روتانا
فرعي:
42 % من الارتباطات تفشل بسبب سوء الاختيار
التسرع والاندفاع وراء العواطف من أهم أسباب الفشل
الزواج التقليدي أنجح من "العاطفي" بشرط!
بات سوء اختيار شريك العمر مشكلة تؤرق الشباب والشابات المقبلين على الزواج، وما ارتفاع نسب طلاق المتزوجين حديثاً بشكل مخيف بلغ 42 في المئة، وكذلك فشل الخطبة بنسبة 44 في المئة، بحسب أحدث الدراسات والإحصاءات التي أجريت في المنطقة العربية إلا نتيجة واضحة وبرهاناً بيّناً على سوء الاختيار،
ما دفع نسبة ليست بالقليلة من الشباب الراغبين في الزواج إلى التخلي عن شعار "اختر بنفسك شريكة حياتك"، والعودة مرة أخرى إلى أحضان الأهل طالبين منهم أن يختاروا لهم شريك العمر.
الخديعة الكبرى
في البداية يحكي "أ . ي" الذي يبلغ من العمر 32 عاماً ضابط شرطة من القاهرة تجربته الفاشلة الصادمة قائلاً: "تعرفت على فتاة جميلة من أسرة محترمة، تعمل طبيبة، عشت معها قصة حب عنيفة تكللت بالخطبة التي استمرت قرابة عامين،
أنجزنا فيهما تشطيبات شقتنا وأثثناها وحددنا موعد الزواج، وقبل عقد القران بأسبوعين اكتشفت أنها على علاقة عاطفية مع طبيب زميلها، للأسف استغلت الطبيبة ظروف عملي التي تستغرق معظم وقتي وخدعتني أكبر خديعة في عمري،
ولولا أني عاقل لارتكبت جريمة وقتلتها"، مضيفاً: "بعد هذه التجربة الفاشلة كان لا بد أن ألجأ إلى أهلي وأفوضهم في مهمة اختيار شريكة حياتي لأنهم سيكونون أجدر مني في اختيار الفتاة التي تناسبني".
العريس المغفل
لم يكن "أ. م" مهندس 27 عاماً أفضل حالاً من سابقه، بل ربما كان أسوأ، إذ تعرف على فتاة كانت تقضي فترة تدريب في الإجازة الدراسية، تحت إشرافه بشركة المقاولات التي يعمل بها، وأثناء تلك الفترة حدث تقارب بينهما وصل إلى مرحلة الحب، وتشاء الظروف أن يسافر للعمل بإحدى دول الخليج حتى يكوّن نفسه،
بينما واصلت فتاته دراستها بالسنة النهائية بكلية الهندسة، وخلال السنة الأولى من سفره لم يبخل عليها بالهدايا والأموال التي كان يحولها لها، وعندما عاد إلى مصر ليقضي إجازته السنوية فاتحها في الارتباط الرسمي، لكن الفتاة كانت تتهرب منه بحجج كثيرة حتى ينتهي شهر الإجازة ويسافر الشاب عمله،
وهكذا استمر الحال لمدة ثلاث سنوات استنزفته فيها مادياً حتى كانت المفاجأة عندما طلبت منه أن يرسل لإحدى صديقاتها فستان زفاف بمواصفات معينة، وبعض أنواع المكياج المرتفعة الثمن، حتى الحذاء والعدسات الملونة، ولم يدر "المغفل" أن هذه الهدايا ليست لصديقتها بل لها شخصياً وأن حبيبته الخائنة احتفلت بزفافها على شاب آخر كانت مخطوبة له منذ بدأت علاقتها به، فكانت صدمته عنيفة،
بل كادت تعصف بمستقبله الوظيفي عندما أهمل عمله وألحق بنفسه خسائر مادية كبيرة واضطر معها صاحب الشركة إلى إنهاء التعاقد معه، وبعد أن أفاق من الصدمة، أقر بسوء اختياره وطلب من والدته أن تختار له زوجة على ذوقها من محيط الأهل أو الجيران أو الأصدقاء.
اختيار سيئ
أما "ن . ه" 25 سنة طالبة جامعية، فقد مرت هي الأخرى بتجربة حب فاشلة مع ابن الجيران الذي تقدم بالفعل لخطبتها وسط مباركة الأهل، بل ساعده والدها الذي يعمل بإحدى دول الخليج في توفير عقد عمل له،
وللأسف تعرف الشاب على فتاة من نفس البلد الذي يعمل به وتزوجها دون أي اعتبار للفتاة التي أحبته أو لحق الجيرة أو حتى والدها الذي وقف إلى جواره ووفر له عقد العمل المجزي الذي لم يكن يحلم به، وكالعادة أدركت الخطيبة أنها أساءت الاختيار فطلبت من أمها أن تبحث لها عن الشخص الذي تراه مناسباً لها.
دور الخبرة
باستطلاع آراء بعض الشباب والشابات في ظاهرة سوء الاختيار والعودة إلى زواج العقل بعد فشل القلب، من خلال الأهل أو ما يطلق عليه اسم "زواج الصالونات"،
يقول الطالب الجامعي أحمد "شيتوس": "طبعاً اختيار الأهل لشريك العمر مهم جداً سواء للشاب أو الفتاة، لأنه غالباً ما يعتمد على العقل ويبحث في الأصل والفصل معتمداً على خبرات طويلة مع النقطة الأهم وهي أنه لن يكون أحد حريصاً على مصلحة الابن أو البنت إلا الأهل.
