ماذا بعد كأس الأمم الآسيوية
07/02/2015
الكفّ عن ممارسة لعبة المدرب البديل والمدرب المؤقت
السير إلى مونديال روسيا يحتاج إلى خطوات جادة من قبل الاتحاد العراقي
محمد رحيم كريم / عن العرب اليوم
هناك من يقول إنه إنجاز، ومن يعتبر النتيجة مخزية، ويراها آخرون لا تليق بسمعة الكرة العراقية، في حين أن من يدافع عن المنتخب يرى أن المركز الرابع نتيجة ملائمة للواقع، لكن المهم في الأمر هو خيبة الأمل لدى الجماهير الكروية العراقية المتيّمة بعشق أسود الرافدين وهي المحصلة النهائية للمشاركة العراقية في كأس الأمم الآسيوية.
بعد المشاركة العراقية في نهائيات كأس أمم آسيا بأستراليا، والتي سنتطرق إلى تفاصيلها وما رافقها وما سبقها وما سيلحقها من تبعات في سياق حديثنا، نرى أن الكرة الآن عادت من جديد إلى ملعب الاتحاد العراقي لكرة القدم فبعد إغلاق ملف كأس الأمم الآسيوية سيفتح عمّا قريب ملف التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم وهو الملف الأهم لدى متابعي الكرة في العراق.
فمسألة تحقيق الإنجاز والتأهل إلى كأس العالم مهمة تقع على عاتق الاتحاد أولا وأخيرا وطريق كأس العالم الطويل يبدأ بخطوة والسير إلى مونديال روسيا يحتاج إلى أخذ خطوات جادة والاستعداد مبكرا لهذا الحدث الرياضي.
أولى الخطوات الواجب اتخاذها من قبل الاتحاد العراقي هي إيجاد مدرب للمنتخب لأن راضي شنيشل، الذي قاد أسود الرافدين في أمم آسيا، عاد إلى عمله في تدريب نادي قطر القطري بعد إكمال مهمته في تدريب المنتخب لمدة شهر ولم يتطرق إلى موضوع تدريب المنتخب. كما أن الاتحاد بدوره لم يعلن عن مستقبل شنيشل مع المنتخب والذي تنتهي مهمته مع نادي قطر في شهر مايو المقبل، فهل سيعود بعد انتهاء عقده لتدريب المنتخب؟ ولكن حتى ذلك الحين تكون مواعيد التصفيات قد قربت مما لا يتيح لراضي شنيشل الفترة الجيدة للإعداد والاختيار، وسيقع المنتخب مرة أخرى في نفس المشكل مما ينذر بكارثة جديدة وهي الخروج المبكّر من تصفيات كأس العالم وهو ما لا تريد الجماهير العراقية مجرد التفكير به وهي المتعطشة لأفراح يصنعها منتخبها الوطني بعد أن تعلمت العيش مع الأحزان في ظل الظروف التي يمر بها العراق والتي لا تخفى على الجميع.
إنجاز تاريخي
بالعودة للحديث عن شنيشل وما حققه مع المنتخب في أمم آسيا فهناك ما بين مشكك في قلة الخبرة لديه وما بين من يتحدث عن إمكانياته وعن تاريخه الكروي ومن يقول بأنه احتل المركز الرابع ويعدّه إنجازا تحقق في ظرف شهر. فماذا سيفعل لو كانت مهمته سنة أو أكثر أو سنوات عديدة مع توفر مباريات ودية ومعسرات تدريبية جيدة وبالمستوى المطلوب؟ لكن هل سيقتنع المدرب راضي بالعودة لقيادة أسود الرافدين وترك مهمته مع فرق الدوري القطري؟ و
من المتابعين من يقول إن راضي شنيشل عجز عن وضع الحلول التكتيكة للمشاكل التي كان يعانيها المنتخب والتي تسببت في خروجه من نصف النهائي وهي طريقة المنظومة الدفاعية والتي كانت سببا في اهتزاز الشباك تسع مرات في ست مباريات وهي نسبة عالية. لكن حديث كابتن المنتخب يونس محمود عن المدرب يؤكد أن شنيشل تحدث عن الإخلالات وحاول إصلاحها ومنها الضربات الثابتة التي جاءت عبرها الأهداف إضافة إلى سوء التمركز الدفاعي.
