المحلل البريطانى دافيد هيرست يتحدث عن انقلاب ناعم فى الرياض
أمد/ الرياض
: «فى غضون 12 ساعة من وفاة الملك عبدالله، استطاع «الجناح السديرى»، الغنى والقوى سياسيا داخل بيت آل سعود، الذى كان الملك الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز قد أضعفه خلال سنوات حكمه، العودة مرة أخرى إلى الصدارة. وفعلوا كل ما يمكن أن يوصف بأنه انقلاب، غير أنهم لم يطلقوا عليه هذا الاسم».
هكذا وصف الكاتب البريطانى المتخصص فى شئون الشرق الأوسط دافيد هيرست فى مقال بصحيفة هافينجتون بوست الأمريكية، أمس، عملية انتقال السلطة إلى خادم الحرمين الشريفين الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد إعلان وفاة شقيقه الملك عبدالله، كاشفا ما «دار فى الغرف المغلقة» بشأن ترتيب بيت الحكم السعودى.
ووفقا للكاتب، فإنه على الرغم من إبقاء الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز، على شقيقه الأمير مقرن فى منصب ولى العهد، الذى اختاره له الملك عبدالله بنفسه عندما أعلنه «وليا لولى العهد» منذ أشهر ليصبح بحكم المنطق وليا لعهد سلمان عندما يتولى الأخير العرش «إلا أنه قد يتعامل معه لاحقا».
وأضاف هرست الذى لم يكشف عن مصادر معلوماته، «سارع الملك الجديد إلى تعيين قيادى آخر من عشيرة السديرى (أبناء الملك عبدالعزيز من الأميرة حصة بنت أحمد السديرى) هو وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، فى منصب ولى ولى العهد» مع احتفاظه بوزارة الداخلية، قبل أن يضيف: «ليس سرا أن الملك عبدالله كان يريد ابنه متعب فى هذا المنصب».
وتابع هيرست الذى كان يشغل منصب كبير محررى الشئون الخارجية فى صحيفة الجارديان البريطانية: «الأكثر أهمية هو أن الملك سلمان حاول تأمين الجيل الثانى، فأعطى لابنه الأمير محمد البالغ من العمر 35 عاما وزراة الدفاع، بالإضافة إلى منصب رئيس الديوان الملكى.. كل هذه التغييرات تم إعلانها قبل أن يدفن الملك الراحل»، رغم أن منصب وزير الدفاع كان تقليديا من نصيب ولى العهد.
وألقى الكاتب الضوء على عملية عزل رئيس الديوان الملكى، خالد التويجرى، «ذى النفوذ»، الذى انتقل إليه المنصب من أبيه عبدالعزيز التويجرى، موضحا أنه «فى السنوات السابقة، لم يكن يمكن الوصول إلى الملك دون موافقة التويجرى الأب ثم الابن».
ومضى قائلا إن التويجرى كان لاعبا رئيسيا فى التحركات الخارجية للمملكة، ومنها موقف المملكة العربية السعودية من الثورة فى مصر وإرسال قوات سعودية لمواجهة الاحتجاجات الشعبية فى البحرين عام 2011، وتمويل التنظيمات الإسلامية المسلحة فى سوريا، لافتا إلى ما سماه «ارتباط وثيق» بين التويجرى وبين ولى عهد أبوظبى، الشيخ محمد بن زايد.
وأضاف الكاتب: «التويجرى الآن عُزل، وله قائمة طويلة من العلاقات فى الخارج، تبدأ بالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى الذين ربما يواجهون تغييرا واضحا فى طبيعة العلاقة مع الرياض.
وذكر هريست أن مدعاة القلق الرئيسية للملك سلمان (79 عاما)، هو حالته الصحية المتدهورة بسبب المرض والتقدم فى السن.
وقال الكاتب أيضا إن «قدرة سلمان على توجيه سفينة دولة مركزية، بلا مؤسسات، ولا أحزاب، ولا سياسات ثابتة، تظل سؤالا مفتوحا، إلا أن مؤشرا واحدا قد يدل على تغيير اتجاه البلاد هو محاولته مرتين مؤخرا، إقامة اتصالات مع رموز المعارضة المصرية».
وأضاف أن «كبار مستشارى الملك الجديد تواصلوا مع معارض ليبرالى مصرى كبير، واجتمعوا بشكل منفصل مع محام آخر (لم يذكر اسماء أى من الشخصيتين)»، موضحا أن «أى منهما ليس عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين ولكن لديهما اتصالات معها».
وقال هيرست إن هذه المحادثات «عقدت فى السعودية خلال الشهرين الماضيين، وناقشت الكيفية التى يمكن أن تدار بها عملية المصالحة»، متابعا: «لم يتم الاتفاق على المبادرة، ولكن المحادثات ذاتها تعد مؤشرا على نهج أكثر واقعية لسلمان ومستشاريه. وكان من المفهوم أن هذه الاجتماعات تحضيرية لمبادرة ممكنة قد يعلنها سلمان بعد تتويجه».
أمد للاعلام