11:00
2015-02-06
منذ ان سيطرت داعش على مدينة الموصل ثاني اكبر مدينة عراقية وتزداد قسوتها في فرض احكام على السكان هناك، بدأت من منع السكائر والكحول مرورا بالأزياء واليوم اللحوم المستوردة بهدف ترسيخ سيطرتها وفرض هيمنتها عبر ارهاب السكان، سكان محليون وصفوا الحياة تحت حكم الدواعش بأنها "الجحيم بعينه".
ويقول محمد ذنون الذي وصل بغداد بعد يوم ونصف من السفر برا فاراً من الموصل حيث اصطف في طابور امام دائرة الجوازات للحصول على جواز سفر "لم نعد نحتمل العيش تحت حكم داعش، ضننا في الايام الاولى لدخولهم بعد هروب القوات الامنية، انهم سيغادرون، خصوصا بعد ان شيع عناصر حزب البعث ان ضباطا في الجيش السابق هم من سيديرون المدينة".
ويأتي العديد من اهالي الموصل الى بغداد للحصول على وثائق ومستمسكات رسمية ثبوتية بعد ان اغلقت الدوائر المختصة ابوابها بالمدينة بسبب سيطرة داعش عليها، ومن يقف هناك يسمع القصص والحكايات عن الموصل من ابنائها.
واضاف ذنون "لكن الدواعش اعتقلوا الضباط بعد ان اعجبتهم السلطة ومكاسبها فتمسكوا بها وكشفوا عن نواياهم من جهاد وتخليص الناس من الظلم كما اشاعوا الى سلب ونهب وسبي نساء".
واوضح أن "الدواعش بدؤوا يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في حياة سكان الموصل واكدوا على امر مهم وهي اختفاء معالم الترفيه للناس فلا قاعات احتفالات للزواج ولا لعب الدومينو والورق في المقاهي ومنعوا الاغاني والسكائر والكحول وفرضوا ازياء معنية شبيه لما يتم لبسه في افغانستان".
لكي يصل اي انسان من الموصل الى بغداد عليه ان يسير بطريق طوله اكثر من 1800 كم بين الطريق الاعتيادي بين المدينتين طوله 400كم لكنه يشهد عمليات عسكرية، والاجرة ارتفعت من 30 الف دينار عراقي الى 350 الف دينار عراقي وعلى المسافر الحصول على كفالة خطية من داعش تسمح له بمغادرة الموصل والتعهد بالعودة اليها مرة اخرى والا يتم مصادرة منزله وممتلكاته، هكذا هي قوانينهم.
ويقول صهيب ياسر الذي اقترب دوره في الطابور من شباك ضابط دائرة الجوزات "يرغبون ببقاء عدد معين من الناس ليكونوا دروعا بشريا يحتمون بها فيما اذا حصل هجوم بري او قصف جوي ومدفعي، هم لا يعيرون اي اهتمام او حرص على حياة الانسان حتى لو مات جميع الناس لكنهم يردون عددا منهم ليكونوا دروعا بشرية ورهائن غير مباشرين".
واضاف أن "اول من تم تهجيره قسرا هم الشيعة الشبك والتركمان بعد ان هجم داعش على قراهم في مناطق القبة وشريخان وسادة وبعويزة واعتقال عدد من ابنائهم بعد ان تمكنت العوائل من الفرار، واستملك منازلهم وممتلكاتهم بضمنها البساتين والمواشي".
وتابع "بعدها جاء دور المسيحيين والازيدين بعد ان اعتبرهم داعش كفارا وامرهم بالاسلام او دفع الجزية او المغادرة، حتى العرب السُنة ترك الكثير منهم المدينة قبل ان تصلهم يد داعش، لانه يصف السنة الغير المنتمين له بالمرتدين اما لمخالفتهم اياهم بالفكر او بسبب وضائفهم او عملهم ضمن صفوف القوات الامنية".
واكد ياسر أن "كل من ترك المدينة اصبح منزله وممتلكاته تحت تصرف داعش حتى يقال ان اكثر من خمسة الالف منزل مؤثث الكثير منهم فخم اصبحت ضمن املاك داعش، وزعها على مقاتليه لتكون مقرات اقامة لهم ولعوائلهم، وبعضها حولها الى مراكز احتجاز وتعذيب المعتلقين من ابناء المدينة".