كما يؤكد محمود أن اللاعبين العراقيين لم يطبقوا كلام راضي شنيشل على الميدان وهذا أمر قد يدعو إلى التساؤل حول مميزات علاقة المدرب باللاعبين، وبالتأكيد فإن شنيشل لا يلام لأنه لم يختر اللاعبين أساسا وإنما اختار 23 لاعبا من أصل 30 الذين تكفل الاتحاد العراقي باختيارهم ورفع أسماءهم إلى الاتحاد الآسيوي.
نغلق الآن ملف راضي شنيشل ونعود إلى خيارات الاتحاد العراقي الأخرى والخيار الثاني هو إسناد المهمة ولو مؤقتا إلى الإطار التدريبي المساعد متمثلا في يحيى علوان ونزار أشرف والمدير الإداري باسل كوركيس، فهذا الإطار اختاره راضي شنيشل في البطولة لأنه يتمتع بخبرة واسعة وكفاءة تدريبية ممتازة حتى أن عدم اختيار الاتحاد لهم وبالأخص ليحيى علوان للتدريب أثار استغراب الجميع في الوقت الذي قبل هو بمهمة أن يكون مستشارا ونزار أشرف مساعدا.
هل يكون المدرب الأجنبي أفضل بديل لراضي شنيشل
فعلوان معروف في الشارع الرياضي العراقي والعربي بتاريخه المميز كلاعب وكمدرب رغم عدم تحقيقه لإنجازات لكنه يبقى الاسم اللامع في مجال التدريب ولا ننسى أنه أول من أدخل أسلوب الكرة الشاملة في لعب المنتخب العراقي. أما نزار أشرف ورغم سجله التدريبي الحافل وخاصة مع منتخبات الفئات العمرية والمنتخب الأولمبي، كونه درب هذه المنتخبات عدة مرات واستطاع اكتشاف العديد من الأسماء الكروية اللامعة في سماء الكرة العراقية، إلا أنه لم يحقق نتائج وبطولات مع هذه المنتخبات وكلما يذكر اسمه تعود الذاكرة إلى المنتخب الأولمبي المشارك في تصفيات أولمبياد سيدني وفشله في التأهل لذلك قد يكون خيارا مستبعدا رغم حنكة هذا الرجل في التعامل مع الظروف الصعبة.
الخيار الأصعب
نعود الآن إلى الخيار الأصعب للاتحاد العراقي ألا وهو مهمة اختيار مدرب أجنبي وما يرافقها من معوقات أولها الجانب المادي والذي ما ينفك الاتحاد عن الحديث في هذا الموضوع، في ظل قلة الاعتمادات المالية وعدم توفر الأموال الكافية إضافة إلى مطالبة المدربين الأجانب بمبالغ مرتفعة لكننا رغم ذلك نجد أن الاتحاد العراقي لا يواجه أيّ صعوبة في توفير الأموال للوفود المرافقة للمنتخبات وبأعداد وأرقام فوق المعدلات الطبيعية. ولسنا بعيدين عن الموضوع حين ألغي التعاقد مع البرازيلي لازروني في اللحظات الأخيرة وبعد مجيئه إلى أربيل لغرض التوقيع، لكن العقد لم يتم وقيل وقتها إن الأسباب مالية وأنه طالب بمبلغ مرتفع مع إطار مساعد يختاره هو، ما حدا بالاتحاد إلى إلغاء فكرة التعاقد معه وخسارة تكاليف سفره والتي قيل إنها بلغت ثلاثين ألف دولار حسب حديث الإعلام وهو مبلغ مكلف لميزانية الاتحاد المتواضعة كما أن هذا المبلغ كان من الممكن استثماره في مجال آخر.
