صحافي مصري يغطي الأحداث من الخطوط الأمامية مع داعش
مقاتل من داعش، أمير العلي، المحتجز حاليا لدى وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
وليد أبو الخير من القاهرة
قام الصحافي المصري السيد عبد الفتاح علي، رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية، في أواخر العام الماضي بجولة ميدانية شملت خطوط المواجهة في سوريا والعراق حيث التقى المقاتلين الأكراد، بالإضافة إلى لقائه ببعض أسرى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وقال للشرفة إن مسلحي داعش الذين التقاهم ارتكبوا جرائم حرب وإنهم يفتقرون لأي فهم حقيقي للمبادئ والنصوص الإسلامية.
الشرفة: متى قمت بالجولة الميدانية وإلى أين توجهت تحديدا؟
السيد عبد الفتاح علي: الزيارة كانت في الفترة من 14 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى 5 كانون الأول/ديسمبر 2014، وشملت كلا من العراق وسوريا خاصة [الإقليم الكردي] في العراق ومحافظتي كركوك وديالى، وكذلك [المنطقة الكردية السورية].
وكان الهدف من الزيارة الوصول إلى جبهات القتال مع داعش في الدولتين، ومحاولة اختراق حدود دولة داعش المزعومة وهو ما تم. حيث أنني كنت شاهداً على معركة تحرير مدينتي جلولاء والسعدية في العراق من التنظيم الإرهابي داعش والتي انتصرت فيها قوات البشمركة الكردية والجيش العراقي، كما أنني زرت الخطوط الأمامية للجبهة في قضاء داقوق في محافظة كركوك. وكذلك زرت جبهة جنوب غرب كركوك عند مكتب خالد وقرية مريم بيك، وهي أقرب الجبهات من حيث المسافة التي تفصل بين قوات الجانبين، وفيها وقفت على بعد نحو 20 متراً من أماكن تواجد مقاتلي التنظيم الإرهابي في قرية مريم بيك.
وفي سوريا زرت الجبهات الأمامية للقتال في تل حميس وسري كانيه، كما التقيت بأسرى من التنظيم موجودين في يد قوات وحدات حماية الشعب الكردية.
الشرفة: هل كنت تشعر بالقلق من تواجدك في المناطق الساخنة مع داعش للتغطية الصحافية رغم الأخبار المتعلقة بإجرام هذا التنظيم ومن يقع بين يديه؟
علي: الصحافي لا يعبأ بالأخطار ولا يهمه إلا الوصول للحقيقة ومعرفة ونقل الصورة الحقيقية للرأي العام، وهذا لا يتحقق في حالتنا هذه إلا عبر التواجد في مسرح العمليات وجبهات القتال في الحرب ضد تنظيم داعش.
ورغم شعوري ببعض الخوف الطبيعي، إلا إن الإيمان بالمهمة والرسالة كان أكبر من أي خوف، علاوة على أنني كنت قد رتبت للمهمة بشكل منظم ودقيق وتلقيت مساعدات ومساندة قوية وفعالة من الجانب الكردي في العراق وسوريا، وتسهيلات كثيرة أدت إلى إنجاحها وإلى عودتي منها سالماً.
الشرفة: ما أكثر الأشياء التي لفتتك خلال التغطية؟
علي: أولا أنني استطعت الوقوف على جانب كبير من الصورة الحقيقية للأمور والحرب الدائرة، وثانيا الروح القتالية العالية والإيمان الكبير اللذان كانا يميزان المقاتلين في صفوف البشمركة الكردية في العراق ووحدات حماية الشعب في سوريا.
كما إنني اطلعت على التجربة الفريدة للمقاتلات الكرديات اللواتي بهرن العالم ببطولاتهن وتضحياتهن ووطنيتهن في الدفاع الشرس عن أراضيهن وعن القضية التي يؤمنّ بها، وهذا ما وجدته في سوريا من مقاتلات حزب الاتحاد الديموقراطي.
