اخر اخبار رئيس الوزراء حيدر العبادي2015/خطاب حيدر العبادي
كلمة رئيس الوزراء حيدر العبادي في مؤتمر ميونخ للأمن
حث رئيس الوزراء، الدكتور حيدر العبادي، خلال كلمته في مؤتمر ميونخ للامن امس في المانيا، بلدان العالم اجمع على مضاعفة جهود القضاء على "داعش" وتوسيع حجم الدعم المقدم للعراق في هذا الاطار، مؤكدا للحاضرين: ان شعب العراق يقف على الخطوط الأمامية في محاربة الإرهابيين الذين فاق تمويلهم وتنظيمهم وبشاعة دمويتهم كل الإرهابيين على وجه الأرض.
وفيما يلي نص الكلمة:
يسرني أن أكون بين الحضور في مؤتمر ميونخ للأمن.
لقد طلب مني اليوم أن أتناول السؤال التالي: "هل الحرب ضد الإرهاب حرب خاسرة؟"
أقول بكل بساطة؛ لا ينبغي لنا، كما لا يمكن أن نخسر هذه الحرب. ونحن ممثلون بكل دول العالم سننتصر بالتعاون معا من خلال اتباع ستراتيجية منسقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، وبالوقوف متحدين ضد عدونا المشترك - ألا وهو - الإرهابيون العابرون للحدود .
كلنا يعلم أن شعب العراق يقف على الخطوط الأمامية في محاربة الإرهابيين الذين فاق تمويلهم وتنظيمهم وبشاعة دمويتهم كل الإرهابيين على وجه الأرض. ولكن، وكما أثبتت الأحداث الأخيرة جلياً، أن الإرهاب الدولي يهدد جميع شعوب العالم.
يدَعي تنظيم داعش زوراً بأنه يدافع عن السنَّة، ولكن في العراق، داعش يذبح السنّة والشيعة على حد سواء، ويدمر دور عبادة كل الأديان ويدنس المواقع المقدسة لجميع المعتقدات.
همجية داعش عمياء، وليس لوحشيته حدود. فقد حرق الطيار الأردني، وقطع رؤوس الأسرى اليابانيين. فأينما كانت منطقتنا، وأياً كان ديننا، نحن جميعا تحت خطر تنظيم داعش المنحرف والمتعطش للدماء، الذي يقطع رؤوس الأبرياء، ويحرق السجناء وهم أحياء، ويبيع النساء والأطفال في سوق النخاسة.
يجب القضاء على داعش نهائياً وبلا رجعة. وعندما يتحقق النصر في تلك الحرب، ينبغي لنا أن نعمل معا على إعادة بناء العراق، ولم شمل منطقتنا، ومساعدة أولئك الذين مزق الإرهاب حياتهم. كما ينبغي لنا ألا ندع الخلافات الجديدة تؤدي إلى دوامة أخرى من الانقسام والفتنة والتطرف المدمر.
وأود اليوم مناقشة التقدم المحرز في العراق وما يتوجب علينا فعله معا لاستئصال شأفة الإرهاب العابر للحدود، وهذه المرة إلى الأبد، الآن ودون رجعة.
عندما تولت الحكومة الجديدة مهامها في أيلول الماضي كانت تواجه تحديات جسيمة.
كانت ثلث أراضي العراق تحتلها داعش، وحصل انخفاض هائل في أسعار النفط، وشرِّد الملايين من العراقيين مع مقتل الآلاف منهم.
احتلت الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، وانحلَّ جزء كبير من جيشنا. كانت داعش تهدد بغداد، وكان مصير أمتنا ضبابياً.
في مواجهة هذه التهديدات، شكلنا حكومة تمثلت فيها كل الكتل السياسية الرئيسة والمجاميع الإقليمية والدينية والعرقية الموجودة داخل مجتمعنا المتنوع. والتوافق السياسي الداخلي الذي صغناه من رؤيتنا المشتركة للعراق الموحد، يعزز جهودنا في جمع كل العراقيين معا لمواجهة التحديات الصعبة، التي تشمل الإرهاب والفساد والضائقة الاقتصادية، التي نتجت إلى حد كبير من هبوط الأسعار وانخفاض الإنتاج في الصناعة النفطية.
على مدى الأشهر الستة الماضية، بدأت الحكومة الجديدة جهودها لتجنيد واكتساب الجنود الجدد وإعادة هيكلة قواتنا المسلحة وإصلاحها. لقد توصلنا إلى اتفاقات مع إقليم كردستان والعشائر السنيّة. ونحن نتعاون مع التحالف الدولي ضد داعش، ونحقق ضربات عنيفة، في حين نسعى لحماية واحترام حقوق الإنسان وتطبيق سيادة القانون. وفي الأسابيع القليلة المنصرمة، مرّت داعش بانتكاسات كبيرة.