كما أن تاريخ الاتحاد العراقي في إبرام العقود مع المدربين الأجانب ليس بالتاريخ الجيد فمنهم من لم يكمل مهمته مثل ميلان جيفادينوفيتش وستانج وآخرين دربوا المنتخبات لفترة قصيرة مقابل مبالغ طائلة حصلوا عليها مع نتائجهم غير المقنعة أحيانا وإقالتهم أحيانا أخرى وهو ما حدث مع زيكو المدرب المعروف والذي حصل على مبلغ العقد بالكامل بعد رفع القضية إلى المحكمة الرياضية.
لكن والحق يقال إن زيكو كان يعمل بجهد واستطاع تكوين منتخب يضم عناصر جيدة ولم تكن معروفة وجلب لاعبين استطاعوا تقديم مستويات ممتازة وصنع طريقة لعب جميلة ولسمته البرازيلية لا تزال واضحة لكن للأسف نتائجه لم تكن تلبي الطموح وكان الأجدر بالاتحاد إعطاءه فرصة أطول لكن ما حدث قد حدث.
مهمة اختيار المدرب الأجنبي ليست بالمهمة السهلة فكل الجماهير الرياضة في العراق تطالب بأن يتم اختيار مدرب أجنبي معروف وذي سمعة تدريبية جيدة وسبق وأن حقق إنجازات، ولعله يقدم بخبرته وحنكته شيئا جديدا للمنتخب العراقي. كما تطالب جماهير الكرة في العراق ألاّ يتم التعاقد مع مدرب لا يملك من الخبرة إلا النزر اليسير وليس له اسم كروي بارز. كما على الاتحاد العراقي ألاّ ينسى أن الوطن العربي أنجب مدربين لا يقلون شأنا عن نظرائهم الأجانب، فهم يمتلكون خبرة ممتازة وتاريخا حافلا بالإنجازات وتمكن الاستعانة بهم لتدريب الفرق الوطنية في العراق وخير دليل على ذلك ما فعله محمود الجوهري رحمه الله مع منتخب الأردن وقبلها مع منتخب مصر.
والعراق يمتلك العديد من المدربين المؤهلين لهذه المهمة والذين يتوقون لتدريب المنتخب الوطني ويمتلكون صفات المدرب الناجح والخبرة الواسعة في مجال التدريب سواء منهم من عمل داخل العراق أو خارجه، ومنهم من أبدى رغبته في تدريب المنتخب في حال توفر الوقت والظرف المناسبة. ولعل أبرزهم عدنان درجال، الذي قيل إنه كان من الأسماء المتداولة لتدريب المنتخب قبل أمم آسيا. أما حكيم شاكر، المقال بعد خيبة خليجي 22، فيفضل العمل مع الأولمبي.
أما عن الأسماء الأخرى فالحديث يطول ومنهم للذكر لا الحصر نجد عدنان حمد صاحب التاريخ المعروف وأيوب أوديشو وناظم شاكر ورحيم حميد وثائر أحمد والدكتور صالح راضي.
مهمة الاتحاد العراقي لكرة القدم تقتضي الآن إيجاد المدرب المناسب للمنتخب والكفّ عن ممارسة لعبة المدرب البديل والمدرب المؤقت مع توفير معسكرات تدريبية ومباريات تجريبية للوقوف على الأخطاء التي كلفت المنتخب الكثير من الخيبات، وبالأخص في الجانب الدفاعي وحراسة المرمى وإيجاد الحلول المناسبة لها.
فالفترة القادمة تتطلب العمل الجاد لأن الشهور التي تفصل أسود الرافدين عن تصفيات كأس العالم قليلة، وكلما مر الوقت زادت صعوبة المهمة وعلى الاتحاد التفكير في الجماهير المتعطشة للإنجازات والبطولات وبالأخص كأس العالم الحلم الذي يراود الجميع من أجل مشاهدة أسود الرافدين وهم يتأهلون إلى النهائيات. والكلمة التي توجه إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم هي: “الكرة الآن في ملعبك”.
أخر تحديث: