علي حسين محسن عبد الجليل الوردي[2] (
1913-
13 تموز1995 م)، وهو
عالم اجتماععراقي، أستاذ
ومؤرخ وعرف باعتداله وموضوعيته وهو من رواد العلمانية في
العراق[3]. لقب عائلته
الوردي نسبة إلى أن جده الأكبر كان يعمل في صناعة تقطير ماء الورد.
[1]
حياته[عدل]
ولد في بغداد في مدينة الكاظمية عام 1913م[2].ترك مقاعد الدراسة في عام 1924 ليعمل صانعاً عند عطار ولكنه طرد من العمل لانه كان ينشغل بقراءة الكتب والمجلات ويترك الزبائن وبعد ذلك فتح دكان صغير يديره بنفسه، وفي عام 1931 التحق بألدراسة المسائية في الصف السادس الابتدائي وكانت بداية لحياة جديدة. واكمل دراسته وأصبح معلما. كما غير زيه التقليدي عام 1932 وأصبح افندي.وبعد اتمامه الدراسة الثانوية حصل على المرتبة الاولى على العراق فأرسل لبعثة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على البكلوريوس وارسل في بعثة أخرى إلى جامعة تكساس حيث نال الماجستير عام 1948 ونال الدكتوراه عام 1950. حياته الدراسية والعلمية[عدل]
المواقع والمناصب التي شغلها[عدل]
عام 1943 عين في وزارة المعارف مدرسا في الاعدادية المركزية في بغداد. عين مدرسا لعلم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغدادعام1950 ،أحيل على التقاعد بناء على طلبه ومنحته جامعة بغداد لقب (استاذ متمرس) عام 1970.كتب وألف العديد من البحوث المهمة والكتب والمقالات ولم يلتفت إلى مستقبله الشخصي، وإنما كانت حياته معاناة وتعب وأجتهاد وأختلف مع الحكام في بعض الأمور، وفي هذه المعاناة وحدها رأى المستقبل يصنع بين يديه.كتب عنه: سلامه موسى, عبد الرزاق محيي الدين, ومئات الصحف والموسوعات والكتب ورسائل الماجستير والدكتوراه, ومنذ أواخر السبيعينات انشغل بكتابة مذكراته لإخراجها في كتاب. تأثره بمنهج ابن خلدون في علم الاجتماع[عدل]
كان الوردي متأثرا بمنهج ابن خلدون في علم الأجتماع. فقد تسببت موضوعيته في البحث بمشاكل كبيرة له، لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولم يتبع الأيدلوجيات (الأفكار) القومية فقد أثار هذا حنق متبعي الايدلوجيات فقد اتهمه القوميون العرب بالقطرية لأنه عنون كتابه" شخصية الفرد العراقي" وهذا حسب منطلقاتهم العقائدية إن الشخصية العربية متشابهة في كل البلدان العربية. وكذلك إنتقده الشيوعيون لعدم اعتماده المنهج المادي التاريخي في دراسته. تحليلاته في بنية المجتمع العراقي الحديث[عدل]
تعتبر دراسة علي الوردي للشخصية العراقية هي الأهم من نوعها ومن الممكن أن نستفيد منها كمنهج للبحث لباقي بلدان الشرق الأوسط.حلل علي الوردي الشخصية العراقية على اعتبارها شخصية ازدواجية تحمل قيم متناقضة هي قيم البداوة وقيم الحضارة ولجغرافيا العراق أثر في تكوين الشخصية العراقية فهو بلد يسمح ببناء حضارة بسبب النهرين ولكن قربه منالصحراء العربية جعل منه عرضة لهجرات كبيرة وكثيرة عبر التاريخ آخرها قبل 250 سنة تقريبا.وصف علي الوردي العراق بالبوتقة لصهر البدو المهاجرين ودمجهم بالسكان الذين سبقوهم بالأستقرار والتحضر. فتنشئ لديهم قيمتان: قيمة حضرية وقيمة بدوية. فالعراقي ينادي بقيم الكرامة والغلبة. ولكن حياته تجبره على الانصياع لقيم التحضر.حلل أغلب مناطق العراق ما عدا المناطق الكردية في العراق بسبب عدم إلمامه باللغة الكردية حسب قوله في كتاب "دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ". بالإضافة إلى تأثر الدكتور الوردي بابن خلدون فلا ننسى تأثره أيضا بالجاحظفي نظرته الموضوعية ومنهجه العقلاني وتحليلاته الاجتماعية والنفسية للسلوك البشري. مميزات أبحاث ومؤلفات الوردي[عدل]
تفرد العالم الدكتور الوردي بالدخول بتحليلات علمية عن طبيعة نشأة وتركيب المجتمع العراقي الحديث خصوصا بعد عهد المماليك وفيضانات دجلةوالفرات وموجات أمراض الطاعون التي أما فتكت بأعداد هائلة من المواطنين الذين كانوا يقطنون الولايات العراقية على عهد العثمانيين أو أدت إلى هجرة أعداد غفيرة من مواطني الشعب العراقي إلى الولايات والأمارات العثمانية شرق نجد والخليج أو إلى الشام "سورياولبنانوالأردنوفلسطين أو إلى مصر. ولا زالت الكثير من العوائل من الأصول العراقية محافظة على ألقابها العراقية. النيل والفرات:نبذة: ينقلنا الدكتور علي الوردي من خلال كتبه عبر مواضيع نحلق معه وخلالها في أجواء النفس وخباياها وما ورائياتها، مواضيع تقترب أو تبتعد بعناوينها عن التحليلات النفسية، ولكنها وعندما تطرق بجزئياتها أبواب الفكر الوردي تأخذ منحنى آخر لتستعرض مختبر اجتهاداته، لتخرج لابسة أبعاد كثيراً ما يفاجأ الذهن بعناوينها، ففي أسطورة الأدب الرفيع، يأخذ العنوان القارئ إلى مدى الأدب ليسميه على الوردي، وإلى فضاء تحليلي من نوع آخر. فالكتاب يحتوي على مناقشة فكرية جمية بين مدرستين، الأولى معتزة بالشعر واللغة إلى درجة التزمت والتعصب والثانية يمثلها الكاتب تنتقد الشعر والأدب السلطاني والقواعد اللغوية المعقدة التي وضعها النحاة.يطرح الكاتب ويناقش أثر الأدب واللغة على المجتمع العربي، ويضع أسباب اهتمام الخلفاء والسلاطين بها بشكل خاص حتى أصبح العرب من أكثر الأقوام اهتماماً بالشعر. وفي كتابه وعاظ السلاطين يطرح الوردي أموراً مختلفة منها أن منطق الوعظي الأفلاطوني هو منطق المترفين والظلمة، وأن التاريخ لا يسير على أساس التفكير المنطقي بل هو بالأحرى يسير على أساس ما في طبيعة الإنسان من نزعات أصيلة لا تقبل التبديل، والأخلاق ما هي إلا نتيجة من نتائج الظروف الاجتماعية. ومن خلال كتابيه "خوارق اللاشعور" و"الأحلام بين العلم والعقيدة" يأخذنا الوردي عبر التحليلات النفسية في مناحي تمس جميع الناس، فمن منّا لا يحب أن يعلم الكثير حول ذاك الشعور المكتنف بالغموض والذي يجترح العجائب، وعن تلك الأحلام التي تنثال صوراً عند انطلاق لا شعوره من معتقله عند نومه؟!! الصبغة الانثربولوجية لمؤلفات وأبحاث الوردي[عدل]
يعتبر على الوردي رائد علم الاجتماع في العراق وهو من القلائل الذين كتبوا عن هذا المجتمع ونذروا له حياتهم, والى الآن لم يخلفه أحد. صرّح علي الوردي في مقابلة قبل وفاته بفترة قصيرة أنه ألف عدة كتب وطلب من ورثته نشرها بعد موته, ورغم مرور أكثر من عشرة سنوات لم نر أي كتاب من تلك الكتب التي بقيت بحوزة الورثة.
- كما حلل أصول المهاجرين وتميزت مؤلفات وأبحاث الوردي بالصبغة الانثرولوجية حيث ما أنفك يبحث عن الكثير في واقع مجتمع العراق والمجتمع البغدادي وعاداته وتقاليده المتحدرة من عهود الخلافة العباسية.وعن المناسباتالدينية وأهميتها في حياة الفرد البغدادي كالمولد النبوي الشريف وذكرى عاشوراء.
- وشن حملة شعواء ضد بعض رجال الدين خصوصا في كتابه وعاظ السلاطين ومهزلة العقل البشري وأتهمهم بالوقوف إلى جانب الحكام وتجاهل مصالح الأمة على حساب مصالحهم الضيقة متخاذلين عن واجبهم الديني.
- ذكر الدكتور علي الوردي كيف كان حكام الدول الإسلامية يستخدمون الوعاظ لتبرير ظلمهم. وذكر السبب الذي من ورائه انجر الوعاظ لمسايرة السلاطين
وهو حب النفس. ولقد إدعى الوعاظ أنهم يفعلون ما يفعلون لـ "مصلحة الإسلام والمسلمين".
- وكان الدكتور علي الوردي، عراقي حتى النخاع في كل شيء، فكان يعيب على المؤرخين العراقين نسبتهم الامام أبو حنيفة إلى بلاد الأفغان ويقول ان ابي حنيفة رجل عراقي من عرب العراق الذين استوطنوه قبل الإسلام، ويعيب عليهم قولهم ان الشيخ عبد القادر الجيلاني ،إيراني الولادة في ظل روايات تقول بعراقية مولده ،وكذلك في نسبة الجواهري لفارس وهو العراقي الصميم، وكان يشعر بالاسى ويتحسف على نسبة رموز بغداد إلى غير العراق.
- يميل الدكتور الوردي للواقعية في تحليلاته الاجتماعية على طريقة ابن خلدون وميكافيللي، ويعتبر مجدد علمهم في العصر الحديث.
مؤلفاته[عدل]
كتب الوردي ثمانية عشر كتابا ومئات البحوث والمقالات. خمس كتب منها قبل ثورة 14 تموز 1958 وكانت ذات أسلوب ادبي -نقدي ومضامين تنويرية جديدة وساخرة لم يألفها القاريء العراقي ولذلك واجهت افكاره واراءه الاجتماعية الجريئة انتقادات لاذعة وبخاصة كتابه " وعاظ السلاطين" الذين يعتمدون على منطق الوعظ والإرشاد الافلاطوني منطلقا من أن الطبيعة البشرية لا يمكن إصلاحها بالوعظ وحده، وان الوعاظ انفسهم لا يتبعون النصائح التي ينادون بها وهم يعيشون على موائد المترفين، كما اكد بانه ينتقد وعاظ الدين وليس الدين نفسه. اما الكتب التي صدرت بعد ثورة 14 تموز فقد اتسمت بطابع علمي ومثلت مشروع الوردي لوضع نظرية اجتماعية حول طبيعة المجتمع العراقي وفي مقدمتها كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ومنطق ابن خلدون ولمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الذي صدر في ثمانية اجزاء.لقد تنبأ الوردي بانفجار الوضع مثلما تنبه إلى جذور العصبيات التي تتحكم بشخصية الفرد العراقي التي هي واقع مجتمعي تمتد جذوره إلى القيم والأعراف الاجتماعية والعصبيات الطائفية والعشائرية والحزبية التي ما زالت بقاياها كامنة في نفوسنا. وكذلك إلى الاستبداد السلطوي، الزمني والتزامني، الذي شجع وما يزال يشجع على اعادة إنتاج الرواسب الاجتماعية والثقافية التقليدية القديمة وترسيخها من جديد، كما يحدث اليوم.
لم يثر كاتب أو مفكر عراقي مثلما اثاره علي الوردي من افكار نقدية جريئة. وكان من البديهي ان يتعرض للنقد والتجريح والهجوم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار(حيث صدرت حول افكاره خمسة عشرة كتابا ومئات المقالات)، حتى انطبق عليه المثل العراقي المعروف " مثل السمك مأكول مذموم".والحقيقة كان على الوردي أول عالم اجتماع عراقي درس شخصية الفرد العراقي وطبيعة المجتمع العراقي بجرأة وصراحة وحلل الظواهر الاجتماعية الخفية والسلوكات الفردية والجمعية ووجه الاهتمام إلى دراستها وتحليلها ونقدها. وهو بهذا دفعنا إلى اعادة النظر في خطابنا الفكري والاجتماعي والسياسي والى ضرورة ان ننزل من ابراجنا العاجية وان نعي واقعنا بكل ايجابياته وسلبياته.فقبل أكثر من نصف قرن قال على الوردي بان على العراقيين ان يغيروا انفسهم ويصلحوا عقولهم قبل البدء بإصلاح المجتمع، لان التجارب القاسية التي مر بها الشعب العراقي علمته دروسا بليغة, فاذا لم يتعض بها فسوف يصاب بتجارب اقسى منها.! وعلى العراقيين ان يتعودوا على ممارسة الديمقراطية حتى تتيح لهم حرية الرأي والتفاهم والحوار دون أن تفرض فئة أو قبيلة أو طائفة رأيها بالقوة على الاخرين. كما قال: "بان الشعب العراقي منقسم على نفسه وفيه من الصراع القبلي والقومي والطائفي أكثر من اي بلد آخر. وليس هناك من طريق سوى تطبيق الديمقراطية, وعلى العراقيين ان يعتبروا من تجاربهم الماضية, ولو فلتت هذه الفرصة من ايدينا لضاعت منا امدا طويلا." لقد صدق علي الوردي, فالعراق اليوم يقف في مفترق طرق, وليس امامه سوى ممارسة الديمقراطية(الحقيقية) حتى في ابسط اشكالها وآلياتها، فهي الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة العصيبة. المولف محمد العبيدي
وفاته[عدل]
توفي العلامة الدكتور علي حسين الوردي في ( 13 تموز 1995 ) بعد صراع مع مرض لسرطان ، ولم يتمكن الأطباء من معالجته لأفتقار المستشفيات العراقية آنذاك إلى الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على العراق, سافر إلى الأردن ليتلقى العلاج في مدينة الحسين الطبية و ثم عاد إلى العراق ليقضي نحبه فيه. و قد كتب احدهم وقتها مقالة, اتهم فيها الولايات المتحدة الأمريكية بقتل الوردي بسبب الحصار الظالم التي فرضته على العراق مما شح معه الغذاء و الدواء.[3]وبعد احتلال العراق عام 2003 كتب الراحل الكبير العلامة الدكتور كامل مصطفى الشيبي مقالة قال فيها: أن الوردي مات مرتين, تطرق فيها إلى العملية النكراء الذي قام بها جلال الدين الصغير حيث استحوذ على جامع براثا في كرخ بغداد و انشائه قاعات وابنية في المقبرة الملاصقة للجامع, وقد اكلت هذه الأبنية قبور ثلة من كبار علماء العراق, ومن ضمنهم قبر الوردي.[3]