هل أنا على صواب؟
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ()
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا () سورة الكهف
كثيرا ما نحسب أننا نحسن صنعا في كثير من المواقف الأجتماعية, و لا نعلم بأننا كنا سبب لخراب ما أو لمشكلة ما و لكني حسبت أني أحسن صنعا و أني لم أخالف الشرع و لا الأخلاق و لا المبادئ.... ثم بلحظة ما تنصلت و خرجت و ألقيت باللائمة و أتهمت غيري بأنه صاحب الخطأ .
و في لحظة ما تبادر إلى ذهني سؤال حيرني، فكرت فيه طويلاً، ثم أخذت في إقناع نفسي بإجابة تريح ضميري انه أصعب سؤال قد أواجهه، لأنه ببساطة شديدة نابع مني وموجه إلي، وربما لأن نفسي البشرية هي الممتحنة الوحيدة التي لا أستطيع الفرار منها! ولهذا قد أقف أمام ذلك السؤال ذي علامة الاستفهام الكبيرة: “هل أنا على صواب؟” ذلك بأن أصعب عقاب لمن يرتكب المعاصي ويخالف تعاليم دينه ومجتمعه ومبادئه التي غرست فيه منذ نعومة أظفاره هو تأنيب الضمير. فكم من مخطئ اعتذر عن تصرفه لشعوره بتأنيب الضمير! وكم من شخص تراجع عن ارتكاب الجريمة لخوفه من احتقار الذات! و كم من فعل دسيس ارتكبته و بررته بالصواب ... ومن هنا استغل الشيطان هذه النقطة عند الإنسان، فكان إيجاد المبررات والأعذار هو البداية لارتكاب الجريمة حيث يريح الإنسان نفسه من عذاب الضمير، لأن النفس البشرية بطبيعتها لا تحب أن تكون مسؤولة عن الشر، تلك الأعذار التي أصبحت تملأ مجتمعاتنا، وتلك الحجج الواهية التي لم يعد بإمكاننا الاستغناء عنها.
فتش حولك، في كل مكان، فستجد بعض العبارات السلبية التي تنطلق محررة الناس من مسؤولياتهم والتزاماتهم ولكنها إن كانت اليوم تحررهم في لحظة تخاذلهم، فلا شك في أنها ستقيدهم في المستقبل غير البعيد.
مفاهيم خطأ غرست في عقولنا، يظن البعض أنه فرد واحد في مجتمع كبير فماذا يمكنه أن يفعل! يعتقد أنه أسير مكتوف اليدين!
في أحد أحياء مدينتي كانت هناك منطقة مملوءة بالقمامة والنفايات، كان الجميع ضجرين منها، ولكن لم يهم أحد بالتخلص منها، لأنه كان يقول: لماذا أنا بالذات؟ هناك غيري من السكان. وهكذا أراحوا ضمائرهم حتى لا تؤنبهم! كلهم كانوا كذلك إلا واحداً بدأ بالعمل وحده وفجأة انضم إليه الواحد تلو الآخر، ربما لأنه شجعهم وغرس فيهم الحماس، وربما لأنهم خجلوا منه عندما رأوه يعمل وحده أياً كانت الأسباب، فالناس بحاجة إلى من يبدأ لينطلقوا وراءه فابدأ بنفسك وعالجها من الأوهام المرضية.
أذن هذا الشخص أحسن صنعا لأنه شارك بعمل جيد و لم يتنكر لعمله بل تصدى لمسؤولية عمله.
لكل شئ في الحياة عبرة و حكمة فلنستفد من أخطاءنا و أخطاء غيرنا و نصلح ذواتنا علّنا نكون مشمولين برحمة خالق الأكوان البارئ الرحمن ...فإن الخسارة الكبرى هي أن لا تشمل برحمة الله جل و علا ....
أعتذر كثيراً عن الإطالة ...و شكرا لكل قارئ