..الســــــــــــعادة ..
السعادة كلمة حقيقية قد لا نشعر بها وقد نشعر بها ولا نعرف بما نشعر
كل يراها بعين خاصة ووجهة نظر تختلف عن الآخريين .. فالبعض يراها في طاعة الله ورسوله صلى
الله عليه وسلم ،، والبعض يراها في القصور المشيدة ،، وهناك من يراها في جمع الأموال والذهب
والفضة ،، وأخر يراها في زوجة جميلة ،، ومنا من يراها في البساطة .... !
طبخ عراقي
اطلب السعادة في الحقول والغابات ، والسهول والجبال ، والأغراس والأشجار والأوراق والأثمار ،
والبحيرات والأنهار ، وفي منظر الشمس طالعةً وغاربة ، والسحب مجتمعة ومتفرقة ، والطير غادية
ورائحة ، والنجوم ثابتةُ وسارية ، واطلبها في تعهد حديقتك ، وتخطيط جداولها ، وغرس أغراسها ،
وتشذيب أشجارها ، وتنسيق أزهارها ، وفي وقوفك على ضفاف الأنهار ، وصعودك إلى قمم الجبال ،
وانحدارك إلى بطون الأودية والوهاد وفي إصغائك في سكون الليل وهدوئه إلى خرير المياه ، وصفيرالرياح,وحفيف الاوراق,وصرير الجنادب,ونقيق الضفادع.
اطلبها في مودة الإخوان وصداقة الأصدقاء ، وإسداء المعروف وتفريج كربة المكروب ، والأخذ بيد
البائس المنكوب .. ففي كل منظر من هذه المناظر ، أو موقف من هذه المواقف ؛ جمال شريف طاهر
يستوقف النظر ، ويستلهي الفكر ويستغرق الشعور ، ويحيي ميت النفس والوجدان ، ويملأ فضاء الحياة
هناءً ورغداً .
أنت شاعر أيها الإنسان بما تملك من أحاسيس ، وقلب الشاعر مرآة تتراءى فيها صور الكائنات
صغيرها وكبيرها ، ودقيقها وجليلها ، فإن أعوزتك السعادة ففتش عنها في أعمق قلبك ، فقلبك الصورة
الصغرى للعالم الأكبر وما فيه .
السماء جميلة ، والشاعر هو الذي يستطيع أن يدرك سر جمالها ، ويخترق بنظراته أديمها الأزرق
الصافي فيرى في ذلك العالم العلوي النائي ما لا تراه عين ، ولا يمتد إليه نظر .
والبحر عظيم ، والشاعر هو الذي يشعر بعظمته وجلاله ، ويرى في صفحته الرجراجة المترجحة صور
الأمم التي طواها ، والمدن التي محاها ، والدول التي أبادها ، وهو باقٍ على صورته لا يتغير ولا يتبدل
، ولا يبلى على العصور والأيام .
والليل موحش ، والشاعر هو الذي يسمع في سكونه وهدوئه أنين الباكين ، وزفرات المتألمين ،
وأصوات الدعاء المتصاعدة إلى آفاق السماء ، ويرى صور الأحلام الطائفة بمضاجع النائمين ،
وخيالات السعادة والشقاء الهائمة في رءوس المجدودين والحدودين ..!
فكيف ترونها إخواني الأعزاء وأخواتي الكريمات ..؟