غونزالو همزة الوصل بين المدربين واللاعبين
04/02/2015 09:57
لم يتوقع أعضاء البعثة العراقية المشاركة في بطولة أمم آسيا التي اختتمت منافساتها أخيراً في استراليا أن يكون لمدرب اللياقة البدنية الاسباني غونزالو رودريغيز دور مؤثر في إعادة بناء المنتخب الوطني بدنياً ونفسياً كما أنه اسهم بحكم عمله في الحصول على المركز الرابع، إذ أفلح هذا المدرب المجتهد خلال مدة وجيزة في تطوير المردود اللياقي للاعبين ورفعه إلى أقصى مدياته، مستخدماً أحدث طرق التكنولوجيا والبرامج العلمية في الجهد البدني وكان بحق حلقة الوصل المرنة بين الجهاز التدريبي والطبي من جهة وبين اللاعبين في تقييم الوضع الصحي وجهوزيتهم قبل وخلال المنافسات، وبالتالي لابد هنا من الإشادة بالاختيار الموفق من قبل المدرب راضي شنيشل الذي اختاره شخصياً لينضم مع كتيبة أسود الرافدين في دبي وأيضا بالتسهيلات الإدارية التي وفرها اتحاد الكرة لإتمام مهمة الجهاز التدريبي، أبرزها اقامة المعسكرات التدريبية والمباريات التجريبية التي ساعدت المعنيين في الوقوف على الاخطاء والنواقص الأخرى.

روح مرحة





لقد شخّص غونزالو مكامن الضعف في الأداء البدني للكثير من اللاعبين لحظة تسلمه المهمة وأخبر الجهاز الفني بكل صدق وصراحة بأن هناك تفاوتاً كبيراً في معدلات اللياقة بين لاعبي الدوري المحلي والمحترفين وإن بعضهم بحاجة إلى تمارين خاصة وبشدة عالية وحجم أقل على عكس الآخرين ، بل كان قريباً من روح اللاعبين ونجح في ايصال ما يطلبه منه بأسلوب سلس لا يخلو من روح المداعبة والطرافة كما انه تعلم الكثير من المفردات الدارجة في اللهجة العراقية ودأب على توجيه اللاعبين بها خلال التدريبات مثل ( كلش زين ، عفية ، بعد ، سبع، يلا، بسرعة) كما انه يكثر من تحية "السلام عليكم " كما انفضّ من أي مجلس كلما مرّ بأحد اللاعبين أو الإداريين.

تكنولوجيا (GPS)





طبّق هذا المدرب الشاب الذي سبق له العمل مع الجهاز الفني والبدني لفريق ليفربول للفترة من (2004 لغاية 2006) ونجح مع رافائيل بنيتيز في خطف كأس دوري أبطال أوروبا بعد مباراة دراماتيكية أمام اي سي ميلان، في تطبيق نظام (VO2 Max ) إذ أجبر جميع اللاعبين على وضع حزام مطاطي بالقرب من منطقة القلب وفيه شريحة (GPS) خلال التمرين والمباريات وبعد ذلك تقوم تلك الشريحة بإرسال بيانات كاملة الى الحاسوب فيها معلومات رقمية عن معدل نبض القلب والجهد المبذول والوقت المتوقع للأداء ودرجة حرارة الجسم وشدة التنفس ومعدلات الركض والسرع الانفجارية وبذلك اصبحت لديه دراية كاملة عن لياقة اللاعبين و كيفية توزيع الجهد خلال المواجهات.

وضع التمارين الخاصة





وبعد ذلك يقوم بإطلاع الجهاز التدريبي والطبي على مستوى اللاعبين مع وضع برامج خاصة وتمارين معينة بغية ردم الهوة في المنسوب اللياقي بين اللاعبين ورغم قربنا من التدريبات والمنتخب لكننا حاولنا مراراً وتكرارا سؤاله عن جاهزية يونس محمود بيد أنه رفض الافصاح عن وضعه وأكد ان هناك لاعبين محترفين بحاجة الى أيام متتالية لرفع لياقتهم وأن محمود يقوم بأداء رائع وجيد لأنه لاعب محترف وهو يعرف كيف يحافظ على لياقته البدنية" وبعد انتهاء البطولة أوضح ان" كابتن منتخب العراق كان من أفضل اللاعبين تميزاً في الجهد البدني بالإضافة إلى ياسر قاسم وسعد عبد الأمير وضرغام اسماعيل ووليد سالم واحمد ياسين".

تصحيح الموقف





في خلال احدى الوحدات التدريبية، اكتشف غونزالو أن معدل نبض أحد اللاعبين وصل إلى 180 نبضة في الدقيقة وعند التحري والسؤال، اتضح أن هذا اللاعب المحترف لم يلعب مع ناديه منذ 3 أسابيع وبالتالي اضطر إلى تغيير طبيعة تمارين الاحماء وعمل اجندة خاصة به لتطوير كفاءته، ولاعب آخر كان معدل ركضه لا يتجاوز الكيلو متر واحد في الساعة وانتظره حتى انتهاء الوحدة التدريبية وأخبره بانه لم يكن يسعى للحصول على الكرة بل كان يكتفي بالمشي أو الهرولة، وعلى الفور طلب منه ان يدور حول الملعب لأكثر من أربع دورات لتصحيح الموقف, كما تعامل بذكاء مع بعض لاعبي المنتخب الذين عانوا من الحمل الزائد قبل البطولة وهم كل من سعد عبد الامير ووليد سالم .

