Thursday 22 March 2012
هل يمكن أن يموت المرء لـ78 دقيقة؟
توقف قلب موامبا 78 دقيقة.
كلما عُرفت تفاصيل أكثر عن حادثة لاعب نادي بولتون ووندرز الإنجليزي فابريس موامبا، كلما أصبحت القصة أكثر إدهاشاً.
كان آخرها وصفه "بالرجل الأعجوبة" بعد أن إنهار على أرض الملعب خلال مباراة كأس الإتحاد الانجليزي بين بولتون وتوتنهام يوم السبت الساعة 06:13 ليعود قلبه إلى العمل مرة أخرى الساعة 07:31.
و طبقا لطبيب النادي، أُعتبر موامبا في عداد الموتى خلال الـ78 دقيقة تلك.
لكن كيف من الممكن أن يحدث هذا؟
لم تُكشف كافة التفاصيل عن هذه الواقعة حتى الآن، لكن التفسير المرجّح هو أن قلبه حافظ على شكل من أشكال الحياة أثناء توقفه عن العمل.
السكتة القلبية التي تعرض لها موامبا أوقفت قلبه عن الإنقباض والإنبساط، أي عن ضخ الدم إلى أنحاء جسمه. لكن حتى عندما يحصل ذلك، قد يستمر بعض من النشاط الكهربي في العمل داخل القلب.
وهذه الحالة قد تؤدي إلى بعض النتائج. قد يصبح قلبه عرضة لخفقان غير عادي يدعى الرجفان البطيني حيث تهتزعضلة القلب كإهتزاز حلوى "الجيلي" أو يزداد نشاط القلب بصورة غير قابلة للسيطرة عليها، فيما يعرف بعدم إنتظام ضربات القلب السريع.
التفسير الثالث هو أن قلبه أظهر نشاطا كهربائيا بدون أن يدق، وفي هذه الحالة يصبح إيقاع القلب عادياً لكن بدون أي إنقباض أو إنبساط. وفي بعض الحالات، قد تتنقّل حالة القلب بين الحالات الثلاث المذكورة.
المهم في أي من هذه الحالات هو إجراء عملية الإنعاش بسرعة. الإنعاش يقوم بضخ الدم بصورة إصطناعية الى أعضاء الجسم الأخرى مما يوفر وقتا للمسعفين لكي يعملوا على إرجاع القلب لعمله بصورة طبيعية.
كل دقيقة تأخير في إجراء عملية الإنعاش تقلل من فرصة النجاة 10 في المئة وهذا ما جعل اللاعب البالغ من العمر 23 عاما محظوظا. فقد كان فريق طبي مدرب و مزود بكافة المعدات المطلوبة موجود باستاد "وايت هارت لين" حين انهار موامبا . وكان من بين الجمهور أخصائي قلب، و في خلال دقائق أصبح يقود عملية الإسعاف.
وهذا يعني أن موامبا تلقى اسعافات تقريبا مباشرةً بعد إنهياره على أرض الملعب.
لكن عملية الإنعاش لا تكفي وحدها، فهي تعطي مريض السكتة قلبية فرصة 5 بالمئة فقط للنجاة.
وبينما كان موامبا على الأرض، تم تزويده بالأكسجين و ثلاث صدمات كهربائية بجهاز "مزيل الرجفان" الذي عادة ما نراه في غرف الطواريء بالمستشفيات. الهدف كان محاولة إعادة النشاط لقلبه.
بعدها، نقلت سيارة إسعاف موامبا إلى المستشفى بسرعة حيث تم تعريضه الى 12 صدمة كهربائية قبل أن يستأنف قلبه الخفقان مرة أخرى.
لكن هل كان موامبا فعلاً ميتا طيلة هذه الفترة؟
تجيب كاثي روس من مؤسسة القلب البريطانية: "سأقول إنه كان بين الحياة والموت. من الممكن أن تُصاب بسكتة قلبية حيث يفقد قلبك نشاطه الكهربي، لكن من الصعب جداً إنعاش شخص في هذه الحالة."
و تضيف "من المرجّح أن المسعفين أحسّوا بإستجابة ما، لأنه في العادة لا تُجرى عملية الإنعاش لفترة طويلة."
و تعلّق روس قائلةً "عندما تحس إن هناك إستجابة ما، فإنك تستمر بالإنعاش. ثمان وسبعون دقيقة فترة طويلة، لكن لا نستطيع القول أننا لم نسمع بهذا من قبل."
فرصة وفاة لاعب أثناء مباراة كرة قدم ليست قليلة
توقف عمل قلب موامبا عن العمل لمدة ساعتين
في عالم كرة القدم ليس من الغريب أن نرى لاعبا ممددا على الأرض. لكن أن يرقد اللاعب فلا يستطيع القيام من رقدته وفي بعض الأحيان إلى الأبد ربما يعد ذلك أمرا ليس شائعا.
