Tuesday 20 March 2012
مصر: مراسم تشيع جثمان البابا شنودة إلى مثواه الأخير_ فيديو
عشرات الآلاف اصطفوا أمام الكاتدرائية لتوديع البابا شنودة
تشيع مصر اليوم الثلاثاء جثمان البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية الذي توفي يوم السبت عن 89 عاما، إلى مثواه الأخير بحضور لافت للمسؤولين الحكوميين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين وأعضاء المجلس العسكري الأعلى الذي يدير شؤون الحكم في البلاد.
فقد احتشد آلاف المشيعين في الكاتدرائية المرقسية، وفيها مقر البابا وسكنه، في منطقة العباسية بشمال القاهرة حيث أُقيم القداس الجنائزي.
وسيدفن البطريرك رقم 117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في دير بمنطقة وادي النطرون في الصحراء شمال غربي القاهرة بحسب وصيته.
وقالت صحف محلية ان المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد خصص طائرتين عسكريتين لنقل جثمان البابا ومرافقي الجثمان من الأساقفة من القاهرة إلى مقر الدفن.
وكان عشرات الآلاف من رعايا الكنيسة والمسلمين قد احتشدوا على مدى الأيام الثلاثة الماضية في الكاتدرئية المذكورة وحولها لإلقاء نظرة الوداع على البابا الذي نال احترام المصريين لحرصه على الوحدة الوطنية ورفضه زيارة القدس بعد معاهدة السلام مع إسرائيل "قبل قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"
حداد عام
وكانت حالة الحداد العام قد أُعلنت في البلاد تزامنا مع تشييع جنازة البابا الذي سيدفن في دير الأنبا بيشوي حسب وصيته.
فقد أصدر المشير طنطاوي قرارا بإعلان "حالة الحداد العام" في البلاد يوم الثلاثاء تزامنا مع تشييع جنازة البابا شنودة.
وكان عشرات الآلاف قد اصطفوا منذ صباح الأحد خارج الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع على البابا شنودة الذي وضع جثمانه في نعش قبل أن يوضع فوق الكرسي البابوي وهو في كامل ملابسه البابوية.
وبلغ التدافع ذروته بعد أن امتد طابور المنتظرين لإلقاء نظرة الوداع على جثمان البابا إلى اكثر من كيلومتر.
وأفادت أنباء بوفاة ثلاثة اشخاص بسبب التدافع والاختناق أمام الكاتدرائية.
جدول زمني
وتوفي البابا السبت الماضي عن عمر ناهز 89 عاما بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان.
ويشكل أقباط مصر نحو 10 في المئة من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة، ما يجعلهم أكبر أقلية مسيحية في منطقة الشرق الأوسط لكن مصر ترفض وصفهم بالأقلية.
وكان البابا شنودة دعا السلطات المصرية إلى بذل المزيد من الجهود بعد تعرض الأقباط إلى هجمات خلال السنوات الأخيرة.
ويقول مراسل بي بي سي في القاهرة، جون لين، إن الكنيسة لم تحدد جدولا زمنيا بعد لاختيار خلفه الذي سينتخب من قبل مجمع يضم كبار الأساقفة.
وقدم الكثير من القادة العالميين تعازيهم في وفاة البابا ومن ضمنهم بابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا بنديكتوس السادس عشر والرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصف البابا شنودة بأنه كان "نصيرا للتسامح والحوار الديني".
دير الأنبا بشوي: المثوى الأخير للبابا شنودة الثالث
أوصى البابا بدفنه في دير الأنبا بشوي في وادي النطرون
ثمة رابط قوي يجمع بين البابا شنودة الثالث، بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ودير الأنبا بشوي في وادي النطرون، فداخله وصل إلى البابا شنودة الثالث -قبل أكثر من أربعة عقود- نبأ اختياره بطريركا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ويؤكد القمص عبد المسيح بسيط، مدير معهد دراسات الكتاب المقدس، على قوة العلاقة التي تربط بين البابا شنودة الثالث ودير الأنبا بشوي، موضحا أن البابا كان يقضي عدة أيام أسبوعيا داخل الدير، مستغرقا في صلاوته بعيدا عن القاهرة والأسكندرية.
