مدينة الحلة الفيحاء مركز للإمامية وهي تحمل من التراث الإسلامي الأصيل والفكر السليم ما أغنت به الفكر الإسلامي وبرز فيها الكثير من العلماء والفضلاء، كما برز فيها كثير من الأدباء والشعراء وقادة الفكر.
و تقع قرب بابل الأثرية وقد صلى فيها الإمام علي(عليه السلام) عندما امتنع من الصلاة في بابل
وتضم مدينة الحلّة مراقد وأضرحة عديدة هي:
مرقد القاسم بن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)
أولاً: القاسم بن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام). سلام الله عليه سيد جليل القدر رفيع المنزلة والمقام بالإضافة إلى إنه عالم فقيه عابد زاهد.
ولادته: ولِد القاسم(رض) في المدينة المنورة في أول شهر محرم الحرام سنة 155 هجرية-759 ميلادية. والده باب الحوائج الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) وأُمّه اسمها حميدة، تكنى أم البنين وهي أم أخيه الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) وأم فاطمة دفينة قم الملقبة بمعصومة قم. ويعرف بين الناس بابن موسى الكاظم وابن باب الحوائج وأخي الرضا.
نشأته وحياته: نشأ القاسم(رض) مع أبيه الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) وفترتها 24سنة وكان يحبه حباً شديد . وبعد وفاة الكاظم(عليه السلام) مرّت على القاسم(رض) مِحَنٌ كثيرة، فعند زيارته إلى بغداد بعد ورود خبر استشهاد الإمام الكاظم(عليه السلام) إليه اجتمع عنده حشد من الناس وقد علموا بمجيئه، فعزّوه في أبيه وأخبروه بأن أباه مات مسموماً . فعند ذلك خرج من بغداد متخفياً مغيراً اسمه. وأخذ ينتقل من مكان إلى مكان حتى انتهى به السير إلى أحد نواحي الحلة في العراق و اختفى في (سوراء) وأخذ يزرع البقل ويتقوت من ثمنه. ولم يكن أحد يعرفه، وقد اجتمع حوله الناس لزهده وتقواه وعبادته, حتى قرب أجله فطلب من شخص يدعى عيسى جاء لوداعه وهو يريد الحج فسأله عن حاجته فقال له إن لي إليك حاجة فقال ما هي قال تحمل ابنتي هذه إلى المدينة فإذا وصلت إليها فاسأل عن الطريق الفلاني -وعيَّنَ الطريق- فإذا دخلته فاترك هذه الصبية هناك. وسافر عيسى إلى الحج فلما انتهى إلى يثرب ترك الطفلة في المحل الذي عيّن له فجاءت إلى الدار فطرقت بابه ففُتحَت لها الباب فدخلت وبأسرع ما يكون علا الصراخ والعويل من داخل الدار فسأل عيسى عن ذلك فقيل له قد وصل الخبر بوفاة القاسم وإن هذه الطفلة ابنته. وبعد رجوعه إلى البلدة أخبره الناس بوفاة القاسم فأعلمهم بأنه القاسم بن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام). فانبرى طائفة من المؤمنين فبنوا على قبره قبة وهو يزار الآن. ويقع مرقده في سورى(1) أسفل من الحلة.
وورد عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام):
((من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي القاسم)).
الحمزة الغربي
الحمزة الغربي. أبو يعلى حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
كان أبو يعلى من علماء الإمامية الثقات الأجلاء، ومن مشايخ الإجازات ورواة الحديث. ذكره علماء الرجال بكل ثناء وإطراء بالعلم والورع والوثاقة. ومرقده قريب من قرية المزدية أحدى قرى الحلة وهو اليوم مقصدٌ للزائرين وأرباب الحوائج للتوسل إلى الله تعالى عند مرقده.
نبي الله ذو الكفل(عليه السلام)
نبي الله ذو الكفل(عليه السلام). هو يهوذا بن نبي الله إسحاق(عليه السلام) بن نبي الله إبراهيم خليل الله(عليه السلام). وهو أكبر أولاده
وذكر في القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى :
[قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ])).
وقال تعالى في شأنه: [وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ].
وقال تعالى: [وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ].
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) قال: ((هذا قبر يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، بكر يعقوب وهو الذي أشار على اخوته بأن يلقوا أخاهم يوسف الصديق في الجب لما أراد بعضهم قتله وسلّ عليه السكين.
وتسميته بهذه التسمية لكونه تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي الكفل. ويقع مرقده في قرية الكفل في العراق في منتصف الطريق بين الكوفة والحلة على الضفة الشرقية للفرات جنب مسجد النخلة. وهو يُزار من جميع الديانات لعظيم شأنه.
نبي الله أيوب(عليه السلام)
نبي الله أيوب(عليه السلام). وهو أيوب بن أموص بن رازخ -رزم- بن العيص بن نبي الله إسحاق(عليه السلام) بن نبي الله إبراهيم الخليل(عليه السلام). وكانت أمّه بنت النبي لوط عليه السلام.
