ضماناتالمحاكمة العادلة في التشريع العراقي
الاستاذالدكتور حسن عودة زعال
المقدمــة
إن القوانينالاجرائية تتناول بالتنظيم الاجراءات التي تتخذ في الدعوى الجزائية بدءً منتحريكها – بل حتى قبل تحريكها في مرحلة التحري وجمع الاستدلالات- وأنتهاءً بصدورالقرار الفاصل فيها،وتحدد في الوقت ذاته السلطات التي تختص بأتخاذ هذهالاجراءات،والصلاحيات التي تمتلكها .ويقسم الفقه الجنائيالمراحل التي تمربها الدعوى الجزائية على مرحلتين:-الاولى/مرحلة التحقيقالابتدائي.الثانية/ مرحلةالمحاكمة.وهناك من يضيف مرحلةثالثة هي مرحلة الطعن بالاحكام على أعتبار أنها مستقلة عن مرحلة المحاكمة،كونالدعوى الجزائية تخرج فيها من سلطة المحكمة التي أصدرت الحكم،فلا يجوز لها أن تغيرأو تعدل في الحكم الذي أصدرته. ولضمان عدالة الاجراءات التي تتخذها السلطاتالمختصة (سلطة التحقيق،والمحكمة المختصة)، لابد من توافر الضمانات القانونية خلالمرحلتي التحقيق والمحاكمة، ولاسيما بالنسبة للمتهم الذي يعد الطرف الاضعف فيالدعوى الجزائية،وقد جاءت نصوص دستور جمهورية العراق لعام (2005) مؤكدة على كفالةحق التقاضي وصيانته فنصت الفقرة ثالثاً من المادة (19) منه على مايأتي((التقاضي حقمصون ومكفول للجميع))،كما أكدت الفقرةسادساا من المادة ذاتها على عدالة الاجراءاتالقضائيةبقولها((ل كل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائيةوالادارية)). إن معرفة الضمانات التي يتمتع بها المتهم فيهاتين المرحلتين هي انعكاس لما يعبر عنه القانون من دور في مواجهة انحراف الاجهزةالعدلية عن جادة العدالة ، وان معرفة هذه الضمانات تساعد المتهم على معرفة موقفهمن التهمة المنسوب اليه ارتكابها ، ويعد موضوع ضمانات المتهم المتعلقة بالمحاكمةالعادلة من المواضيع المهمة والحيوية التي تستحق البحث ، لان الغاية من الاحاطةبهذه الضمانات هي تبصير الجميع بما يتمتع به اكرم المخلوقات عند الله سبحانهوتعالى وهو الانسان من فضائل وكرامات .ولا يخفى على احد مالمرحلتي التحقيق الابتدائي والمحاكمة من اهمية كبرى في الدعوى
الجزائية ، إذ يتم البحث عن الادلة وتمحيصهاوتدقيقها من اجل الوقوف على حقائق الامور التي تستوجب ادانة المتهم او تبرئته .وكما هو معلوم ان مرحلتي التحقيق والمحاكمة هي عبارة عن مجموعة من الاجراءاتتستخدم فيها الكثير من الوسائل ، والتي يكون قسم منها غير مشروع في كل إجراء مناجراءات التحقيق الابتدائي او المحاكمة . وعليه ومن اجل الوقوف على تلك الضماناتالتي يتمتع بها المتهم والمتعلقة بالمحاكمة العادلة،وكيفية تحقيقها ،سوف نتناولالتكليف بالحضور،والقبض، والتوقيف،وحق الدفاع،والاستجواب،والخبرة ،والتفتيش،وعدمتكبيل المتهم عند الحضور للمحاكمة،ومحاكمة المتهمين ناقصي الاهلية،وبحث الشخصيةللمتهم،وتدوين أجراءات المحاكمة،وعلنية المحاكمة،وعدم جواز الحكم بناءً على دليللم يطرح للمناقشة،وحق الطعن في الاحكام،كضمانات للمحاكمة العادلة

ومن أجل الاحاطةبضمانات المحاكمة العادلة، يتوجب علينا الاشارة الى الضمانات القانونية التي يتمتعبها المتهم، والتي أشار لها المشرع العراقي ،سواء في النصوص الدستورية ،أو النصوصالتشريعية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971المعدل،وقانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل،وقانون تنظيم السلطةالقضائية رقم (160) لسنة 1979، مع الاشارة الى القوانين المتعلقة بموضوع الدراسةكلما تطلب الامر ذلك.ولدراسة الموضوع منجميع جوانبه، سوف نقسم هذه الدراسة على مبحثين ،نبحث في الاول ضمانات المتهم فيمرحلة التحقيق،ونبين في الثاني ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة .المبحث الاول/ ضمانات المتهم في مرحلةالتحقيقتعد هذه المرحلة من أهم المراحل فيالدعوى الجزائية وأخطرها وذلك بالنظرلتنوع أجراءاتها وتعدد الهيئات التي تقوم بها،وخطورة القرارات التي تتخذ خلالهانوالتي قد تؤدي الى الاخلال بعدالة محاكمة المتهم،عليه سوف نقسم هذا المبحث الىسبعة مطالب
المطلبالأول
الضماناتأثناء التكليف بالحضور


يتمتع المتهم اثناء نظرالدعوى الجزائية بضمانة قانونية مهمة تعد أساساً للمحاكمة العادلة ،وهي دعوتهللحضور أمام السلطة المختصة بالتحقيق أو المحاكمة في مواعيد تحدد سلفاً، على أنيتم ذلك قبل فترة زمنية كافية تمكنه من الاستعداد والتهيء ،لدفع التهمة الموجهة اليه،وهذا ومن أجل الإحاطة بهذهالضمانات لابد من معرفة المقصود بالتكليف بالحضور ؟ وما هي الاحوال التي يجوز فيهاإصدار ورقة التكليف بالحضور ؟ ثم لابد من معرفة الاثار المترتبة على امتناع المتهمعن الحضور بعد اصدار ورقة التكليف بحضوره ؟
الفرعالاول / تعريف التكليف بالحضور وحالاته : يعرف التكليف بالحضور او( الاستقدام ) بانهدعوة المتهم للحضور امام سلطة التحقيق في زمان ومكان معينيين في الطلب ويكونتنفيذه متروك لإرادة المتهم ،كما عرف بانه " إجراء من إجراءات التحقيق يامربمقتضاه القائم بالتحقيق المتهم بالحضور امامه في زمان ومكان معينين ولامور تتعلقبالتحقيق.ونرى ان المشرعالعراقي عندما ادرج التكليف بالحضور ضمن طرق الاجبار على الحضور لم يقصد بذلكاجازة استخدام القوة المادية ( الإجبار المادي ) ضد المتهم الممتنع عن الحضور ،لان تنفيذ ورقة التكليف بالحضور امر متروك لارادة المتهم ولا يجوز استخدام القوةمعه عند امتناعه عن الحضور بمقتضاها ولا يجوز إلزامه بالحضور جبراً عليه. فلا يوجداجبار مادي هنا ، وانما يقع الاجبار عند امتناع المتهم عن الحضور وبناءً على ورقةالتكليف بالحضور ، إذ تصدر السلطة المختصة امرا بالقبض او بالاحضار وهذا يعنيانتهاء مفعول ورقة التكليف بالحضور بمجرد صدور مذكرة القبض وان الاجبار الذي قصدهالمشرع هو اجبار قانوني وليس مادياً.فالمتهم يتمتع بضمانةمهمة اثناء تنفيذ ورقة التكليف بالحضور وهي عدم جواز المساس بسلامة جسمه بأيةوسيلة مادية أو معنوية فاذا ما وقع اعتداء من الشخص القائم بالتكليف بالحضور يعدمتجاوزا لحدود سلطته.والسؤال الذي يمكن انيطرح هنا ، هو هل يشترط في التكليف بالحضور ان يكون مكتوبا ام يجوز ان يكون مشافهة؟
لقد انقسمت التشريعاتبصدد الاجابة عن هذا التساؤل إلى اتجاهين : الأول - لا يشترط في التكليف بالحضوران يكون مكتوبا وانما يمكن تبليغ المتهم بورقة التكليف بالحضور مشافهة او عن طريقالهاتف ، هذا هو اتجاه المشرع الروسي في قانون الإجراءات الجنائية.أما الاتجاه الثاني -فيرى ان ورقة التكليف بالحضور لا يمكن تبليغها مشافهة بل يجب ان تكون مكتوبة ،وهذا هو اتجاه المشرع العراقي إذ اشترطت الماة 87 / من قانون أصول المحاكماتالجزائية في ورقة التكليف بالحضور ان تحرر بنسختين والذي نراه انالاتجاه الثاني هو الراجح وذلك لسهولة اثبات القيام بالتبليغ .
أما عن الاحوال التيتصدر فيها ورقة التكليف بالحضور ، فقد اجاز المشرع العراقي اصدارها في جميعالجرائم ما عدا الجرائم المعاقب عليها بالاعدام او السجن المؤبد إذ اوجب اصدارمذكرة القبض على المتهم ابتداءً ، وفي الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد علىسنة فيتم احضار المتهم باصدار امر القبض الا إذا استصوب القاضي احضاره بورقةالتكليف بالحضور.الفرعالثاني/ عدم جواز المساس بجسم المتهم عندامتناعه عن التوقيع على ورقة التكليف بالحضور وامتناعه عن الحضور بمقتضاها .إذا امتنع المتهم عنالتوقيع على ورقة التكليف او كان عاجزا عن ذلك فعلى القائم بالتبليغ ان يفهمهمضمون الورقة ، وبحضور شاهدين ويشرح الاجراءات على النسختين ويوقع ويذكر اسمالشاهدين وتوقيعهما ويذكر التاريخ والوقت ويترك النسخة الثانية للمتهم . وعليه لايجوز المساس بجسم المتهم إذا امتنع او كان عاجزا عن توقيع ورقة التكليف بالحضور اواذا امتنع عن الحضور بمقتضاها وهذا هو موقف القانون العراقي،وحدد المشرع العراقيالمدد الزمنية للتكليف بالحضور في مرحلة المحاكمة حسب نوعية الجريمة المتهم بارتكابها المتهم وجسامتها ،فجعلها (8) أيام فيالجنايات ،و(3) في الجنح ،ويوم واحد في المخالفات،وهذا مانصت عليه المادة(143) منقانون أصول المحاكمات الجزائية،والاثر المترتب على عدم مراعاةهذه المدد هو بطلانجميع الاجراءات التي بنيت على هذا التكليف الامر الذي يستوجب أعادته وعدم الاعتدادبهالمطلبالثاني

الضماناتعند القبض

يعد القبض إجراءً خطيراً من إجراءات التحقيق فهو يسبغ على الشخص قرينة الاتهام ويلقي عليهظلال الإدانة. ولهذا كان لابد من وجود ضوابط تبين كيفية اللجوء إليه . ويتمتعالمتهم بجملة من الضمانات التي أقرهاالدستور،فنصت المادة(15) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 على مايأتي((لكل فردالحق في الحياة والامن والحرية ،ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها الاوفقاً للقانون،وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة))،كما نصت المادة (37/أ)على أن((حرية الانسان وكرامته مصونة)) وأكدها القانون أثناء تنفيذ امر القبض ،وعليه سوف نتطرق لهذه الضمانات من خلال تحديد مفهوم القبض ثم التطرق للجهة المختصةبإصداره وحالات اصداره ثم نبين كيفية تنفيذه .الفرع الاول تعريف القبض : القبض هو الأمر الذي تصدرهسلطة التحقيق لاحد المحضرين او احد مأموري الضبط بضبط المتهم واحضاره امامهالاستجوابه. ويعرف ايضا بانه الامساك بالمتهم من قبل المكلف بإلقاء القبض عليهووضعه تحت تصرفه لفترة قصيرة ، تمهيداً لإحضاره أمام سلطة التحقيق لاستجوابهوالتصرف بشأنه. ويعرف ايضا بانه الامر الصادر لاحد المحضرين او لاحد رجال السلطةالعامة بالقبض على المتهم واحضاره جبرا إذا اقتضى الحال أمام الأمر به وتجيز عندالضرورة تنفيذه بالقوة والعنف ، وبهذا يختلف القبض عن التكليف بالحضور بانه يجوزاستخدام القوة اللازمة لتنفيذه مما يعني جواز المساس بسلامة جسم المتهم إذا امتنععن تنفيذه طوعاً.الفرع الثاني الجهة المختصة بإصدار أمر القبض وحالاتإصداره : يصدر امر القبض من قاضي التحقيق او المحكمة المختصة او من الجهة التيأجاز لها القانون وذلك في أحوال معينة. أو من قبل هيأة تحقيقية لها سلطة قاضيالتحقيق. واما عن الاحوال التي يصدر فيها امر القبض فقد نص قانون اصول المحاكماتالجزائية على ان اصدار امر القبض يكون في الجرائم التي تزيد مدة الحبس فيها علىسنة ،
إلا إذا استصوب القاضي احضاره بورقةالتكليف بالحضور ما عدا الجرائم المعاقب عليه بالاعدام او السجن المؤبد فيجب انيصدر فيها امر القبض ابتداء .
أن المادة ( 102 ) منقانون أصول المحاكمات الجزائية اجازت لكل شخص ولو بغير أمر من السلطات المختصة انيقبض على أي متهم بجناية او جنحة في حالات حددتها وهي الجريمة المشهودة ، إذا فرالمتهم بعد القبض عليه قانونا ، أذا كان قد حكم عليه غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية ،من وجد في حالة سكر بين واختلال واحدث شغبا او كان فاقدا صوابه .
بينما أوجبت المادة(103) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على كل فرد من افراد السلطة او عضو مناعضاء الضبط القضائي ان يقبض على كل من كان حاملا سلاحا ظاهرا او مخبأ خلافالاحكام القانون و كل شخص ظن لاسباب معقولة انه ارتكب جناية او جنحة عمدية ولم يكنله محل اقامة معين ، كل من تعرض لاعضاء الضبط القضائي او أي مكلف بخدمة عامة فياداء واجبه . كما اجازت المادة ( 50 ) من القانون المذكور للمسؤول في مركز الشرطةباتخاذ الاجراءات التحقيقية اللازمة ومنها القبض على المتهم في احوال حددتها علىان اعطاء المسؤول في مركز الشرطة مثل هذه السلطات ( سلطة القبض ) محل نظر ، لانعبارات النص مرنة ويمكن تفسيرها حسب وجهة نظر المسؤول في المركز الذي يستطيع انيتحجج بمثل هذه الامور ليتولى التحقيق بنفسه وان هذا الامر قد يؤدي إلى اتخاذاجراءات تمثل مساسا بسلامة جسم المتهم كالقبض او اخذ عينة من دمه او شعره اواظافره ، ثم يتبين بعد ذلك عدم صحة اعتقاد المسؤول في مركز الشرطة . وان جعلالتحقيق بيد المسؤول في مركز الشرطة لمجرد اعتقاده ان ضررا قد يلحق التحقيق اواحتمال هرب المتهم امر يؤدي إلى كثرة تدخل المسؤولين في مراكز الشرطة تحت هذهالحجج والتي قد تكون غير صحيحة ، ثم ان الامر ليس من الصعوبة إذا ما توافرت مثلتلك الحالات بايصال العلم إلى القاضي المختص وذلك بكافة وسائل الاتصال ، وتجدرالإشارة إلى ان نظام القاضي الخفر مطبق حاليا في جميع انحاء القطر . الفرع الثالث كيفية تنفيذ أمر القبض : يجب على الشخصالمكلف بالقبض على المتهم ان يطلعه على الامر بصورة واضحة ، فقد يختار المتهمتنفيذ هذا الامر طوعا وبالتالي لا يجوز استخدام القوة معه مما يعني عدم جوازالمساس بسلامة جسمه ما دام قد خضع لامر القبض الصادر بحقه. وعليه فان الاصل فيتنفيذ امر القبض ان يكون طواعيه ومن دون أي مساس بجسم المتهم وان يحفظ كرامتهوادميته وسلامته الجسمية واي تعد من قبل القائم بالتنفيذ على المتهم يجعل من فعلههذا عملا غير مشروع يستوجب المسؤولية . وقد نص بيان صادر من ديوان الرئاسة علىضرورة اصطحاب مختار المحلة او اي عنصرقيادي عندما يقتضي الامر اجراء التحري او القبض على من يعنيهم الأمر. ان هذا الامريمثل ضمانة للمتهم من ارتكاب افعال بحقه قد تشكل مساسا بسلامة
جسمه . ولكن المتهم قد لا يخضع لامر القبض طوعا فهل يجوز استخدام وسائل الاجبارلتنفيذ امر القبض ؟ بعبارة اخرى هل يجوز المساس بجسم المتهم إذا امتنع عن تنفيذامر القبض طوعا ؟
ان قانون اصول المحاكمات الجزائية وفي المادة (108) منه اجازاستخدام القوة المناسبة التي تمكن المأذون قانونا بالقبض على المتهم ، وذلك فيحالتين هما مقاومة المتهم ومحاولة الهرب . الا انه يؤخذ على نص المادة المذكورة هوان المشرع استعمل مصطلح ( القوة المناسبة ) مما يعني انه ترك تقدير استخدامالوسائل اللازمة للقبض على المتهم لتقدير الشخص المكلف بالقبض على المتهم ، وعليهفبإمكان المكلف بالقبض ان يدعي انه كان في وضع يجبره على استخدام الوسائل التياستخدمها من اجل القبض على المتهم التي قد تكون مبالغاً فيها ، وتشكل مساسا جسيمابجسم المتهم إذا ما قورنت بحالة الممانعة التي أظهرها المتهم .
إن اللجوء إلى استخدام القوة والعنف مسألة تقديرية تختلفباختلاف مقاومة المتهم ، فقد منح القانون المأذون بالقبض ( ممثل السلطة او أي شخصعادي مسموح له بذلك ) سلطة تقديرية في استخدام القوة اللازمة بما يمكنه من أداءواجبه على اكمل وجه والا تعرض للعقاب.والسؤال الذي يمكن ان يثار هنا ، هو مانوع القوة التي تستخدم ضد المتهم ؟ وهل يجوز استخدام السلاح للتغلب على مقاومةالمتهم او لمنعه من الهرب ؟ من خلال التدقيق فينص المادة (108) من قانون أصول المحاكمات الجزائية نجد ان المشرع العراقي اجازاستخدام القوة المناسبة للقبض على المتهم أو لمنع هروبه ، وهذا يعني امكانيةاستخدام السلاح ( الناري ، الجارح ) . ولكن استخدام السلاح لا يتم اللجوء إليه إلابعد استنفاذ الوسائل المناسبة الاخرى ، فالمكلف بالقبض ، عليه ان يدعو المتهم إلىضرورة الانصياع لامر القبض طوعا فان امتنع لجأ إلى اسلوب الشدة والتهديد القولي ،فاذا لم يجدي ذلك نفعا معه لجأ إلى استخدام القوة المناسبة، كاستخدام حديد الايدياو القوة البدنية فاذا لم تكن كل تلك الوسائل كافية جاز له استخدام السلاح. ويرىالبعض ان استخدام السلاح الناري غير جائز في المخالفات ويستحسن عدم استخدامه ايضافي الجنح ، ونرى ان هذا الرأي غير مقبول لان القبض على المتهم قد يتطلب استخدامالسلاح ، كما ان عدم استخدامه لكون التهمة مخالفة او جنحة قد يسهل هرب المتهم ممايعرض المكلف بالقبض للمسألة القانونية. ان المشرع العراقي اجاز لرجل الشرطةاستخدام السلاح الناري إذا كان المتهم خطراً، ويكون المجرم خطرا إذا كان حاملالسلاح . ولكن الذي يؤخذ على المشرع العراقي في قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحةالجريمة رقم (176) لسنة 1980 انه لم يحددنوع السلاح الذي يحمله المتهم حتى يمكن لرجل الشرطة استعمال السلاح ضده ، فكان منالافضل تحديد نوعية السلاح ( ناري ، جارح ) لان ترك الامر دون تحديد يجعله خاضعللسلطة التقديرية لرجل الشرطة ، مما قد يجعله يتجاوز القدر اللازم في استخدامالقوة تحت حجج واهية مما يشكل بالتالي مساسا بسلامة جسم المتهم. وعليه ، فاناستخدام القوة اللازمة امر يخضع لتقدير المحكمة المختصة ، فهي التي تقرر ان كانهناك تجاوزاً لحدود استخدام القوة اللازمة ام لا .وهناك تساؤل اخر يطرح، وهو هل يمكن استخدام الكلاب البوليسية من اجل تسهيل مهمة القبض على المتهم ؟
ان هذا الأمر لا يمكنتصوره في حالة استجابة المتهم لامر القبض طوعا ولكن يمكن اللجوء اليه عند مقاومةالمتهم او هروبه ، ولكن ينبغي ان يكون استخدام هذه الكلاب على قدر كبير من الحيطةوالحذر وان يتم باشراف ومتابعة من قبل اشخاص ذوي خبرة في هذا الميدان ، وان يكوناستخدامها في حالات محددة ، لان هذه الكلاب قد تشكل مساسا بجسم المتهم إذا ما تركتدون مراقبة واشراف من قبل ذوي الاختصاص.أما بالنسبة لاستخدامحديد الايدي عند القبض على المتهم ، فهذا الامر مسموح به قانونا . ولكن يجب انيكون استخدامها لوقت محدد وان لا يتم اللجوء للقوة في استخدامها إلا إذا رفضالمتهم الخضوع للامر طواعية . فاستخدام ماسكات الايدي تعد احدى صور استخدام القوة. الا ان المشرع العراقي لم يبين امكانية استخدام هذه الوسيلة بصورة صريحة وانمااجاز استخدام القوة المناسبة للحيلولة دون هرب المتهم او للتغلب على مقاومته .ولكن عمومية نص المادة (108) من قانون أصول المحاكمات الجزائية يشمل امكانية تكبيلالمتهم . ولكن ينبغي تحديد الحالات التي يجوز فيها التكبيل كما ينبغي تحديد المدةاللازمة لهذا التكبيل ، بوصف ان هذا التحديد يشكل ضمانة للمتهم من المساس بسلامةجسمه من حالات قد لا تستوجب التكبيل او لمدة قد تطول إذا ما ترك الامر لتقدير رجلالسلطة المكلف بالقبض ، لاسيما إذا ما علمنا ان هذا التكبيل قد يترتب عليه احداثمرض او اذى شديدين من جراء سوء استعمال ماسكات الايدي او استخدام البدائل كالحبالوقطع القماش والاسلاك المعدنية.ومن الضمانات المهمةللمتهم هي ان يكون امر التكليف بالقبض مكتوبا حتى يتسنى له الاطلاع عليه على عكسما ذهبت اليه محكمة النقض المصرية التي لم تشترط الكتابة في امر التكليف بالقبض ،وهذا الامر يثير الاستغراب انه اهدار لضمانة من ضمانات المتهم ، فكيف يتعرف المتهمعلى ان هناك امرا صادرا من سلطة مختصة بالقبض عليه .
المطلبالثالث
الضماناتأثناء التوقيف

يعد التوقيف من الإجراءات الخطيرة والمهمة التي يمكن ان تتخذضد المتهم ، لان له مساس بحريته الشخصية أولاً ،والتي حماها الدستور في المادة(37/ب) بقوله((لايجوز توقيف أحد أو التحقيق معه ألا بموجب قرار قضائي))، ولما قديترتب عليه من مساس بسلامة جسمه نتيجة لما يعانيه من ظروف صعبة اثناء وجودهبالموقف ثانياً . ولهذا لابد ان يحاط المتهم بالضمانات الكفيلة أثناء اللجوء لهذا الاجراء،وهذا ما سنتطرق إليهفي هذا المطلب .
الفرع الاول مفهوم التوقيف: يقصد بالتوقيف حجز المتهمقبل صدور الحكم عليه ويعرف ايضا بأنه اجراء احتياطي وقتي يوضع بموجبه المتهم فيمكان معين بامر من جهة قضائية وللمدة المقررة قانونا ، وتحاول الجهات المختصةخلالها التاكد من ثبوت التهمة او نفيها ويخضع المتهم الموقوف لنظام خاص . وعرفايضا بانه اجراء تحفظي ضد من ينسب اليه ارتكاب جناية او جنحة يخشى فيه فيما لو تركحرا طليقا ان يؤثر على الشهود او يعبث بالادلة أو يحاول الهرب للإفلات من العقوبةالتي قد توقع عليه " (3) . وعرفايضا بانه " سلب حرية المتهم بإيداعه في السجن خلال مرحلة الخصومة الجنائيةاو لفترة منها.ومهما قيل بصدد تعريف التوقيف فان الجميع متفق على انه اجراءمن اجراءات التحقيق تفرضه ضرورات معينة ، وهو ليس بعقوبة ، وعليه يجب ان لا تسرفسلطات التحقيق في استعمال هذه الرخصة ما لم تكن ضرورية ولصالح التحقيق (5) .الفرع الثاني الجهة المختصة بإصدار أمر التوقيف : انالمشرع العراقي جعل اصدار امر التوقيف بيد قاضي التحقيق ، الا انه وللضروراتالعملية اجاز للمحقق ذلك على سبيل الاستثناء بالنسبة للمتهم بارتكاب جناية عندوجوده في منطقة نائية ولا يمكنه الاتصال بالقاضي المختص (1).وحسنا فعل المشرعالعراقي عندما قصر الامر على قاضي التحقيق أوالمحكمة وجعلهما السلطة الاصيلة فياصدار امر التوقيف باستثناء اعطاء هذه السلطة للمحقق في المناطق النائية ، وذلكلكونهما يمتازان بالكفاءة والاستقلال وحسن التقدير الذي يطمئن معه إلى اتخاذ هذاالاجراء بشكل سليم .
الفرعالثالث الأحوال التي يجوز فيها التوقيف : حددالمشرع العراقي الحالات التي يجوز فيها للسلطة المختصة إصدار امر التوقيف وهي :- 1. الجريمة التي عقوبتها الحبس لمدة تزيدعلى 3 سنوات او السجن المؤقت او المؤبد ، إذ ان الاصل في هذه الجرائم هو ان تقررالسلطة المختصة توقيف المتهم ، اما الاستثناء فهو اطلاق سراح المتهم بتعهد مقرونبكفالة او بدونها إذا رأى القاضي ان ذلك لا يضر بسير التحقيق ولا يؤدي إلى هروبالمتهم.2. الجريمة التي عقوبتها 3 سنوات فاقل اوالغرامة فالاصل ان يقرر اطلاق سراح المتهم او الاستثناء هو جواز توقيفه إذا كاناطلاق سراحه يضر بسير التحقيق او يؤدي إلى الهرب .3. الجريمةالمعاقب عليها بالاعدام يجب فيها التوقيف ولا يجوز اطلاق السراح بكفالة . إن تحديد الحالاتالتي يمكن فيها لقاضي التحقيق او المحكمة اصدار امر التوقيف او اطلاق السراح تشكلضمانة للمتهم ، إذ يستطيع من خلال هذا التحديد معرفة مقدار السلطة التي يملكهاقاضي التحقيق او المحكمة في اللجوء لاصدار امر التوقيف وبالتالي الطعن بهذهالقرارات عند عدم قناعته مما يعني امكانية نقض هذه القرارات والتخلص من اثارهاالماسة بسلامة الجسم .
الفرعالرابع تحديد مدة التوقيف : التوقيف إجراء استثنائيتسوغه ضرورات عملية مهمة ، لذا فهو اجراء مؤقت بحكم طبيعته ولابد ان ينتهي بانتهاءالضرورات التي دعت إليه . إن لقاضي التحقيق أوالمحكمة الحق في ان يامر بتوقيف المتهم لمدة لا تزيد على 15 يوما في كل مرة وهذايعني ان للقاضي سلطة تقديرية في تحديد مدة التوقيف من (24) ساعة إلى (15) يوما ،وذلك لان النزول بهذه المدة يكون من مصلحة المتهم وبالتالي فهو ضمانة له لانه لايجوز للقاضي اصدار امر بالتوقيف لمدة اكثر من (15) يوما والا كان قراره باطلابالنسبة للمدة الزائدة . ومن الضمانات الاخرىالمقررة للمتهم ضرورة تمديد مدة التوقيف عند انتهائها وان يكون التمديد بحضورالمتهم امام القاضي لسؤاله عن معاملته في التوقيف والفترة التي قضاها فيه ، وعليهيجب على قاضي التحقيق عدم اصدار قرار بتمديد مدة التوقيف عند عدم احضار المتهمامامه . الا ان ما يجري عليه العمل في قضايا التحقيق هو قيام القاضي بتمديد مدةالتوقيف من دون احضار المتهم امامه ، ولهذا نؤيد ما ذهب اليه البعض بضرورة النص منقبل المشرع العراقي على وجوب حضور المتهم امام قاضي التحقيق عند تمديد مدة توقيفه، فقد تتكون لدى القاضي قناعة بضرورة اطلاق سراح المتهم وعدم تمديد توقيفه . كذلك ندعو اعضاء الادعاء العام إلى تعزيزدورهم الرقابي الفاعل في زيارة المواقف والاطلاع على احوال الموقوفين والاستفسارمنهم عن اوضاعهم داخل الموقف والاستماع لشكاوى الموقوفين ورفع التقارير إلىالمراجعة المختصة .الفرعالخامس حق المتهم في الطعن بقرار التوقيف وحقه فيطلب اطلاق سراحه بكفالة او بدونها ، إذ نصت المادة 249 / ج من قانون اصولالمحاكمات الجزائية على انه " لا يقبل الطعن تمييزا على انفراد في القرارات.. واي قرار اخر غير فاصل في الدعوى ويستثنى من ذلك قرارات القبض والتوقيفواطلاق السراح بكفالة او بدونها " كما تنص ( الفقرة أ من المادة 265 ) منالقانون نفسه على انه " يجوز الطعن تمييزا امام محكمة الجنايات من ذويالعلاقة المنصوص عليهم في المادة 249 وفي القرارات الصادرة من قاضي التحقيق خلالثلاثين يوما تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدورها " . أما بالنسبة لطلب اطلاقالسراح بكفالة او بدونها فقد نصت (المادة / 111) من القانون المذكور على انه" للقاضي الذي اصدر القرار بالتوقيف ان يقرر اطلاق سراح المتهم بتعهد مقرونبكفالة او بدونها قبل انتهاء مدة التوقيف مع مراعاة الفقرة (ب) من المادة
109
" .الفرع السادس ضرورة عدم تجاوز مدة التوقيف ربع الحد الأقصى للعقوبة نصت ( الفقرة ج منالمادة 109) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على إنه لا يجوز أن يزيد مجموع مددالتوقيف على ربع الحد الاقصى للعقوبة ولا يزيد بأية حال على ستة أشهر واذا اقتضىالحال تمديد التوقيف اكثر من ستة اشهر ، فعلى القاضي عرض الامر على محكمة الجناياتلتأذن له بتمديد التوقيف مدة مناسبة على ان لا تتجاوز ربع الحد الاقصى للعقوبة اوتقرر اطلاق سراحه بكفالة.ويؤخذ على نص (الفقرةج من المادة 109) من قانون اصول المحاكمات الجزائية انها اوجبت عدم زيادة مدةالتوقيف على ربع الحد الاقصى للعقوبة ، الا ان هذه المدة طويلة فالمتهم قد يمضيربع الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة المتهم بارتكابها ثم يتبين بعد ذلكبراءته من تلك التهمة المنسوبة إليه هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى ان تمديدالتوقيف إلى ربع الحد الاقصى للعقوبة لا يتماشى مع التعليمات الخاصة بالسقوفالزمنية الخاصة بحسم الدعاوى الجزائية التي حددت سقف زمني لحسم الدعاوى وحسب نوعالجريمة . فبالنسبة للجناية حددتها باربعة أشهر والجنح بشهرين وشهر واحد بالنسبةللمخالفات ، ابتداءً من تاريخ الاخبار ، فان تجاوز هذه السقوف يخل بالضمانةالمقررة للمتهم وهي الاسراع في حسم القضية وهي الغاية المتوخاة من تحديد السقوفالزمنية ، لان حسم تلك الدعاوى في الوقت المحدد يخفف المعاناة التي يتعرض لهاالمتهم اثناء وجوده في اماكن التوقيف .لذا ندعو المشرع العراقي إلى تخفيف الحد الاقصى للمدة التي يمكن ان يبقى فيهاالمتهم موقوفا وجعلها سنة واحدة كحد أعلى ما عدا الجرائم المعاقب عليها بالإعدام ،إذ يجوز أن تزيد على هذه المدة .الفرعالسابع : المعاملة اللائقة للموقوف : لا يقبل إيداع أي متهم في الموقف إلا بناءًعلى امر
صادر من السلطة المختصة بإصداره ، وعندايداع المتهم الموقف يخضع لمعاملة

خاصة تختلف عن معاملة المحكومين ، وهذا الامر تفرضه ظروف التحقيق فالمتهم لايزال في موضع اتهام ولم تثبت ادانته ، القاعدة تقضي بان المتهم بريء حتى تثبتادانته ، ويسمح للموقوف بارتداء ملابسه الخاصة فهو لا يزود بملابس خاصة بالموقوفينعلى عكس المحكومين الذين يزودون بملابس خاصة وهذا مسلك محمود ، لان السماح للمتهمبارتداء ملابسه الخاصة لا يشعره بانه في موضوع ادانة بل على العكس يمنحه الثقةبامكانية اثبات براءته ، وهذا الامر يعزز من حالته النفسية وبالتالي المحافظة علىسلامة جسمه . لكن يجوز لادارة الموقف ومراعاة للصحة او النظافة ان تقرر ارتداءالموقوفين لملابس خاصة بهم توزع لهم على نفقة الدولة . وتجيز بعض الدول للموقوفارتداء بدلة السجن ان رغب في ذلك وإلا فله الحق بارتداء ملابسه الخاصة .أما بالنسبة للغذاء فإن الموقوفين يزودون بوجبات طعام يفترض انتكون كافية من حيث الكمية والنوعية للمحافظة على سلامة اجسامهم ، ويسمح للموقوفينالحصول على كميات اضافية من الطعام عن طريق الزيارات الدورية التي يقوم بها الاهلوالاصدقاء لهم ، كما يسمح لهم بشراء المواد الغذائية من الاماكن المخصصة لبيعهاعلى نفقتهم الخاصة .و بالنسبة للحالة الصحية للموقوفين في تشريعنا العراقي فلايوجد طبيب خاص بالموقف ، ولا يتم الكشف عليهم بصورة دورية على عكس بعض التشريعاتالتي اخذت بالكشف الاسبوعي بالنسبة للموقوفين الذين يعانون من امراض مزمنة اوامراض خطيرة وهذا ما اخذ به القانون الانكليزي .ويمكن نقل المتهم الموقوف إلى اقرب مؤسسة صحية عند حدوث تدهورفي حالته الصحية ليلا او نهارا . ولهذا ندعو المشرع العراقي إلى ضرورة تخصيص طبيبمختص يشرف على الموقوفين ويقوم بزيارات دورية ( اسبوعية او شهرية ) لهم للاطلاععلى احوالهم الصحية ويفضل ان يكون هذا الطبيب مفرغا للعمل في الموقف .
وبالنسبة لمستلزمات النظافة الشخصيةفيوجد حلاق في الموقف ولكن لا يجبر الموقوف على الحلاقة إلا لأغراض صحية ويسمحللموقوفين بالاستحمام داخل الموقف اسبوعيا كما يتم اخراجهم من الموقف وتعريضهملأشعة الشمس حسب الظروف .
أما بالنسبة للحالة الامنية للموقوفين فان المشرع العراقي عمدإلى الفصل بين الرجال والنساء وهذا الفصل ضروري جدا لان للاختلاط عواقب وخيمة .كما فصل المشرع بين البالغين والأحداث ،وهذا مسلك محمود جدا لان الاختلاط بين البالغين والاحداث له اثار سلبية منهاامكانية المساس بسلامة جسم الحدث من قبل البالغين عن طريق الاعتداء عليه بالضرب اوالجرح او اجبارهم على ممارسات لا اخلاقية . كذلك يقوم المشرفون على الموقف بزياراتدورية للبحث عن الأسلحة الجارحة التي قد تصل إلى الموقوفين عن طريق الأقاربوالأصدقاء أثناء الزيارات ، لهذا ندعو المكلفين بإدارة المواقف إلى تشديد الرقابةعلى الاطعمة والمواد المجلوبة اثناء الزيارات والقيام بتفتيشها بدقة من اجل ضبط الموادالمحظورة ، كذلك فرض العقوبات التأديبية على الموقوف الذي توجد بحوزته مواد ممنوعة. ولهذا فقد يلجأ المسؤولون في المواقف إلى استخدام حديد الأيدي والارجل . الا انهذا الامر لا يجب اللجوء اليه إلا في حالات محددة ولمدة معينة . لذا كان علىالمشرع الانتباه اليه و وضع نص خاص في التشريعات العقابية الخاصة بإدارة المواقفومعاملة الموقوفين . بشكل يسمح باستخدام هذه الوسيلة على سبيل الحصر ، كوقوع هياجاو اعتداء جسيم او خشية الحاق ضرر جسيم بشخص المتهم او غيره ، على ان لا يتجاوزالتكبيل (72) ساعة ، فإذا تطلب الامر التكبيل لمدة تزيد على ذلك لابد من حصول إذنمن المراجع المختصة . كذلك يجب وضع التعليمات الخاصة باستخدام تلك الوسائل في مكانظاهر للموقوفين للتعرف على الضوابط التي تجيز تكبيلهم منعا لتعسف رجال السلطة فياللجوء لهذه الوسيلة ، لان التكبيل هو إجراء وقائي .أما بالنسبة للعمل داخل الموقف فلا يجبر الموقوف على العملولكن يمكن اجبارهم على تنظيف الموقف ،ويعفى من ذلك من كانت حالته الصحية لا تسمح له بذلك . ومن الضمانات الاخرى المهمةللمتهم هي الزيارات التي يقوم بها اعضاء الادعاء العام واللجان التفتيشية الخاصةلما لها من دور في ضبط المخالفات التي تتعلق بأحوال الموقوفين والاستماع لشكاوىالموقوفين .الفرعالثامن عرض المتهم على طبيب مختص بعد انتهاءالتوقيف : توجب بعض التشريعات ضرورة عرض المتهم بعد القبض عليه أو بعد توقيفه علىطبيب مختص او على طبيبه الخاص والذي يختاره من اجل التثبت من عدم تعرضه للافعالالماسة بسلامة جسمه . ولم يحو القانون العراقي نصاً من هذا القبيل، لذلك ندعوه إلى ضرورة النص على وجوب عرض المتهم على طبيب مختص بعد توقيفه ، كونهيمثل ضمانة حقيقية للمتهم ، ويمنع سلطات التحقيق من اللجوء إلى الأساليب غيرالمشروعة والتي تسبب ضرر للمتهم .
المطلبالرابع
الضماناتعند الاستجواب

استجواب المتهم هو مناقشته بالجريمة المنسوبةإليه والادلة المقامة ضده مناقشة تفصيلية لكي يفندها ان كان منكرا للتهمة او يعترفبها إذا شاء الاعتراف . لهذا لابد انيتمتع بضمانات عند الاستجواب . ومن اجل الوقوف على هذه الضمانات لابد من معرفة هذهالضمانات عن طريق السلطة القائمة بالاستجواب والسرعة في الاستجواب وحضور المحاميوعدم اللجوء إلى الوسائل غير المشروعة ، ولذلك سنبحث هذه الامور كما ياتي :-الفرعالاول السلطة القائمة بالاستجواب : إن أول ضمانةللمتهم اثناء الاستجواب هي مباشرته من شخص يكون على قدر كبير من الكفايةوالاستقلال وحسن التقدير كي يطمئن معه المتهم إلى حسن مباشرته ، ويمكنه من الدفاععن نفسه واظهار براءته بعيدا عن اللجوء إلى وسائل العنف والتهديد التي تشكل مساسابسلامة الجسم ، وقد قصر المشرع العراقي الحق في إجراء الاستجواب على قضاة التحقيقوالمحققين الذين يعملون تحت اشرافهم ، وعليه لا يجوز لعضو الضبط القضائي مباشرتهعندما يكون له اتخاذ بعض الاجراءات التحقيقية في الجريمة المشهودة ، بموجب المادة(43) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وانما له سؤال المتهم
شفهيا . وقبل الشروع في الاستجواب يجب التثبت من شخصية المتهم وإحاطته علمابالجريمة المنسوبة إليه ، كما يجوز لعضوالادعاء العام استجواب المتهم وفي
احوال محددة .
الفرعالثاني السرعة في استجواب المتهم وعدم الإطالة : منالضمانات المهمة للمتهم هي السرعة في استجوابه ، فالاستجواب هو وسيلة دفاع يتمكنمن خلالها من درء التهمة الموجهة ضده ودحضها، لذا يقرر القانون وجوب استجوابالمتهم خلال (24) ساعة من حضوره . إلا انذلك لا يمنع من اعادة استجوابه لاستجلاء الحقيقة ولكن يجب ان لا يكون اعادة استجوابالمتهم وسيلة لاطالة الاستجواب من اجل ارهاق المتهم والضغط عليه للحصول على اعترافمنه وإلا عد ذلك إجراءاً ماسا بسلامة الجسم ، لانه يؤدى إلى الاضرار النفسيبالمتهم وبالتالي الإضرار بسلامة جسمه ، ولا يوجد معيار زمني لطول الاستجواب وانماالعبرة بما يؤدي إليه من التاثير على قوى المتهم الذهنية والبدنية نتيجة لارهاقه نوقداكدت على هذه الضمانة أيضا (الفقرة أ/رابعاً ) من المادة(19) من قانون المحكمةالجنائية العليا بقولها(0أن يعلم فوراً بمضمون التهمة الموجهة أليه وبتفاصيلهاوطبيعتها وسببها)).الفرعالثالث حضور محامي المتهم للاستجواب : ان حضورمحامي المتهم للاستجواب يعد ضمانة ضرورية ، وذلك لان حضور المحامي يمنع السلطةالقائمة بالاستجواب من اللجوء إلى وسائل العنف والقسوة عند استجواب المتهم ويضمنحيادها من خلال مراقبة المحامي للتصرفات التي تقوم بها سلطة التحقيق عند استجوابالمتهم . ولهذا يقول الاستاذ كارسون(Carcon ) ان المدافع المحامي وان كان يبقى صامتا في التحقيق إلا عندمايستأذن قاضي التحقيق في توجيه سؤال او تصحيح تفسير خاطئ . الا ان في حضوره رقابةعلى المحقق تمنعه من اتخاذ أي اجراء تعسفي مع المتهم .وقد جعل المشرعالعراقي ومن خلال نص المادة ( 57 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية حضور المحاميامر جوازياً في جميع اجراءات التحقيق ( ومن ضمنها الاستجواب ) ، مالم تقرر سلطةالتحقيق منعه من الحضور لاسباب تدون في المحضر .وقد نص المشرعالعراقي في المادة(123/ب) المعدلة بموجب مذكرة سلطة الائتلاف بالمذكرة( رقم (7)لسنة2004 /القسم الرابع/ج)على وجوب حضور المحامي مع المتهم في مرحلة التحقيق ( ولاسيما في الاستجواب ).،وعدم جواز مباشرته مالم يتم أنتداب محام للمتهم الذي ليسلديه محام ،وعلى نفقة الدولة،ويجب أطلاع المحامي على الاوراق التحقيقية،وكل مالهصلة بالتحقيق ،وهو ما أكدت عليه المادة (27) من قانون المحاماة رقم (173) لسنة1965 المعدل.
الفرعالرابع عدم جواز اللجوء للوسائل غير المشروعة :هناك مجموعة وسائل حرم المشرع العراقي اللجوء اليها عند استجواب المتهم ، لانهاتشكل مساسا بسلامة الجسم ومن هذه الوسائل ما يمس الكيان المادي ومنها ما يمسالكيان المعنوي للمتهم .أولاً. الوسائل الماسة بالكيان المادي:- وهي الوسائل التي تمثل مساسا ماديا بجسم المتهم ومنها :1-إساءة المعاملة كمنع المتهم من الطعام والشراب او وضعه في اماكن غير مريحة ومنعهمن التدخين مما يؤدي بالتالي إلى المساس بسلامة جسمه ، والغرض من وراء تلكالمعاملة السيئة هو لحمل المتهم على الاعتراف بما هو منسوب اليه او لمجرد الاساءةاليه ، وقد نصت المادة (333) من قانون العقوبات على ( يعاقب بالسجن او الحبس كلموظف او مكلف بخدمة عامة عذب اوامر بتعذيب متهم لحمله على الاعتراف ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة أوالتهديد ) .كذلك نصت اغلبالتشريعات على عدم جواز اجبار المتهم للاجابة عن الأسئلة التي توجه اليه ، وهذا مااشارت إليه الفقرة (ب) من المادة (126) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقيبقولها :- ( لا يجبر المتهم على الاجابة على الاسئلة التي توجه اليه ) .2-الاكراه المادي : هو فعل مباشر يمس جسم المتهم فيشل ارادته ويتمثل بالاعتداء بقوةمادية لا قبل للمتهم على مقاومتها . وبغضالنظر عن جسامة هذا المساس ما دام له تأثير على ارادة المتهم وحريته . ويتم اللجوء لهذه الوسيلة من قبل المحققينالعاجزين لاخفاء عدم كفاءتهم وقصورهم في التحقيق والتهرب من بذل الجهود التيتستلزمها مواصلة البحث عن الادلة الموضوعية
السليمة . ومن وسائل الاكراه المادي الضرب والجرح واعطاء العقاقير المخدرةوالتنويم المغناطيسي ، والتي لايمكن التعويل على الاقرار الصادر نتيجة اللجوءاليها وهذا ما نصت عليهالمادة (218) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدلةبموجب مذكرة سلطة الائتلاف( رقم(7) /القسم 4/ل) على مايأتي((يشترط في الاقرارأنلايكون قد صدر نتيجة أكراه))،وأكدت على ذلك الفقرة(رابعاً/و ) من المادة (19) منقانون المحكمة الجنائية العليابقولها((لايجوز أرغامه على الاعتراف وله الحق فيالصمت وعدم الادلاء بأفادة دون أن يفسر هذا الصمت دليلاً على الادانة أة البراءة))
أما العقاقير المخدرةفهي مواد تعطى للمتهم فيفقد القدرة على الاختيار والتحكم الارادي مما يجعله اكثرقابلية للايحاء سواء كان يتحدث تلقائيا او ردا على اسئلة موجهة اليه . ومن هذهالعقاقير
( Penthotal ) او ما يسمى مصل الحقيقة ) . وعليه فانالاقرار المتحصل باستخدام هذه العقاقير هو اقرار قسرى .
لهذا فقد حرمت اغلب التشريعات استخدامهذه العقاقير في الاستجواب ، ومنها التشريع العراقي في المادة (127) من قانون أصولالمحاكمات الجزائية والتي نصت على انه ( لا يجوز استعمال اية وسيلةغير مشروعة للتأثير على المتهم للحصول على اقراره ويعد من الوسائل غير المشروعة والعقاقير ) أما المعارضون ونحن نتفق معهم فقد استندوا إلى مجموعة من الحجج منهاان هذه الوسيلة تشكل مساسا بجسم المتهم قد يصل إلى درجة من الجسامة ، لاسيما واناستخدام هذه العقاقير يحتاج الى اشخاص ذوي خبرة في تحضيرها ، ومن حيث المقدارالواجب اعطائه فان أي زيادة في المقدار تعرض جسم المتهم إلى اضرار بالغة كما انالمعلومات المتحصلة لا يمكن التعويل عليها لانه بامكان المتهم ان يخفي الحقيقة ،فضلاً عن ذلك فان فعل التخدير يتضمن مساسا بانسجة الجسم ، واستخدام هذه العقاقيريمثل اعتداءً على حق المتهم في الصمت وان لا يدين نفسه بنفسه .اما بالنسبة للمخدرات والمسكرات فاناعطاءها للمتهم اثناء الاستجواب يؤدي إلى الاضرار بسلامة جسمه ، فقد اكدت الدراساتالطبية الحديثة ان المخدرات والمسكرات لها تأثيرات سلبية على جسم المتهم فهي تؤدي إلى المساس بجسم المتهم ، لان اعطاءهايؤثر على صحة المتهم ويؤدي إلى الاخلال بالوظائف الطبيعية لاعضاء جسمه ، لانهاتؤدي إلى زيادة في نبضات القلب ، وارتفاع ضغط الدم ، و درجة الحرارة ، والشعوربعدم الارتياح والقلق ولها تأثير على الجهاز التنفسي لانها تسبب انقباض الاوعيةالدموية. ولهذا فقد حرمتها الكثير من التشريعات ، ومنها تشريعنا العراقي في المادة( 127/ من قانون اصول المحاكمات الجزائية ). أما بالنسبة للتنويم المغناطيسي للمتهمفهو احداث حالة من النوم الاصطناعي لبعض ملكات العقل عن طريق الايحاء بفكرة النومفيخضع المتهم المنوم ( بفتح الواو ) لشخصية المنوم ( بكسر الواو ) . ويتم اللجوءللتنويم المغناطيسي أثناء الاستجواب لانه له اثر فعال في شخصية المتهم ، إذ يمكناستدعاء المعلومات المخزونة في عقل المتهم عن تفاصيل الجريمة ، كالمال المسروقوجثة القتيل والشركاء .. الخ والتي لا يمكن الوصول اليها بالاساليب العادية .أما بالنسبة لجهاز كشف الكذب فهو يمثل اعتدءٍ على الكيان المادي إذا تماللجوء إليه على الرغم من إرادة المتهم أو بإرادته ، ولكن تم استخدامه لفترة طويلةوذلك من خلال الاطالة في الاسئلة التي يتم توجيهها للمتهم كما انه يمثل اكراهامعنويا إذا تم اللجوء اليه بارادة المتهم وبدون اطالة ، لانه ينطوي على مساسبارادته لان ما يصدر عنه يعد اعترافا صادرا عن ارادة غير حرة وكونه يمثل اعتداءعلى حق الدفاع .3-. الإكراه المعنوي: ان الاكراه المعنوي يمثل مساسا بسلامة الجسم ، ومن الوسائل المعنوية التي حرمهاالمشرع التهديد الذي يلجأ إليه القائم بالتحقيق ويستخدمه في التأثير على ارادةالمتهم وذلك كالتهديد بإيذاءه او الاعتداء عليه او على شخص له صلة قربى به كالزوجةاو الولد او الابوين . ففي هذه الحالةيكون المتهم تحت تأثير يجعل ارادته غير حرة في الاقوال التي تصدر منه فلا يعولعليها في الاثبات .أما بالنسبة لحلفاليمين فان اغلب القوانين تنص على عدم جواز تحليف المتهم اليمين لحمله على قولالصدق فتحليف اليمين نوع من انواع الاكراه الادبي لانه يجعل المتهم بين نارين نارالاعتراف ونار الحنث باليمين ، فهو اما ان يعترف ويدين نفسه او يخالف معتقداتهالدينية والاخلاقية ويحلف كذبا وهو المتضرر الوحيد في الحالتين ولهذا فقد نصت المادة (126) من قانون أصولالمحاكمات الجزائية على انه ( لا يحلف المتهم اليمين الا إذا كان في مقام الشهادةعلى غيره من المتهمين ).أما بالنسبة للاستعراف بواسطة الكلاب البوليسية فهو وسيلةمن وسائل الاكراه المعنوي إذا كان القصد منه ارهاب المتهم وتهديده من اجل حمله علىالاعتراف ، وقد يعد وسيلة من وسائل الاكراه المادي إذا قام الكلب بالاعتداء علىشخص المتهم ومزق ملابسه او بعضا من جسمه .
