العذاب ، و ما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد نفاد حسناته ذلكم بأن الله عدل لا يجور )[1]
الموت كنزع الثياب الوسخة أو الفاخرة
*و قال محمد بن علي عليه السلام : ( قيل لعلي بن الحسين عليه السلام : ما الموت ؟
*قال : للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة و فك قيود و أغلال ثقيلة و الاستبدال بأفخر الثياب و أطيبها روائح وأوطأ المراكب و آنس المنازل .
*و للكافر كخلع ثياب فاخرة و النقل عن منازل أنيسة و الاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنها و أوحش المنازل و أعظم العذاب )[2]
الموت كالنوم
و قيل لمحمد بن علي عليه السلام ما الموت ؟
قال : ( هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره و من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره فكيف حال فرح في النوم و وجل فيه هذا هو الموت فاستعدوا له )[3]
الموت تصفية للمؤمن وللكافر
وعن أبي محمد العسكري عن آبائه عليهم السلام قال : ( دخل موسى بن جعفر عليه السلام على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا فقالوا له يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت و كيف حال صاحبنا ؟
*فقال : الموت هو المصفاة تصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم ، و تصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم .
*وأما صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا و صفي من الآثام تصفية و خلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد )[4]
عزة المؤمن عند الموت
سئل رسول الله : كيف يتوفى ملك الموت المؤمن ؟
فقال : ( إن ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى فيقوم هو و أصحابه لا يدنو منه حتى يبدأ بالتسليم و يبشره بالجنة )[5]
فإذا كان هذا حال المؤمن في سكرات الموت وعند الموت وربما تكفر ذنوبه عند خروج روحه
*فكيف بالأنبياء والأئمة عليهم السلام ؟
الأنبياء والأئمة عليهم السلام ليس عليهم ذنوب فلا شك أن الموت عليهم أسهل من غيرهم خصوصاً وأنهم مشتاقون إليه ويروا منازلهم في الجنة قبل خروجهم من الدنيا حيث أنهم عمروا الآخرة وارتبطوا بها وزهدوا في الدنيا ولم يلتفتوا إليها وعرفوا حقيقة الدنيا والآخرة .
حال المؤمن والكافر عند الموت
*وإليك هذه الرواية اللطيفة التي تقر بها عيون المؤمنين والموالين والعاملين والمطيعين .**
فقد جاء عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ :
( مِنْكُمْ وَ اللَّهِ يُقْبَلُ وَ لَكُمْ وَ اللَّهِ يُغْفَرُ إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَ يَرَى السُّرُورَ وَ قُرَّةَ الْعَيْنِ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَاهُنَا وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ .
*ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَ احْتُضِرَ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَ عَلِيٌّ وَ جَبْرَئِيلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام *فَيَدْنُو مِنْهُ عَلِيٌّ عليه السلام
*فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَحِبَّهُ
وَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله *يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ هَذَا كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِهِ فَأَحِبَّهُ
*وَ يَقُولُ جَبْرَئِيلُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِهِ فَأَحِبَّهُ وَ ارْفُقْ بِهِ فَيَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ
*فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رَقَبَتِكَ أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا قَالَ فَيُوَفِّقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ وَ مَا ذَلِكَ فَيَقُولُ وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام
*فَيَقُولُ صَدَقْتَ أَمَّا الَّذِي كُنْتَ تَحْذَرُهُ فَقَدْ آمَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ وَ أَمَّا الَّذِي كُنْتَ تَرْجُوهُ فَقَدْ أَدْرَكْتَهُ أَبْشِرْ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ مُرَافَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله *وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ عليهما السلام
*ثُمَّ يَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا رَفِيقاً ثُمَّ يَنْزِلُ بِكَفَنِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ حَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ بِمِسْكٍ أَذْفَرَ فَيُكَفَّنُ بِذَلِكَ الْكَفَنِ وَ يُحَنَّطُ بِذَلِكَ الْحَنُوطِ ثُمَّ يُكْسَى حُلَّةً صَفْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ رَوْحِهَا وَ رَيْحَانِهَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ عَنْ أَمَامِهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ عَلَى فِرَاشِهَا أَبْشِرْ بِرَوْحٍ وَ رَيْحَانٍ وَ جَنَّةِ نَعِيمٍ وَ رَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ
ثُمَّ يَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِي جِنَانِ رَضْوَى فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَ يَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهِمْ وَ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ فَأَقْبَلُوا مَعَهُ يُلَبُّونَ زُمَراً زُمَراً فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَ يَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ وَ قَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ وَ نَجَا الْمُقَرَّبُون .
