ميت يشير إلى من قتله أثناء جنازته
إنها حكاية نعش يحمله أناس ويتحول إلى سلاح للقتل في بلدة كوسر جنوب كوت ديفوار. يقوم أهل هذه المدينة بمراسم غريبة تسمى "النعش الطائر" ويعتقدون أن "الفقيد سيعبر عن رغبته" ويحدد الأشرار. ولكن هذه المراسم في الحقيقة تكون فرصة لتصفية بعض الحسابات.
"كان هناك شكوك حول "ضحايا النعش" بأنهم سحرة"
مراقبنا جوليان آبيا كواسي كان في قرية كوسرو عندما أقيمت جنازة شخص يدعى "إيسمه" من أبيدجان توفي فجأة في منتصف سبتمبر. شعر الفقيد بالإجهاد منذ عدة أسابيع فأجرى بعض الفحوص في مصحة أبيدجان لم تكشف عن شيء يذكر، حسبما روت أسرته.
وفي 20 سبتمبر الماضي بعد قداس أقيم على روح الفقيد كان يحمل النعش بعض أهل البلدة وكان يفترض بهم أن يتوجهوا إلى المقبرة عندما أخذوا يركضون وكأنهم يلاحقون أحدا، مما أثار دهشة أهل البلدة ومراقبنا.
هذه أول مرة أرى فيها مشهدا كهذا. لقد سمعت من قبل عن طقوس "النعش الطائر"ولكني لم أرها أبدا. كان حملة النعش يتصببون عرقا ويبدو أنهم يلهثون. وكان البعض يصرخ "توقفوا! توقفوا!" ولكن لا أحد كان قادرا على وضع النعش ولا على التوقف.
بدأ حملة النعش بالتوجه نحو بيت الفقيد حيث كسروا الأبواب والنافذة. وحسب هذا التقليد فهذه علامة على أن صاحب المكان، وهو أخ الفقيد، مسؤول عن موته. ثم لاحقوه دون أن يؤذوه. وبعدها توجهوا نحو تلة صغيرة في وسط البلدة حيث لاحقوا سيدة في الستين من عمرها. كان المشهد مهولا وكانت السيدة تحتضر وتطلب النجدة باللغة المحلية. بعضهم أرادوا نجدتها لكن حملة النعش اعترضوا طريقه وأوضحوا له أن كل من يتدخل سيلقى نفس المصير.
وقد أكد حملة النعش أن "قوة خارقة قادمة من النعش" قد مستهم. لكن الغريب أن الأشخاص المقتولين كانت تحوم حولهم الشبهات بممارسة السحر. فهل كانت الجنازة فرصة للتخلص منهم؟ على كل حال كان هؤلاء الأشخاص فرحين حول الجثة الهامدة للمرأة. فقد كانوا يرقصون ويصورون ويضحكون على ما أسموه "نهاية سيطرة الساحرة" التي فضحوها.
"حملة النعش غالبا ما يتعاطون المخدرات"
هذه العادة المعروفة باسم "لوندولا" في جمهورية الكونغو الديمقراطية موجودة أيضا في بوركينا فاسو والنيجر وغانا. ويرى الدكتور ياو ساتورنين دافي أكافو، وهو عالم أنثروبولوجيا ومدرس وباحث في معهد العلوم الأنثروبولوجية والتنمية في جامعة فيليكس هوفييت بوانيي، أن القومية الإثنية المسماة "آكان" في جنوب كوت ديفوار هي تحديدا التي تتمسك بهذه الطقوس:
ولا يعتبر الآكان في كوت ديفوار الموت أبدا أمرا طبيعيا أو مفاجئا، بل ينبغي دائما تفسير الوفاة بالبحث في كل ما هو ثقافي أو روحاني. كما أنهم لا يؤمنون بأي تفسير علمي لهذه الأمور وفي معظم الحالات يوجه الاتهام لأشخاص بممارسة السحر أو حتى لأفراد أسرة الميت فيكونون "ضحايا النعش". لذلك من الطبيعي الاشتباه بوجود تصفية حسابات وراء هذا الطقس.
ولكن يجدر هنا التوضيح بأنه غالبا ما يلجأ حملة النعش إلى أساليب في التداوي لها فعل المخدر القوي.وحسب هذه المعتقدات فهذا ضروري كي لا يصب عليه الفقيد جام غضبه. وحالته هذه يمكن أن تفسر ما يحدث من تجاوزات مأساوية.
ولقد لاحظت أن هذه العادات تتراجع تراجعا كبيرا لأن ممارسيها اكتشفوا أنهم غالبا ما يتعرضون للمحاكمة بتهمة القتل. وأصبح أعيان القرى غالبا على وعي بهذه التجاوزات ولم يعودوا يسمحون للناس بحمل النعوش."