الكثير من اهالي الموصل لم يقدروا على تحمل العيش تحت عصا داعش اكثر من ذلك فقد بدأ اليأس يتسرب الى قلوبهم من وجود نية حقيقية لتحرير مدينتهم من سطوة داعش، فتركوا المدينة فراراً ولجئوا الى بغداد وكردستان وكركوك وبعضهم الى تركيا، وتم اعتبارهم لاجئين او نازحين.
ويؤكد اهالي الموصل ان "ابرز من جاء بداعش من غير القوات الامنية التي تسببت بذلك بسبب انسحابها من المدينة، هم المسؤولون الذي اما من البعثيين الذين عادوا تحت عباءات مختلفة او متعاطفون مع البعثيين ومنهم المحافظ اثيل النجيفي الذي اتخذ حاشية بعثية خالصة ووقع تحت تأثيرها حتى انه لم يكن يجروا على ان يعلن بصراحة ان داعش تحكم الموصل فعليا قبل سنة من سيطرتها علنيا، لانه منشغل بصراعاته مع سياسيين داخل الموصل ومع الحكومة في بغداد مما أثر سلبيا على تطور مدينة الموصل. كما ازداد الفساد.
اليوم الوضع الاقتصادي في الموصل سيئ جدا بعض الدوائر توزع مرتبات موظفيها واخرى لم توزع منذ اشهر، مبالغ الرواتب تأتي من بغداد دون معرفة كيف تصل الى الموصل، البعض يعتبره موقفا مشرفا من الحكومة التي تتعاطف مع ابنائها وتقف معهم في محنتهم.
أكثر من 8 ملايين شخص أصبحوا تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، ويمكن القول إن داعش يسيطر على منطقة تمتد من غرب العراق وحتى شرق سوريا، ما يمثل مساحة توازي مساحة بريطانيا. وبذلك تكون "خلافة تنظيم داعش" تغطى مساحة تصل إلى 230 ألف كيلومتر مربع. ومن لم ينجح في الهروب من المنطقة يقع سريعا في يد التنظيم.
وهو يهيئ اوراقه يقول هيثم عبد الرحمن "لم يكتفي تنظيم داعش بفرض ممارسة العبادات وفق عقيدته فليست كل العبادات مسموح ممارستها لان بعضها محرم بنظر داعش، بل تعدى ذلك ليتدخل بمختلف امور حياة السكان من الملبس والمظهر وبعض العادات التي اعتاد عليها السكان".
واضاف "بعد ان نفث دخان سجارة كانت بين شفتيه: منع داعش الدخان بكافة انواعه الاراكيل والسجائر وبضمنها تجارتها وبيعها ، ومنع الحكول وفرض على النساء ارتداء ملابس سوداء فضفاضة لا يرى منها شيء، منع اللحوم المستوردة بكافة مناشئها".
واوضح أن "قائمة الممنوعات طويل وتزداد يوما بعد اخر لكنه لم يقدم الى حد الان شيئا لاهالي المدينة من فرص عمل او توزيع مساعدات انسانية على الفقراء في ظل الضروف المعاشية الصعب التي يعيشها السكان، لا يفكر سوى بمصلحته".
داعش اهتم منذ الايام الاولى لحكمه للموصل على كيفية الحصول على الاموال بأي طريقة كانت وجميعها الدفع اجباري على المواطنين فمرة ياتي من ابواب شرعية مثل جمع اموال الصدقة والزكاة ومرة جمع اموال الايجارات للعاقات الحكومية التي يشغلها الاهالي مثل المحال التجاري والاسواق والدور، ومرة جباية اموال التنظيف والخدمات التي لم يقدم اي منها للسكان.
التفكير بالهروب وترك الموصل يداعب عقول الكثير من اهالي الموصل فرارا من بطش داعش، الا انهم لا يعلمون كم سيطول بقائهم خارج المدينة خصوصا ان الكثير منهم لم يعد يملك اجور السيارة التي تقله بعيدا عن جحيم داعش.
المصدر
http://www.waradana.com/news/iraq/19/75444