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله لِعَلِيٍّ عليه السلام أَنْتَ أَخِي وَ مِيعَادُ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَادِي السَّلَامِ .
قَالَ : وَ إِذَا احْتُضِرَ الْكَافِرُ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَ عَلِيٌّ عليه السلام وَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام فَيَدْنُو مِنْهُ عَلِيٌّ عليه السلام فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَبْغِضْهُ
*وَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ وَ اعْنُفْ عَلَيْهِ
*فَيَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رِهَانِكَ ؟ أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ ؟ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ؟
*فَيَقُولُ : لَا .
*فَيَقُولُ : أَبْشِرْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ بِسَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَذَابِهِ وَالنَّارِ ، أَمَّا الَّذِي كُنْتَ تَحْذَرُهُ فَقَدْ نَزَلَ بِكَ . ثُمَّ يَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا عَنِيفاً ثُمَّ يُوَكِّلُ بِرُوحِهِ ثَلَاثَمِائَةِ شَيْطَانٍ كُلُّهُمْ يَبْزُقُ فِي وَجْهِهِ وَ يَتَأَذَّى بِرُوحِهِ فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ قَيْحِهَا وَ لَهَبِهَا )[6]
فهذه الرواية تدل على عدة أمور :
1-أن المؤمن يرى منزلته في الآخرة قبل خروج روحه .
2-أن النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام وجبرئيل يحضرون المتوفى .
3-إن كان من الموالين لأهل البيت فيخفف عنه سكرات الموت وإن كان من المعادين يشدد عليه .
4-ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام مما تنجي من الشدائد والأهوال .
5-ثم يكون قبره روضة من رياض الجنة وينام نومة العروس .
6-أن يزور في يوم القيامة محمدا وأهل بيته الطيبين الطاهرين .
7-والكافر عكس ما تقدم تماماً .
منشأ سكرات الموت وعدمها
قال الإمام الخميني ( قدس سره ) : ( فتبين أن الإنسان لدى سكرات الموت والاحتضار يشاهد صور أعماله وآثارها ، ويسمع من ملك الموت بشارة الجنة أو الوعيد بالنار ، وكما أن هذه الأمور تنكشف عليه قليلاً ، كذلك تنكشف عليه الآثار التي تركتها أعماله وأفعاله في قلبه ، من النوارنية وشرح الصدر ورحابته أو أضدادها أيضاً من الظلام والكدورة والضغط والضيق في الصدر ، فإن كان من أهل الإيمان والسعادة يستعد قلبه عند معاينة البرزخ لمشاهدة النفحات اللطيفة والجمال ، وتظهر فيه آثار التجليات اللطف والجمال فيأخذ القلب في الحب للقاء الله ، وتشتعل في قلبه ، جذوة الاشتياق إلى جمال المحبوب إن كان من أهل الحسنى وحب الله والجاذبة الربوبية ، ولا يعرف أحد إلا الله ، مقدار اللذات والكرامات الموجودة في هذا التجلي والاشتياق ! .
وإن كان من أهل الإيمان والعمل الصالح ، أغدقت عليه كرامات الحق المتعالي بقدر إيمانه وأعماله ويراها لدى الاحتضار ، فيتوق إلى الموت ولقاء كرامات الحق ويرتحل من هذا العالم مع البهجة والسرور والروح والريحان ، ولا تطيق الأعين المُلكية والذائقة المادية ، رؤية هذه الكرامات ومشاهدة هذه البهجة والفرح .
وإن كان من أهل الشقاء والجحود والكفر والنفاق والأعمال القبيحة والأفعال السيئة ، انكشف عليه بقدر نصيبه من دار الدنيا وما وفره واكتسب لنفسه منها* ، من آثار السخط الإلهي والقهر ، ونموذجاً من دار الأشقياء ، فيدخل الذعر والهلع في نفسه بدرجة لا يكون عنده شيء أبغض من التجليات الجلالية والقاهرة للحق المتعالي ويستولي عليه من جراء هذا البغض والعداوة الشديدين ، الضغوط والصعاب والعذاب ، لا يعرف حجمهما أحد إلا الذات الحق المقدس ، وهذه المحن تكون لمن كان من الجاحدين والمنافقين ومن أعداء الله وأعداء أوليائه في هذه الدنيا .
