جنون إمبراطور
“كاليجولا”ولد في 31 آذار / أغسطس عام 12 للميلاد, اسمه الحقيقي هو جيوس و هو الثالث من بين ستة أطفال رزق بهما والده الجنرال جيرمينكوس القائد العسكري المحنك و المحبوب في أرجاء الإمبراطورية و زوجته النبيلة أكربينا و اللذان يعودان بنسبهما معاً إلى إمبراطور روما الأول أوكتافيوس أغسطس, و هذا النسب النبيل سيكون نعمة و نقمة على الصغير جيوس ,فمن جهة أكسبه شعبية كبيرة و جعله محبوباً من قبل الناس و سيحمله مستقبلاً إلى سدة الحكم, و من جهة أخرى سيكون سبباً في سجنه و فقده لعائلته.
بعد إعدام عائلته انتقل كاليجولا مع إخوته الثلاثة للعيش في جزيرة كابري التي اصبحت مقراً للإمبراطور الذي انتقل إليها عام 26 للميلاد بعيداً عن دسائس و مؤامرات روما و مما يثير الدهشة أن الإمبراطور أبقى على حياة كاليجولا, و يرجح المؤرخون بأن السبب في ذلك يعود إلى براعة كاليجولا الكبيرة في التملق و التذلل, فرغم أن الإمبراطور قتل والديه و إخوته إلا أن كاليجولا كان بارعاً في إخفاء مشاعر الكراهية التي يكنها و التظاهر بأنه خادم مخلص و مطيع, حتى أن الإمبراطور قال عنه “ليس هناك خادم أفضل و لا سيد أسوء من كاليجولا”.
عام 37 للميلاد تدهورت صحة الإمبراطور طبريوس و دخل في إغماءة طويلة و بحسب روايات بعض المؤرخين فإن كاليجولا و بمساعدة ماركو قاموا بالتعجيل بموت الإمبراطور عن طريق خنقه بوسادة و لأن جميليوس كان لازال صغيراً لذلك و بمساعدة من ماركو فقد نودي بكاليجولا إمبراطوراً و استقبلته الحشود في روما بهتافات الحب و التشجيع, فقد رأوه المنقذ بعد أن ذاقوا الأمرين خلال السنوات الأخيرة من عهد الإمبراطور طبريوس, وكانت السبعة أشهر الأولى من حكم كاليجولا كانت في غاية الهدوء و السعادة، وبعد أن مرض مرضاً شديد وقام منه سليماً أصبح أكثر قسوة و سادية, وقام فور نهوضه من المرض بقتل عدد من أفراد البلاط المخلصين له, و قام بنفي زوجته وأجبر والدها على الانتحار, كذلك قام بقتل جيمليوس حفيد الإمبراطور طبريوس وولي العهد و قام باغتصاب زوجة صديقه السابق ماركو أمام عينه وجعله قواداً عليها في أحد بيوت البغاء التي شيدها داخل القصر الإمبراطوري ثم قتله شر قتلة, و قام بإجبار أشراف روما على إرسال نسائهم و بناتهم إلى بيوت البغاء هذه للعمل فيها, وأجبر الأغنياء منهم على تغيير وصاياهم و كتابة وصايا جديدة تذهب جميع ثروتهم للإمبراطور بموجبها.
و ربما تكون حملات كاليجولا العسكرية ليست أقل جنوناً من أفعاله الأخرى, فقد قام بحملة عسكرية إلى ألمانيا لكنها كانت بدون فائدة و لم يخض حرباً حقيقية, ثم وجه الجيش إلى إنكلترا, ولكنه لم يعبر إليها فعندما وصل إلى قناة المانش الفاصلة بين أوروبا و إنكلترا أمر جنوده بأن يقوموا بجمع الأصداف البحرية على الشاطىء ثم قفل عائداً إلى روما