وقد ترهبن البابا شنودة الثالث عام 1952 في دير السريان الملاصق لدير الأنبا بشوي، وبعد أن انتخب بطريركا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1971، أصبح دير الأنبا بشوي مقره الرئيس.
ويعود البابا شنودة الثالث -بعد نحو 41 عاما على توليه رئاسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية- إلى نفس المكان الذي اعتزل داخله إبان خلافه مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
صلاة الجنِّاز
ترأس الأنبا باخوميوس، الذي اختير قائم مقام البطريرك إلى حين اختيار البطريرك 118، صلاة الجنّاز للبابا شنودة الثالث في مقر الكاتدرائة بالعباسية.
وحضر الجناز بطريرك أثيوبيا باولوص، وبطريرك السريان الأرثوذكس مار أغناطيوس زكا الأول عيواص، وعدد كبير من الآباء الأساقفة والآباء أعضاء المجمع المقدس، وأباء من كافة الكنائس والطوائف الأخرى.
ويوضح القمص عبد المسيح بسيط أن مراسم صلاة الجنِّاز على البابا شنودة الثالث، الذي ولد في الثالث من أغسطس/آب 1923، لا تختلف عن تلك التي تقام على أي مسيحي، إلا أنها تتضمن دعوات خاصة.
وعقب انتهاء المراسم صلاة الجنّاز داخل الكاتدرائية، تنقل طائرة عسكرية جثمان البابا شنودة الثالث إلى دير الأنبا بشوي، حيث سيتجه كافة الآباء الأساقفة ومن يرغب من الآباء الكهنة لمراسم الدفن التي سيحضرها كافة الآباء الكهنة داخل الدير دون إقامة صلوات أخرى.
ويوضح القس بنيامين ابراهيم، كاهن كنيسة رئيس الملائكة رافائيل بالمعادي، أن مدفن البابا سيصبح مزارا يتوافد عليه الأقباط لأخذ البركة.
تاريخ الدير
يوضح الموقع الاليكتروني الرسمي لدير الأنبا بشوي بوادي النطرون أن الدير أنشئ في أواخر القرن الرابع الميلادي تحت قيادة الأنبا بشوي كتجمع للرهبان.
وتعهد البابا شنودة الثالث بتعمير الدير، فعين له أسقفا عام 1975 وأسس به مقرا بابويا يقضي فيه بعض خلواته.
ويشير القمص بسيط إلى أنه عند إجراء القرعة الهيكلية عام 1971 لاختيار البطريرك رقم 117، ذهب البابا شنودة الثالث إلى دير الأنبا بشوي لإقامة الصلوات إلى جوار جثمان الأنبا بشوي، حيث جاء إلى البابا شنودة الثالث خبر اختياره بطريركا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ويقول القس بنيامين ابراهيم، الذي عينه البابا شنودة الثالث كاهنا عام 1978 داخل دير الأنبا بشوي، إن البابا شنودة الثالث قام بتعمير الدير وأقام فيه كنيسة كبيرة وأسس لرهبنة جديدة تضم مجموعة من الآباء البتوليين المنقطعين عن العالم للعبادة الخاصة داخل الدير.
ويتوسط الدير حديقة واسعة تحيط بها عدة مبان، حيث توجد من الجهة البحرية قلالٍ (أماكن بسيطة يعيش فيه الراهب ليقضي حياته النسكية التعبدية) مشيدة منذ حوالي 60 عاما.
وتوجد في الجهة القبلية للحديقة قلالٍ قديمة من القرن التاسع عشر، بينما يوجد في الجهة الغربية الطافوس (وهي مقبرة الرهبان).
واهتم البابا شنودة الثالث ببناء قلال جديدة للرهبان، مع إنشاء بيوت للخلوة والضيافة.
وحرص على زراعة مساحة كبيرة من الأراضي، وافتتاح مكاتب حديثة وعيادة مجهزة لعلاج الآباء الرهبان. كما افتتح مقران للدير داخل القاهرة والأسكندرية.
وبعد أكثر من أربعة عقود على رأس السلطة الكهنوتية العليا بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يعود البابا شنودة الثالث إلى الدير الأنبا بشوي، الذي أوصى بأن يكون مثواه الأخير.
مراسم القداس الجنائزي "البابا شنودة الثالث"
BBC