وينكشف على أهل المعاصي والكبائر ، بقدر اجتراحهم للسيئات ، نموذجاً من جهنمهم ، فلا يكون شيء عندهم أبغض من الرحيل من هذا العالم ، فيرحلوا بكل عنف وقسوة وعذاب ، وفي نفوسهم حسرات لم تتحقق في هذه الأحوال ......
إن الإنسان لا يرى في العوالم الأخرى من العذاب والعقاب ، إلا ما وفره وهيأه في هذه الدنيا ، ولا يشاهد في العالم الآخر إلا صورة ما أنجزه في هذا العالم من الأعمال الصالحة والخلق الحسن ، والعقائد الصحيحة ، مع رؤيته لما يتفضل عليه الحق المتعالي بلطفه من الكرامات الأخرى ) [7] ****
ما يهّون سكرات الموت
1- كسوة المؤمنين :
عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : ( مَنْ كَسَا أَخَاهُ كِسْوَةَ شِتَاءٍ أَوْ صَيْفٍ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يَكْسُوَهُ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَ أَنْ يُهَوِّنَ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ وَ أَنْ يَلْقَى الْمَلَائِكَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ بِالْبُشْرَى وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ ? وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ? [8]
2- صيام شهر رمضان :
*فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : ( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ احْتِسَاباً إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ :
*أَوَّلُهَا : يَذُوبُ الْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ .
*وَ الثَّانِيَةُ : يَقْرُبُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .
*وَ الثَّالِثَةُ : يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ آدَمَ أَبِيهِ عليه السلام .
*وَ الرَّابِعَةُ : يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ .
وَ الْخَامِسَةُ :أَمَانٌ مِنَ الْجُوعِ ، وَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
*وَ السَّادِسَةُ : يُعْطِيهِ اللَّهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ .
وَ السَّابِعَةُ : يُطْعِمُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ طَيِّبَاتِ الْجَنَّةِ . قَالَ : صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ *[9]
3- صلاة ليلة 14 من شهر رمضان :
وجاء في ضمن حديث :.... وَ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سِتَّ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ مَرَّةً وَ إِذَا زُلْزِلَتْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ مُنْكَراً وَ نَكِيراً )[10]
4- صيام آخر يوم من شهر رجب :
عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي رَجَبٍ وَ قَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ أَيَّامٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ
*قَالَ لِي : ( يَا سَالِمُ هَلْ صُمْتَ فِي هَذَا الشَّهْرِ شَيْئاً . قُلْتُ : لَا وَ اللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ .
فَقَالَ لِي : لَقَدْ فَاتَتْكَ مِنَ الثَّوَابِ مَا لَا يَعْلَمُ مَبْلَغَهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ هَذَا شَهْرٌ قَدْ فَضَّلَهُ اللَّهُ وَ عَظَّمَ حُرْمَتَهُ وَ أَوْجَبَ لِلصَّائِمِ فِيهِ كَرَامَتَهُ .