وزوجته اسمها رحمة بنت إفرائيم بن نبي الله يوسف(عليه السلام) أبن نبي الله يعقوب(عليه السلام)
كان أيوب(عليه السلام) عظيم التقوى والرحمة وكان يدعو قومه إلى عبادة الله وحده كما كان صاحب ثروة ومال وأولاد، وقد منَّ الله تعالى عليه بالنعمة والرخاء. فآتاه الغنى والصحة وكثرة الأهل والوِلْد، فكان عبداً تقياً ذاكراً شاكراً لأنعم الله، لم تفتنه الدنيا ولم تخدعه، ثم ابتلاه الله بسلب النعمة ففقد المال والأهل والولد ونشبت في جسده الأمراض المتعبة المضجرة فصبر على البلاء وطال مرضه وعظم بلاؤه، واشتد ابتعاد الناس عنه ولكنه بقي على حاله من التقوى والعبادة والرضا عن ربه، وكانت له امرأة مؤمنة صالحة صابرة من أحفاد يوسف(عليه السلام) وقد حاول الشيطان أن يدخل على أيوب في زمن بلائه فلم يفلح فحاول أن يدخل إليه عن طريق امرأته فوسوس لها الشيطان فجاءت إلى أيوب(عليه السلام) وفي نفسها اليأس والضجر مما أصابه فقالت: له إلى متى هذا البلاء، فغضب أيوب وقال لها: كم لبثت في الرخاء ؟ قالت: ثمانين قال: كم لبثت في البلاء ؟ قالت: سبع سنين قال: أما تستحيين أن أطلب من الله رفع بلائي وما قضيت فيه مدة رخائي، ثم قال: والله لئن برئت لأضربنك مائة سوط، وبعدها نادى ربه في حال الوحدة والشدة
[وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] فأجاب الله تعالى دعائه وكشف بلاءه وأوحى إليه أن يضرب برجله الأرض فضرب الأرض فتفجر له منها الماء البارد فأمره أن يشرب منه ويغتسل فشفاه الله وأمر الله أن يبر يمينه ولا يحنث، بأن يضرب امرأته بحزمة من قضبان خفيفة والقصة كما وردت في القران الكريم قال تعالى: [وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ]
فصار صبره هو وامرأته بين الناس مثلاً. ويعرف مرقده اليوم بمرقد النبي أيوب(عليه السلام) ويبعد أربعة فراسخ عن بابل في الجانب الغربي من الفرات من شرقي الحلّة بالقرب من الكفل، وعلى يمين الداخل إلى القبر بئر تقصدها الزوار لتغتسل من مائها فتتعافى بإذن الله تعالى وببركة النسب إلى أيوب(عليه السلام).
الشهيد زيد بن زين العابدين(عليه السلام)
هو زيد بن الإمام علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبى طالب(ع) ولد بالمدينة سنة 66 من الهجرة. أبوه الإمام زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام)، وأمه اسمها حوراء من السند. ورد عن عمر الجعفري قال: ((كنت أدمن الحج فأمر على علي بن الحسين(عليه السلام) فأسلم عليه، وفي بعض حججي غدا علينا علي بن الحسين(عليه السلام) ووجهه مشرق فقال جاءني رسول الله(ص) في ليلتي هذه حتى أخذ بيدي و أدخلني الجنة وزوجني حوراء، فواقعتها، فصاح بي رسول الله(ص) يا علي بن الحسين سمّ المولود منها زيداً. فما قمنا من مجلس علي بن الحسين(عليه السلام) ذلك اليوم وعلي يقص الرؤيا؛ حتى أرسل المختار بن أبي عبيد بأم زيد هدية إلى علي بن الحسين(عليه السلام)، فلما رأينا إشفاقه بها تفرقنا من المجلس، ولما كان من العام قابل حججت ومررت على علي بن الحسين(عليه السلام) لأسلم عليه فأخرج زيداً على كتفه الأيسر وله ثلاثة أشهر وهو يتلو هذه الآية و يومئ بيده إلى زيد [هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا].
أولاده وزوجاته: له أربع بنين وليس له بنت، وهم يحيى وأمّه ريطة بنت أبي هاشم وكانت من سيدات نساء بني هاشم ومجيداتهن فقد روت الحديث عن أبيها وبعلها.
وعيسى وأمه اسمها سكن،
الحسين ذو الدمعة، ومحمد وهو أصغرهم وأمه من السند.
نشأته: نشأ في حجر أبيه الإمام السجاد(عليه السلام) وتخرج عليه وعلى الإمام الباقر(عليه السلام) والإمام الصادق(عليه السلام). ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام فأفحم العلماء و أكابر المناظرين من سائر الملل و الأديان. فبرزت له مؤلفات و مجامع وكتب،فهو فقيهاً ومن أكابر العلماء وأفاضل أهل البيت في العلم والفقه وكان أعقل الناس وأشجعهم بعد الإمام الصادق(عليه السلام) ومن هنا كان مصدراً لجمعٍ كبيرٍ من طلبة المعرفة وحملة الآثار، لِما عرفوا منه غزارته في العلم ونزاهته .وكان معروفاً بإقناع المقابل وبفصاحة المنطق وجزالة القول إذا خطب كان كلامه يشبه كلام ألآمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) بلاغةً وفصاحةً فقد عده الجاحظ من خطباء بني هاشم.
مزاره: كان عمره الشريف عند شهادته 42سنة ومشهده عامر بالزوار والوفود في ليالي الجمعات والمواسم الإسلامية ويقع في الشرق الجنوبي لقرية الكفل على بعد 22 كيلو متر تقريباً.
مما تصفحت
دمتم بفيض من الود