المطلبالخامس
الضمانات عند الخبرة
قد تتطلب بعض اجراءات التحقيق الاستعانةبذوي الخبرة من اجل الوقوف على حقيقة الامر مما يساعد في ظهور الحقيقة بالسرعةالمطلوبة ، ولهذا لابد من تمتع المتهم بالضمانات التي تحقق المحاكمة العادلة أثناءالاستعانة بذوي الخبرة ،ويتم الاستعانة بالخبراء من قبل المحكمو ،أو بناءً على طلبالاطراف،وهذا ما نصت عليه المواد(69،70،213) من قانون أصول المحاكمات،والقسم (12)من قانون المحكمة الجنائية المركزية،والذي نص علىمايأتي:((توفر المحكمة الجنائيةالمركزية خدمات ترجمة الوثائق والترجمة الفورية في كل قضية يكون فيها أحد الاطرافأو احد القضاة أو الشهود أو الخبراء لايجيد الحديث باللغة المستخدمة في المحكمة أولايفهمها على نحو كاف))
فالخبرة تعرف بانها " الاستشارةالفنية التي يستعين بها المحقق او قاضي التحقيق في تقدير المسائل الفنية التييحتاج تقديرها إلى معرفة فنية او دراية علمية لا تتوافر لدى من يباشر التحقيق بحكمثقافته ، وسواء كانت تلك المسائل الفنية متعلقة بشخص المتهم او بجسم الجريمة اوالمواد المستعلمة في ارتكابها او آثارها .ورأي الخبير له دور كبير من اجل الفصل في الدعوى ، وعليه لابد من ان يحاط هذا الاجراء بضمانات بالنسبة للمتهم من اجل عدمالتعسف في اللجوء لهذا الاجراء من قبل السلطة القائمة بالتحقيق ومن هذه الضمانات :الفرع الاول حلف الخبير لليمين وامكانية طلب رد الخبير : يحلف الخبير اليمن على اداء عمله بصدقوامانة ، والملاحظ على قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي انه لم ينص علىضرورة حلف الخبير لليمين بعكس الكثير من القوانين الاجرائية الاخرى . وعند الرجوع إلى قانون المرافعات المدنية رقم(83) لسنة 1969 نجد ان النصوص الخاصة بالخبرة قد ألغيت بموجب نص المادة 47 / ثانيامن قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 .وعند الرجوع إلى قانون الإثبات نجد ان المادة 134 / ثانيا منه تنص على انه "إذا لم يكن الخبير مقيدا في جدول الخبراء وجب ان يحلف يمينا قبل مباشرته مهمته بانيؤدي عمله بالصدق والامانة ، واذا فات المحكمة تحليف الخبير ابتداءا وكان قد انجزمهمته على الوجه المطلوب وجب تحليفه بانه كان قد ادى عمله بالصدق والامانة كما انللمتهم او وكيله الحق في طلب رد الخبير إلا إنه لا يجوز لهما طلب الرد لاول مرةامام محكمة التمييز . وان كان المشرعالعراقي لم ينص على ذلك الحق في قانون اصول المحاكمات الجزائية على العكس من بعضالتشريعات الجنائية التي نصت على
ذلك ، كالقانون المصري إذ نصت المادة 89 / اجراءات جنائية على انه ( للخصوم ردالخبير إذا وجدت اسباب قوية تدعو لذلك ) ، والقانون الليبي في المادة 73 / اجراءاتجنائية التي تنص على انه ( للخصوم رد الخبير إذا وجدت اسباب قوية تدعو لذلك ) .وبالرجوع إلى قانون الإثبات ايضا نجد المادة ( 136 ) قد بينت ذلك بقولها:- (للخصوم طلب رد الخبير المعين من قبل المحكمة التي تنظر في الدعوى وتفصل المحكمة فيهذا الطلب بقرار لا يقبل الطعن إلا تبعا للحكم الحاسم فيها وتتبع في حالة ردالحبير الإجراءات المتبعة في رد القاضي ) .
الفرع الثاني- انيكون الكشف عن جسم الانثى ( المتهمة ) بواسطة انثى قدر الامكان . ومما يلحظ على نصالمادة (70) من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي ورد فيها عبارة ( بقدر الامكان) ان هذه العبارة تعني امكانية اجراء الكشف على الانثى بواسطة رجل وهذا الامر محلنظر ، فكان الجدير بالمشرع العراقي ان يجعل امر الكشف على الانثى من قبل انثى اخرىامر وجوبياً ، وذلك برفع عبارة (بقدر الامكان) من بين عبارات النص كما فعل فيالتفتيش في المادة (80) من قانون اصول المحاكمات الجزائية .ان الكشف الذي يخضع له المتهم ، هوالكشف الجنائي كالكشف الذي يجري لمعرفة نسبة الكحول في الدم او اليوريا او فيالزفير إذا كان هناك شك في ان المتهم كان في حالة سكر . أما غسيل المعدة فيتملمعرفة محتويات المعدة كقيام المتهم بابتلاع المخدر عند مشاهدته لرجال الشرطة ، معملاحظة ان البعض يرى ان كلاً من غسيل المعدة وفحص الدم واليوريا ، يعد تفتيشاوبالتالي يجوز استخدام الاكراه بشرط ان لا يضر بصحة المتهم .الفرعالثالث- تحديد الجهة التي يحق لها ارغام المتهم والوسائل المستخدمة إن نص المادة (70) من قانون اصولالمحاكمات الجزائية واضح وصريح إذ أجاز لقاضي التحقيق والمحقق فقط الحق في ارغامالمتهم على الاجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة . في حين اجازت بعضالتشريعات لجهات اخرى ممارسة هذا الاجراء ، كالمادة (119) إجراءات جنائية سودانيالتي تنص على انه ( لاي قاضي او رجل بوليس ان يطلب إلى أي شخص مقبوض عليه بناءًعلى شبهة معقولة لمساهمته في جريمة معاقب عليها بالسجن تقديم نفسه للفحص الطبي علىيد شخص مرخص له في مزاولة مهنة الطب الشرعي ويجب أن لا يطلب الفحص المذكور إلا إذاكان ذلك لمصلحة العدالة كما لو كان هدفه التثبت مما إذا كان المتهم مرتكبا للجريمةالمشتبه به فيها ) . كذلك لا يمكن عد الخضوع للفحص مساسا بجسم المتهم إذا كان هوالذي طلب الخضوع لذلك الفحص بوصفه احد الخصوم في الدعوى . ولكن هل يجوز للخبير ارغام المتهم على الخضوعللفحص ؟ وما هو الحكم لو امتنع المتهم عن الخضوع لهذا الفحص ؟ بالرجوع إلى نصالمادة (70) من قانون اصول المحاكمات الجزائية نجدها قد قصرت الأمر على قاضيالتحقيق او المحقق فقط ، وعليه لا يجوز للخبير اجبار المتهم على الخضوع للفحص ،واستخدام القوة من قبله والا عد متجاوزا لحدود وظيفته . فإذا امتنع المتهم عن الخضوع لمثل هذا الاختبارفان الجزاء المترتب على ذلك هو تطبيق نص المادتين ( 240 و 241 عقوبات ) . وعليه لايجوز المساس بجسم المتهم لاجباره على الخضوع للفحص وإلا عد ذلك مخالفا لاحكامالقانون
أما المشرع العراقي فموقفه واضح وصريحإذ اجاز اللجوء لفحص الدم واخذ البصمات وقليل من الشعر والاظافر وغيرها من الامورالتي تفيد التحقيق كالبصاق واليوريا وغسيل المعدة ، وعليه فإن الارغام الذي يمكن لقاضي التحقيق والمحقق استخدامه مع المتهمالممتنع عن اجراء الفحص هو تهديده بايقاع العقاب القانوني عليه لامتناعه عن تنفيذامر صدر اليه من سلطة قضائية مختصة ، وهذا ما ذهب اليه الاستاذ عبد الامير العكيليونحن بدورنا نؤيد ذلك فمادام بالامكان اجبار المتهم على الخضوع للفحص باستخداموسائل الارغام القانونية فيجب اللجوء اليها بدلا من وسائل الاكراه المادية التيتمثل مساسا بجسم المتهم ، ولان استخدام القوة المادية ضد المتهم يتعارض مع احكامالدستور . ولهذا ندعو المشرع العراقي إلىالنص على الجزاء المترتب على امتناع المتهم من الخضوع للفحص كي لا يبقى الامرخاضعا لسلطة التحقيق التقديرية . كما فعل قانون اصول المحاكمات الجزائية البغدادي( الملغي ) فقد نصت المادة الاولى / ب من الذيل رقم 5 لسنة 1941 على ما يلي
( إذا امتنع المكلف عن تلبية الطلب يصبح عرضة للعقاب المنصوص عليه في المادة 126 قع ، وللمحكمة ان تعد امتناعه بمثابة دليل عليه ) .
