واكبت تأسيس الدولة العراقية
الصباح/بغداد - قاسم موزان:في الطريق المؤدي الى اتحاد الادباء في البصرة تستوقف الناظرين "المكتبة الاهلية "التي يمتد عمرها الى سبعة وثمانين عاما وتعد الآن من اعرق واقدم المكتيات في مدينة الفيحاء وشكل تأسيسها رمزي لم يلتفت اليها الآخرون، كونها جاءت مواكبة لتأسيس الدولة العراقية الحديثة بسنوات قليلة وما تقتضيه تلك الحقبة من اشتراطات لبلورة وعي ثقافي ومدني يوازي التغيرات الجوهرية في البنية المجتمعية وعلى وجه الخصوص البيئة البصرية النابضة بالحياة والانفتاح على العالم المتحضر بعد عقود طويلة من الظلمة والانغلاق.
على غير موعد التقيت بنجل صاحب "المكتبة الاهلية " غازي بشارع المتنبي و على وجهه الابتسامة الدائمة وحزن شفيف يخزنه في نفسه استرجع ذكرياته الغائرة في عمق الثقافة البصرية التي كانت ولاتزال منهلا للاداب والعلوم والموسيقى .ملتقى الادباءتحدث غازي فيصل حمود في العام 1927 وبعد اتضاح الملامح الاولى للدولة العراقية وكانت حين ذاك تحت الانتداب البريطاني وبتشجيع من المثقفين قام والدي بتأسيس "المكتبة الاهلية " بمعنى انها جاءت بخط موازٍ للمتغيرات الثقافية لتصبح بعد فترة قصيرة ملتقى للجميع وتكون المكتبة نقطة دالة لاحياء البصرة .وضمت المكتبة ماتوفر وقتذاك من الكتب الادبية والعلمية والصحف والمجلات ومنحت فرصة للناس لاكتساب المعرفة والاطلاع على ما يجري في العالم من متغيرات على الصعد كافة مع تنامي الوعي السياسي والاجتماعي، ومن المفارقات ان والدي كان لايجيد القراءة والكتابة، لكنه تعلمها بعد تطوع زبائن المكتبة وتعلمها بسرعة مذهلة لكونه عضوا في حزب الاستقلال الذي كان يترأسه الشيخ مهدي كبة الذي اصبح فيما بعد عضوا في مجلس السيادة بعد ثورة 14تموز.
مبدعو المدينة
وتابع، من ابرز شخصيات الرعيل الاول التي اثرت المشهد الثقافي البصري والتي كانت ترتاد المكتبة الشاعر بدر شاكر السياب والشاعر سعدي يوسف والقاص محمود عبد الوهاب والقاضيان عباس شبر ومصطفى المداميغي وغيرهم من المبدعين الذين لاتحضرني اسماؤهم ، بعد وفاة والدي في العام 1979تسلمت ادارة المكتبة فعليا وقبلها كنت مساعدا له وخلال الفترتين اكتسبت المعارف الادبية بأشكالها الابداعية، ويقول كنت اميل لكتب التاريخ، واشار غازي الى الاسماء الكبيرة التي عاصرها وعلاقته مع بعضها قائمة ووثيقة جدا منهم القاص محمد خضير والشاعر كاظم الحجـاج والراحلان محمود عبد الوهاب و عبد الخالق محمود وكذلك المسرحي د. طارق العذاري وعمـيد كلية الفنـون الجميلة وعبد الستار البيضاني والشاعر كريم شيخور، واستذكر ايضا الصحف التي كانت تصدر فـي البصرة في الحقب الماضيـة وشكل صدورها اهمية كبيرة لدى المتلقي البصري لما تتضمنـه مـن موضوعات ثقافية وسياسيـة واجتماعية مثل الثغـر والمنـار والفيحاء والخبـر وغيرها، اذ اصبحت الاولـى مصدرا لطلبة الدراسات العليا كونها تعـد الاقـدم من بين الصحف والتـي صدرت فـي عشرينـيـات القرن الماضي الى العام 1966.
منوها الى الصحف الصادرة بعد التغيير ولعل ابرزها انتشارا جريدة الصباح التي حظيت باحترام القارئ البصري.
وعن المشهد الثقافي في البصرة اشار الى وجود عزوف نحو الكتاب وهذا لايعني عدم وجود قراء متميزين جادين في اكتساب المعارف والاطلاع عن احدث ما انتجه العقل في العالم، بل ان التغيير فتح الافاق امام عشاق الكتاب.
كاردينيا