أين الصدق؟
وتؤيده في الرأي دعاء السيد، قائلة: "للأسف معظم شباب اليوم ينقصه الصدق في المشاعر ويهوى التسلية تحت شعار الحب الزائف، غير أن نسبة كبيرة منهم أصبحت متعددة العلاقات بشكل مرعب، لذا أرى أن نظرة الأهل في الاختيار ستكون ثاقبة ومهمة لأنها تحتكم إلى العقل أكثر من العواطف.
اعتراف بالفشل
على الجانب الآخر يرفض أحمد أبو العلا "طالب جامعي" فكرة زواج الصالونات تماماً، ويرى أنها اعتراف صريح من الشاب أو الشابة بفشلهما في اختيار شريك العمر، فضلاً عن أنه شخصياً لن يتزوج إلا الفتاة التي يحبها ويختارها بعناية،
أما زواج الصالونات فيعتمد من وجهة نظره على "المصالح" بشكل أكبر، فالأم تريد أن تزوج ابنها من ابنة أخيها أو أختها والأب أيضاً، كما يشير أحمد إلى أن الشباب والفتيات الذين يتزوجون بالطرق التقليدية مروا بتجارب فاشلة.
اصطدام الطباع
وتضيف نورهان عرفات قائلة: "ليس زواج الصالونات أو الذي يتم بطريقة تقليدية ناجحاً على طول الخط، بل إن نسب فشله مرتفعة أيضاً، فكثيراً ما يصطدم الطرفان نتيجة اختلاف الطباع مع غياب المشاعر وربما انعدامها،
وليس الفشل في الارتباط نتيجة التسرع في الاختيار أو الانخداع ضرورياً للعودة إلى الزواج عبر الصالونات"، مضيفة: "إذا كان الشخص غير قادر على اختيار شريكة عمره فكيف سيحسن اختيار بقية أمور حياته؟".
دراسة على "فيسبوك"
على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" يكشف الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد عن نتائج دراسة أجراها مركزه حول أسباب الفشل في اختيار شريك العمر والتي جاءت نتائجها كالتالي: "الفشل في الخطبة أو الزواج يرجع في المقام الأول إلى سوء الاختيار من البداية بنسبة 44 في المئة،
ثم تأتي العوامل الأخرى بنسب مختلفة، منها التعقيدات المالية بنسبة 15 في المئة، وطول فترة الخطبة بنسبة 14 في المئة، واتجاه العلاقة إلى الغرائز والشهوات بنسبة 13 في المئة، والتدخل الخاطئ من الأهالي بنسبة 14 في المئة،
ومن ثم فإن ظاهرة سوء الاختيار كانت من أهم العوامل المؤدية إلى فشل عملية الارتباط ودعت عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب إلى تحبيذ فكرة الزواج بالطرق التقليدية".
أحدث إحصائية
وفي سياق الكلام عن لغة الأرقام تقول أحدث إحصائية صادرة من محكمة الأسرة ومركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء في مصر إلى أن 42 في المئة من حالات الطلاق تحدث بين المتزوجين حديثاً من السنة الأولى للسنة الرابعة،
وأن معظم الشرائح العمرية لهذه الحالات لم يتجاوز الثلاثين عاماً، والملفت أن هناك زيادة مطردة في نسب الطلاق.
عواطف متقلبة
أخيراً كان لا بد أن نتعرف على رأي الدكتورة عزة كريم الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية حول ظاهرة عودة أعداد كبيرة من المقبلين على الزواج إلى الطريقة التقليدية عبر الأهل أو ما نسميه زواج الصالونات، حيث تقول: "لا شك أن شباب اليوم تأثر بعصر السرعة والإنترنت،
فأصبح مندفعاً بل متهوراً ليس في قراراته فقط، بل في عواطفه التي باتت متقلبة، فمن كانت تعجبه بالأمس لم تعد كذلك اليوم، والأمر ينطبق أيضاً على الفتيات، لهذا لم تعد قراراتهم مدروسة بعناية، وبالتالي فإن فرص نجاح واستمرارية تلك القرارات المتسرعة باتت ضئيلة،
الشاب ينبهر بجمال الفتاة، وشياكتها وأناقتها فيقع سريعاً في حبها دون أن يسأل عنها، ورويداً رويداً يكتشف كذبها أو خيانتها كما رأينا في بعض الحالات، وكذلك الأمر عند الفتاة التي تسقط في بحر حب شاب لوسامته أو ثرائه فقط ثم تكتشف بعد ذلك أنها كانت ضحية المظهر وليس الجوهر وبالتالي تواجه الفشل لأنها هي الأخرى لم تحسن الاختيار"،
وتضيف الدكتورة عزة كريم: "من المؤكد أن الزواج التقليدي القائم على توازنات معينة والمدروس جيداً من قبل الأهل كثيراً ما تكتب له فرص النجاح والاستمرارية، شريطة ألا يتم جبراً على الشاب أو الفتاة"، مشيرة إلى أنه كي يكون الارتباط ناجحاً لا بد أن نحسن اختيار شريك الحياة وأن نحرص على أن تتوافر فيه "الدين، التكافؤ الاجتماعي، القبول الشكلي، إضافة إلى موافقة ورضا الأهل".
رد مع اقتباس
