لاتسمح أي شركة سيارات بطرح أحد طرازاتها في الأسواق إلا بعد أن تتأكد "ألف في المائة" أنه مطابق تماما للمواصفات القياسية.. وتخضع عملية تصنيع أي سيارة لمراحل عديدة من الاختبارات والمعايير.. مما يجعل قيام العديد من الشركات العالمية باستدعاء بعض سياراتها من الأسواق " لغزا" يبحث عن حل.. وعلامات استفهام عديدة تنتظر الإجابة: ما الذي يجعل شركات تستدعي بعض سياراتها، وأين كانت معايير الجودة والاختبارات قبل طرح السيارة في الأسواق، وهل هذا الاستدعاء في صالح الشركة أم ضدها، وكيف تتعامل تلك الشركات مع مالك السيارة التي يتم سحبها ؟
" أخبار السيارات".. طرحت " اللغز" وعلامات الاستفهام علي خبراء السيارات، فماذا قالوا ؟
في البداية تحدثنا مع وليد توفيق - رئيس شركة وامكو موتورز وكيل شركة "فاو" الصينية في مصر ونائب رئيس شعبة وسائل النقل – عن هذه الظاهرة وهل يراها جيدة أم سلبية، فقال: في رأيي أن موضوع استدعاء الشركة لموديل معين من موديلاتها نتيجة عيب ما بها يعتبر طبيعيا وظاهرة صحية للغاية لأنها تعني أن الشركة تقوم بدورها ومسئوليتها تجاه عملائها ولا تتهرب من هذا الموقف أو مواقف شبيهة، وطالما أن الشركات تقوم بتصحيح هذا الوضع بشكل سليم ومناسب ودوري فهذا يزيد من سمعة الشركة في السوق ويجعل العميل مطمئناً لها، وهناك شركات تقوم باستدعاء أعداد ضخمة من موديل معين تحوطاً وحفاظاً علي عملائها وعلي سمعتها كشركة ذات اسم كبير في سوق السيارات، فنجد مثلاً شركة قامت باستدعاء مليون سيارة من موديل معين في وقت واحد رغم أن الشكاوي التي تلقتها الشركة من عملائها بخصوص العيوب في هذا الموديل لا تتجاوز بضعة آلاف، ولكن الشركة تقوم بذلك من منطلق الأمانة وتحسباً لظهور نفس العيب في سيارات أخري من نفس الموديل وبالتالي تتفادي الكثير من المشاكل لها ولعملائها، وهذا يعتبر إجراء محترما للغاية من الشركة.
وعن رأيه في استدعاء بعض الشركات في مصر لموديل معين من سياراتها بالتنسيق مع جهاز حماية المستهلك أكد أن مثل هذه الإجراءات تعتبر تقدماً إيجابياً في تعامل الشركات المصرية مع مثل هذه الأمور، ومتابعة جيدة للغاية من جهاز حماية المستهلك الذي يقوم بدوره علي أكمل وجه ومن الشركات التي تقوم بدورها بإجراء الإصلاحات اللازمة للسيارات المعيبة.

ظاهرة عالمية
وبسؤال خالد سعد مدير عام شركة بريليانس البافارية أوضح أن ظاهرة استدعاء السيارات المعيبة ظاهرة منتشرة بالعالم أجمع وتقوم كبري شركات تصنيع السيارات في العالم باستدعاء ملايين السيارات سنويا من الأسواق، فالأمر بالنسبة لي ليس مقلقا خاصة أن جهاز حماية مستهلك يقوم بدوره وبدأ مؤخراً في إعلان أرقام السيارات المعيبة التي وردت شكاوي له من العملاء تجاهها، وبدأنا نهتم بهذه الظاهرة بل ونقوم بمتابعتها لحرصنا علي معرفة رد فعل الشركة وهل ستقوم بإصلاح العيوب الموجود بالسيارة أم لا.
والمفترض أن تقوم الشركة باستدعاء أي موديل ظهر به عيب فني معين؛ لإجراء الفحوصات اللازمة للسيارة، وأحيانا تعرض الشركات تعويضاً مادياً لكن استبدال السيارة بأكملها لا يحدث إلا نادراً، وفي العموم مبادرة أي شركة تجاه استدعاء سياراتها خطوة إيجابية، ولو لم تقم الشركة بذلك فهي تسئ إلي سمعتها.
وعن كيفية ظهور عيوب بسيارة من المفترض انه تم اختبارها قبل طرحها للأسواق العديد من المرات أوضح أنه ليس بالضرورة أن يكون العيب بالسيارة نفسها ولكن ممكن أن يكون هناك جزء صغير للغاية من الأجزاء المنتمية للصناعات المغذية للسيارات تم توريدها للشركة وهي بها عيب صناعة وبالتالي حينما استخدمتها الشركة في سياراتها أثرت علي السيارة وعلي أجزاء أكبر منها، وحينها تضطر الشركة إلي الجزء المعيب أو تغييره مجاناً دون أي تكلفة علي العميل أو استبدال السيارة بالكامل إذا كان العيب الموجود بها مؤثرا وكبيرا لا يحتمل الإصلاح.