ثالثا حق المتهم في الاستعانة بمترجم : على المحكمة المختصة أن تقوم بانتداب مترجم ،اذاكان المتهم لايفهم أو لايتحدث بالغة التي تجرى فيها المحاكمة ،فلكي يحاط المتهمبالتهمة المنسوبة أليه ، ولكي يستطيع أبداء طلباته،ومناقشة الشهود،ومعرفة مايدورفي المحاكمة من أجراءات يتم أنتداب مترجم يحلف اليمين القانوني بأنه يترجم بأمانةوأخلاص،ويتم الاستعانة بالمترجم أيضا،اذا كان أحد أطراف الدعوى لايتحدث بالغة التيتجري فيها المحاكمة وهي (اللغة العربية ) في المحاكم العراقية،كما يتم أنتداب خبيريفهم بالاشارات اذا كان المتهم أو أي طرف اخر يعاني من هاهم الم أو البكم،وقد نصقانون اصول المحاكمات في المادة(61/ب) على مايأتي(( لمن لاقدرة له على الكلام أنيدلي بشهادته كتابة أو بالاشارة المعهودة أن كان لايستطيع الكتابة))،كما نصتالفقرة (ج) من المادة ذاتها على ماياتي((اذا كان الشاهد لايفهم اللغة التي يجريفيها التحقيق أو كان أصم أو أبكم وجب تعيين من يترجم اقواله أو أشاراته بعد تحليفه اليمين بأن يترجم بأمانةوصدق)).،وقد ، كما نصت المادة(19/ رابعاً /و) من قانون المحكمة الجنائية العليارقم (10) لسنة 2005 على ما يأتي ((لايجوز أرغامه على الاعتراف وله الحق في الصمتوعدم الادلاء بأفادة دون أن يفسر هذا الصمت دليلا على الادانة أو البراءة)).وهو ماأكدته القاعدة (27) من قواعد الاجراءات وجمع الادلة الخاصة بالمحكمة الجنائيةالعليا

المطلبالسادس
الضمانات أثناء التفتيش
ان التفتيش بوصفه من اجراءات التحقيق يعد من الاجراءات الخطيرة التي تمس الحياةالخاصة للفرد ،وحرمة منزله،ولهذا اكد الدستور علىحرمة المساكن وصيانتها فيالفقرة(ثانياً/من المادة 17) ، وعليه لابد ان يحاط المتهم بضمانات معينة عنداللجوء لهذا الاجراء بحيث لا يتعدى نطاق الغرض الذي قصد من ورائه . فالتفتيش هو اجراءمن اجراءات التحقيق يقصد به الاطلاع على محل له حرمة خاصة للبحث عما يفيدالتحقيق . وتفتيش المتهم يعني تحسس ملابسهو فحص تلك الملابس بدقة واخراج ما يخفيه المتهم فيها ويعني ايضاً فحص الجسمظاهرياً . وهذه الامور تمثل اكراها يستوجب تنظيم حدوده ودواعيه . وعليه فالغرض من التفتيش قد يكون من اجلالحصول على دليل جرمي وضبطه او للقبض على متهم هارب او مختبئ او لفك حجز شخص حبسمن دون حق او لحفظ الامن وسلامة الاشخاص او للتأكد من تنفيذ الاوامر والنواهيالصادرة من السلطة التنفيذية . وعليه يجبان يحاط التفتيش بضمانات منها :الفرع الاول بيان الأحوال التي يجوز فيها التفتيش : لاجراء التفتيش لابد من وقوع فعل او امتناععن فعل يعد في نظر القانون جريمة ، وعليه لا يمكن القيام بالتفتيش قبل وقوعالجريمة . كما تشرط بعض القوانين أن تكون هذه الجريمة جناية او جنحة فلا تجيزالتفتيش في المخالفات بعكس القانون العراقيالذي اجاز اجراء التفتيش بغض النظر عن جسامة الجريمة (5). فضلاً عن ذلك يجب ان تكون هناك قرائن على نسبتها إلى شخص معين ، وبعبارة اخرىلابد من توافر الدلائل التي تكفي للتعرض لحرمة المتهم الشخصية (6) . ولذا فنحن نؤيد الرأي الذي يدعوالمشرع العراقي إلى حصر نطاق التفتيش في الجنايات والجنح فقط من دون المخالفات ،وذلك لقلة خطورتها ولانها ليست على ذلك القدر من الاهمية التي تجيز التعرض لحرمةالشخص .الفرع الثاني وجود فائدة من اجراء التفتيش : من اجل اللجوء إلى التفتيش لابد من وجود فائدةمرجودة من اجراء ذلك التفتيش ، سواء كانت تلك الفائدة لمصلحة المتهم او ضده ،مادامت تفيد في كشف الحقيقة . وهذه الفائدة تتمثل في الحصول على اوراق او اسلحة أوالآلات او ادلة اخرى ، وهذا ما نصت عليه اغلب القوانين (1). وعليه إذا لم تكن هناك فائدة مرجوة من التفتيش ، فلا يجوز اللجوء اليه والا عدباطلاً . ولكن كيف نستطيع القول ان هناك فائدة مرجوة من التحقيق ؟ وبعبارة اخرى هلهناك معيار لتحديد ذلك ويمكن اللجوء اليه ام ان الامر متروك لتقدير سلطة التحقيق ؟لا يوجد معيار يمكن اللجوء إليه في ذلك، ولكن الامر متروك لسلطة التحقيق تستخلصه من القرائن التي تشير الى امكانية ضبطما يفيد عند تفتيش الشخص او مسكنه (2) .الفرع الثالث بيان السلطة القائمة بالتفتيش : نصت المادة (72 / ب) من قانون أصول المحاكماتالجزائية على ان يقوم بالتفتيش قاضي التحقيق او المحقق او عضو الضبط القضائي بامرمن القاضي او من يخوله بالقانون اجراءه (3). كما نصت المادة 80 / من قانون أصول المحاكمات الجزائية على انه ( إذا كان المرادتفتيشه انثى فلا يجوز تفتيشها إلا بواسطة انثى يندبها لذلك القائم بالتفتيش بعدتدوين هويتها في المحضر ) وبالحكم نفسه اخذ قانون الاصول الجزائية الاردني فيالمادة 86 / 2 منه والتي تنص على ( واذا كان المفتش انثى يجب ان يكون التفتيشبمعرفة انثى تنتدب لذلك ). اجراءات جنائية روسي على وجوب تفتيش الشخص من قبل شخصاخر من جنسه وحضور اخر من الجنس نفسه . لقد قام المشرع العراقي بتعيين عدد منالعناصر النسائية في الوظائف او المناصب التحقيقية لكي تقوم بمهام التحقيق ومنهاالتفتيش والتحقيق مع المتهمات من النساء ، وذلك لان المرأة تكون اكثر اطمئناناوثقة بالمرأة مثيلتها ، كما ان السماح للمرأة بالقيام ببعض مهام التحقيق يمكن منالوصول للحقيقة بالسرعة المطلوبة . ان تولي العنصر النسائي لبعض مهام التحقيق لايتم اعتباطا وانما يتم بعد اخضاعهن لاختبارات ودورات يتلقن فيها العلوم الجنائيةالمختلفة . ان تفتيش المرأة المتهمة من قبل امرأة مثيلتها يعد ضمانة مهمة لها منعدم المساس بجسمها فيما لو تم ذلك التفتيش من قبل الرجل .
الفرع الرابع اجراء التفتيش طواعية : الأصل ان يتم التفتيش طواعية سواء كان التفتيش للشخصالمتهم او للمكان الذي يوجد فيه المتهم ، وذلك بان يمكن المتهم الشخص القائمبالتفتيش من اداء واجبه بالشكل المطلوب ، فاذا ما رضى المتهم بتفتيشه او تفتيشمسكنه فلا يجوز له الدفع ببطلان التفتيش بعد ذلك . ولكن إذا امتنع المتهم عن تمكين القائم بالتفتيش من اداء واجبه فللقائمبالتفتيش ان يجريه عنوة او يطلب مساعدة الشرطة ، وهذا يعني امكانية لجوء القائمبالتفتيش إلى استخدام القوة اللازمة او طلب مساعدة الشرطة ، فهو مخير بين الامرين. فالمتهم الذي يرفض اجراء تفتيشه او تفتيش مسكنه يمنح الشخص القائم بالتفتيشامكانية اللجوء إلى القوة اللازمة لاجباره على التفتيش . ولكن السؤال الذي يطرحهنا هو كيف يتم اجباره على ذلك ؟
المادة (81) / من قانون أصول المحاكمات الجزائية اوضحت انه بإمكان القائم بالتفتيشاجراءه عنوة على المتهم او اللجوء إلى افراد الشرطة لتمكينه من اداء مهمته علىاكمل وجه ، وذلك بالقبض عليه واستخدام الاكراه ضده .
وقبل اللجوء إلى وسائل القوة يرى البعضان المتهم يؤمر بتقديم الشيء المراد ضبطه بالتفتيش ، فاذا امتنع يجوز عندها تفتيشهواستخدام القوة اللازمة . ويرى جانب من الفقه ان هذه الحالة لا يمكن ان تنطبق علىالمتهم بوصفه انه يتمتع بحق الدفاع الذي يعفيه من تقديم ادلة اتهامه .الفرع الخامس تحديد وقت معين للتفتيش : ان من حق المتهم التمتع بقسط من الراحة ، وعليه يجب عدممباشرة التفتيش في اوقات راحة المتهم . فاذا كان المراد تفتيشه ( شخص المتهم )وكان مقبوضا عليه فيجب ان لا يتم تفتيشه في اوقات متأخرة من الليل ، لان ذلك يعدمساسا بصحته وبالتالي سلامة جسمه . وعليه يجب تحديد اوقات معينة ومناسبة للتفتيش .أما إذا كان المتهم غير مقبوض عليه ويتواجد في مسكنه ، فلا يجوز اجراء التفتيش فياوقات الراحة ، لان ذلك يعد مساسا بحق المتهم في سلامة جسمه . ان المشرع العراقيلم يورد نصاً في قانون أصول المحاكمات الجزائية يحدد الفترة الزمنية التي يجوزاجراء التفتيش خلالها ، شانه شان العديد من التشريعات الاخرى كالتشريع المصريوالسوري والأردني والسوداني ، ومن ثم يكون اجراء التفتيش ليلاً ونهاراً وفي ايةساعة او في ايام العطل والاعياد امراً جائزاً . الا انه ومن خلال البحث الدقيقوجدنا بعض النصوص في بعض التشريعات الخاصة فقد حددت فترة زمنية لاجراء التفتيش،كامادة(15) من قانون الامراض العفنة لعام 1926ولهذا لا بد من تضمين قانون أصولالمحاكمات الجزائية نص خاص يحدد الفترة التي يجوز خلالها اجراء التفتيش والاحوالالمستثنى من ذلك ، لان في ذلك ضمانة مهمة للمتهم في المحافظة على سلامة جسمه .

المطلبالسابع
الضمانات عند الاحالة
بعد استكمال اجراءات التحقيق من قبل سلطةالتحقيق تقرر السلطة المختصة بالاحالة والتي قد تكون هي نفسها سلطة التحقيق كما هومعمول به في التشريع العراقي ، وقد تكونسلطة مستقلة عن سلطة التحقيق الابتدائي ومختصة بالاحالة على الرغم من اختلافالتسميات التي تطلق عليها باحالة المتهمالى المحكمة المختصة اذا كان الفعل المنسوب اليه معاقباً عليه والادلة تكفيلمحاكمته . ولهذا ومن اجل المحافظة على سلامة جسم المتهم لابد ان يحاط بالضماناتاللازمة لذلك ومنها : الفرع الاول : رفضالشكوى وغلق التحقيق: إذ نصت على ذلك الفقرة أ من المادة 130 / من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقولها( اذا وجد قاضي التحقيق ان الفعل لا يعاقب عليه القانون او ان المشتكي تنازل عنشكواه وكانت الجريمة مما يجوز الصلح عنها دون موافقة القاضي او ان المتهم غيرمسؤول قانوناً بسبب صغر سنه فيصدر القاضي قراراً برفض الشكوى وغلق الدعوى نهائياً) . أما المشرع العراقي فلم ياخذ بنظام قاضيالاحالة ، بل جعل الاحالة من اختصاص قاضي التحقيق ، اما المحقق فله احالة الدعوىإذا كانت الجريمة من نوع المخالفة . ان نظام قاضي الاحالة يشكل ضمانة للمتهم ، ذلكان القضية يتم دراستها من جديد من قبل قاضي الاحالة الذي يملك سلطات تحقيقية كدعوةالمتهم والشهود للمثول امامه ، وهذا يعني امكانية تجنب الخطأ الذي قد تقع فيه سلطةالتحقيق مما يجنب المتهم الكثير من الاجراءات التي تشكل مساساً بجسمه، لذا فنحننؤيد الاتجاه الذي يدعو الى الاخذ بنظام قاضي الاحالة و جعل السلطة المختصةبالأحالة مكونة من رئيس و عضوية قاضيين من ذوي الخبرة .
الفرع الثاني الطعن بقرار الاحالة : يجوز للمتهم او وكيله الطعن بقرار الاحالة الصادر من سلطةالتحقيق عندما تكون القضية قد احيلت علىالرغم من نقص التحقيق او انعدام الادلة او ان الفعل لا يكون جريمة ، وبالحكم نفسهاخذ المشرع السوري ولكي يستطيع المتهم اووكيله الطعن بقرار الاحالة يجب ان يبلغ به وهذا الامر لم يوجبه قانون اصولالمحاكمات الجزائية إذ قصر هذا التبليغ على المدعي العام وحدة وذلك بموجب الفقرة ( هـ ) من المادة 130 /، من قانون اصولالمحاكمات الجزائية والتي تنص على ( يخبر القاضي الادعاء العام بالقرارات التي يصدرها بمقتضى هذه المادة . .. ) . وعليه ندعو المشرع العراقي الى ضرورةالنص على وجوب تبليغ المتهم بقرار الاحالة سواء كان موقوفاً او مطلق السراح وخلالمدة معينة وهذا ما اخذت به بعض القوانين الاجرائية لان اطلاع المتهم ووكيله على قرار الاحالة يمكنالمتهم من تجنب الكثير من الاثار المترتبة على احالته والتي تشكل مساساً بسلامةجسمه وذلك من خلال الطعن بقرار الاحالة والذي قد تكون نتيجته لصالح المتهم .المبحث الثاني

ضمانات المتهمفي مرحلة المحاكمة
عندتوافر الادلة الكافية لمحاكمة المتهم تتم احالته الى المحكمة المختصة لتجريمحاكمته على وفق الاصول المحددة قانونا ، إذ تبدأ مرحلة جديدة ومكملة لمرحلةالتحقيق الابتدائي تتخذ فيها مجموعة من الاجراءات ، ولهذا لابد ان يحاط المتهمفيها بجملة من الضمانات المتعلقة بسلامة جسمه اثناء هذه الاجراءات وهذا ما سنبينهفي هذا المبحث والذي سنقسمه على مطالب.
