Wednesday 21 March 2012
قوى تؤيد وأخرى ترفض إتهام رئيس الوزراء العراقي بالتفرد بالسلطة
تصاعد الإتهامات بين بارزاني والمالكي يؤكد تفاقم الأزمة السياسيّة
بارزاني موجهًا انتقادات قاسية للمالكي
أكدت الاتهامات القاسية التي وجهها بارزاني إلى المالكي بالتفرد بالسلطة وقيادة حزبه لدكتاتورية جديدة تفاقم الأزمة السياسيّة في العراق قبل أسبوع من انعقاد القمة العربية في بغداد وحيث تباينت بالترافق مع ذلك مواقف القوى السياسيّة من الاتهامات التي اعتبرت الاشد قسوة التي يسوقها رئيس اقليم كردستان ضد رئيس الوزراء العراقي.شكلت الاتهامات غير المسبوقة التي ساقها بارزاني أمس ضد المالكي دليلا على عمق الازمة السياسية التي تضرب البلاد وتفاقمها وخاصة بين ائتلافي المالكي وعلاوي على خلفية عدم تنفيذ رئيس الوزراء لاتفاقات اربيل التي افرزت الحكومة الحالية.
ويشير مراقبون لهذه الازمة تحدثت اليهم "ايلاف" اليوم الى ان هذه الاتهامات جاءت في وقت دقيق حيث يسعى المالكي الى تحقيق انتصار شخصي باحتضان القمة العربية التي ستعقد في بغداد في 29 من الشهر الحالي. واشاروا الى انه بعد تاكيد علاوي امس تقديم مذكرة الى القمة يشكو فيها التدخل الايراني في شؤون البلاد وتصاعد الاعتقالات والسجون السرية ورفض تنفيذ اتفاقات اربيل تأتي تصريحات بارزاني هذه لتعمق من الازمة السياسية وتوسع مدياتها وتضع المالكي في موقف حرج قبل ترؤسه لوفد بلاده في القمة.
وأكدوا ان انتقادات بارزاني هذه تشير ايضا الى تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات اقليم كردستان في الشمال. واوضحوا ان هجوم بارزاني هذا يأتي تتويجا لسلسلة انتقادات وجهها للمالكي خلال الاسابيع الاخيرة وسط خلافات بشأن النفط والارض واموال الميزانية وتقاسم السلطة في بغداد. واليوم وجه المالكي تهنئة الى الشعب الكردي لمناسبة اعيادهم في نوروز داعيا العراقيين الى بالهوية الوطنية الجامعة التي يتساوى أمامها العراقيون بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم.
وقال المالكي في بيان صحافي تلقت "إيلاف" نسخة منه "أتقدم بأحر التهاني واطيب التمنيات لشعبنا الكردي الذي قدم التضحيات الى جانب إخوانه من ابناء شعبنا العراقي الكريم عموما للخلاص من الدكتاتورية والاستبداد وسلب الحريات".
واضاف "انني اذ أبارك لابناء شعبنا الكردي وجميع الشعوب التي تحتفل بهذا اليوم الذي يشكل تحولا في عالم الطبيعة واعتدال المناخ، فإنني ادعو الجميع الى الوحدة والتكاتف والتمسك بالهوية الوطنية الجامعة التي يتساوى أمامها العراقيون بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم. وسيبقى العراق مثالا يحتذى بوحدته الوطنية والعيش المشترك والحياة الكريمة لكل ابنائه دون تمييز". ويشكل النواب الاكراد نحو خمس البرلمان العراقي ويشغل الائتلاف الكردي المكون من حزبين خمس حقائب وزارية في الحكومة العراقية.
مواقف القوى السياسية
لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي اعتبر اتهامات بارزاني محاولة واضحة لاعاقة عقد القمة العربية في بغداد. وقال النائب عن الائتلاف عدنان الشحماني ان تصريحات بارزاني اتت في وقت غير مناسب اذ انها رافقت سلسلة التفجيرات الاخيرة التي حصلت في بغداد وعدد من المحافظات. واضاف في تصريح صحافي تلقته "ايلاف" اليوم ان الخلافات القائمة بين الفئة التي هي الآن في السلطة فيبغداد وبين الإقليم هي على كركوك والمناطق المتنازع عليها ومسألة البيشمركة اذ إنهم (الاكراد) يتهربون منها دائماً في حين ابدت الحكومة الاتحادية أعلى درجات المرونة ازاءها" بحسب قوله.
