روتانا ـ إيمان المولدي
لم يعُد نجاح المرأة وفرض نفسها في المجتمع خيالاً أو مقتصراً على الغربيات فقط، فقد وضعت المرأة العربية لنفسها بصمة مميزة في جميع المجالات ونجحت في أن تكسر قاعدة أنّ "المرأة مكانها في البيت"، فلا يعني كون المرأة أُماً وأن مكانها في البيت مهم أن يلغى طموحها وأن تحطم تطلُعاتها وإمكاناتها.
تبقى الإشكالية التي تقفُ عائقاً في وجه المرأة هي خوف الرجل من المرأة الناجحة فهو يعتبرُها صعبةَ المنال أولاً، وإن نالها فيصعُب السيطرة عليها أو التعامل معها، ما يجعلُ الرجل الشرقي يخافُ من الارتباط بامرأة ناجحة رغم أنها تُثير إعجابه أكثر من المرأة العادية الروتينية التي لا تحمل طموحاً.
وهذا ما يجعل الرجل في حيرة كبيرة من أمره فهو يكرهُ فكرة الارتباط بامرأة عادية لكنه يخاف أيضاً من الاقتران بمن تملكُ زمام أمرها، في حين أن نجاح المرأة لا يُلغي أبداً فطرتها في كونها أُنثى يملؤها الحنان والحب، فالنجاح يُعزز من قيمة المرأة وقدرها لكنه لا يغيرُ فطرتها، والمرأة الناجحة أم وأخت وابنة وزوجة وحبيبة مثلُها مثل غيرها من النساء، كما أن النجاح يُعتبر ميزة لا عيباً.
يقول صالح "متزوج من ربة منزل" إنه لا يستطيع الارتباط بامرأة عاملة وناجحة في عملها لأن هذا سيأخذ من وقتها على حساب بيتها وأولادها، موضحاً أن المرأة مكانها بيتها.
أما عبدالله "متزوج من مصممة أزياء" فيقول إن المرأة الناجحة فخر لكل رجل وسيفتخر بها أولاده مُستقبلاً، كما أن الرجل الواثق بنفسه وبزوجته لا يخاف من نجاحها بالعكس سيدعمها وسيقف إلى جانبها.
كما كان لمحمد الرأي ذاته قائلاً: "إن شخصية الرجل القوية لن تجعله يخاف من الارتباط بفتاة ناجحة وتحب عملها، كما لا بد أن تكون المرأة ذكية للدرجة التي تجعلها تمسك العصا من الوسط فلا يكون نجاحها على حساب علاقتها مع زوجها وبيتها".
وتوضح مريم أنها انفصلت عن زوجها لأنهُ خيّرها بينه وبين عملها فاختارت عملها، وهي تشعر أنها لم تُخطئ أبداً في اختيارها، فالرجل الذي يضع زوجته في اختيارٍ كهذا لا يستحق أن تُكمل معه المشوار.
وعند حنان الأمر مختلف تماماً فهي رسامة تشكيلية وتتطلع للوصول إلى العالمية بمساندة زوجها الذي لم يقف عائقاً بل يشجعها على التقدم أكثر وتقول إنه يقدم لها الدعم المعنوي والمادي وبالمقابل هي تعرف حقوقها وواجباتها ولا تقصر أبداً وتشعر أنها ناجحة في الأمرين كليهما.
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة فاطمة عياد أستاذة علم النفس أن الرجل القوي والناجح لن يخشى الارتباط بامرأة ناجحة، لأنه يرى أنه لو لم يكن مميزاً وناجحاً لما فاز بامرأة مثلها، أما الفاشل والضعيف والمُعقد فإنه يخاف من الناجحة لأنه يشعر أنها سوف تفضح نُقصه، وفي حالة ما إذا تزوج امرأة ناجحة فسيحاول التقليل من شأنها ومن قيمة نجاحها ويبحث عن هفواتها وأخطائها.
من جهتها، لفتت الدكتورة لبنى القاضي أستاذة علم الاجتماع النظر إلى أن غالب المثقفات في الوطن العربي يفضلن عندما ينجحن على أزواجهن الذين أرادوا أن يضعوا حداً معيناً لنجاحهن لا يسمح لهن بتجاوزه، مبينة أن اللوم يقع على التنشئة الاجتماعية للذكور في مجتمعاتنا في فكرة الخوف من المرأة الناجحة، موضحة أن الرجل الشرقي يفضل المرأة الأضعف منه لأن التربية والمجتمع تعطي الأهمية للذكر على حساب الأنثى، كما وهو القائد دائماً والذي يملك زمام الأمور سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو ابناً.
ومهما تخوف الرجل من نجاح المرأة ومن عملها، فإن هذا الخوف يبقى مجرد هاجس، فالمرأة كائن حنون وعاطفي يتأثر بسرعة ويحافظ على الحب والعلاقات الإنسانية بشكل جميل إذا فهِم الرجل نقطة ضعفها واستغلها بطريقة إيجابية.