1.ما هو يوم الظلة المذكور في القران الكريم؟
يوم الظُلَّة: هو اليوم الذي أنزل فيه اللهُ القادرُ المنتقمُ العذابَ على قوم النبي شعيب ( عليه السَّلام ).
و الظلة: سِمةُ ذلك اليوم، حيث أن قوم شعيب ـ و هم أصحاب الأيكة [1] ـ عندما كذبوا شعيباً و لم يأخذوا بنصائحه و استهزؤا به و تحدَّوه بإنزال العذاب، بعث الله سحابة العذاب التي أظلتهم ثم أحرقتهم و أبادتهم جميعاً.
ففي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر [2] ( عليه السَّلام ) ... قوله: ﴿ ... عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [3] ، فبلغنا ـ و الله أعلم ـ أنه أصابهم حَرٌّ و هم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الرَوح من قِبَل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة، ﴿ ... فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [4] ، و هم قوم شعيب" [5] .
و قيل إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة [6] .
قال قتادة: أرسل شعيب مرتين، إلى مدين مرة، و إلى أصحاب الأيكة مرة، [7] .
قصة أصحاب الأيكة:
و جاء في قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَهْبٍ، قَالَ: َبَعَثَ اللَّهُ شُعَيْباً إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ وَ لَمْ يَكُونُوا فَصِيلَةَ شُعَيْبٍ وَ لَا قَبِيلَتَهُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا، وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ شُعَيْبٌ، وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ مِنْ مُلُوكِ عَصْرِهِ، وَ كَانُوا يَنْقُصُونَ الْمِكْيَالَ وَ الْمِيزَانَ وَ يَبْخَسُونَ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ تَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّهِ وَ عُتُوِّهِمْ، وَ كَانُوا يَسْتَوْفُونَ إِذَا اكْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُ، فَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، فَأَمَرَهُمُ الْمَلِكُ بِاحْتِكَارِ الطَّعَامِ وَ نَقْصِ مَكَايِيلِهِمْ وَ مَوَازِينِهِمْ، وَ وَعَظَهُمْ شُعَيْبٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ: مَا تَقُولُ فِيمَا صَنَعْتُ، أَ رَاضٍ أَنْتَ أَمْ سَاخِطٌ؟
فَقَالَ شُعَيْبٌ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيَّ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ يُقَالُ لَهُ مَلِكٌ فَاجِرٌ.
فَكَذَّبَهُ الْمَلِكُ وَ أَخْرَجَهُ وَ قَوْمَهُ مِنْ مَدِينَتِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: ﴿ ... لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا ... ﴾ [8] .
فَزَادَهُمْ شُعَيْبٌ فِي الْوَعْظِ.
فَقَالُوا: ﴿ ... يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء ... ﴾ [9] ، فَآذَوْهُ بِالنَّفْيِ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ وَ الْغَيْمَ حَتَّى أَنْضَجَهُمُ اللَّهُ، فَلَبِثُوا فِيهِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَ صَارَ مَاؤُهُمْ حَمِيماً لَا يَسْتَطِيعُونَ شُرْبَهُ، فَانْطَلَقُوا إِلَى غَيْضَةٍ لَهُمْ [10] ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَصْحابُ الْأَيْكَةِ [11] ، فَرَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ، فَاجْتَمَعُوا فِي ظِلِّهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ... فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ... ﴾ [12] " [13] .
القرآن الكريم و قصة عذاب يوم الظلة:
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [14]