تجارب أولية
يقول المهندس محمد عبدالحميد مدير إدارة الجودة بإحدي شركات السيارات: استدعاء موديل معين من السيارات شئ وارد حدوثه في كل دول العالم ذلك ؛ لأن التجارب الأولية التي تتم علي السيارات لا تكشف كل العيوب، فعلي سبيل المثال من الممكن عدم عمل الايرباج أثناء حادث ما أو عدم عمل الفرامل بشكل سليم أثناء الضغط عليها بقوة، هنا لو وقع حادث لا قدر الله لابد أن يقوم العميل بإبلاغ الشركة، وبالتالي تقوم الشركة بفحص السيارة لمعرفة سبب الحادث، ومعرفة إذا كانت حالة عارضة أو عامة، فإذا كانت حالة عارضة يتم إصلاح العيب بتلك السيارة فقط أما إذا جاء للشركة العديد من الشكاوي بنفس العيب لنفس الموديل فحينها لابد للشركة أن تستدعي السيارات للكشف عليها وإصلاح العيب أو استبدال الجزء المعيب، ويتم حينها الكشف علي الجزء المعيب ومعرفة رقمه، ومن خلال عملنا بالشركة نستطيع تحديد عدد السيارات التي تم تركيب مثل هذا الجزء بها، وحينها نقوم بمراجعة موزعينا لإبلاغ العملاء بإحضار سياراتهم للشركة وإذا كانت هناك سيارات لم تخرج بعد من المصنع يتم وقف بيعها حتي إصلاح ذلك الجزء أو استبداله.

وعن وجود بعض الشركات التي تقوم بتحميل العميل تكلفة إصلاح عيب الصناعة الموجود بالسيارة أكد أن هناك بعض التوكيلات في مصر لديها تقصير شديد في مجال خدمة العملاء، ولكن في الخارج جهاز حماية المستهلك له نفوذ أكثر من هنا بكثير.
وعن السر وراء عد التفاهم بين "التوكيل" و"العميل" في مصر، أكد أن الموضوع بالفعل يحتاج لمزيد من الثقة بين الطرفين، وذلك بسبب طول فترة الإجراءات المتبعة، فلابد من وجود مهندس من الشركة لتقييم هذا العيب وتحديد الجزء المسبب له، وهذا الإجراء تحديداً يأخذ الكثير من الوقت والعميل في الوقت ذاته يحتاج إلي سيارته ولا يتحمل هذا الانتظار، وبالتالي لابد أن تقوم الشركة بواجبها تجاه العميل وأن تعطيه حقه حتي لو لزم الأمر أن تغير له السيارة بأكملها، وحينها سيتحمل العميل اشتراطات الشركة وفترة الانتظار لأنه سيكون هناك ثقة متبادلة بين الطرفين.
عميل مثقف
يؤكد خالد حسني المتحدث الرسمي لمجلس معلومات سوق السيارات "الأميك" أن العميل المصري واعٍ ومثقف ويتقبل مثل هذه الأمور، لأن الشركة حينما تقوم باستدعاء أي سيارة من موديلاتها المختلفة فذلك يعتبر من منطلق الالتزام بمسئوليتها تجاه نفسها وتجاه العميل وحرصاً علي أمانه وسلامته علي الطريق.
تكاليف إصلاح
شريف فهيم مدير التسويق بشركة EIT وكلاء "كيا" في مصر عما إذا كانت هناك شركات تحمل العميل جزءا من تكاليف إصلاح عيب التصنيع أكد أنه لابد أن تتحمل الشركة تكاليف الإصلاح كاملةً إلا لو جاء العميل ووجدنا لدي سيارته مشكلة أخري ظهرت أثناء إصلاح عيب التصنيع أو جزءا ما لابد من تغييره فهنا يتم إخطاره وإصلاح العطل بعد موافقته.
وعن تأثير قيام شركات السيارات في السوق المصري بعمل حملات استدعاء لموديل معين من سياراتها ظهر به شكاوي علي سمعتها لدي المستهلكين، أوضح أن ذلك يعود لثقافة المستهلك نفسه، وأن التأثير بالسلب أو الايجاب سيأتي وفقاً لكل عميل بشكل مختلف، وحسب امتلاكه لهذه السيارة أم لا، وإذا كان يفكر في شرائها أم لا، كل هذه المعطيات تؤثر في تكوين الصورة الذهنية والانطباع لدي العميل عن الشركة، فمنهم من سيعتقد أنها شركة محترمة وستقوم بإصلاح أي عيب بالسيارة إذا ظهر، ومنهم من سيفكر بسلبية ويبتعد عن هذه الشركة تماماً، ولكن في رأيي الشخصي أن حملات الاستدعاء لا تقلل من سمعة الشركة تماماً في السوق بل بالعكس فهو أكبر دليل علي إنها شركة "محترمة".
وعن قيام الشركة بعمل اختبارات متعددة للسيارات قبل طرحها بالأسواق أكد أنه هناك عيوب لا تظهر إلا مع الاستخدام المتكرر للسيارة من قِبل العميل، وبالتالي تقوم كل شركة بإعطاء ضمان علي سياراتها تحسباً لمثل هذه الأمور.