ومن جانبه عبر النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك عن تأييده لاتهامات بارزاني للمالكي وخاصة انتقاده " اساليب التفرد بادارة السلطة في العراق. وقال في تصريحات وزعها على الصحافيين ان التفرد بالقرار على حساب الاخرين امر لا يمكن قبوله لذا من حق الاخرين ان ينتقدوا هذه السياسة التي تنتهجها الاحزاب الحاكمة. وقال "نحن نحترم وجهة نظر بارزاني بانتقاده الاساليب التفردية في ادارة السلطة في العراق وخصوصا ما يتعلق بالتفرد في الاجهزة والوزارات الامنية".
واشار الى ان المرحلة الماضية اثبتت ان لا وجود لشراكة في ادارة الدولة على الرغم من حاجتنا الماسة الى تطبيق الشراكة الوطنية والمساواة بين العراقيين على قدم المساواة مع بعضهم البعض. واضاف ان الايام المقبلة ستكشف عن تحول في خارطة التحالفات السياسية التي ستعيد التوازن في الساحة السياسية في اشارة الى تقارير عن احتمال اعلان تحالف بين القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي والتحالف الكردستاني.
ودعا المالكي الى ضرورة الانتباه الى مساويء ما يذهب اليه من التفرد في تشكيل الجيش وجعل هذه المؤسسة تابعة له من دون الاخذ بنظر الاعتبار التوازن الاجتماعي في اجهزة الدولة التنفيذية والجيش والشرطة وباقي الاجهزة الامنية.
كما وصف النائب حسين الاسدي عن ائتلاف المالكي تصريحات بارزاني تصعيد غير مبرر مشيرا الى ان الدكتاتورية الفعلية هي في اقليم كردستان. واضاف ان التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسعود البرزاني مجانبة للحقيقة ومخالفة للواقع موضحا انه اذا كان هناك من دكتاتورية فهذه الدكتاتورية الجميع يشترك بها.
وقال في تصريح نقلته "البغدادية نيوز" ان هناك شراكة وطنية حقيقية والحكومة الفعلية مبنية على اساس وحضور جميع المكونات العراقية سواء مايتعلق بالاخوة الكرد أو بقية المكونات الأخرى. واشار الى انه "لا يوجد تفرد بالسلطة والدستور العراقي وزع القضايا المدنية على جميع الوزارات اما القضايا الامنية باعتبار ان الامن لا يتجزأ جعلها بيد القائد العام للقوات المسلحة وما صرح به مسعود البرزاني غير صحيح وهو تصعيد غير مبرر".
واضاف "اذا كان من دكتاتورية فعلية فهي في اقليم كردستان، حيث تؤكد المعارضة الكردية ان هناك تفرداً بالسلطة خاصة في مايتعلق بطبيعة القيادة الكردية فالحزبين الحاكمين يسيطران على جميع مقاليد الامور وخاصة مايتعلق بأربيل ودهوك.
الهجوم الاعنف للبارزاني ضد المالكي
وكان بارزاني هاجم المالكي بشدة في خطاب امس واتهمه بتشكيل جيش مليوني في البلاد يدين بالولاء "لشخص واحد جمع السلطة بيديه" وشدد على انه "كفى" لذلك الشخص الذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات وغيرها من المناصب معتبرا أن العراق يتجه نحو "الهاوية" بسبب فئة بالسلطة تريد جره لـ"الدكتاتورية".
واضاف متسائلا "ما غاية تشكيل جيش مليوني يكون ولاؤه لشخص واحد، فمتى حصل وفي أي بقعة من العالم يوجد هناك شخص يجمع في يديه مناصب مثل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس المخابرات ورئيس مجلس الأمن القومي".