آخر هذه الحوادث التي يمكن وصفها بالمتكررة ولكنها ليست شائعة هي سقوط لاعب فريق بولتون الإنجليزي فابريس موامبا -23 عاما- مغشيا عليه أثناء مباراة أمام توتنهام في كأس الاتحاد الإنجليزي. اللاعب سقط بدون أي احتكاك مع لاعب آخر ولا يزال حتى الآن في أحد مستشفيات لندن في حالة غيبوبة وهناك حالة نوعا ما من التكتم حول حالته الصحية.
إصابات حادة
إحصاءات مركز التقييم والبحث الطبي في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تقول إن 95 في المئة من إصابات ملاعب الكرة هي إصابات حادة. ويتم تقسيم إصابات ملاعب كرة القدم إلى إصابات ناجمة عن الاحتكاك وأخرى ليس لها علاقة بالاحتكاك.
وبالنسبة للإصابات غير الناجمة عن الاحتكاك قد تكون إصابات خفيفة في المفاصل أو العضلات أو التقلصات العضلية أوقد تكون إصابات مهددة للحياة مثل الأزمات القلبية أوالموت المفاجئ في الملعب.
وقد تكون الإصابات المهددة للحياة نادرة إلى حد ما في كرة القدم لكنها قد تكون شائعة في رياضات أخرى مثل الماراثون ويطلق على هذه الظاهرة إسم (السقوط المرتبط بممارسة نشاط رياضي) وهو ينجم عن انخفاض مفاجئ في ضغط الدم قد يحدث أثناء ممارسة الرياضة.
ويقول دفوراك غنغ في كتابه (دليل طب كرة القدم) إن هذا السقوط قد يحدث أيضا في حالة اللعب في بيئة حارة للغاية أو رطبة للغاية في حين أنه لم يتعود على اللعب في هذه البيئات. ويضيف غنغ أن اللاعب المصاب بالسكري ربما يصاب أثناء المباراة بنوبة سكر خاصة إذا كانت المباراة حامية.
حدث متكرر
وتقول بيليشيا بورجيسون في دراسة تحت عنوان (حوادث إصابات القلب والموت المفاجي الناجم عن السكتة القلبية بين الرياضيين الشبان) إن الأزمات القلبية هي أخطر ما يمكن أن يسبب الوفاه أثناء المباريات حيث تؤدي إلى الوفاه في خلال دقائق. وتضيف إن نسبة حدوث ذلك هو ما بين 1-3 لكل 100 ألف رياضي. لكن عندما تحدث يسبب تسليط الضوء على هذا الأمر حالة من الفزع سواء بالنسبة لبقية اللاعبين أو بالنسبة للجماهير.
وإذا علمنا أن عدد لاعبي كرة القدم في العالم يزيد عن 265 مليون لاعب وفق إحصاءات الفيفا ، سيتبين لنا أن خبر وفاه لاعب أثناء مباراة كرة قدم ربما يتكرر في العام أكثر من مرة. ولعل بعض هذه الحوادث لا تلقى اهتماما إعلاميا خاصة إذا وقعت في بعض الدوريات المحلية غير المعروفة.
بيليشيا بورجيسون
"نسبة إصابة الرياضي بأزمة قلبية أثناء المباراة ما بين 1-3 كل 100 ألف رياضي"مارك فويه
ومن أشهر حالات الإصابة بالأزمات القلبية فى الملاعب حادثة اللاعب المدريدى روبين ديلاريد الذى سقط مغشيا عليه أثناء لقاء فريقه أمام ريال يونيون فى بطولة كأس الملك عام 2009. وفيما بعد أثبتت الفحوص الطبية إصابة اللاعب بعيب خلقى بالقلب، تأكد معه إستحالة إستكمال مشواره الكروى ليعلن اللاعب اعتزاله عام 2010 وهو فى سن الخامسة والعشرين.
وهناك لاعبون قهرتهم قلوبهم ولم يستطع الأطباء إنقاذهم أشهرهم على الإطلاق الكاميرونى مارك فيفيان فويه، الذى سقط أثناء مباراة الأسود أمام المنتخب الكاميرونى فى بطولة كأس العالم للقارات 2003 ، ليلقى مصرعه فى الحال فى لقطة ستظل خالدة فى ذاكرة كل عشاق الكرة.
ومن ضحايا أمراض القلب فى الملاعب الظهير الأسبانى الشاب أنتونيو بويرتا ، الذى سقط أثناء مباراة فريقه إشبيلية أمام خيتافى فى افتتاح مباريات الدوري الإسباني موسم 2007/2008، والغريب أنه استفاق و خرج من الملعب على قدميه قبل أن تنهار حالته فى المستشفى، و يودع الحياة بعد يومين عن عمر 22 عاما فقط .
ولم تخل الملاعب العربية من حالات مماثلة أشهرها ظهير الأهلى الشاب محمد عبد الوهاب الذى فارق الحياة إثر أزمة قلبية على أرض ملعب مختار التتش وذلك فى أغسطس 2006 عن عمر 23 عاماً. و لم تفلح محاولات الأطباء فى إنقاذه، لتخسر الكرة المصرية لاعباً كبيراً فى بداية مشواره.