أحرقوهم … أو … أغرقوهم .
أحمد الحباسى
على لسان أحد المسئولين العراقيين أن ما يقارب 13 دولة غربية و عربية قد رفضت “استرجاع” جثث بعض قطع الغيار الآدمية الإرهابية التي تسربت بفعل فاعل خبيث إلى سوريا و العراق لإنشاء دولة الخلافة الإسلامية تحت ستار نصرة الإسلام و قضايا السنة ، و على لسان نفس المسئول أن دول ” المنشأ ” هذه لم تكتف بالتعبير عن رفضها استقبال هذه الجثث الكريهة بل نصحت العراق بإحراقها أو إغراقها في إحدى المجارى المتعفنة ، و إذا أضفنا إلى هذا التصريح تعبير الحكومة الجزائرية المعلن عن رفضها الصريح دفن قتلة الصحفيين الفرنسيين التابعين لمجلة شارلي هيبدو بالتراب الجزائري ، فمن الواضح أنه على قطر و السعودية بالذات أن توفرا لخريجيها الإرهابيين و أتباعها التكفيريين مساحة لدفن هؤلاء “الشهداء” المبشرون بالجنة من المؤسسة الدينية السعودية و من شيخ الشياطين القطري يوسف القرضاوى .
لقد سحبنا منهم الجنسية ، هكذا تقطع الدول الرافضة الشك باليقين ،و سحب الجنسية يراه البعض مثيلا لحالة من تكفير الدولة لمواطنيها و هو فصم لحالة الاعتراف المتبادلة بين الدولة و المواطن و تمكين تلك الدولة من حق رفض دفنه و رفض لجوءه إليها ، و سحب الجنسية من شيخ القتلة القطري من طرف حكومته المصرية هو بمثابة العقوبة القصوى و التنصل القانوني و الواقعي من مسؤولية أفعاله و من مسؤولية سحب انتماءه على بقية حاملي الجنسية المصرية ، و أن تصر بعض الدول المصدرة للآفات الإرهابية على سحب جنسيتها عن هذه الحشرات السامة فهذا قرار سياسي لا الوصول إليه بسهولة كما يظن البعض لأنه كما ترى الدولة أن هؤلاء يمثلون خطرا يستوجب سحب الجنسية فان القتلة يرون أن هذا القرار يرفع عنهم كل مسؤولية في حالة ضربهم لأهداف معينة داخل تلك الدولة الساحبة للجنسية .
يعلم المتابعون أن شيخ الشياطين القطري هو أحد أعمدة نشر ثقافة الإرهاب و تطويع الدين الإسلامي لأغراض صهيونية بحتة ، و لا شك أن الحكومة المصرية قد سحبت جنسيتها منه تحت ضغوط داخلية و اكراهات خارجية كثيرة ، فالرجل يمثل بالنسبة للأمريكان و الصهاينة و الأتراك أحد البيادق الهامة التي تحركها داخل الوجدان العربي المشوش و بالذات داخل “المناطق المهمشة ” المتكونة من العاطلين عن العمل أو من أصحاب السوابق أو الراغبين بالالتحاق بما يسمى قوات جبهة النصرة الإسلامية، لذلك فإن إسقاط عملية إسقاط الجنسية لم تكن فعلا غير مدبر بعناية من السلطة المصرية بل من المؤكد أنه قد سبقت هذه الخطوة استشارات مصرية على مستوى عال مع بعض الأطراف ذات العلاقة لتحييد الشيخ لم تأت أكلها و بات لزاما إقرار العقوبة القصوى تفاديا لمزيد تحميل الشعب المصري وزر جرائم الرجل التي باتت ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية .
هناك تحول دراماتيكي مهم حصل داخل الغرف السياسية الغربية المغلقة بسحب الاعتراف بهذه الجماعات الإرهابية السعودية أو ما يسمى بإسقاط التصنيف الإرهابي عليها ، مع أن نفس هذه الدول هي من دفعت بهذه الحثالة البشرية إلى واجهة الأحداث السورية و العراقية ، الملاحظ أنه قد سبقت هذه الحادثة المهمة عدة تصريحات سورية بأن دفع هذه الجماعات الإرهابية إلى سوريا سيرتد قريبا على بلدان المصدر و من بينها دول غربية كثيرة أثبتت الأحداث تواجد مواطنيها إلى جانب تلك الجماعات ، غير أن هذا التنبيه السوري لم يتم التعامل معه بموضوعية إلا بعد أن خرجت المخابرات الغربية و بعض التسريبات الإعلامية المختلفة بنتيجة مرعبة بكون الخطر الإرهابي هو خطر محقق و قريب و أن هناك جماعات إرهابية تعتزم القيام بعمليات نوعية داخل هذه الدول التي طالما سوقتهم للعالم بكونهم مجرد مجاهدين لنصرة الإسلام و إسناد تطلعات ما يسمى “بالثورة” السورية القذرة .