الركض والمطاولة





ركز الاسباني صاحب النظرات الطبية الذي يعارض إجراء عملية تصحيح البصر( الليزك) لعينيه، خلال تمارين الاحماء على المرونة والسرعة والقوة والتحمل فضلا عن تحمل الأداء والتوافق العضلي والعصبي والتركيز على المهارة وزمن الاستجابة والإحساس بالمسافة أثناء الركض والدوران والسرع الانفجارية، كما اهتم في التدرج المنطقي للحمل التدريبي وشدد على تمارين السرعة خلال ازمنة محددة علاوة على حساب المسافة التي يقطعها خلال المباراة الواحدة.

احماء مع الكرة





اللافت هنا أن طرق الاحماء التي يطبقها خلال تمارينه جميعها مع الكرة وكان يدمج ما بين حالات اللعب وتمارين الاحماء الحديثة وبالتالي كانت تمارينه منسجمة مع هدف التمرين الموضوع من قبل الجهاز التدريبي، كما أنه فضّل اجراء وحدة تدريبية تحت الأمطار الثقيلة خلال تواجدنا في العاصمة السياسية (كانبيرا) وقال في يومها" انها مثالية لتحمل الجهد وتدريب اللاعبين على التوازن والدوران وأساليب التمريرات القصيرة وزيادة دفع الكرات في تلك الاجواء".

علاقته بالجهاز التدريبي





كان يطلع المدربين راضي شنيشل ويحيى علوان ونزار اشرف وعماد هاشم بتقارير مفصلة على الوضع البدني للاعبين قبل المباريات وأحيانا خلال اللقاءات وإحاطتهم علما بكل المتغيرات الفسلجية التي تطرأ على الوضع البدني لأي لاعب لاتخاذ التدابير الخططية المتعلقة بالتبديلات أو تغيير طبيعة الواجبات .

قبل مباراة اليابان..وجهت لغونزالو سؤالا فيما اذا كان جميع اللاعبين قد وصلوا الى قمة الجاهزية أم لا؟؟ اجاب بابتسامة عريضة " أعدك ان يكونوا في لقاء العراق وفلسطين في قمتهم البدنية".. وهذا ما تحقق له فعلاً ..وقبل مباراة ايران كررت ذات السؤال عليه.. ليؤكد لي قائلا " بامكان لاعبي اسود الرافدين اللعب لمدة 120 دقيقة اطمئن نحن اليوم افضل بكثير من أمس ".

لا اصابات لا ارهاق





لم يتعرض أي لاعب على مدار 40 يوماً الى أي اصابة في المعسكر التدريبي او البطولة باستثناء حالة واحدة للاعب سعد ناطق في منطقة الكاحل ويومها قرر الجهازان الطبي والتدريبي ابعاده عن التشكيلة ولكن جميع اللاعبين كانوا جاهزين للبطولة، لأنه طبق تمارينه باحترافية عالية لاسيما في الشدة التدريبية وهي قوة التمرين اوعبر الحجم التدريبي الذي يقصد به تكرار التمارين الخاصة في الحمل التي يطبقها اللاعبون خلال الوحدات التدريبية اليومية، كما لم يكتف بذلك حيث كان يتبادل الآراء مع طبيب المنتخب المجتهد والمتفاني في عمله الدكتور قاسم الجنابي بشأن الاصابات الطفيفة وكمية الاملاح ومكملات الغذاء لاسيما في مدينة بريسبين الشاطئية التي عانى منها الفريق من ارتفاع الحرارة والرطوبة وقلة السوائل.

نصيحة مجانية





خلال تواجدنا في المطار اثناء عودتنا إلى العراق سألته سؤالاً عابراً بشأن اللاعب العراقي وما هي أبرز عيوبه خلال تجربتيه مع نادي أربيل والمنتخب الوطني، فكر قليلاً وأجاب بهدوء" اللاعب العراقي لا يعرف شيئا عن تمارين الحديد والقوة وهذا ما لمسته فعلياً، البعض يمارسها لكنه لا يعلم عن التمارين التي تتلاءم مع مركزه، اتمنى ان يكون في كل ناد عراقي ممرن خاص اكاديمي يقوم بتدريب اللاعبين على تكرار بعض الاحمال وتطبيق رياضة (الجيم) كل حسب مركزه، فتمارين الحديد لحراس المرمى تختلف عن المدافعين وأيضا يجب ان يأخذ في نظر الاعتبار ان هناك تمارين خاصة يجب ان يعتاد عليها اللاعبون الذين يمتازون بالسرع الانفجارية كما ان للمهاجمين تكرارات وأثقالا خاصة .. الموضوع بحاجة إلـى تخصـــص ودراسة وتنويع في التطبيقات".