وأكد بارزاني قائلا "لقد حان الوقت الذي نقول فيه كفى، لأن العراق يتجه نحو الهاوية، وأن فئة قليلة على وشك جرّ العراق باتجاه الدكتاتورية، فالعراق يشهد أزمة جدية، وإن دوام وضع كهذا غير مقبول بالنسبة إلينا على الإطلاق".
ودعا البارزاني "جميع قيادات الأحزاب والأطراف السياسية العراقية الى مداركة الوضع والجلوس معاً في وقت عاجل، وذلك لوضع الآليات والإسراع في إيجاد حل لهذا الوضع ومعالجته في فترة قصيرة جداً، وإلاّ فإننا سنلجأ الى شعبنا، وآنذاك سيتخذ شعبنا قراره النهائي وهذا لكي لا تلقوا علينا باللائمة بعد الآن".
واشار الى أن "الأمر الذي يبعث على الأسى هو أن هذه الفئة تريد أن تُظهر للملأ أن الكرد هم الذين غيروا موقفهم إزاء الشيعة أو غيروا حليفهم، لكن الشيعة الذين نعرفهم هم من أتباع ومناصري الحكيم والصدر، وأنهم الذين وقفوا دائما الى جانب الكرد وساندوهم، لافتا الى أن "الكرد بدورهم وقفوا الى جانبهم وساندوهم، وسنبقى دائماً الى جانب بعضنا البعض ومساندين بعضنا البعض ومتخندقين معاً أيضاً".
ولفت بارزاني الى أن "الذين يدّعون أنهم المدافعون عن حقوق الشيعة، فالدفاع لا يكون عن طريق تهميش التحالف الشيعي، ولا يكون عن طريق خلق أعداء جدد للشيعة، أو أن لا يحسبوا للآخرين في العراق أي حساب"، مؤكدا أن "العراق لجميعنا، كرداً وشيعة وسنة وتركمانا وآشوريين وكلداناً، وكل بحسب حجمه وموقعه".
وطالب بارزاني أن تخدم تلك الفئة، التي لم يسمها، "الشيعة من خلال تقديمهم الخدمات ويحققوا الأمن والاستقرار للشعب العراقي، ولكن ما الذي فعلتموه للعراق، تفضلوا فلنضع الحسابات بأجمعها على الطاولة". وأكد "الالتزام بتحالفنا مع إخوتنا الشيعة، ولكن ليس مع هذه الفئة التي احتكرت كل مفاصل السلطة ولا تحسب للآخرين أي حساب، وإنني متأكد بأن الشيعة هم غير راضين بهذا الوضع قبل الكرد والسنة".
واضاف بارزاني إن "العراق، في هذه الأيام يشهد أزمة جدية، وعندما نقول أزمة جدية، فإننا ندرك ما نقول وما نعنيه، واننا سعينا دائماً كي نخدم إخوتنا العرب والتركمان والآشوريين والكلدان في عموم العراق؛ كسعينا لخدمة كردستان، لأننا نريد خدمة العراق عموماً".
وقال أننا "نشعر بمرارة حينما يُقتل أحد أبناء العراق سواء في البصرة أو أربيل أو بغداد والنجف أو في أية مدينة عراقية أخرى، لأنهم أهلنا و ذوينا و أحبتنا، وأن الكل يعلم أن الكرد كان لهم دور رئيسي في إسقاط النظام وبناء العراق الجديد، وخاصة في تأسيس الحكومة الحالية والتي تشكلت قبل سنتين بناء على إتفاقية أربيل، فمن دون دور الكورد لتعرض العراق إلى مهالك".
وقال "للأسف ظهرت الآن ثلة قليلة من الأشخاص إحتكرت كافة مفاصل السلطة وتبث إرهاباً فكرياً، حيث إنه من غير الممكن أن ينتقدهم أحد أو يعبر عن رأيه وإلاّ أصابهم الهياج وبدأوا يتهجمون عليه بلا هوادة".
يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب وذلك في 19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه "ديكتاتور لا يبني" الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب ثم تعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها لحضور جلسات المجلس.
ايلاف