إيمان المولدي ـ روتانا
الزواج رباط شرعي مقدّس وسنة من سنن الحياة، وقد تعودنا جميعاً وتبرمجنا على فكرة إقامة حفل تعبيراً عن الفرحة بهذا اليوم المميز الذي يسميه كثيرون "يوم العمر"، إلى هنا الكلام لا يزال منطقياً ومقبولاً.
لكن ماذا عن الانفصال أو الطلاق الذي هو أبغض الحلال عندالله، والذي يُعتبر في مجتمعنا العربي حدثاً نوعاً ما حزيناً أو غير سعيد، كيف يُقام حفل لحدث غير سعيد؟!
وما لفتَ انتباهنا في السنوات الأخيرة تلك الحفلات وهذه الاحتفالات بالطلاق، فنجد كيكة جُهزت بطريقة تعبر عن الحدث، وبطاقات دعوة بأشكال جميلة، ومدعوين وقاعات حفلات وغناء ورقص وفرح والمضحك جداً هو قدوم المدعوين بكامل زينتهم وبهدايا قيمة للمطلقة!
الموضوع لا يقبله منطق ولا عقل ولم أجد له تفسيراً مقنعاً رغم أني شخصياً حضرتُ حفل طلاق في السعودية منذ أربع سنوات وعند سؤالي عن سبب الاحتفال عبرت صاحبة الحفل بفرح غريب: "إنها الحرية وما أدراك ما الحرية! فقد كنتُ في سجن مع سجان لا رحمة له ولا شفقة ألا يحتاج هذا الحدث السعيد للاحتفال؟!".
رُبما الحرية بعد العذاب هي مكسب لكننا نبقى مجتمعاً عربياً لا يتقبل فكرةً شاذة كهذه، انتشرتالظاهرة كثيراً وكثُرت هذه الحفلات في الوطن العربي مع العلم أن الصين هي البلد الأول الذي أقيمت فيه حفلة طلاق.
مريم أيضاً احتفلت بطلاقها وعن السبب الذي دفعها توضح أن حياتها كانت كئيبة جداً، وأن الطلاق كان حلماً صعب المنال، وأنها عانت كثيراً لتحصل عليه، وأنها اعتبرت الحفلة احتفالاً بـ"النصر العظيم" على الطاغية زوجها السابق.
أما دافع الاحتفال عند رانيا مختلف تماماً، فهي تعتبر الطلاق إعلاناً عن البحث عن زوج جديد، مضيفة: "من الحفلة سيعلم الجميع أني انفصلت، كما سيجعل الجميع يقول إني أنا من طلب الطلاق ولهذا أنا سعيدة وأحتفل، وطبعاً هذا يحفظ كبريائي".
وعن نادية فحفلة الطلاق كانت علاجاً نفسياً لها، وتقويتها على ما حدث، فهي تريد تخطي هذه المرحلة بطريقة جديدة وغير تقليدية، مضيفة: "لماذا يجب على المطلقة دائماً أن تكون حزينة ومكسورة؟ ونستنكر فرحها في حال أننا نتقبل سعادة وفرح المطلق".
على "تويتر" لفتت انتباهي تغريدتان في هذا الصدد الأولى من الإعلامي اللامع محمد أبو عبيد والذي كتب فيها: "أما اقتراحي الثاني فهو للزوجة غير السعيدة والمظلومة مع زوجها في حال تم الطلاق أن تقيم حفلة طلاق"، أما التغريدة الأخرى فهي لنورة جاء فيها: "أحياناً الكارثة استمرارها في علاقة فاشلة، أتوقع ما في مطلقة تقيم حفلة طلاق إلا وهي فعلاً رأت في الطلاق خلاصاً وبداية حياة جديدة تستحق الفرح".
هذا ما جعلني أستشعر أن هذه الظاهرة بدأت تجتاح المجتمع بقوة لدرجة أنه يتقبلها جداً، وأعتقد أنه بعد سنوات قريبة، ستُصبح حفلة الطلاق أمراً إلزامياً ومن لا تحتفل كأنها قامت بفعل شنيع!
ويعتبر علماء النفس الطلاق بالنسبة لبعض السيدات هو باب الفرج من حياة مليئة بالعنف البدني والنفسي وسيل من المشكلات اليومية، ما قد يدفعهم للاحتفال بطلاقهم.
أما عن رأي شيوخ الدين فهم يعارضون هذا تماماً لأن الطلاق أبغض الحلال وأمر غير مستحب دينياً إلا في حالة الضرورة القصوى.