المطلب الأول

عدمتكبيل المتهم اثناء حضور المحاكمة
بعد إحالة القضية إلىالمحكمة المختصة يجري تحديد يوم معين للمحاكمة ، فاذا حل اليوم المعين، يتم جلبالمتهم في ذلك اليوم من قبل افراد السلطة العامة إذا كان موقوفاً او يحضر من تلقاءنفسه إذا كان قد اطلق سراحه ، وعند حضور المتهم يتمتع بضمانة مهمة وهي عدم تكبيلهاثناء المحاكمة ، فقد نصت غالبية القوانين الاجرائية ، ومنها قانوننا العراقي علىضرورة حضور المتهم للمحاكمة غير مقيد بالاغلال والحديد ، وإلا عد ذلك مساسا بسلامةجسمه ومخالفة لحق المتهم في الدفاع عن نفسه . وينبغي منح المتهم الحرية اللازمةلابداء دفاعه ولكن هذا لا يعني ان يترك المتهم بدون مراقبة من قبل افراد السلطةالعامة ، فالمادة (156 ) / من قانون اصول المحاكمات الجزائية تنص على انه ( يحضرالمتهم إلى قاعة المحكمة بغير قيود ولا اغلال وللمحكمة ان تتخذ الوسائل اللازمةلحفظ الأمن في القاعة ) .وهذا يعني ان للمحكمةان تقرر نشر الحراس داخل القاعة او خارجها لا سيما إذا كانت الجريمة ذات خطورةمعينة ، وذلك لمنع المتهم من الهرب او لمنعه من ايذاء الاخرين او لحماية المتهم منبطش ذوي المجنى عليه لا سيما في جرائم القتل . نصت المادة (243 ) / اجراءات جنائيةعلى انه ( يحضر المتهم الجلسة بغير قيود ولا اغلال انما تجري عليه الملاحظةاللازمة ) .وعليهفإن استخدام القيود والاغلال اثناء اجراءات المحاكمة امر محظور . ولكن ما هو الحكملو صدر من المتهم فعل يخل بأمن الجلسة أوهدوئها واستقرارها فهل يجوز للمحكمة ان تأمر باستخدام الاغلال وحديد الايدي لتقييدالمتهم من اجل المحافظة على امن الجلسة وهدوئها ؟إنالمشرع العراقي قد منع أي مساس بجسم المتهم الذي يخل بنظام الجلسة عن طريق تكبيلهاو استخدام القوة من اجل المحافظة على النظام في الجلسة ، وذلك في المادة (153 ) /اصول جزائية التي تنص على ان ( ضبط المحاكمة وادارتها منوطان برئيسها وله في سبيلذلك ان يمنع أي شخص من مغادرة قاعة المحاكمة ، وان يخرج منها كل من يخل بنظامها ،فان لم يمتثل جاز للمحكمة ان تحكم فورا بحبسه حبساً بسيطا 24 ساعة او بغرامة لاتتجاوز ثلاثة دنانير ، ولا يجوز للمحكوم عليه الطعن في هذا الحكم وانما يجوزللمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه ان تصفح عنه وترجع عنالحكم الذي أصدرته ) (2) .مماتقدم يتضح انه لا يجوز المساس بجسم المتهم الذي يخل بنظام الجلسة وانما للمحكمة انتأمر باخراج المتهم الذي صدر منهم ما يؤثر على النظام والهدوء في الجلسة ، فاذا لميمتثل لذلك فللمحكمة ان تأمر بحبسه المدة المقررة قانونا . فالمحكمة تأمر اولاباخراج المتهم فاذا امتنع لجأت إلى اصدار حكم بحقه بالحبس (24 ) ساعة او الغرامةكما حدده القانون العراقي او اكثر . كما نصت بعض القوانين كالقانون الاردني الذيحددها بمدة لا تتجاوز (3) أيام . وهذا يعني انه لا يجوز اللجوء للوسائل الماسةبسلامة الجسم عند قيام المتهم بما يخل بنظام الجلسة ، كما ان للمحكمة ان تامربإخراج أي شخص قد يتعرض للمتهم بالتهديد او الاعتداء . اما إذا كان الفعل يشكلجريمة ففي هذه الحالة ، إذا كانت الجريمة من نوع المخالفة او الجنحة ، فللمحكمةالتي وقعت امامها الجريمة ان تقيم الدعوى على مرتكبها في الحال ولو توقفت اقامتهاعلى شكوى . وتحكم فيها بعد سماع اقوالممثل الادعاء العام ان كان موجودا ودفاع الشخص المذكور او تحيله مخفورا على قاضيالتحقيق بعد تنظيم محضر بذلك ،
أما إذا كانت الجريمة جناية فعلى المحكمة التي وقعت امامها ان تنظم محضرا بهاوتحيل مرتكبها مخفورا على قاضي التحقيق

المطلبالثاني
علنية المحاكمة
نعني بعلنية المحاكمة عقد جلسة المحاكمةفي مكان يستطيع أي فرد من الجمهور ان يدخله ، ويشهد المحاكمة من دون قيد الا مايستلزمه ضبط النظام . كما تشمل امكانية نشر وقائع المحاكمة بوساطة طرق النشر المختلفة .
وقدنصت على هذه الضمانة الكثير من الدساتير ومنها الدستور العراقي الحالي ، إذ نصت
المادة (19/سابعاً)) منه على أن ( جلسات المحاكم علنية الا إذا قررت المحكمة جعلهاسرية )
وقد نص المشرع العراقي على هذه الضمانةفي قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 إذ قضت المادة ( 5 ) منه على ان (جلسات المحاكم علنية الا إذا قررت المحكمة جعلها سرية محافظة على النظام العام اومراعاة للاداب او لحرمة الاسرة ويتلى منطوق الحكم علنا ) . كما نصت على ذلك المادة(152) / من قانون اصول المحاكمات الجزائية على انه ( يجب ان تكون جلسات المحاكمةعلنية ما لم تقرر المحكمة ان تكون كلها او بعضها سرية لا يحضرها غير ذوي العلاقةبالدعوى مراعاة للامن او المحافظة على الاداب ولها ان تمنع من حضورها فئات معينةمن الناس ) ،كما نص القسم (10) من قانون المحكمة الجنائية المركزية على أن((تستمعدوائر المحكمة الجنائية لاقوال الشهود في جلسات علنية....))،كما أجازت البثالاذاعي والتلفزيوني من قاعة المحكمة ،والذي يعد أحد وسائل العلنية،كما نصتالمادة(19/ثالثاً) من قانون المحكمة الجنائية العليارقم(10) لسنة2005علىمايأتي((لكل متهم الحق في محاكمة علنية،أستناداً الى أحكام هذا القانونوالقواعدالصادرة بموجبه)).وقد يتسائل البعض ما هي الضمانة التيتوافرها العلنية لحق المتهم في عدالة المحاكمة ؟إنعلنية المحاكمة تعد ضمانة مهمة للمتهم فهي من ناحية وسيلة فعالة ومؤثرة لحمايةحقوق المتهم ومنها حقه في عدالة الاجراءات ، فهي توافر رقابة جماهيرية على الاعمالوالاجراءات التي يتم اتخاذها من قبل المحكمة مما يدفعها إلى العناية والاهتمامبعملها والالتزام بحكم القانون والابتعاد عن شبهه التمييز والمحاباة وتجنب كل مامن شانه المساس بجسم المتهم . كما انها من ناحية اخرى تجعل حق المتهم في كرامتهمصونا من أي اعتداء فلا يجرؤ احد على الانتقاص منه ، ما دامت الجلسة علنية، فضلاًعن ان علنية المحاكمة تمنح المتهم مجالا واسعا للافصاح عن التجاوزات التي قد تكونسلطة التحقيق قد ارتكبتها . ولاهمية العلنية فقد اكد المشرع العراقي على ذلك فيالمادة (152)/ من قانون اصول المكاكمات الجزائية السابقة الذكر ، ولكنه في الوقتنفسه اجاز للمحكمة ان تجعلها سرية على بعض الفئات كالنساء والأحداث وعليه فان السرية تعني ان تسمع الدعوى في جلسةسرية كلها او بعضها، بشكل يمنع الجمهور من حضورها إن نص المادة (152) / من قانون اصولالمحاكمات الجزائية حددت الاسباب التي يمكن للمحكمة ان تستند اليها في جعل جلساتهاسرية وهي مراعاة الامن العام ، والمحافظة على الاداب . بينما استخدمت بعضالتشريعات مصطلح النظام العام والمحافظة على الاداب ، وهو ما اخذ به المشرع المصريفي المادة (268) / من قانون الاجراءاتالجنائية . اما المشرع الاردني فقد استخدم مصطلحات النظام العام والاخلاق العامةاو عندما تتعلق الدعوى بالعرض ، فقد نصت المادة ( 213 / 2) من قانون اصولالمحاكمات الجزائية على انه ( تجري المحاكمة علانية ما لم تقرر المحكمة اجراءهاسرا بداعي المحافظة على النظام العام او الاخلاق العامة ، او كانت الدعوى تتعلقبالعرض ) .

المطلبالثالث
ضماناتالمتهمين المعتوهين
إن ناقصي الاهلية ( المعتوهين ) يجب ان يتمتعوا بضمانات اكبر منالضمانات التي يتمتع بها كاملو الاهلية ، لان هذه الطائفة من المتهمين تعاني منعاهة عقلية ، تؤثر على سلامة أجسامهموتجعلهم في ظروف تستوجب توافر العناية اللازمة لهم من اجل المحافظة على سلامةاجسامهم واتخاذ الاجراءات المناسبة ، وعلى وفق حالة كل متهم ، مما يمكنه من الدفاععن نفسه بالشكل المقبول قانونا . الفرع الاول إيقاف التحقيق او المحاكمة وعرض المتهم على لجنة طبية : قد يتبين أثناء اجراءاتالتحقيق الابتدائي او المحاكمة ، ان المتهم لا يدرك ما صدر منه مما يعني احتمالاصابة المتهم بعاهة في عقله تمنعه من الدفاع عن نفسه ، وقد تكون حالة المتهم واضحةمما يؤدي إلى الجزم بوجود عاهة في عقله ولكن في احيان اخرى يصعب التفرقة فيما إذاكان المتهم يعاني من علة في عقله ام انه في حالة اعتيادية تمكنه من الدفاع عن نفسه . وعليه يجب على سلطة التحقيق او المحكمة ان توقف التحقيق او المحاكمةوتأمر بوضع المتهم تحت الحراسة في احدى المؤسسات الصحية الحكومية المعدة للامراضالعقلية إذا كان متهما بجريمة لا يجوز اطلاق السراح فيها بكفالة ، اما في الجرائمالاخرى فيمكن وضع المتهم في مؤسسة صحية حكومية او غير حكومية على نفقته بطلب ممنيمثله قانونا أو على نفقة ذويه بكفالة شخص ضامن ، وتقوم لجنة طبيةرسمية مختصة بفحص المتهم وتقديم تقرير عن حالته العقلية وحسنا فعل المشرع العراقي عندما اجازوضع المتهم في مؤسسة غير حكومية على نفقة المتهم او نفقة ذويه فقد يرغب في عرضنفسه على طبيبه الخاص ، والذي يكون اكثر دراية بحالته الصحية من غيره ، فضلاً عنالعناية التي تتوافر في المؤسسة غير الحكومية ، قد تكون افضل من تلك المقدمة فيالمؤسسات الحكومية ، كما ان اعطاء الحق للمتهم في دخول مؤسسة غير حكومية وعدمإلزامه بدخول مؤسسة حكومية يمنحه الثقة بانه حر وغير مقيد ويبعد عنه التفكير بانهمتهم ويخضع لاجراء رسمي جبرا عليه ، وهذا الامر له التاثير الكبير والايجابي علىحالته النفسية . والسؤال الذي يثار هنا هو إذا طلب المتهم او وكيله احالته للفحصالطبي ولكن سلطة التحقيق او المحكمة رفضت ذلك فهل يجوز لها ذلك ؟ لا يجوز للمحكمةرفض الطلب بحجة انها لم تر على المتهم علامات العاهة العقلية ، وذلك لان تقديرحالة المتهم تعود للجنة الطبية .الفرع الثاني تأجيل التحقيق او المحاكمة : إذا تبين من التقرير الذي قدمته اللجنة المكلفة بفحصالمتهم انه غير قادر على الدفاع عن نفسه فيتم تأجيل التحقيق او المحاكمة إلى الوقتالذي يعود إليه فيه من الرشد ما يكفي للدفاع عن نفسه ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 231 ) من قانوناصول المحاكمات الجزائية العراقي ..الفرع الثالث عدم مسؤولية المتهم : إذا تبين من تقرير اللجنة الطبية ان المتهم غير مسؤول جزائيالاصابته وقت ارتكاب الجريمة بعاهة في عقله ، فيقرر القاضي عدم مسؤوليته وتصدرالمحكمة حكما بعدم مسؤوليته مع اتخاذ أي اجراء مناسب في تسليمه إلى احد ذويه لقاءضمان لبذل العناية الواجبة له.وبالنسبة للاحداث فان الدعوى الجزائيةلا تقام على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد اتم التاسعة من عمره فاذا ارتكب الصغير فعلا يعاقب عليه القانون ،فعلى المحكمة ان تقرر تسليمه إلى وليه ليقوم بتنفيذ ما تقرره المحكمة من توصياتللمحافظة على حسن سلوكه بموجب تعهد مقترن بضمان مالي لا يقل عن 200 دينار ولا يزيدعلى 500 ، لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 5 سنوات .
المطلبالرابع
بحث شخصية المتهم
لايقوم الطبيب بعلاج المريض قبل اجراء الكشف الطبي عليه وتشخيص المرض ، وكذلك يجب انيفعل القاضي ، فالمريض ليس كل من يشكو علة في الجسم او النفس او العقل بل المريضايضا هو من يحيد عن سلوك مسلك الرجل العادي ويصل إلى حدود الخروج عن القانون ،فالكشف الذي يجريه الطبيب على المريض يقابل البحث السابق على الحكم ، والذي تأمربه الجهة المختصة والعلاج الذي يصفه الطبيب للمريض يقابل التدبير الذي يختارهالقاضي للمتهم . ،وقد نصت القاعدة رقم(47)من قواعد الاجراءات وجمع الادلة الخاصة بالمحكمة الجنائية العليا على الفحص الطبيللمتهم بقولها((لمحكمة الجنايات أو بطلب من الاطراف ان تقرر أجراء الفحص الطبيالنفسي أو السيكلوجي للمتهم))وعليه، فان بحث شخصية المتهم قبل الحكم عليه يعد ضمانة مهمة للمتهم للمحافظة على سلامةجسمه ، لان بحث الشخصية يتضمن فحصا جسمانيا ونفسيا وعقليا للمتهم ، من اجل الوصولإلى اتخاذ التدابير الملائمة لحالته .
الفرعالاول مفهوم بحث الشخصية : المقصود ببحث الشخصيةهو بحث شخصية المتهم ودراستها من الناحية النفسية والعقلية والاجتماعية ، من اجلالحصول على المعلومات التي توضع في ملف خاص بالمتهم يسمى " ملف الشخصية" يوضع إلى جانب ملف الدعوى ، ومن شأن ملف الشخصية ان يساعد القاضي في التعرفعلى مدى مسؤولية المتهم ، وما هي الاسباب المؤثرة على شخصيته والتي قد تدفعه إلىالاجرام ، ويساهم كذلك في تحديد التدبير اوالجزاء المناسب لشخصية كل متهم . ويشمل بحث شخصية المتهم بحث حالته الاجتماعيةوالطبية والنفسية والعقلية .إنلبحث شخصية المتهم من جميع جوانبها اهمية كبيرة ، فمن خلال النتائج التي يتمالتوصل اليها من خلال البحث يستطيع القاضي التعرف على العوامل والاسباب التي قدتدين المتهم او تبرئه مما هو منسوب اليه وبالتالي يستطيع اتخاذ القرارات والتدابيراللازمة بشأن المتهم ، وبما يتلائم مع حالته الاجتماعية والصحية والعقلية .
الفرعالثاني بيان الجهة المختصة ببحث شخصية المتهم .إنإناطة بحث شخصية المتهم يجب ان توكل إلى شخص يمتلك الكفاءة والاختصاص ، فالبحثالطبي مثلاً لا يتصور القيام به الامن من قبل طبيب مختص ، والبحث النفسي لا يتصورالقيام به إلا من قبل شخص ذو خبرة في علم النفس ، والبحث الاجتماعي لا يتصورالقيام به إلا عن طريق باحث اجتماعي حاصل على شهادة جامعية ، وهذا هو اتجاه اغلبالتشريعات ، إذ اناطت مهمة البحث إلى ذوي الاختصاص . فالقانون العراقي ولا سيماقانون رعاية الاحداث رقم (76) لسنة 1983 اناط مهمة الفحص الطبي والنفسي والبحثالاجتماعي لمكتب دراسة الشخصية اما بالنسبة للفحص الاجتماعي بالنسبةللبالغين في القانون العراقي فلم يحو قانون اصول المحاكمات الجزائية نصا بهذاالخصوص ، لذا لا بد من تلافي هذا النقص بايراد نص خاص يبين كيفية اجراء هذا الفحصومن هي الجهة المختصة باجرائه كما فعل بالنسبة لفحص حالة المتهم العقلية .الفرعالثالث تحديد الحالات التي تقتضي بحث شخصية المتهم.أوجب قانون رعاية الاحداث النافذ احالةالحدث إلى مكتب دراسة الشخصية متى ما كان متهما بارتكاب جناية ، بينما جعل الامرجوازيا في الجنحة والمخالفة . إذ نصت المادة 51 / أولا منه على انه ( على قاضيالتحقيق عند اتهام حدث بجناية وكانت الادلة تكفي لاحالته على محكمة الاحداث انيرسله إلى مكتب دراسة الشخصية ) بينما تنص الفقرة ثانيا من المادة نفسها على انه (لقاضي التحقيق عند اتهام حدث بجنحة ان يرسله إلى مكتب دراسة الشخصية إذا كانتالادلة تكفي لاحالته على محكمة الاحداث وكانت ظروف القضية او حالة الحدث تستدعيذلك ) .أما قانون اصول المحاكمات الجزائيةالنافذ فقد بين الحالات التي يجوز فيها فحص المتهم عقليا فقط وذلك عندما يتبين انالمتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه لإصابته بعاهة عقلية او اقتضى الامر فحص حالتهالعقلية لتحديد مسؤولية الجزائية .فالمحكمة المختصة لا يمكنها تقدير حالة المتهم من تلقاء نفسها وإنما يتم لها ذلكبعد الاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة.إن لبحث شخصية المتهم الاجتماعيةوالنفسية والعقلية لا يعني النظر إلى كل بحث من هذا البحوث بمعزل عن البحث الاخر ،وانما عملية بحث شخصية المتهم يجب ان تكون وحدة متكاملة من جميع النواحي من اجلالتوصل إلى النتائج المرجوة منها . وعليه يجب ان يكون هناك تعاون متبادل بينالاشخاص الذين يقومون بعملية البحث ، وهذا التعاون هو خير وسيلة للوصول إلىالتفاهم المنشود من اجل وضع الحلول الملائمة لحالة المتهم . إن لبحث شخصية المتهمأهمية كبيرة في تحديد مسؤوليته كما ان له دور كبير في تطبيق أنظمة التفريدالعقابي.المطلب الخامس/ تدوين أجراءات المحاكمةأن جميع الاجراءات والقرارات التيتتخذها المحكمة يجب أن تكون مكتوبة ومدونة وتوضع في أضبارة الدعوى،ويتم ترتيبهاوترقيمها وفقاً لاسبقية الاجراء،وتبدأ المحاكمة بأفتتاح الجلسة والمنادة علىالاطراف،وتدوين حضورهم والتثبت من هوياتهم،ثم تلاوة قرار الاحالةنوالاستماع لافادةالمشتكي ،وأقوال المدعي بالحق المدني،والمسؤول مدنيا،وشهود الاثبات،وتلاوةالتقارير والمحاضر والكشوف الرسمية،ثم الاستماع لافادة المتهم،ويتم تدويتالاجراءات بون أي شطب او حك أو تعديل أو أضافة أو تحشية،ويتم توقيع ذوي العلاقةعليها،وتختم بختم المحكمة المختصة.ويتم التدوين من قبل القائم بالتحقيق أومن قبل كاتب مختص (كاتب الضبط) ،الذي يعمل تحت اشراف وتوجيه القاضي المختص،والغايةمن التدوين،هو سهولة الرجوع الى الاوراق التحقيقية الخاصة بالقضية،كما أنها تعدحجة،ووسيلة لاثباتها،وقد أكدت المادة (222) من قانون أصول المحاكمات الجزائية علىذلك بقولها((يحرر بما يجري في المحاكمة محضراً يوقع القاضي أو رئيس المحكمة جميعصفحاته ويجب أن يشتمل على تأريخ كل جلسة وما اذاكانت علنية أم سرية ...))،كما نصالقسم (11) من قانون المحكمة الجنائية المركزية على مايأتي((1- يتم وفقاً للقانونالعراقي اعداد محضر عن أجراءات كل جلسة أستماع تعقدها دائرة المحاكم الجنائية،ويتاحالمحضر لجميع اطراف الدعوى ولمحاميهم ...))المطلب السادس/ حق الدفاع (حق الاستعانةبمحام)نص الدستور العراقي النافذ في الفقرةثالثاً من المادة (19) منه على مايأتي((حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع ملراحلالتحقيق والمحاكمة))،كما أكدت الفقرةحادي عشر من المادة ذاتها((تنتدب المحكمةمحاميا للدفاع عن المتهم بجناية أو جنحة لمن ليس له محام يدافع عنه،وعلى نفقةالدولة)).وقد جاءت نصوص قانون أصول المحاكماتالجزائية مؤكدة على ذلك ،فنصت المادة (123) على عدم جواز أتخاذ أي اجراء تحقيقي معالمتهم الابحضور محام وفي حالة عدم وجود محام يقوم القاضي المختص بانتداب محامللتوكل عن المتهم وعلى نفقة الدولة،كما اعطت المادة (144) الحق لرئيس محكمة الجناياتالحق في أنتداب محام للدفاع عن المتهم بجناية ولم يكن لديه من يدافع عنهنكما أعطىالقسم (22) من قانون المحكمة الجنائية المركزية هذا الحق للمتهم بقوله((يحق لجميعالمتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة...أن يمثلهم محامونيختارونهم،وأذاكان المتهمغير قادر على دفع أتعاب المحاماة تقوم المحكمة... بتعيين محام له يكون مؤهلاًومناسباً ويدافع عنه بدون مقابل))،وأيضاً الفقرة(رابعاً/ب ود) من المادة (19) منقانون المحكمة الجنائية العليا،كما أكد قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1965 المعدلفي الماد (66-73) منه على تشكيل لجنة المعونة القضائيةنومهامها وكيفية تقديم هذهالمعونة للمعسرين من الاطراف في الدعوى الجزائية.المطلب السابع/رد القاضي والشكوى منه(حيادالقاضي وعدم أنحيازه)لم ينص قانون اصول المحاكمات الجزائيةعلى الاحكام الخاصة برد القاضي أو الشكوى منه،ولكن بالرجوع الى قانون المرافعاتالمدنية رقم(83) لسنة 1969 المعدل،نجد المادة (91) منه جاءت مؤكدة على منع القاضيمن نظر الدعوى اذا كان زوجاً أو قريباً لاحد الخصوم الى الدرجة الرابعة،أو كانصهراًلذلك الخصم،أو كان له أو لزوجه أو لاحد أولادهأو أحد أبويه خصومة مع أحدالطرفين،أو كان وكيلاً لاحد الخصوم، أو وصياً عليهأو قيماًأو وارثاًأو كان له أولاصوله أو فروعهأو أزواجهم مصلحة في الدعوى،أو اذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحدالطرفين، أو كان سبق نظرها قاضياً أو خبيراً أو كان قد أدى شهادةفيها.أما المادة(93) فقد نصت على حالات ردالقاضي اذا كان أحد الطرفين مستخدماً عند القاضي،أو أعتاد مؤكلتهأو السكن الدائممعه، أو كانت هناك هداية قباها القاضي،أو كان قد أبدى رأياً مسبقاً في الدعوى.المطلب الثامن/عدم جواز الحكم بناء علىدليل لم يطرح للمناقشةلايجوز للمحكمة ان تستند فيحكمها الى دليل لم يطرح للمناقشة من قبل أطراف الدعوى،ولم يكشف عنه من قبلالمحكمة،كشهادة شاهد وردت أفادته في دور التحقيق ولم يرد في المحاكمة ما يبرر عدمجلب الشاهد المذكور،أو أقرار خطي أدعى به أحد الخصوم ولم يشر اليه في الجلسة،أوورقة أو سند قدم من قبل أحد الاطراف دون أن يسمح لبقية الاطراف بالاطلاع عليهومناقشته وأعطائهم الوقت الكافي لتفنيده أو أضعاف قيمته القانونية،كدليل من أدلةالاثبات.أن المحكمة حرة في تكوين قناعتهاالقضائية ولكن في ضوء وقائع القضية والادلة المتوافرة فيها،وهذا ما أكدتهالواد(212،213)،فالقاضي يحكم بناءً على ألادلى التي حددتها المادة (213)،ولايجوزلهالحكم بناءً على علمه الشخصي.المطلب التاسع/حق الطعنبالاحكامقد يعتري الحكم الصادر في الدعوىالجزائية أخطاء قانونية،ومن أجل أفساح المجال أمام اطراف الدعوى لطلب تصحيح هذهالاخطاء ورفع المخالفات القانونية،أعطى قانون أصول المحاكمات الجزائية للاطراف حقالاعتراض على الاحكام الصادرة بحقهم(حق الطعن)،سواء كانت هذه الاحكام غيابية أمحضورية،فذكر أنواع أو طرق الطعن على سبيل الحصر،وحددها بأربع طرق ،وهي الاعتراضعلى الحكم الغيابي(243-248)،والتمييز(249-265)،وتصحيح القرار التمييزي(266-269)،وأعادةالمحاكمة(270-279)،وبين الاليات القانونية لكيفية ممارستها وحدد المدد التي يجوزخلالها الطعننوأعطى قانون المحكمة الجنائية المركزية هذا الحق للاطراف بموجب القسم(21) منه ،وجعل محكمة التمييز الاتحادية هي المختصة بنظر جميع طلبات الطعنالمرفوعة كماأكدت على حق الطعن بالاحكام المادة(25) من قانون المحكمة الجنائيةالعليا

[IMG]file:///C:/Users/hadi1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]