يجمع الملاحظون أن القرار الأمريكي الغربي الخليجي بضرب الجماعات الإرهابية داخل التراب السوري قد أتخذ على عجل و نتيجة ما جاء في تقارير المخابرات الغربية، بمعنى أن العملية ما كان لها أن تحصل لو لم يكن هناك خطر إرهابي يهدد مصالح هذه الدول التي تمثل حلف ما يسمى بأصدقاء سوريا و لعل أكبر مستفيد من هذه القراءة الغربية للأحداث هو الجانب السوري الذي تمكن من صد هذه الجماعات إعلاميا على الأقل و أفسد على حلف المؤامرة بنودا مهمة من خطة إسقاط النظام تحت ذريعة وجود ثورة سورية سوقت لها وسائل الإعلام الغربية و سعت بعض الدول الخليجية إلى استثمارها للتخلص من أحد أعمدة ما يسمى بالهلال الشيعي على حد زعم هذه الدول العميلة ، و إذا انتقلت حمى مواجهة الجماعات الإرهابية داخل التراب الليبي اليوم و بات برنار هنري ليفي يسوق لهذه الفكرة في زيارته الفضيحة الأخيرة إلى تونس فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود و باتت الجماعات الإرهابية السعودية في مواجهة معلنة مع حلف المؤامرة على سوريا.
لم تكد القمة الخليجية الأخيرة تتوصل إلى تحجيم دور محطة الجزيرة و دور شيخ الشياطين القطري و دور الحكومة القطرية في مصر ، بما شكل مفاجأة مدوية للملاحظين خاصة أن قطر قد سبقت هذه القمة بتصريحات تطاولت فيها على الجار السعودي و على الحكومة المصرية و دخلت في صراع ساخن مع الإمارات ، حتى جاءت الأحداث الدموية في قلب باريس أو ما سعى البعض إلى تسويقه بكونه 11 سبتمبر فرنسي غمزا من أحداث 11 سبتمبر 2001 الأمريكية ، المثير في هذه الأحداث الدموية أن ما سمى بحالة التعاطف الدولية مع فرنسا قد أعطى الفرصة لمشاهدة مشهد لا يقل قذارة عن الأحداث نفسها و هو وجود الرئيس الفلسطيني مع رئيس الحكومة الصهيونية في نفس المكان و لنفس الهدف و هو معارضة و التنديد بالإرهاب و الحال أن إسرائيل هي أحد أسباب و منفذي و رعاة الإرهاب في العالم ، بما يعنى أن فرنسا المستهدفة بالإرهاب تكيل بمكيال مختلف بقبولها تواجد أحد أكبر الإرهابيين في العالم المتهم بجرائم ضد الشعب الفلسطيني تفوق جريمة باريس .
من الإشارات المهمة سقوط دور محطة الجزيرة بعد أن تم تصنيف هؤلاء “المقاتلين” منظمات إرهابية ، و سقوط الدور القطري الذي كان يمول عملية إسقاط النظام السوري بعد أن باتت هذه الجماعات الإرهابية على مرمى الطائرات الغربية و سقوط دور برنار هنري ليفي أو تراجعه بعد أن تبين أنه أحد أعمدة الخراب القادم أو المنتشر داخل الأقطار العربية ، و أذا كان العالم اليوم مجند لتحجيم دور الجماعات الإرهابية فإن الفضل في هذا يرجع لصمود حلف المقاومة رغم أن إسرائيل بهجومها الأخير في مدينة القنيطرة السورية قد أرادت تمكين الجماعات الإرهابية من جرعة أمل دون جدوى ، يبقى في نهاية الأمر أنه على هؤلاء الإرهابيين مواجهة مصيرهم المحتوم سواء بحرق جثثهم أو رميها في بالوعات الصرف الصحي بعد أن تخلى الجميع عنهم في لحظة من لحظات لعبة الأمم .
خاص بانوراما الشرق الاوسط -