مع مضي عقدين على أولى حلقاته، لا يزال "فريندز" يكسب ملايين المتابعين بقصص صداقة وحب وضحك ميَّزت حقبة تليفزيونية كاملة، فيما صنع أبطاله، الذين دخلوا التاريخ بالحصول على مليون دولار مقابل الحلقة الواحدة، مسيرات شخصية متباينة.
ريتشيل (جنيفر أنيستون) ومونيكا (كورتني كوكس) وفيبي (ليزا كودرو) وجوي (مات لو بلان) وتشاندلر (ماثيو بيري) وروس (ديفيد شويمر).. شخصيات صنعت إنجازاً من الصعب معادلته على شاشات التلفاز، بعشرة مواسم حققت معدلات متابعة في السماء.
بدأ كل شيء في 22 سبتمبر 1994 عندما افتتحت محطة (إن بي سي) بالولايات المتحدة مسلسلاً كوميدياً جديداً، لم يكن ظاهرياً يملك شيئاً مميزاً، كان مجرد واحد آخر من مجموعة كبرى تطلقها كبرى محطات التلفزة كل موسم.
كان مبدعاً المسلسل، ديفيد كرين ومارتا كوفمان، قد قدما مشروعاً حول مجموعة من الأصدقاء الذين يجتمعون في "إنسومنيا كافيه" (مقهى أرق)، كما كان سيطلق على عمل خيالي يدور حول مجموعة من الأصدقاء، الذين يجتمعون للحديث عن شؤونهم في مقهى نيويوركي (سنترال بارك) رغم أن السلسة صورت كاملة في استديوهات (وارنر بروس) في لوس أنجليس، باستثناء لقطات بناية الشقق، التي تقع في ملتقى شارعي جروف وبيدفورد في وست فيليدج.
وبالفعل، عاد (سنترال بارك) ليفتح أبوابه بشكل مؤقت بمناسبة ذكرى الحدث، في طريقة لاحتواء الجمهور الذي لا يزال يبحث في المنطقة عن أثر لمسلسله المفضل، وكذلك لمواصلة خلق الأموال من وراء واحد من أكثر الأعمال إنتاجاً للأرباح في تاريخ التليفزيون.
كان (سنترال بارك) هو المكان الذي بدأت فيه ريتشيل العمل كنادلة تحت قيادة جونثر (جسد شخصيته جيمس مايكل تيلر، الذي ربما كان الممثل الأشهر في العالم بأقل مشاركة في الحوارات)، وبدأوا في نسج تلك الفكاهة بحوارات ذكية وسريعة ودائماً ملائمة، حتى في لحظات الدراما.
تطورت هكذا صداقة تخطت نطاق الممثلين، الذين كانوا روادا في التفاوض الجماعي حول رواتبهم في سلسلة كان نجاحها يزداد بمرور الوقت، حيث نقلتهم من الحصول على 13 ألف و500 دولار عن الحلقة الواحدة في البداية، إلى مليون دولار عن الحلقة في الموسمين الأخيرين.
الطريف أن من كان وراء الفكرة هو ديفيد شويمر، الذي كان وقتها الممثل الوحيد المعروف إلى جانب جنيفر إنيستون، الذي على عكس نصائح مدير أعماله، اقترح مبدأ "الكل في واحد" في منتصف الموسم الثاني حتى يحصل الجميع على أجر واحد، بعد بث اجتذب نحو 53 مليون مشاهد عقب نهائيات (السوبربول).
كان ذلك هو الرقم القياسي للسلسلة، التي اجتذبت في وداعها في مايو 2004 نحو 51 مليون شخص.
هوليوودي تماما:
يقدر بأنه خلال هذين العقدين، حصدت شركة "وارنر" نحو 4 مليارات دولار من وراء "فريندز"، الذي لا يزال يحقق 30 مليوناً أخرى سنويا كحقوق إذاعة وتسويق.
وعلى مدار تاريخه، حظي "فريندز" بظهور أشهر ممثلي هوليوود، بداية من سوزان ساراندون إلى جوليا روبرتس، مروراً بإيزابيلا روزيلليني وجورج كلوني وبروس ويليس وشون بن أو براد بيت، الذي كان وقتها مرتبطاً عاطفياً بجنيفر إنيستون.
وحاولت (إن بي سي) بعدها بأعوام استغلال النجاح بعرض 5 ملايين دولار على الأبطال من أجل تصوير حلقتين جديدتين مدتهما ساعة، لكن العودة المعلنة لمجموعة الأصدقاء لم تتحقق قط، وفضل أبطال العمل تجربة حظهم كل في مشواره، بنتائج متباينة للغاية.
فمات لو بلان، أو جوي "الذي لا يقاوم" سار على خطى "فريندز" بمسلسل آخر كان يحافظ به على حضوره كممثل في عالم هوليوود الشاق، لكن نسب مشاهدته المحدودة لم توفر له الحياة لأكثر من موسمين.
وفي الوقت الحالي، عزز لو بلان مكانته في عالم التليفزيون بالعمل الكوميدي "Episodes" أو "فصول"، الذي ترشح عنه لجائزة إيمي في حفل جوائز التليفزيون الأمريكي الأخير.
ومضت أعوام على كورتني كوكس، العضوة الوحيدة بطاقم أبطال "فريندز" التي لم ترشح لجوائز إيمي، وهي تلعب بطولة مسلسل "Cougar Town"، الذي تجدد للتو لموسم سادس وأخير، في مسلسل التقت فيه مع زميلها ماثيو بيري في تعاون خاص.
أصدقاء للأبد:
أثبت أبطال "فريندز" أنهم لا يزالون يحتفظون بعلاقتهم على ما يبدو في العديد من المشروعات التي قادوها، مثلما حدث في "Dirt" و"Go On" و"Web Therapy"، الذي تلعب بطولته ليزا كودرو منذ 2011.
وجرب ماثيو بيري، الذي حظي بمسيرة سينمائية أكثر نجاحاً، لا سيما بأفلام مثل "العشر ياردات كاملة" أو "The Whole Ten Yards" (2004) إلى جانب بروس ويليس، حظه دون أن يوفق كثيراً في أعمال تليفزيونية مثل "Playhouse Presents" و"Odd Couple".
بدوره ترك ديفيد شويمر شخصية روس التي منحته الشهرة كي يواصل مشواره السينمائي المتصاعد، والأهم لينفذ حلماً قديماً ألا وهو استهلال مشواره على مسرح وست إيند اللندني. فعل ذلك في مايو 2005، كبطل للعمل الكوميدي الموسيقي "Some Girl (s)"، محققاً نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والجماهيري، رغم أن مسيرته السينمائية والتليفزيونية لم تفض لأكثر من أدوار صغيرة لم تحقق أهمية كبيرة.
من راهنت بعزم على السينما، وحققت نجاحاً كبيراً كانت جنيفر أنيستون، التي حصدت تألقاً لافتاً في أنماط عدة، مثل فيلم الحركة "Derailed" أو "خارج عن مساره" (2005)، أو الكوميديا "نحن آل ميلرز" أو "We're the Millers" (2013).
ودع "فريندز" جماهيره في السادس من مايو/آيار 2004 بعد 236 حلقة جسدت طبيعة مسلسل كوميدي متألق باعتراف جوائز إيمي و"الكرة الذهبية" (جولدن جلوب) ونقابة الممثلين الأمريكيين وبافتا، على سبيل المثال لا الحصر.
رد مع اقتباس
