حذار
حذار اذا الزمان لك استطابا ...ونادمتَ الأحبةَ والصحابا
ومن راح العيون حملتَ كاسا .... على سحر الهوى رمتَ الشرابا
وغركَ باسمُ الشفتين حُبا.... وفي طياته يبغي الخرابا
فعينكُ لا ترى الاّ جميلاً .... وقلبُك عن حوادثه تغابى
اذا ضحك الزمانُ اليك يوما ... ستلقى بعد ضحكته المصابا
ترى فيه اللبيبَ جريحَ قلب ٍ.... سقته عواديا الأيام صابا
فيفتحُ قلبه للناس ودّاً ..... فتنشبُ فيه أظفارا ونابا
فخذ عبرَ الحياة فان ّفيها..... دروساً تقتحم فيها الصعابا
فقد يحيى الجهولُ بطيب عيشٍ..... وبين الناس يمتلك الخطابا
فلو طُلي الحديدُ بخير تبرٍ .... لما ساوى من الذهب اللُبابا
***************
أيا ردهرُ المصائب كُفْ مصابا ....لقد اثخنتني الجرحَ انتيابا
لقد وفيتَ نذركَ من فؤادي ..... واجدبتَ العيونَ به العِذابا
فأوشك ان يزورَ الموتُ روحي ... فقد ازرى المصابُ بها وعابا
فما قاسى الفؤادَ طوال عمري ... كلوعات الفراق وكم أنابا
فقد امسى نزيلُك ايّ وصْبٍ .....فيا قلبي لمن تشكو العذابا
****************
وخطبٍ لم يدمْ الاّ قليلاً ... ولم يبلغ من الجسدِ الاهابا
قوافي الشعر تحملها جراحٌ .... وقد فتحتْ له بابا فبابا
فكم من سيلها قد صار شعراً ....لعلّله بلسما يشفي المصابا
وجرحٍ كان بلسمه القوافي .... فلو داويته بالطب خابا
ومَنْ يَكُ قلبُه حراً سليما .... يتوّجْه العُلى تاجا مُهابا
ونعم القوم لو ركبوا المنايا .. وقد كانت لمجدهمُ ركابا
فانْ حملتْ اكفّّ القوم كاساً ... وخانوا السيفَ واعتشقوا القِرابا
سيبقى المجدُ يلعنُهم دهورا ... ويلبسهم من العار الثيابا
********************
اذا ماالضّرُ مسّكُمُ لذنبٍ .... فلاتلقوا على الزمن العتابا
فلم ارَ عائلاً في الناس الاّ ... ويخطو ناكسَ الرأس اغترابا
فان المال لا يكفيك عزّاً .... فعزُّ المرء لو بلغ الشِهابا
فكم من سائل نهروهُ ظلما ... وايتامٍ لقد باتوا سِغابا
فيا تَعساً لما فعلوه ذنبا ... وراء ظهورهم نبذوا الكتابا
فما جادتْ اكفّهمُ عطاءا .... فان البخلَ قد سدلَ الحجابا
فكم نبعت صخورُ الأرض ماءا ... تفجّرَ صمُّها عذبا زُلالا
ومَنْ يبسطْ لشر الناس كفّاً .... خنوعا سائلا من الثوابا
فانْ قُطِعتْ فلا لومٌ عليه .... وان ْ مُلئتْ فقد مُلئتْ سرابا
ارى الرجل الشجاع طويل عمر ... تُخلدُه القلوب لما استجابا
ولو نسي الجبانَ الموتُ دهرا ... لما عشقتْ أناملُه الحرابا
عجبتُ لطالب الدنيا اراه ... وفاءً يرتجي تلك الذئابا
فكم من طالبٍ دنياهُ ولّى ... هلاكا ما جنى الاّ التُرابا
فسلْ اين الملوكُ واين حلّوا ...فان الأرض تنبيكَ الجوابا
فانت َ مسافرٌ لابدّ يوما .... تؤوبُ لموطن ابقى مآبا
تزوّدْ ماستطعتَ بخير زادٍ ...فان الشيبَ ينذركَ الذهابا
فذي بابُ الاله ونعم باب ...فقد فُتحتْ لمنْ قصد المتابا
******************
الشاعر : ابن الفراتين