ويمكن القول إن هناك تعاوناً ملحوظاً بين الجيش العراقي وبين قوات البشمركة الكردية في عدة جبهات في الحرب على داعش، وقد رأيت ذلك في جبهة ديالى أثناء عملية عسكرية مشتركة بين الجيش العراقي والبشمركة لتحرير مدينتي السعدية وجلولاء، سبقها ضربات جوية من سلاح الجو العراقي.
الشرفة: ماذا بالنسبة لأسرى داعش الذين قابلتهم؟
علي: كنت حريصاً خلال مهمتي أن ألتقي بنماذج من مقاتلي وأعضاء التنظيم الإرهابي، لأسمع منهم وأراهم عن قرب، بدلاً من النقل. وبمساعدة من مقاتلي وحدات حماية الشعب، التقيت بعدد من الأسرى [داعش] في جبهة تل حميس وأجريت معهم حوارات صحافية تعرفت من خلالها على طريقة تفكيرهم وكيف كانت حياتهم داخل التنظيم وتقييمهم لهذه التجربة وللجرائم التي ارتكبوها بحق الإنسانية. وقد حفلت الحوارات بالعديد من المفاجآت والمعلومات الجديدة.
فأحد الذين التقيتهم قال إنه من الجنسية السورية واسمه أمير العلي في العشرينات من العمر، وكشف لي بأنه تلقى تدريباته على يد مدربين من جنسيات مختلفة في مخيم لداعش قريب من الحدود التركية، حيث نقل بعدها إلى الرقة. ومع بدء المعارك ضد الأكراد تم نقله إلى الخطوط الأمامية. وأشار إلى أن أمراء التنظيم أكدوا لهم بأن الأكراد كفّار ويجب مقاتلتهم ليصبحوا مسلمين. كما عرفت من الأسير أن داعش تغريهم بالمال [وبوعود] برعاية أسرهم بالمال والطبابة والمساعدات العينية.
الشرفة: هل لاحظت بعض الصفات المشتركة لدى الأسرى الذين التقيت بهم؟
علي: خلال لقائي مع العلي ومع أسير آخر أيضا من سوريا، وكلاهما من المنطقة المحيطة بجبهة تل حميس، لاحظت مدى الضحالة الفكرية والثقافية والتعليمية للأسيرين مما سهل عملية تجنيدهما وضمهما للتنظيم. كما أنهما لا يعرفان عن ظهر قلب القرآن الكريم، ولا الأحاديث الدينية، مما يدل على أن خلفيتهما وثقافتهما الدينية ضعيفة وأنه يسهل تلقينهما بمبادئ التنظيم وعقيدته الوحشية. وتبين لي أنه لديهما اختلال في التعريفات لمصطلحات مثل: الجهاد والحرب وغير المسلمين والتكفير.
واعترف الأسيران حلال الحوار بأنهما مثل كل عناصر التنظيم يتلقون دروس علم يومية على يد الأمير الذي يركز خلالها على تلقينهم مبادئ الجهاد والحرص على الآخرة للفوز بالجنة، وكذلك أن إقامة الدولة والخلافة الإسلامية واجب عليهم.
وقالا إنهم يخوضون هذه الحروب حتى تصبح الأرض كلها "إسلامية" وأن عليهم قتال كل من يعرقل إقامة هذه الدولة حتى لو كان مسلماً. كما إنهما اعترفا بالقيام بعمليات قتل جماعي للأسرى خاصة من غير المسلمين، علاوة على تهديم الكنائس والمساجد التي بها أضرحة لأولياء، وأن النساء السبايا هن "جواري" في أيديهن من حقهم فعل أي شيء بهن، بما في ذلك التمتع بهن جنسياً. [...]
كما اعترفا بأن المقاتلين كانوا يتعاطون الحبوب المخدرة قبل خوض المعارك وكذلك أثناء تنفيذ عمليات القتل والذبح، وكان ذلك يتم بتبرير شرعي من الأمير
رد مع اقتباس
