يحبّونني ميّتًا
يحبّونني ميّتًا
ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا.
سمعت الخطى ذاتها.
منذ عشرين عامًا تدقّ على حائط اللّيل.
تأتي ولا تفتح الباب. لكنّها تدخل الآن.
يخرج منها الثّلاثة: شاعرٌ، قاتلٌ، قارئٌ.
ألا تشربون نبيذًا?
سألت. سنشرب.
قالوا. متى تطلقون الرّصاص عليّ?
سألت. أجابوا: تمهّل!
وصفّوا الكؤوس وراحوا يغنّون للشّعب،
قلت: متى تبدأون اغتيالي?
فقالوا: ابتدأنا… لماذا بعثت إلى الرّوح أحذيةً!
كي تسير على الأرض.
قلت. فقالوا: لماذا كتبت القصيدة بيضاء
والأرض سوداء جدًّا.
أجبت: لأنّ ثلاثين بحرًا تصبّ بقلبي.
فقالوا: لماذا تحبّ النّبيذ الفرنسيّ?
قلت: لأنّي جديرٌ بأجمل امرأةٍ.
كيف تطلب موتك?
أزرق مثل نجومٍ تسيل من السّقف
- هل تطلبون المزيد من الخمر?
قالوا: سنشرب.
قلت: سأسألكم أن تكونوا بطيئين،
أن تقتلوني رويدًا رويدًا لأكتب شعرًا أخيرًا لزوجة قلبي.
ولكنّهم يضحكون ولا يسرقون من البيت
غير الكلام الذي سأقول لزوجة قلبي.
-----------------------------
محمود درويش