بيروت- روتانا
التجميل شغلنا الشاغل، وحديث الناس جميعاً، وهو اليوم لم يعد يقتصر على المشاهير ومن هم تحت الأضواء، فأصبح يقبل عليه الرجال والنساء، ومن كل الأعمار، خصوصاً تلك التي تراوح بين 17 و60 سنة،
ولكن السؤال هذا الإقبال الشديد نابع من قلة ثقة بالنفس أم أنه حب للجمال أم من أجل تقدير الشخص أكثر لذاته أم أنه من أجل إبعاد فكرة شبح الموت أم أنه فقط من أجل رؤيتنا في أعين الآخرين؟ وهل التجميل يزيد الثقة بالنفس ويجعلنا نقبل ذاتنا أكثر أم له مفعول عكسي وسلبي؟
أهمية التجميل
يرى الدكتور أنطوان شرتوني المحلل والمتخصص في الأمراض النفسية أن "التجميل مهم لبعض الوظائف التي تطلب مظهراً جميلاً، وأن الرجال يقبلون على التجميل كما النساء، لكن الخطورة تكمن في هوس المرء بجراحات التجميل"،
مضيفاً: "إن الطب التجميلي مهم جداً في حياتنا المعاصرة، خصوصاً إذا كان المرء يحتاج بالفعل إلى إجراء جراحة تجميلية كما في حالات الحروق أو العيوب الخلقية، أما نوع هذه الجراحات فيختلف باختلاف الأعراق والأجناس، وأكثر جراحات التجميل التي تشهد إقبالاً كثيفاً هي تجميل الأنف، تكبير الشفاه والخدود وشد الجفون وتكبير الثديين "عند النساء وتصغيره عند الرجال" وشفط الدهون.
وبالنسبة إلى مخاطر جراحات التجميل أوضح الدكتور شرتوني: "لا يمكننا أن ننكر الخطورة الطبية والجسدية والنفسية التي يمكن أن تظهر قبل أو خلال أو بعد جراحات التجميل،
ويمكن اعتبار الخطورة الكبرى في هذه الجراحات في دخول المرأة أو الرجل في دوامة جراحات مستمرة، فمثلاً تبدأ المرأة بجراحة للأنف ثم تنتقل إلى أخرى لشفتيها ثم تنتهي بجراحات لكل وجهها وجسمها حتى تتحول إلى امرأة أخرى يكاد زوجها لا يعرفها البتة، وتصبح هذه الجراحات هوساً حقيقياً يراود المرأة كل يوم.
هوس أم غيرة؟
أما عن سبب هذا الهوس، وهل هو فقط من أجل البقاء بصورة جميلة أمام الآخرين أم أنه من الممكن أن ينبع من الغيرة أم من أجل الابتعاد عن فكرة الموت التي تراود كل شخص، فبقاء الشكل الخارجي جميلاً يقلل من "قلق الموت" أو هي فقط حب "عمر الشباب" والتمثل بجمال الشهيرات السمراوات والشقراوات على حد سواء،
قال الدكتور شرتوني هناك العديد والعديد من التفسيرات والتحاليل التي يمكن أن تتناول أسباب الإقبال على تلك الجراحات، وطبعاً لا يجد سبب واحد يجعل المرأة تخوض هذه المعركة بينها وبين شكلها الخارجي.
الثقة بالنفس
وبالنسبة إلى السؤال الأهم هل جراحات التجميل تزيد من الثقة بالنفس وهل لديها تأثير إيجابي خاص بالنساء، ما يفسر كونهن أكثر من يهرع إليها، يقول الدكتور شرتوني: "كثيرون يعتبرون أن الجراحات التجميلية تزيد الثقة بالنفس،
لكن هذه النظريات كلها غير صحيحة وغير دقيقة، فمن خلال دراسات نفسية وتحليلية عدة، بان واضحاً أن الجراحات التجميلية لا تزيد من الثقة بالنفس وتقدير الذات، كما أنها لا تغير نظرة الشخص الأساسية لنفسه، للتجميل تأثير مؤقت وإيجابي لقبول الذات كما هي،
ولكن بعد مرور الوقت، سيشعر الشخص بعيب آخر في جسمه، لذا سيلجأ من جديد إلى جراحة أخرى بسبب شعور بقلة الثقة بنفسه والتي سيداويها جراحة أخرى،
ولكن لا يمكننا تعميم هذه النظرية، أن نعتبر أن جراحات التجميل ليست دواء للثقة بالنفس، كونها ذات هدف "ترميمي" أي تلك التي تعتمد على إعادة تشكيل الجسم، والتخلص من العيوب الخارجية فيه، يمكنها إعادة ثقة الشخص بنفسه وتقديره الذات.