في الجزء الشرقي من بلادنا، نجحت القوات العراقية بتحرير محافظة ديالى بالكامل.وبدعم من الضربات الجوية التي وجهها التحالف الدولي، تمكنا من استعادة مناطق قرب الموصل، ونحن نستعد لتحرير ثاني أكبر مدينة عراقية، وتخليص شعبها من وحشية داعش البربري، ونعالج انهيار الخدمات الأساسية فيها.كما أحرزنا تقدما كبيرا في الانبار، حيث يجري تسليح وتدريب أربعة آلاف مقاتل من العشائر.
وفي الوقت الذي نحارب داعش فيه، تحافظ حكومتنا على التزاماتها. إذ نقوم بإصلاح الحكومة، والتوفيق بين العديد من شرائح مجتمعنا، ونعيد هيكلة قواتنا المسلحة، كما نعمل على تطوير وتنويع اقتصادنا.للمرة الأولى منذ عام 2003، أقرت الحكومة والبرلمان الميزانية في الوقت المناسب، بل في وقت قياسي. وأمكن تحقيق ذلك بسبب العلاقة الإيجابية التي تربط بين الحكومة والبرلمان.
خصصت الميزانية الاتحادية التي أقرت مؤخرا، مبالغ لقوات البيشمركة الكردية باعتبارها جزءاً من القوات المسلحة العراقية الاتحادية.إننا نخطو خطوات كبيرة في ترميم العلاقات مع العشائر السنية التي تستوطن المناطق التي تسيطر عليها داعش الآن. العديد من هذه القبائل اليوم، تقاتل جنبا إلى جنب مع - وليس ضد - قوات الأمن العراقية. كما ندمج عشرات الآلاف من المتطوعين الذين هبوا للدفاع عن بلدهم. وقد خصصت ميزانيتنا 900 مليون دولار لهؤلاء المتطوعين (قطعات الحشد الشعبي). وسيتم نقل هذه الأموال إلى التشكيل الجديد (الحرس الوطني).
يعد إنشاء الحرس الوطني خطوة واحدة من خطوتين مهمتين تتخذهما حكومتنا الآن وفي الأسابيع المقبلة لمواصلة توحيد مجتمعنا وتعزيز أمننا.
وافق مجلس وزرائنا للتو على مشروع قانون تأسيس الحرس الوطني، وذلك وفاءً لأحد الوعود الرئيسة التي قطعتها حكومتنا. إن إنشاء الحرس الوطني يعكس التزام حكومتنا بتحقيق الاستقرار في العراق بأجمعه، وضمان مساءلة جميع الوحدات المسلحة العاملة في بلدنا.سيضم الحرس الوطني المقاتلين، الذين نهضوا للدفاع عن بلادهم من جميع محافظات العراق، عندما انهارت قطعات كبيرة من جيشنا في الصيف الماضي. من خلال إدراج هؤلاء المقاتلين كافة، بغض النظر عن أعراقهم أو طوائفهم أو دياناتهم، سيضمن الحرس الوطني التمثيل العادل لكل شريحة من شرائح المجتمع داخل القوات المسلحة.
لقد قاتلت الغالبية العظمى من هؤلاء المقاتلين العراقيين ببسالة ضد داعش. وضحى الكثير منهم بحياته. بيد أن البعض للأسف، ارتكب انتهاكات ضد المواطنين العراقيين. لكننا لن نتسامح مع المنتهكين. وسوف تتولى إدارة الحرس الوطني قيادة موحدة خاضعة لمحاسبة الحكومة، وسيعمل في إطار سيادة القانون؛ وسوف يحترم حقوق جميع العراقيين.
في خطوة مهمة أخرى نحو المصالحة، أقر مجلس الوزراء العراقي إجراء التعديلات على قانون المساءلة والعدالة في البلاد، والمعروف باسم قانون اجتثاث البعث. منع هذا القانون، في الماضي، أعضاء حزب البعث السابقين - ومعظمهم من السنّة - من الالتحاق بالوظائف الحكومية. أما في المستقبل، فستراعي هذه التعديلات تعزيز التسامح والشمولية.
العراق يؤدي دوره على الجبهتين الحربية والداخلية. وبينما نتصدر القتال نيابة عن البشرية جمعاء للقضاء على داعش، نحتاج إلى مزيد من الدعم من شركائنا الدوليين.ومن أجل تسليح وإعداد قواتنا المسلحة، يلزمنا المزيد من الاسلحة ومزيد من التدريب والعتاد.