قَالَ : فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ صُمْتُ مِمَّا بَقِيَ شَيْئاً هَلْ أَنَالُ فَوْزاً بِبَعْضِ ثَوَابِ الصَّائِمِينَ فِيهِ فَقَالَ : يَا سَالِمُ مَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ كَانَ ذَلِكَ أَمَاناً لَهُ مِنْ شِدَّةِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ أَمَاناً لَهُ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَ مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ مِنْ آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ جَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ *، وَ مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ أَمِنَ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ مِنْ أَهْوَالِهِ وَ شَدَائِدِهِ وَ أُعْطِيَ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ )[11]
5- صيام 24 من شهر رجب :
وجاء في رواية ( وَ مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً هُوِّنَ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَ يَرِدُ حَوْضَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله ) [12]
وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( من صام من رجب أربعة و عشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان و بيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر و بيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان فسقاه إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتى يرد حوض النبي صلى الله عليه وآله ) [13]
6- قراءة سورة التوحيد :
*عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( كُنْتُ أَخْشَى الْعَذَابَ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ حَتَّى جَاءَنِي بَسُورَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أُمَّتِي بَعْدَ نُزُولِهَا فَإِنَّهَا نِسْبَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ تَعَاهَدَ قِرَاءَتَهَا بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ تَنَاثَرَ الْبِرُّ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى مَفْرَقِ رَأْسِهِ وَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ لَهَا دَوِيٌّ حَوْلَ الْعَرْشِ حَتَّى يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى قَارِئِهَا فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ مَغْفِرَةً لَا يُعَذِّبُهُ بَعْدَهَا ثُمَّ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَ يَجْعَلُهُ فِي كِلَائِهِ وَ لَهُ مِنْ يَوْمِ يَقْرَأُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ يُصِيبُ الْفَوْزَ وَ الْمَنْزِلَةَ وَ الرِّفْعَةَ وَ يُوَسَّعُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ وَ يُمَدُّ لَهُ فِي الْعُمُرِ وَ يُكْفَى مِنْ أُمُورِهِ كُلِّهَا وَ لَا يَذُوقُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ يَنْجُو مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَ لَا يَخَافُ أُمُورَهُ إِذَا خَافَ الْعِبَادُ وَ لَا يَفْزَعُ إِذَا فَزِعُوا )[14]
7- قراءة سورة ياسين :
* الشَّيْخُ الطَّبْرِسِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : مَنْ قَرَأَ سُورَةَ يس يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً وَ أَيُّمَا مَرِيضٍ قُرِئَتْ عِنْدَهُ سُورَةُ يس نَزَلَ عَلَيْهِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا عَشَرَةُ أَمْلَاكٍ يَقُومُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفاً وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ يَشْهَدُونَ قَبْضَهُ وَ يَتَّبِعُونَ جَنَازَتَهُ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ يَشْهَدُونَ دَفْنَهُ وَ أَيُّمَا مَرِيضٍ قَرَأَهَا وَ هُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَهُ جَاءَهُ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ بِشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابِ الْجَنَّةِ فَسَقَاهُ إِيَّاهَا وَ هُوَ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَشْرَبُ فَيَمُوتُ رَيَّانَ وَ يُبْعَثُ رَيَّانَ وَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَوْضٍ مِنْ حِيَاضِ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ هُوَ رَيَّانُ .[15]
8- قراءة آية الكرسي :
*وَ رَوَى سَلْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله : ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ مَا مَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ إِلَّا صَعِقُوا وَ مَا مَرُّوا بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَّا خَرُّوا سُجَّداً وَ مَا مَرُّوا بِآخِرِ الْحَشْرِ إِلَّا جَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ )[16]
9- قراءة سورة يوسف :
الطَّبْرِسِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : ( عَلِّمُوا أَرِقَّاءَكُمْ سُورَةَ يُوسُفَ فَإِنَّهُ أَيُّمَا مُسْلِمٍ تَلَاهَا وَ عَلَّمَهَا أَهْلَهُ وَ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ هَوَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ أَعْطَاهُ الْقُوَّةَ أَنْ لَا يَحْسُدَ مُسْلِماً *) [17]
10- صلة الرحم :
قال موسى في مناجاته : ( إلهي فما جزاء من وصل رحمه . قال : يا موسى أنسي له أجله و أهون عليه سكرات الموت و يناديه خزنة الجنة هلم إلينا فادخل من أي أبوابها شئت )[18]
11- حب علي بن أبي طالب عليه السلام :
فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( ألا و من أحب عليا يهون الله عليه سكرات الموت و جعل قبره روضة من رياض الجنة )[19]
وغيرها من موارد كثيرة تهون سكرات الموت وتسهل عليه خروج روحه .
وهذا لا يتنافى مع ما يفعله أهل البيت والأنبياء والأئمة عليهم السلام من دعائهم في طلب المغفرة والنجاة من عذاب القبر وسكرات الموت كما ورد في الخبر عَنْ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :
( اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى غَمِّ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ضِيقِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى وَحْشَةِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ )[20]
فإن هذا من عظيم أدبهم مع الله سبحانه والذي كانوا يدعونه في كل صغيرة وكبيرة .