من مآسي الحروب ورائحة الدمار، حول الشاب العراقي علي العميدي حزنه الى مصغرات فنية انتشرت في العديد من المجلات العالمية.



العميدي مغترب موهوب بصناعة المصغرات وترجم مآسيه الى أعمال فنية بعد أن قضى طفولته بعيداّ عن والده. ويقول علي: "ولدت في كربلاء على بعد نحو 100 كيلو متر من بغداد، وقضيت طفولتي في منزل أمي وخالتي بعد أن كان والدي مسجونا".





ويحكي عن تلك الأيام قائلاً: "هناك في العزلة، شعرت بأني أعيش في عالم خاص قوامه الأحلام والكتب والموسيقى، وولد حبي للفنون مبكراً وكانت الحكايات في ذهني واضحة المعالم تدور في أماكن صغيرة داخل رأسي وأردت أن
أخرجها".





ويضيف العميدي: "في بلادي حيث النزاعات ورائحة الحرب لا زالت تعبق نأبى إلا أن نتحدث لغة الفن الذي نعشقه رغم كل شيء، لذا استدنت كل مادة استخدمها في صُنع هذه المصغرات من ألومنيوم ومشابك ورق وأطباق بلاستيكية وألواح
الفلين وحتى القهوة".



وعن بداية موهبته الفنية في رسم المصغرات، يقول العميدي: "بدأت الحكاية حين افتتح محل خشب صغير يبيع البلسا (نوع خفيف الوزن جداً من الخشب يساعد على بناء نماذج) في آخر الشارع الذي أسكنه، ولم أنم تلك اللية، كنت أتحرق شوقاً لاستخدام الخشب لتحويل حلمي لحقيقة حيث كنت أجد صعوبة في إيجاد كمية ونوعية مناسبة من خشب البلسا لاستكمال عالم المصغرات الذي أحاول صنعه".
اقتنى العميدي جهاز كمبيوتر في عمر السادسة عشرة، وبدأ بالبحث في البرامج ثلاثية الأبعاد ليشكل ما تخيله، ويضيف: "لكني لم أكن أستطيع لمسها، هذا كان يزعجني كثيراً".






ودرس العميدي هندسة الكمبيوتر لكنه اضطر لترك الدراسة والسفر للبحث عن عمل في القاهرة ثم في دبي، ولكن ما اكتسبه من خبرة في العالم ثلاثي الأبعاد، جعله يعمل مصمم جرافيك وسافر إلى دول كثيرة حاملاً حلمه معه.





وفي ما يتعلق بانتشار أعماله الفنية على مواقع التواصل الاجتماعي يقول: "حين بدأت بصنع المصغرات لم أكن أفقه شيئاً فيها، وبحثت في الإنترنت حيث فاجأتني حقيقة وجود الكثيرين من صُناع هذا النوع من الفنون، وهكذا فُتنت ووجدته أقرب لما أريد فعله حقاً، وأخذت بعمل منمنات صغيرة بدائية، وما إن فعلت ونشرتها على صفحة فيسبوك حتى جاءتني ردود من حول العالم".

ووجد العميدي نفسه صديقاً لنحو ألفي شخص ومتابع لأعماله على فيسبوك وهو ما يدفعه للمزيد من الإبداع.



وتتميز أعمال العميدي بالإضافة لدقتها وابتكارها، بلمسة واقعية وفريدة الرؤية الثقافية والتي استوحاها من أجواء بلاده، فيقول: "العراق العظيم يسكنني رغم كل شيء، وبطبيعة الحال كل أعمالي جاءت ثمرة لكيان تشكل في بلادي، ورغم أن المشاهد لا تمثل شوارع العراق بل ما شاهدته في رحلاتي، لكنها مطبوعة بيد وعين عراقية".






ولا يخشى العميدي إظهار الجانب القاسي في الحياة إذ يبدو هذا واضحاً في أعماله المزينة بلمسة جرافيتي حضرية، ويعمل حالياً على تحضير منمنمات تبرز شوارع كوبا، ويقول: "مذاقي هو العالم".