ولغرض الحصول على الأسلحة الأكثر فاعلية التي نحن في أشد الحاجة إليها الآن، نطلب من أصدقائنا مساعدة العراق على شراء هذه الأسلحة المتقدمة على أساس الدفع الآجل.
ولحماية بلداننا جمعاء، نتطلع إلى مزيد من الدعم من شركائنا الدوليين في مجال الاستخبارات وتبادل المعلومات.
ولكون الإرهاب لا تحده حدود، من المهم جدا أن تساعد دول الجوار والحلفاء على وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق. كما نحتاج لمساعدة المجتمع الدولي، من خلال مؤسساته المالية لتجميد تمويل داعش .
تسعى حكومتنا جاهدة وهي تقاتل الإرهاب، الى تحقيق الاستقرار في مجتمعنا من خلال التحكم في الإنفاق العام، وتنويع الاقتصاد، وإعمار البنى التحتية المادية وتقديم الخدمات الاجتماعية.وفي هذه الأثناء نعمل على تقليل اعتمادنا على عائدات النفط.
سوف أعلن في الاسبوع المقبل، مبادرة جديدة لتحفيز الاقتصاد من خلال دعم القطاع الخاص. سوف نعمل على تخفيض الأنظمة المرهقة والبيروقراطية، وخصخصة بعض الشركات المملوكة للدولة وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.
ونحن نسعى أيضا لإصلاح الدمار الذي سببته داعش .على الرغم من أننا في خضم الحرب، خصصت حكومة العراق 34 في المئة من الميزانية الاتحادية للاستثمار في مستقبل البلد.
وقد خصصنا مليارين ومئة مليون دولار لمساعدة نحو مليون شخص من المهجرين داخلياً فضلا عن أربعمئة وأربعين مليون دولار أخرى لصندوق إعادة إعمار المناطق التي دمرتها داعش .
الآن، نحن نطالب المجتمع الدولي بالانضمام إلى الشعب العراقي في الإسهام بصندوق إعادة الإعمار هذا. بالإضافة إلى الضرورة الإنسانية الملحة في مساعدة المحتاجين. إن جهودنا تنطلق من إيماننا بأن داعش ظاهرة عالمية خبيثة يجب القضاء عليها. ونحن ندرك أنه من أجل القضاء عليها نهائيا، لا ينبغي لنا دحرها حسب، بل معالجة أسبابها الجذرية.
لو تأملنا المشهد ما بعد هزيمة داعش.. لصممنا على خلو الشرق الأوسط من أي موجة أخرى من الانقسامات الطائفية والعنف التطرفي والتعنت التي تتجلى بداعش لأنه لن يستوعبها.
ينبغي أن تعزز الدول المجاورة الحوار الإقليمي الجاد مع العراق وتتبناه، وأن يحل التعاون محل الصراع والتسامح محل الإرهاب. وينبغي عدم التسامح أبداً مع خطباء الجمعة الذين يحرضون على البغضاء للعقائد الدينية المخالفة.
في الوقت الذي نعمل فيه على تحقيق هذه الأهداف، يستمر العراق في تشجيع مزيد من التعاون مع جيرانه في المنطقة.
إننا كعراقيين نقوم بدورنا في النضال ضد التطرف العنيف وقلع مسبباته من جذورها. ومن أجل إحلال الأمن في المنطقة والعالم، نطلب من المجتمع الدولي بأجمعه أن يقوم بدوره .
بعد ما يقرب من عشر سنوات من فرض حظر التجوال، سوف تشهد بغداد رفع حظر التجول للمرة الأولى غدا كشاهد على تحسن الأوضاع الأمنية وعلى عزم حكومتي على تخفيف القيود التي أثقلت كاهل مواطنينا واعادة الحياة الطبيعية الى بغداد ووضع حد لمعاناة الشعب الطويلة.
حق الشعب في الأمن أمر مفروغ منه في كثير من مدن العالم، غير أنه، وكما أظهرت الأحداث الأخيرة، تعرض هذا الحق لتهديد داعش حتى في بعض مدن العالم الأكثر أمانا، الأمر الذي حتم علينا السعي معا لضمان استعادة شوارع العراق شعورها بالأمن الذي حرمت منه طويلاً، ولكي لا تحرم أكبر مدن العالم من نعمة هذا الأمن الثمين الذي ما انفكت تتمتع به منذ زمن بعيد.
أشكركم على كل ما سننجزه في أيام وسنوات التحدي القادمة.
منقول